المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[في الكلام عن الحجاج بن أرطأة] - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٦

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌[في الكلام عن الحجاج بن أرطأة]

3665/ 9707 - "لا بَأسَ بالحيوانِ وَاحدٌ باثْنينِ يَدًا بيَدٍ".

(حم. هـ) عن جابر

قال الشارح: رمز لحسنه وفيه نظر.

وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس بمسلم، ففيه الحجاج بن أرطأة أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متفق على ضعفه.

قلت: أما أولا: فماذا فعل المصنف؟ هل رمز لحسنه كما قلت في الصغير أم رمز لصحته كما قلت في الكبير؟

[في الكلام عن الحجاج بن أرطأة]

وأما ثانيا: فمن الباطل المحقق ما نقلته عن الذهبى، فإن الذهبى لو كان سكران لما قال في الحجاج: متفق على ضعفه.

والحجاج روى له البخارى في الأدب المفرد ومسلم في الصحيح مقرونا، وقال الذهبى في الميزان [1/ 458، رقم 1726]: حجاج بن أرطأة الفقيه أبو أرطأة النخعى أحد الأعلام على لين في حديثه، روى عنه سفيان وشعبة وعبد الرزاق وطائفة، قال الثورى: ما بقى أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال حماد بن زيد: كان أقدر عندنا لحديثه من سفيان، وقال العجلى: كان فقيها مفتيا وكان فيه تيه وعيب عليه التدليس، وقال أحمد: كان من الحفاظ، وقال ابن معين: ليس بالقوى وهو صدوق يدلس وأطال في ترجمته، وكان شعبة يقول: اكتبوا عن حجاج بن أرطأة وابن إسحاق فإنهما حافظان، ولما نقل عن ابن حبان أنه قال: تركه ابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدى وابن معين وأحمد قال: كذا قال ابن حبان، وهذا القول فيه مجازفة قال: وأكثر ما نقم عليه التدليس وفيه تيه لا يليق بأهل العلم.

والحاصل أن الرجل من كبار الحفاظ ومشاهير المحدثين الرواة الذين انتهى الأمر

ص: 542

فيهم بعد الخلاف على أن حديثهم حسن.

3666/ 9710 - "لابُدَّ من العَرِّيفِ، والعرِّيفُ في النَّارِ".

أبو نعيم في المعرفة عن جعونة بن زياد

قال الشارح: ورجاله مجهرلون.

وقال في الكبير: قال في الإصابة: رجاله مجهولون اهـ. ورواه أبو يعلى والديلمى عن أنس.

قلت: حرف الشارح في الكبير اسم صحابى الحديث من جعونة إلى جعفر، واختصر كلام الحافظ وحذف منه، فإن الحافظ قال: ذكره ابن منده وقال: ذكر عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة أحد الضعفاء عن عبيد اللَّه بن زياد الشنى عن الجلاس بن زياد الشنى عن جعونة بن زياد الشنى.

فذكر الحديث ثم قال: وبقية رجاله مجهولون اهـ.

وحديث أنس أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 148، 317] قال:

حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه حدثنى العلاء بن أبي العلاء حدثنى مرداس عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما لكم تدخلون عليَّ قلحا، لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، لابد للناس من العريف، والعريف في النار، يؤتى بالجلواز يوم القيامة فيقال له: ضع سوطك وادخل النار".

وورد أيضًا من حديث أبي هريرة، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 117]:

حدثنا أبي ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن الحجاج بن حميد إملاء من حفظه ثنى عامر بن عامر حَنَك ثنا دارهر بن نوح الأهوازى عن عبيس بن ميمون عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لابد للناس من عريف، والعريف في النار".

ص: 543

3667/ 9712 - "لا تَأتُوا الكُهَّان".

(طب) عن معاوية بن الحكم

قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب، فقد خرجه [4/ 1749، 227/ 120] مسلم عن معاوية المذكور.

قلت: مسلم خرجه بلفظ لا يدخل هنا، فإنه قال في روايته عن معاوية بن الحكم:"قلت: يا رسول اللَّه أمورا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتى الكهان، قال: فلا تأتوا الكهان، قلت: كنا نتطير، قال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم"، فهذا غير لفظ الطبرانى المختصر، ولا مشاحة في الاصطلاح.

3668/ 9714 - "لا تَأخُذُوا الحدِيثَ إلا عمَّن تُجيزُونَ شَهادَته".

السجزى (خط) عن ابن عباس

قال في الكبير: وهذا مسوق لبيان الاحتياط في الرواية والتثبت في النقل واعتبار من يؤخذ عنه، والكشف عن حال رجاله واحدا بعد واحد حتى لا يكون فيهم مجروح ولا مكر الحديث ولا معضل ولا كذاب ولا من يتطرق له طعن في قول أو فعل، ومن كان فيه خلل فترك الأخذ عنه واجب لمن عقل.

قلت: هذا كلام فاسد التركيب باطل المعنى لا ينطق به من يعرف ما يقول كما هو ظاهر لا يحتاج إلى تقرير.

ثم قال: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل أعله فقال: رواه أبو حفص الأبار عن صالح فاختلف عليه في رفعه، ورواه أبو داود الحفرى عن صالح عن محمد بن كعب، قال ابن معين: صالح ليس بشيء، وقال النسائى: متروك الحديث ثم ساق له هذا الخبر.

ص: 544

قلت: وهذا كذب على صنيع المصنف، أولا فإنه رمز له بعلامة الضعيف الدال على أن مخرجه ضعفه، إن كان ذلك لازما عند الناس وعند المصنف مع أنه غير لازم عند أحد من خلق اللَّه إلا عند هذا [الشارح] الذي يخلق العيوب والنقائص، ثم هو كاذب أيضًا في حكايته عن الخطيب، فإنه زعم أولا: أن الخطيب خرج الحديث وأعله بذلك الكلام الساقط الذي لا معنى له ولا علة فيه على حكايته وأنه تكلم في راويه، ثم قال بعد ذلك: ثم ساق الحديث، فأفاد كلامه أنه أعله قبل إيراده في حين إفادة كلامه أنه أعله بعد إيراده، حتى يبقى الناظر في حيرة فلا يدرى ما فعل الخطيب ولا ما قال.

والواقع أنه أورد الحديث أولا ثم قال [9/ 301]: رواه أبو حفص الأبار عن صالح، فاختلف عليه في رفعه ووقفه على ابن عباس، ورواه أبو داود الحفرى عن صالح عن محمد بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه ابن عباس، ولا نعلم رواه عن محمد بن كعب غير صالح، ثم ذكر حديثا آخر رواه صالح أيضًا، ثم أسند عن أئمة الجرح كلامهم فيه، وقد أطال الخطيب في إيراد طرق هذا الحديث واختلاف الأقوال عن صالح فيه في كتاب الكفاية في علوم الحديث [ص 159، 160] في باب: ذكر ما يستوى فيه المحدث والشاهد من صفات وما يفترقان فيه، وهو حديث باطل موضوع وأمره أوضح من أن يحتاج إلى إقامة دليل عليه.

3669/ 9739 - "لا تُجادِلُوا في القُرآنِ فإنَّ جِدَالًا فيه كُفرٌ".

الطيالسى (هب) عن ابن عمر

قال الشارح: ضعيف لضعف فليح بن سليمان، فرمز المؤلف لصحته خطأ.

قلت: فليح بن سليمان وإن تكلم فيه ققد احتج به البخارى ومسلم وأكثرا من الرواية عنه في صحيحه، فإنا كان تصحيح المصنف حديثه خطأ، فتصحيح الشيخين حديثه خطأ أيضًا.

ص: 545

3670/ 9740 - "لا تُجارِ أخَاكَ ولا تُشَارِه ولا تُمَارِه".

ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن حريث بن عمرو

قلت: حرف الشارح اسم صحابى الحديث فقال: حويرث بزيادة "الواو" بعد "الحاء"، وإنما هو حريث، وسكت عن الحديث، وهو من رواية أبي بكر ابن أبي مريم، وهو ضعيف.

وأخرجه أيضًا ابن فيل في جزئه من طريق ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حريث بن عمرو به.

وفي صحبة حريث المذكور اختلاف، وابن أبي مريم لم يدرك أحدا من الصحابة فهو منقطع أيضًا.

3671/ 9741 - "لا تُجالِسُوا أهلَ القَدَرِ ولا تُفاتحِوُهُمْ".

(حم. د. ك) عن عمر

قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: حكيم بن شريك -أي أحد رجاله- لا يعرف، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح.

قلت: الحديث صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه [1/ 280، رقم 79]، وحكيم بن شريك ذكره ابن حبان في الثقات [6/ 215] وذكره البخارى في التاريخ الكبير، فلم يذكر فيه جرحا، وخرج هذا الحديث في ترجمته [3/ 15، رقم 59]، كما خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 302]، والبيهقى في كتاب الشهادات من السنن [10/ 204]، وفي اختصاره قال الذهبى عن حكيم: لا يعرف كما نقل الشارح، لكنه -أعنى الذهبى- تعقب ابن الجوزى: على إيراده الحديث في العلل المتناهيه فقال في مختصر العلل المذكور بعد إيراد ابن الجوزى الحديث من طريق حكيم بن شريك عن يحيى بن ميمون الحضرمى عن ربيعة الجرشى عن أبي هريرة عن عمر به، وقول ابن

ص: 546

الجوزى: يحيى بن ميمون كذبوه، ما نصه.

هذا خطأ، بل هو صدوق والذى كذبوه فآخر بصرى اهـ.

فكان من حق الشارح أن لا يعتمد كلام ابن الجوزى حتى يراجع اختصار العلل للذهبى إذ لم يدرك هو خطأ ابن الجوزى.

3672/ 9761 - "لا تَدَعُوا الرَّكعتَينِ اللتين قَبْل صَلاةِ الفَجرِ فإنَّ فيهما الرَّغائبَ".

(طب) عن ابن عمر

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد الرحيم وهو ضعيف.

قلت: قد ورد من غير طريقه، قال ابن ترثال في جزئه:

حدثنا إبراهيم بن محمد بن على بن بطحا حدثنى أبي محمد بن على ثنا عبد اللَّه بن صالح بن سلم ثنا مندل عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به.

3673/ 9763 - "لا تُدِيمُوا النَظَر إلى المجْذُومينَ".

(حم. هـ) عن ابن عباس

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه محمد بن عبد اللَّه بن عثمان الملقب بالديباج وثقه النسائى، وقال البخارى: لا يكاد يتابع على حديثه ثم أورد له هذا الخبر.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الديباج وثقه النسائى، وقال العجلى: مدنى تابعى ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات [7/ 417]، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث عالما، وهذا شرط الحسن.

ص: 547

ثانيهما: أن البخارى لم يقل: لا يكاد يتابع على حديثه، وإن كان الشارح نقل ذلك بواسطة الذهبى إلا أن الذهبى تصرف في كلام البخارى تصرفا غير مرضى، وزاد الشارح قوله: ثم أورد له هذا الخبر وذلك أن البخارى أورد له حديثه [1/ 138، رقم 417] عن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في أولاد الزنا" قال البخارى: لا يتابع عليه -يعنى على هذا الحديث- لا على جميع حديثه، ثم قال:

حدثنى ابن أبي مريم ثنا ابن أبي الزناد حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت الحسين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تديموا النظر إلى المجذومين".

ثم رواه من وجه آخر من رواية عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عنه مثله، ثم قال: وقال ابن المبارك: عن حسين بن على بن حسين حدثتنى فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وهذه متابعة له في أصل ورود الحديث.

3674/ 9767 - "لا تَرْجِعُوا بَعْدى كُفَّارا يَضرِبُ بَعْضُكُم رِقَابَ بَعضٍ".

(حم. ق. ن. هـ) عن جرير، (حم. خ. د. ن. هـ) عن ابن عمر (خ. ن) عن أبي بكرة، (خ. ت) عن ابن عباس

قال في الكبير: رواه البخارى في العلم، ومسلم في الإيمان، والنسائى في العلم.

قلت: لا يوجد في سنن النسائى الصغرى الذي هو من الكتب الستة كتاب العلم، والحديث خرجه النسائى في "تحريم الدم [7/ 127] "، ثم إن

ص: 548

البخارى خرجه أيضًا في موأضع أخرى غير العلم [1/ 41، رقم 105] منها المغازى [5/ 223، رقم 4406] والفتن [9/ 663، 64، رقم 7078] والديات [9/ 3، رقم 6868].

3675/ 9769 - "لا تُروِّعُوا المسْلِمَ، فإنَّ رَوْعةَ المُسلمِ ظُلمٌ عَظيمٌ".

(طب) عن عامر بن ربيعة

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو غير مسلم، فقد أعله الهيثمى بأن فيه عاصم بن عبيد اللَّه وهو ضعيف.

قلت: عاصم وإن ضعفوه فلم يتهم بكذب، وقد روى عنه الكبار مثل مالك وشعبة، وروى له البخارى تعليقا، واحتج به أهل السنن الأربعة، ولحديثه شواهد فلا يبعد الحكم بحسنه.

3676/ 9788 - "لا تَسُبُّوا السُلْطانَ، فإنه فَيء اللَّهِ في أرضهِ".

(هب) عن أبي عبيدة

قال في الكبير: وفيه ابن أبي فديك وقد مر، وموسى بن يعقوب الزمعى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال النسائى: غير قوى، وعبد الأعلى قال الذهبى: لا يعرف، وإسماعيل بن رافع ضعيف.

قلت: أخشى أن يكون كل هذا لا أصل له فليحرر (1)، فإن الديلمى روى هذا الحديث [5/ 159، رقم 7478] من طريق ليس فيها واحد من المذكورين،

(1) تحريره أن البيهقى رواه في الشعب (6/ 17 رقم 7372) من طريق ابن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي -وقد تصحف في المطبوع إلى الربعى- عن عبد الأعلى بن موسى أن إسماعيل بن رافع به.

ص: 549

ويبعد أن لا يتفق مع البيهقى [6/ 17، رقم 7372] في سند الحديث غالبا، فقد رواه من طريق أبي نعيم:

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن مهران ثنا سليمان بن داود ثنا محمد بن عمر بن واقد ثنا أسامة وعبد اللَّه ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن جدهما أنه سمع أبا عبيدة بن الجراح به.

3677/ 9789 - "لا تَسبوا الشَيْطانَ وتَعَّوذُوا باللَّهِ مْن شَرِّه".

المخلص عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى وغيره، فما أوهمه صنيع المؤلف حيث أبعد في العزو من أنه لا يوجد لغير المخلص غير جيد.

قلت: هذا جهل بالفن، فإنه ما قال أحد أن الاقتصار على العزو لمخرج غير جيد ولا خطر ببال امرئ أن يقوله حتى اخترع هذا [الشارح] هذه الدعوى الكاذبة ليشين بها المصنف بالباطل.

ثم إنه كاذب أيضًا في قوله: "وغيره"، فأقسم باللَّه أنه ما رآه عند غيره ولا رآه إلا عند الديلمى وحده.

والديلمى في الحقيقة ما خرج هذا الحديث لأنه إنما أسنده من طريق المخلص المخرج الحقيقى للحديث، قال الديلمى [5/ 159، رقم 7477]:

أخبرنا أبي أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن على أخبرنا المخلص حدثنا البغوى ثنا ابن زنجويه ثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحرانى ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به.

وأخشى أن يكون في هذا الإسناد تسوية، فإن رجاله ثقات كلهم.

ص: 550

3678/ 9790 - "لا تَسبُّوا أهلَ الشام فإنَّ فيِهم الأبْدالَ".

(طس) عن على

قال الشارح: وإسناده حسن.

قلت: بل إسناده مظلم ومتنه موضوع لأنه من رواية عمرو بن واقد الدمشقى وهو كذاب.

3679/ 9791 - "لا تَسُّبوا تُبَّعا فإنه كانَ قدْ أسْلَمَ".

(حم) عن سهل بن سعد

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو غير صواب، فقد قال الهيثمى: فيه عمرو بن جابر وهو كذاب، فكان ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب.

قلت: بل كان ينبغى للَّه أنت أن تسكت ولا تدخل فيما لا تعرف ولا أنت من أهله، فعمرو بن جابر وإن قال فيه بعضهم: كذاب؛ فذلك لكونه كان شيعيا والمكذب ناصبى، وإلا فقد وثقه الناس ووصفوه بالصدق، وصحح الترمذى حديثه، ويكفيك إدخال أحمد له في المسند، ثم الحديث له طرق أخرى منها حديث ابن عباس مثله أخرجه الخطيب من طريق سفيان الثورى عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال الشارح: وبعد أن ذكره فكان ينبغى إكثاره من ذكر مخرجيه فمنهم الطبرانى والبغوى والطبرى وابن مريم والدارقطنى وغيرهم.

قلت: وهذا هواء فارغ، ثم من هو الطبرى هل ابن جرير أو غيره؟ وفي أي كتاب خرجه؟ وكذلك البغوى وفي أي كتاب خرجه؟ أما ابن مريم فمضحك، فإنه لا يوجد في المخرجين من اسمه ابن مريم.

ص: 551

3780/ 9792 - "لا تَسُّبوا ماعِزا".

(طب) عن أبي الفيل

قلت: صحابى هذا الحديث أبو الفيل على اسم الحيوان المعروف، والشارح كتبه في الشرحين أبو الطفيل بزيادة الطاء، وأكد ذلك بأن اسمه عامر كما هو اسم أبي الطفيل: عامر بن واثلة الليثى، ولكنه مع ذلك قال: الخزاعى، ونقل عن البغوى أنه قال: ليس له غيره، فأتى بجملة تخاليط توقع الناظر في الحيرة؛ لأن أبا الطفيل عامرا ليس بخزاعى وله أحاديث، وهذا ليس اسمه عامرا وهو خزاعى وله حديث واحد.

3681/ 9797 - "لا تَسْكُن الكُفُورَ فإنَّ سَاكن الكُفورِ كَسَاكنِ القُبورِ".

(خد. هب) عن ثوبان

قال في الكبير: ثم قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله، والأمر بخلافه بل بقيته كما في الميزان:"ولا تأمرن على عشرة فإن من تأمر على عشرة جاء مغلولة يده إلى عنقه، فكه الحق أو أوثقه الظلم".

قلت: [الشارح] رأى الحديث في اللآلئ المصنوعة [1/ 248] للمؤلف بهذه الزيادة معزوا إلى ابن عدى لأنه من طريقه أورده ابن الجوزى، ثم رآى المصنف أورده من عند البخارى في الأدب المفرد هكذا مختصرا، ثم قال: وأخرجه البيهقى [6/ 68، رقم 7518] من وجه آخر عن "بقية" به هكذا مختصرا.

وهذان اللذان روياه مختصرا هما اللذان عزاه المصنف لهما هنا كما ترى، وهو قد وقف على ذلك ونقل إسناد الحديث منه ثم تجاهل ذلك كله وذهب إلى الميزان ليدلس ويظهر عدم إتقان المصنف وتحقيقه للنقل، ثم إن الصنف

ص: 552

كتب في التعقب على ابن الجوزى من طرق هذا الحديث ما ملأ صحيفتين، فضرب [الشارح] عن الإشارة إلى التعقب صفحا، ولو قصر المؤلف لقال: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل على عادته.

وبعد، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 200، رقم 579]:

حدثنا أحمد بن عاصم ثنا حيوة ثنا بقية حدثنى صفوان قال: سمعت راشد بن سعد يقول: سمعت ثوبان قال: قال لى النبي صلى الله عليه وسلم: "يا ثوبان لا تسكن الكفور فإن ساكن الكفور كساكن القبور".

حدثنا إسحاق أخبرنا بقية به مثله كما ذكره المصنف.

3682/ 9798 - "لا تُسلِّمُوا تَسْليَم اليَهُودِ والنَّصَارى، فإنَّ تَسليمَهُم إشَارَةٌ بالكُفوفِ والحَواجبِ".

(هب) عن جابر

قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن البيهقى خرجه وأقره وليس كذلك، إنما رواه مقرونا ببيان حاله فقال عقبه: هذا إسناد ضعيف بمرة، فإن طلحة بن زيد الرقى متروك الحديث متهم بالوضع، وعثمان بن عبد الرحمن الراوى عنه ضعيف.

وكيف يصح ذلك والمحفوظ في حديث صهيب وبلال: "أن الأنصار جاءوا يسلمون عليه وهو يصلى فكان يشير إليهم بيده" إلى هنا كلامه بنصه، فحذف المصنف ذلك تلبيس فاحش وإيهام مضر.

قلت: معاذ اللَّه أن يصدر من المصنف الإمام الحافظ تلبيس وإيهام، إنما التلبيس والتدليس والإيهام هو وصفك الذي سودت به شرحك من أوله إلى آخره، فالمصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فأى تلببس يبقى بعد ذلك وأى إيهام يقع مع التصريح بضعفه، هذا مع أنه لا يلزم أحدا أن ينقل كلام

ص: 553

المخرجين ولا ينقله من الحفاظ إلا الأندر من النادر، فلو كان كلهم بذلك ملبسين لما كان في الدنيا إلا الملبسون الكذابون، ومعاذ اللَّه من ذلك.

ثم لو كان من الواجب نقل كلام المخرجين لكان ذلك غير واجب على الحفاظ المجتهدين أمثال المصنف؛ لأنه لا يلزمه رأى البيهقى الذي قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا كما وقع منه في هذا الحديث لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى، أما الإسناد: فإن طلحة بن زيد وعثمان بن عبد الرحمن اللذين أعل الحديث بهما قد ورد الحديث من غير طريقهما، فبرئا من عهدته، قال الديلمى في مسند الفردوس:

أخبرنا أبي أخبرنا أبو معشر عبد السلام بن عبد الصمد الطبرى بمكة أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد البزار أبو الحسن ثنا جعفر بن محمد الصوفى وأحمد ابن عيسى بن الهيثم قالا: حدثنا الحسن بن على المعمرى حدثنى أبو همام الصلت بن محمد الحارثى ثنا إبراهيم بن حميد عن ثور حدثنى أبو الزبير عن جابر به، وله مع هذا شواهد.

وأما المعنى الذي ضعف البيهقى الحديث من أجله [6/ 464، رقم 8911]: وهو التعارض مع سلام النبي صلى الله عليه وسلم بالإشارة في الصلاة، فهو مدفوع من وجوه:

أحدها: أن ذلك كان في حالة اضطرار وضرورة؛ لأن رد السلام واجب من جهة ومن جهة أخرى فإن الأنصار الذين كانوا لا يعلمون بعدم جواز الكلام في الصلاة لحدوث المنع بعد الجواز قد يتأثرون [تأثرا] بالغا من عدم رد النبي صلى الله عليه وسلم، فاقتضى الجمع بين المصالح المتعددة من أداء واجب الرد وجبر خاطر المسلم وتعليمه كيفية الرد في الصلاة أن يكون بالإشارة، وهذا كله يناقض حالة الاختيار ويخالفه فله حكم يخصه؛ لأن للضرورة أحكامها وهي تبيح المحظورات.

ص: 554

ثانيها: أنه قد يكون الإشارة التي أشار بها صلى الله عليه وسلم لرد السلام في الصلاة غير الإشارة التي يستعملها الكفار بينهم في الصورة والكيفية، فتكون إشارته صلى الله عليه وسلم إشارة خفيفة مفهمة الرد، وأنه في الصلاة بخلاف كيفية إشارة النصارى في السلام، فإنهم أنفسهم إشارتهم في ذلك مختلفة، إذ إشارة سلام الجند غير إشارة غيرهم كما هو معلوم.

ثالثها: أن النهى قد يكون خاصا بالسلام دون الرد الواقع من النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعها: أنه قد يكون أحدهما ناسخًا للآخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم أشار بالرد في الصلاة قبل ورود النهى عن ذلك لكلونه من التشبه بالكفار، وأقرب هذه الوجوه الأول، وعلى كل فلا تعارض أصلا، فسقط ما بنى البيهقى عليه ضعف الحديث، لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى.

فكيف يلزم المجتهد أن يتبع غيره في رأيه وهو في الواقع مخطئٌ غير مصيب؟

هذا مع أن المصنف قد رمز للحديث بعلامة الضعيف إما اتباعا للبيهقى وإما لكون رأيه أداه إلى ضعفه، وعلى كل فلا تلبيس منه أصلا.

ثم قال الشارح أيضًا: ثم إن قضية صنيعه أيضًا أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه، مع أن الترمذى خرجه مع خلف يسير ولفظه عنده:"لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالأكف" قال الترمذى: غريب. . . إلخ.

قلت: فهذا حقا هو التلبيس الفاحش والإيهام المضر، فإنه أوهم أولا: أن حديث الباب مع الذي خرجه الترمذى حديث واحد، مع أنهما حديثان متغايران ذاك من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وهذا من حديث جابر ابن عبد اللَّه.

وثانيا: فإنه ادعى أن لفظ الحديث عند الترمذى أوله "لا تشبهوا" ليوهم

ص: 555

أنه صالح للدخول في هذا الحرف، وهو مدلس في ذلك لأن لفظ الحديث عند الترمذى أوله:"ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا" الحديث.

قال الترمذى [5/ 56، رقم 2695]:

حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى" الحديث.

وهذا اللفظ قد ذكره المصنف سابقا في حرف "ليس" وعزاه للترمذى.

3683/ 9807 - "لا تَشُمُّوا الطَّعَامَ كَمَا تَشُمَّهُ السِّبَاعُ".

(طب. هب) عن أم سلمة

قال في الكبير: قال البيهقى عقب تخريجه: إسناده ضعيف اهـ. فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب.

قلت: المصنف لم يحذف ذلك بل رمز لضعفه كما رمز لمخرجه، ولو حذفه لكان عين الصواب كما يفعله الناس كلهم وأولهم الشارح.

والحديث له طريق آخر من حديث أبي هريرة، قال الديلمى [5/ 175، رقم 7521]:

أخبرنا محمد بن الحسين إذنا أخبرنا أبي حدثنا موسى بن محمد بن على بن عبد اللَّه حدثنا عمر بن أبي حسان ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى ثنا سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تشموا الخبز كما تشمه السباع"، وهذا والذي قبله عندى كذب موضوع.

ص: 556

3684/ 9810 - "لا تَصْحَبنَّ أحَدًا لا يَرى لَكَ منَ الفَضْلِ كَمِثْلِ مَا تَرَى لَهُ".

(حل) عن سهل بن سعد

قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن محمد بن جعفر القزوينى، قال الذهبى: قال ابن يونس: وضع أحاديث فافتضح بها.

قلت: واعجبا من هذا الرجل ما أجهله بالحديث ورجاله، فعبد اللَّه بن محمد بن جعفر المذكور في السند هو أبو الشيخ ابن حيان شيخ أبي نعيم، الذي لعله يروى عنه وعن الطبرانى ثلاثة أرباع ما يروى من الأحاديث، بحيث من خالط كتب أبي نعيم لا يمترى فيه ولا يسبق إلى وهمه غيره.

وهذا الشارح كثير النقل من الحلية ومع ذلك فانظر كيف جهل شيخ أبي نعيم وذهب يبحث في الميزان عمن اسمه عبد اللَّه بن محمد بن جعفر، فلما وجد القزوينى مذكورا فيه متهما ألصقه بسند هذا الحديث غير مبال بما قال الذهبى في آخر ترجمته: من أنه توفى سنة خمس عشرة وثلاثمائة ولا عارف بأن أبا نعيم ولد بعد هذا بخمسة عشر عاما سنة ثلاثين وثلاثمائة، ومع هذا الجهل العظيم نجده مولعا بالانتقاد على الحفاظ الكبار ولاسيما المصنف، ثم إن علة الحديث هو بكار بن شعيب الدمشقى راويه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل، فإن بكارًا قال فيه ابن حبان: يروى عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يحل الاحتجاج به، ثم أورد له هذا الحديث.

هذا ومن سخافة الشارح التي يسخف بها على المصنف الحافظ أنه يقول إذا عزا حديثا لمخرج أو اثنين وكلان هناك مخرج آخر أو أكثر: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لغير المذكورين وإلا لما اقتصر عليهم والواقع خلافه، أو يقول: وهو قصور، أو نحو ذلك، ثم يذكر ما استفاده من المخرجين من

ص: 557

كتب المصنف أيضًا -كما نبهنا عليه مرارا- وبناء على سخافته نسخف عليه هو أيضًا فنقول له: ظاهر سكوتك على عزو الحديث لأبي نعيم فقط وعدم استدراكك مخرجًا آخر يفيد، إنه لم يخرجه غير أبي نعيم والواقع خلافه، بل هو قصور للغاية.

فقد خرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده قال: حدثنا إبراهيم بن أبي الحوارى الدمشقى ثنا بكار بن شعيب الدمشقى به.

وأخرجه بن حبان في الضعفاء [1/ 198] قال: أخبرنا ابن قتيبة قال: ثنا إبراهيم بن أبي الحوارى ثنا بكار بن شعيب به.

وأخرجه أيضًا في روضة العقلاء قال: أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان به نحوه.

وأخرجه الدولابى في الكنى [1/ 168] قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب السعدى ثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا بكار بن شعيب به.

وأخرجه الخطابى في العزلة [ص 75]:

حدثنا الحسن بن يحيى بن صالح ثنا محمد بن قتيبة ثنا إبراهيم بن أيوب الحورانى عن بكار به، لكنه قال: بكار بن سليم كلهم رووه مطولا، وأوله:"الناس كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرأ كثير بأخيه، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له"(1)، وقال الدولابى:"وإنما يتفاضلون بالعافية، فلا تصحبن رجلا لا يرى لك مثل ما ترى له"، واختصره أبو نعيم في الحلية [10/ 25] فذكره باللفظ الذي نقله عنه المصنف، فقال:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا إسحاق بن أبي حسان ثنا أحمد بن أبي

(1) في المطبوع من العزلة بلفظ: "الناس كأسنان المشط" فقط بدون الزيادة المذكورة.

ص: 558

الحوارى ثنا أبو خزيمة بكار بن شعيب به.

ثم إنه ورد من غير طريقه، فأخرجه الديلمى من طريق ابن لال:

ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن فهدد ثنا محمد بن موسى ثنا غياث بن عبد الحميد عن عمر بن سليم عن أبي حازم عن سهل بن سعد به مثله، إلا أنه قال:"إنما يتفاضلون يالعبادة، ولا تصحبن أحدا. . . " وذكره، وغياث بن عبد الحميد ضعيف، وشيخه مختلف فيه.

وورد مع هذا من حديث أنس، أخرجه بن عدى [3/ 248]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 145، رقم 195]، والديلمى في مسند الفردوس [5/ 47، رقم 7133] كلهم من طريق المسيب بن واضح:

ثنا سليمان بن عمرو النخعى عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس ابن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الناس كأسنان المشط، إنما يتفاضلون بالعافية، والمرأ كثير بأخيه، يرفده ويكسوه ويحمله، ولا خير في صحبة من لا ترى لك مثل ما ترى له".

قال ابن عدى: وضعه سليمان بن عمرو النخعى كذا قال، لكن طريق بكار ابن شعيب السابقة ترد عليه، إلا أن يكون أحدهما سرقه من الآخر.

ثم إنه ورد عن مجاهد من قوله: قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان:

حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن محمود ثنا الحسن بن أحمد العطار ثنا إبراهيم بن بشير بن سليمان ثنا أبو كدينة عن مجاهد قال: "لا تصحبن صاحبا لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له".

3685/ 9811 - "لا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إلاِ عِنْدَ ذِى حَسَبٍ أوْ دِينٍ".

البزار عن عائشة

قال في الكبير: رواه البزار عن أحمد بن المقدام عن عبيد بن القاسم عن هشام

ص: 559

ابن عروة عن عائشة، قال: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره وليس كذلك، بل قال: إنه منكر اهـ. وقال الهيثمى: فيه عبيد بن القاسم وهو كذاب اهـ، ورواه ابن عدى من حديث الحسين بن المبارك الطبرانى عن ابن عياش عن هشام عن أبيه عن عائشة، وقال: منكر المتن، والبلاء فيه من الحسين لا من ابن عياش وإن كان مختلطا اهـ.

وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، واقصى ما نوزع به أن له شاهدا اهـ.

قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف.

الثانى: التلبيس بأن عدم نقل كلام المخرجين نقص، وهو شيء اخترعه هذا الملبس لم يقل به مخلوق ولا قام عليه دليل، ولو كان ذلك كما يلبس به لكان كل الناس كذلك، فإنه لا ينقل كلامهم أحد، وهذا الحافظ الهيثمى جمع زوائد البزار والطبرانى، والتزم أن يتكلم على كل حديث ويبين ما فيه، وكثير من تلك الأحاديث تكلم عليه مخرجوها ولاسيما البزار، ومع ذلك فإنه لا ينقل حرفا واحدا عنهم ويعلل الأحاديث باجتهاده.

الثالث: الكذب على البزار، فإنه ما قال عقب الحديث: إنه منكر، بل قال: لا نعلم رواه هكذا إلا عبيد وهو لين الحديث (1) اهـ.

والشارح نقل سند البزار من اللآلئ المصنوعة [2/ 44] للمصنف وهو نقل كلامه المذكور، فتعمد الشارح تحريفه وتبديله ليتم له ما أراد بالكذب، نعوذ باللَّه من الخذلان.

الرابع: أن ابن عدى قال [6/ 386]: والبلاء فيه من الحسين لا من إسماعيل ابن عياش، وإن كان يخلط في روايته عن الحجازيين، والشارح غير كلامه

(1) انظر كشف الأستار (2/ 400، رقم 1954).

ص: 560

بقوله: وإن كان مختلطا وبون كبير بين العبارتين، فإن عبارة ابن عدى تفيد ما هو معروف عن إسماعيل بن عياش من كونه ضعيف في أهل الحجاز خاصة، حسن الحديث في روايته عن أهل بلده الشوام، وعبارة الشارح تفيد أن إسماعيل بن عياش كان مختلطا في عقله، وهذا ما قال به أحد ولا وصف به إسماعيل.

الخامس: وهو مما يفيدك ما في صدر الشارح من حنق على المصنف، أنه أبهم المنازع، فقال: وأقصى ما نوزع به ابن الجوزى، ولم يصرح باسم المصنف لأنه لا يحب أن يقر له بفضل إلا إذا لم يجد إلى الفرار من الاعتراف به سبيلا.

السادس: أن المنازع -وهو المصنف- لم ينازع بأن له شاهدا، بل نازع بأن الراوى الذي اتهمه به ابن الجوزى تبعا للعقيلى [3/ 116، رقم 1093] توبع عليه متابعات تبرئ ساحته، فإن ابن الجوزى أورده [2/ 167] من عند إلعقيلى ثم من رواية يحيى بن هاشم السمسار عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وقال العقيلى: يحيى كان يضع الحديث على الثقات، ولا يصح في هذا المتن شيء، فقال المصنف له متابعون، ثم ذكر أن البزار خرجه من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة، وأن ابن عدى خرجه من طريق المسيب بن شريك عن هشام بن عروة، وقال ابن عدى: إن المسيب مجمع على تركه، وإن ابن لال خرجه من طريق أبي المطرف المغيرة بن مطرف عن هشام بن عروة، ثم قال: وله شاهد عند الطبرانى اهـ.

قلت: وبقى من المتابعين أيضًا يعقوب بن الوليد الأزدى وإسماعيل بن عياش، فمتابعة يعقوب بن الوليد خرجها ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق:

حدثنى محمد بن عباد بن موسى الواسطى ثنا يعقوب بن الوليد الأزدى عن

ص: 561

هشام بن عروة به، ومتابعة إسماعيل بن عياش خرجها ابن عدى كما سبق، وله شاهد من حديث على ومن حديث أبي هريرة سبقا في حديث:"أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب".

3686/ 9813 - "لا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمَ، وَلا المُتَحَدِّثَ".

(د. هق) عن ابن عباس

قال الشارح: وضعفه ابن حجر فرمز المصنف لحسنه غير حسن.

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بصواب، فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعف سنده اهـ. وساقه البيهقى من سنن أبي داود من حديث عبد الملك بن محمد عن عبد اللَّه بن يعقوب عمن حدثه عن ابن كعب عن ابن عباس، ثم قال: هذا مرسل، قال الذهبى: يريد بإرساله كون عبد اللَّه لم يسم من حدثه، قال: ورواه هشام بن زياد وهو متروك، عن أبي بن كعب رضي الله عنه.

قلت: فيه أمور، الأول: أنه نقل عن البيهقى أنه قال: هذا مرسل وحذف من كلامه ما لا يوافق غرضه، والواقع أن البيهقى قال [2/ 279]: هذا أحسن ما روى في هذا الباب، وهو مرسل اهـ.

فحذف الشارح قوله: هذا أحسن ما روى في هذا الباب، لظنه أنه يؤيد المصنف في قوله: إنه حديث حسن، مع أنه لا تأييد فيه للمصنف لأن هذه العبارة يقولونها على الضعيف إذا كان أقوى من غيره.

الثانى: أنه قال -يعنى الذهبى-: ورواه هشام بن زياد، والواقع أن قائل ذلك هو البيهقى نفسه.

الثالث: أنه قال: هشام بن زياد عن أبي بن كعب رضي الله عنه،

ص: 562

وذلك من الغلط الفاحش على الحديث وسنده وعلى البيهقى والذهبى فإنهما لم يقولا ذلك ولا تعلق لأبي بن كعب بهذا الحديث، وإنما هو محمد بن كعب القرظى راويه عن ابن عباس، فإن الحديث رواه البيهقى من طريق أبي داود في السنن [1/ 182، رقم 694] ثم من حديث عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظى قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: حدثنى عبد اللَّه بن عباس فذكر الحديث، قال البيهقى: وهذا أحسن ما روى في هذا الباب وهو مرسل، ورواه هشام بن زياد أبو المقدام عن محمد ابن كعب وهو متروك اهـ.

وكذا قال الذهبى إلا أنه قدم وهو متروك عند هشام بن زياد كما هو اللائق عن محمد بن كعب، فقال [الشارح]: عن أبي بن كعب وزاد رضي الله عنه تحقيقا لكونه الصحابى.

الرابع: أن الحديث حسن كما قال المصنف، وكما بينته قريبًا عند حديث:"نهى أن يصلى خلف النائم والمتحدث"، فإنه حديث واحد من حديث ابن عباس، وأزيد هنا أن طريق هشام بن زياد الذي أشار إليه البيهقى خرجه الحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن منيع، وابن حبان في الضعفاء، والحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7707]، وأبو نعيم في الحلية [2/ 175]، وفي التاريخ معا، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 123، رقم 1020]، وجماعة مطولا ومختصرا، وهو حديث طويل في نحو ورقة، ثم إن هشام ابن زياد لم ينفرد به، بل تابعه عليه مصادف بن زياد المدينى عن محمد بن كعب القرظى، أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7706] من رواية محمد بن معاوية عن مصادف به مطولا، وفيه:"ولا يصلين أحد منكم وراء نائم، ولا متحدث" الحديث.

ثم أخرجه من طريق هشام بن زياد، ثم قال [4/ 270، رقم 7707]: هذا

ص: 563

حديث قد اتفق هشام بن زياد البصرى ومصادف بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى، ولم استجز إخلاء هذا الموضع منه فقد جمع آدابا كثيرة، وتعقبه الذهبى بأن هشام بن زياد متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى.

قلت: وهو والحاكم كلاهما متعقب، فإن الحديث لم يروه المذكوران فقط عن محمد بن كعب بل رواه عنه جماعة آخرون منهم عيسى بن ميمون والقاسم ابن عروة وزيد العمى وغيرهم، وروايتهم تبرئ ساحة هشام بن زياد ومحمد ابن معاوية، وتبطل ما زعمه الذهبى من بطلان الحديث.

فقد أخرجه الصابونى في كتاب العقيدة من طريق القاسم بن عروة عن محمد ابن كعب القرظى به مطولا، والغريب أن الصابونى رواه عن الحاكم، فكأنه لم يستحضر هذا الطريق في المستدرك.

ورواه ابن أبي الدنيا في التوكل من حديث عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن محمد بن كعب القرظى، وذكر أبو نعيم في الحلية أن ممن رواه عن محمد ابن كعب أيضًا عيسى بن ميمون، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث ومتونه في "وشى الإهاب" "والإسهاب" معا في حديث:"من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه"، وفي حديث:"من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه"، والمقصود من هذا ومما ذكرته سابقا أن الحديث حسن لتعدد طرقه كما ترى، وإن كان الحافظ جزم بضعفه فهو لعدم تتبعه طرقه ولحكمه على الطريق الواحد الذي ذكره.

3687/ 9815 - "لا تَصُومَنَّ امْرَأةٌ إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا".

(حم. د. حب. ك) عن أبي سعيد

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه ليس للشيخين في هذا الحديث رواية وهو ذهول بالغ، فقد عزاه في "مسند الفردوس" للبخارى باللفظ المذكور،

ص: 564

ورواه مسلم في الزكاة بلفظ: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه"، وخرجه البخارى في النكاح، لكنه لم يقل:"وهو شاهد" وقضية كلامه أيضًا أن كلا ممن عزاه إليه لم يذكر إلا ذلك، فأبو داود قيد الشهود، وراد فيه:"غير رمضان".

قلت: كل هذا تدليس وتلبيس، فإن حديث أبي سعيد هذا لم يخرجه الشيخان، وإنما خرجا حديث أبي هريرة، وهما حديثان متغايران في الاصطلاح، ثم قوله: وخرجه البخارى في النكاح يوهم أنه خرجه مرتين، والواقع أنه لم يخرجه إلا في النكاح، ولم يخرجه في الصيام كما نص عليه الحافظ، فقال [9/ 293، تحت رقم 5192]؛ هذا الأصل لم يذكره البخارى في كتاب الصيام، وذوه أبو مسعود في "أفراد" البخارى من حديث أبي هريرة: وليس كذلك، فإن مسلم ذكره في أثناء حديث في كتاب الزكاة، ووقع للمزى في الأطراف وهم فيه بينته فيما كتبته عليه اهـ.

وذكره البخارى بلفظين، الأول [7/ 39، رقم 5192] من طريق معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه".

والثانى [7/ 39، رقم 5195]: من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره".

أما مسلم فرواه [2/ 711، رقم 1026/ 84] من طريق معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة بلفظ: "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له".

ص: 565

وبهذا يعلم خطأ الشارح أيضًا في قوله: إنه رواه بلفظ: "لا يحل. . . إلخ"، وقوله: وقضية كلامه أيضًا أن كلا ممن عزاه إليه لم يذكر إلا ذلك، فأبو داود ذكر فيه الشهود أيضًا تلبيس باطل، فإنه يوهم بذلك أنه وقع في حديث أبي سعيد المذكور في الكتاب، والواقع أن ذلك إنما هو في حديث أبي هريرة أيضًا، أما حديث أبي سعيد فمتنه عند أبي داود كما ذكره المصنف بدون زيادة، قال أبو داود [2/ 343، رقم 2459]:

حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "-أثناء حديث- لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها".

3688/ 9821 - "لا تَضْرِبُوا إِمَاءَكُمْ عَلَى كَسْرِ إِنَائِكُمْ، فَإِنَّ لَهَا أَجَلًا كآجَالِ النَّاسِ".

(حل) عن كعب بن عجرة

قال في الكبير: أورده في الميزان في ترجمة العباس بن الوليد الشرقى، وقال: ذكره الخطيب في الملخص، فقال: روى عن ابن المدينى حديثا منكرا، رواه عنه أحمد بن أبي الحوارى من حديث كعب بن عجرة مرفوعًا، ثم ساق هذا بعينه.

قلت: لم أجد للعباس بن الوليد ذكرا في الميزان لا بهذا الحديث ولا بغيره، وكذلك في اللسان مع أن الحديث مروى من طريقه كما قال الشارح من رواية أحمد بن أبي الحوارى عنه عن على بن المدينى عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن عن كعب بن عجرة.

رواه أبو نعيم [10/ 26] عن أبي دلف عبد العزيز بن محمد العجلى عن يعقوب ابن عبد الرحمن الدعاء عن جعفر بن عاصم عن أحمد بن أبي الحوارى.

ص: 566

ورواه الديلمى في مسند الفردوس [5/ 200، 7601] من طريق أبي بكر الشافعى عن محمد بن العباس المرى عن أحمد بن أبي الحوارى به، وقال في المتن:"فإن لها آجالا كآجالكم".

ورواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 326] في ترجمة سعيد بن هبيرة المروزى من روايته عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به باللفظ المذكور [في] المتن، وقال عن سعيد المذكور: يروى الموضوعات عن الثقات، كأنه كان يضعها أو توضع له، فيجيب فيها.

3689/ 9827 - "لا تُظْهِرُ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّه وَيَبْتَلِيكَ".

(ت) عن واثلة

قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوع، وقال عمر بن إسماعيل: كذبه ابن معين وغيره، والقاسم لا يجوز الاحتجاج به، قال: ولا أصل للحديث.

قلت: كذا سكت عن حكاية تعقب المصنف لابن الجوزى، وبيان ما يجب بيانه من الحق في الحديث، وإيضاح ذلك بزيادة على ما ذكره المصنف أن الحديث رواه الترمذى [4/ 662، رقم 2506]، وابن حبان في الضعفاء [2/ 213]، وأبو نعيم في الحلية [5/ 186]، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 78، رقم 917] كلهم من طريق القاسم بن أمية الحذاء: ثنا حفص بن غياث ثنا برد عن مكحول عن واثلة به.

والقاسم قال ابن حبان: يروى عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، قال: ولا أصل لهذا الحديث من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اهـ.

ويرد كلامه أمران، أحدهما: أن أبا حاتم قال: ليس به بأس صدوق، وقال أبو زرعة: كان صدوقا، قال الحافظ: وشهادة أبي زرعة وأبي حاتم له أنه

ص: 567

صدوق أولى من تضعيف ابن حبان.

الثانى: أنه لم ينفرد به، بل تابعه جماعة عن حفص بن غياث، منهم عمر ابن إسماعيل بن مجالد والسرى بن عاصم وفهد بن حيان.

فرواية عمر بن إسماعيل عند الترمذى والخطيب [9/ 95]، ومتابعة السرى بن عاصم عند الطوسى في "أماليه"، والخرائطى في "اعتلال القلوب"، ومتابعة فهد بن حيان عند المخلص في فوائده، كل هؤلاء رووه عن حفص بن غياث، وورد من وجه آخر من رواية أبي حنيفة عن واثلة إلا أنه منقطع لأن أبا حنيفة لم يدرك واثلة.

أخرجه أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى في مسند أبي حنيفة من طريق هناد بن السرى: ثنا أبو سعيد ثنا أبو حنيفة عن واثلة به.

ورواه ابن خسرو في "مسند أبي حنيفة" من هذا الوجه، إلا أن فيه عن أبي حنيفة قال: سمعت واثلة وهذا باطل؛ لأن واثلة مات سنة خمس وثمانين، وأبو حنيفة ولد سنة ثمانين وكان بالكوفة، وواثلة بالشام.

وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق" من رواية إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا:"لا تشمت بالمعصية أخاك فيرحمه اللَّه ويبتليك".

3690/ 9828 - "لا تَعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ".

(طب) عن أبي أمامة

قال في الكبير: ثم إن ظاهر صنيع الصنف أن ذا لم يره مخرجًا لأقدم من الطبرانى، ولا أحق بالعزو منه مع أن أحمد خرجه، وقد مر غير مرة أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبرانى، وممن خرجه باللفظ المزبور البزار.

ص: 568

قلت: كل هذا كذب وتلبيس، فالحديث ما خرجه أحمد أصلا من حديث أبي أمامة، وإنما خرجه من حديث أنس بن مالك [3/ 120] هو والبزار (1) وأبو يعلى [6/ 452، رقم 3840] والطبرانى في الأوسط بلفظ مطول من جهة لا يدخل في هذا الموضع الذي هو حرف "لا" مع "التاء"، ولفظ حديث أنس المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بماذا يختم له، فإن العامل يعمل زمان من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة، ثم يتحول ليعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد اللَّه تبارك وتعالى بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول اللَّه وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح، ثم يقبضه عليه" اهـ. فأين هذا من حديث الباب؟!.

3691/ 9829 - "لا تَعْجَزُوا في الدُّعَاءِ فإِنَّهُ لَنْ يَهْلكَ مَعَ الدُّعَاءِ أحَدٌ"

(ك) عن أنس

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبى فقال: لا أعرف عمر وتعبت عليه، وفي الميزان عن أبي حاتم مجهول، قال في اللسان: وقد تساهل الحاكم في تصحيحه.

قلت: قد حصل من أئمة الجرح والتعديل في هذا الرجل -أعنى عمر بن محمد الأسلمى- ما يستغرب جدًا حيث لم يعرفوه، فقال أبو حاتم: مجهول، وتبعه الذهبى فأورده في الميزان [3/ 22، رقم 6208] وقال: روى عن فليح الخطمى وعنه ابن أبي فديك مجهول، قال الذهبى: وروى عنه أيضًا معلى بن أسد حديثا عن ثابت في فضل الدعاء، روى له صاحب المستدرك اهـ.

(1) انظر كشف الأستار (3/ 26، رقم 2157).

ص: 569

قال الحافظ في اللسان [4/ 328، رقم 930]: والذي يظهر لى أن الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول هو عمر بن محمد بن فليح المذكور بعد هذا فإنه السلمى، وروى عن مدنى مثله، وأما الراوى عن ثابت فهو بصرى لم ينسب، وقد ذكره العقيلى في الضعفاء [3/ 188، رقم 1182] قال: عمر بن محمد عن ثابت لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به، ثم ساق له من رواية معلى عنه عن ثابت عن أنس رفعه:"لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك على اللَّه إلا هالك"، وقد صححه الحاكم فتساهل في ذلك اهـ.

قلت: وهذا الرجل الذي خفى على هؤلاء الحفاظ كلهم معروف جدا وهو عمر ابن محمد بن صهبان الأسلمى أبو جعفر المدنى خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى روى له ابن ماجه وله ترجمة مطولة في التهذيب مختلف فيه وثقه بعضهم وضعفه الأكثرون، سمى جده في سند هذا الحديث أبو نعيم في تاريخ أصبهان فأتى بهذه الفائدة العظيمة فقال في ترجمة محمد بن إبراهيم بن إسحاق العقيلى [2/ 232]:

ثنا على بن أحمد بن أبي غسان البصرى ثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق العقيلى الأصبهانى ثنا أحمد بن محمد بن عبد الكريم الجرجانى ثنا محمد بن على بن زهير القرشى ثنا معلى بن أسد -أخو بهز- ثنا عمر بن محمد بن صهبان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد".

3692/ 9832 - "لا تُعَزِّرُوا فَوْقَ عَشَرَة أَسْوَاطٍ".

(هـ) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رواه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ثم قال:

ص: 570

رمز المصنف لحسنه، قال في الميزان عن العقيلى: هذا حديث منكر، وقال ابن الجوزى: موضوع.

قلت: خبط وتخليط وتدليس وتلبيس، فالذهبى لم يقل ذلك في ترجمة أحد رجال إسناد ابن ماجه المذكورين، إنما قال ذلك في ترجمة إبراهيم بن محمد الشامى فقال: حدث بأصبهان حدثنا الوليد ثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير بالسند السابق، قال: وهذا منكر ذكره العقيلى اهـ.

ومن هذا الطريق أخرجه الطبرانى في الأوسط: ثنا محمد بن إبراهيم العسال ثنا إبراهيم بن محمد الشامى به.

وكذلك رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمته إلا أنه قال: "عشرين سوطا"، وقال إبراهيم: إنه يضع، ومنه نقل ذلك ابن الجوزى فأورده في الموضوعات [3/ 96]، ونقل كلامه ولم يزد إلا أنه انقلب عليه الاسم، فقال:"محمد ابن إبراهيم" بدل "إبراهيم بن محمد" وتعقبه المصنف بأنه ورد من غير طريقه، ثم ذكره من عند ابن ماجه الذي منه نقل الشارح سنده، إلا فهو لم ير سنن ابن ماجه [23/ 867، رقم 2602] فيما يظهر من تصرفاته، ثم كتم كل ذلك ولبسه وأوهم أن الذهبى وابن الجوزى تكلما في نفس طريق ابن ماجه، وهو وإن كان ضعيفا لضعف عباد بن كثير إلا أن رواية إبراهيم الشامى للحديث أيضًا ومتابعته إياه تقويه ويرفع كل منهما التهمة عن الآخر فيه، ويؤيدهما شاهد الحديث الصحيح المخرج في الصحيحين من حديث أبي بردة بن نيار الأنصارى أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود اللَّه تعالى"(1).

وفي صحيح البخارى [88/ 126، رقم 6849] من حديث عبد الرحمن بن جابر بن عبد اللَّه عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا عقوبة فوق عشرة أسواط

(1) البخارى (8/ 216، رقم 6848)، مسلم (3/ 1332، رقم 1708/ 40).

ص: 571

إلا في حد من حدود اللَّه"، فأصل الحديث صحيح متفق عليه، ولفظ ابن ماجه صحيح أيضًا في المعنى إلا أنه لمراعاة ما قيل في سنده حكم المصنف بحسنه فقط.

3693/ 9833 - "لا تُغَالُوا في الْكَفَنِ، فإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا".

(د) عن على

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال المنذرى وغيره: فيه أبو مالك عمرو بن هاشم، قال البخارى: فيه نظر، ومسلم: ضعيف، وأبو حاتم: لين الحديث، والبستى: يقلب الأسانيد، وخالف ابن معين فوثقه اهـ. وقال ابن حجر -يعنى الحافظ-: فيه عمرو بن هاشم مختلف فيه، وفيه انقطاع بين الشعبى وعلى لأن الدارقطنى ذكر أنه لم يسمع من على غير حديث واحد اهـ.

قلت: الحديث حسن كما قال المصنف، وعمرو بن هاشم صدوق كما قال أحمد وابن سعد وابن عدى، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: لين يكتب حديثه، وقال النسائى: ليس بالقوى واحتج به في سننه، فهذا شرط الحسن بل والصحيح أيضًا، وأما سماع الشعبى من على فمحقق، أثبته جماعة من الحفاظ، وقالوا: إنه سمع منه أحاديث كثيرة، والدارقطنى إنما بنى قوله على فهم فهمه في حديث الرجم على أنهم نصوا على أن الشعبى لا يرسل إلا الصحاح الثابتة عنده.

3694/ 9834 - "لا تَغبِطَنَّ فَاجِرًا بِنِعْمَةٍ، إِنَّ لَهُ قَاتِلًا عِنْدَ اللَّهِ لَا يَمُوتُ".

(هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا البخارى في تاريخه والطبرانى في الأوسط،

ص: 572

الكل بسند ضعيف، قاله الحافظ العراقى، فإفراد المصنف البيهقى بالعزو له غير جيد.

قلت: بل هو جيد، ولا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها، وما قال أحد من خلق اللَّه أن الاقتصار في العزو إلى واحد غير جيد، [ثم] ها هو نقل عن الحافظ العراقى أنه عزاه للبخارى في التاريخ والطبرانى في الأوسط مع أن ابن المبارك رواه قبل كل هؤلاء، فقال:

أخبرنا جهم بن أوس قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي مريم ومر به عبد اللَّه بن رستم في موكبه فقال لابن أبي مريم: إنى لأشتهى مجالستك وحديثك، فلما مضى قال ابن أبي مريم: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تغبطن فاجرا بنعمة، إن له عند اللَّه قاتلا لا يموت"، فبلغ ذلك وهب بن منبه فأرسل إليه أبا داود الأعور: ما قاتل لا يموت؟ قال ابن أبي مريم: النار.

ومن طريق ابن المبارك رواه البخارى في التاريخ [2/ 232، رقم 2296] في ترجمة جهم بن أوس.

ورواه أيضًا البغوى في التفسير في سورة الحجر من طريق ابن المبارك أيضًا إلا أنه قال في المتن: "لا تغبطن فاجرا بنعمته فإنك لا تدرى ما هو لاقٍ بعد موته إن له عند اللَّه قاتلا لا يموت" وابن أبي مريم ضعيف.

لكن الحديث له طريق آخر أخرجه البخارى في التاريخ الكبير أيضًا [3/ 345، رقم 1169] في ترجمة زياد بضعة عن على بن المدينى:

حدثنا عبيد اللَّه بن عمر حدثنا يزيد بن زريع ثنا عمر بن محمد عن نافع عن زياد بضعة عن أبي هريرة به.

وقال -أيضًا: قال أيوب بن سليمان بن بلال:

ص: 573

ثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن عبيد اللَّه بن عمر عن عمر بن نافع عن بضعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وهو بهذين السندين حديث صحيح.

ورواه العقيلى [2/ 126، رقم 608] من وجه آخر من حديث عائشة، وذلك عن على بن عبد العزيز عن زكريا بن يحيى رحمويه عن سليمان بن داود القرشى عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تغبطن فاجرا بنعمة رحب الذراعين يسفك دماء المسلمين، فإن له عند اللَّه قاتلا لا يموت وجهنم يصلاها".

قال العقيلى: سليمان بن داود مجهول لا يتابع عليه، وقد روى المتن بإسناد أصلح من هذا اهـ.

فهل نسخف على الحافظ العراقى ونقول كما قال [الشارح] للمصنف: إعراضك عن كل هذا غير جيد؟

3695/ 9840 - "لا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُور ولَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُول".

(م. ت. هـ) عن ابن عمر

قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة وليس كذلك، فقد قال ابن محمود شارح أبي داود: رواه الجماعة كلهم إلا البخارى.

قلت: كذب أو تدليس في النقل عن هذا الشارح أو هو غلط منه أيضًا، فإن أبا داود والنسائى خرجاه من حديث أسامة بن عمير لا من حديث ابن عمر الذي لم يخرجه من الستة إلا من ذكر المصنف.

والحديث عده المصنف من المتواتر، وعزاه لمسلم [1/ 204، رقم 224] عن ابن عمر، وأبي داود [1/ 15، رقم 59]، والنسائى عن أسامة بن عمير،

ص: 574

وابن ماجه [1/ 110، رقم 271] عن أنس وأبي بكرة، والطبرانى عن الزبير بن العوام وابن مسعود [(10/ 160، رقم 10205)، (10/ 183، رقم 10276)] وعمران بن حصين [18/ 206، رقم 509] وأبي سعيد الخدرى، والبزار عن أبي هريرة (1) والخطيب في "المتفق والمفترق" عن الحسن بن على، والحارث بن أبي أسامة من مرسل الحسن، وأبي قلابة وابن أبي شيبة في المصنف موقوفًا على عمر وابن مسعود، وهو عزو فيه اختصار وبسطه يطول.

3696/ 9841 - "لا تُقْبَلُ صَلَاةُ الحَائِضِ إلا بِخِمَارٍ".

(حم. ت. هـ) عن عائشة

قال في الكبير: ورواه عنها أبو داود، وكأن المصنف أغفله سهوا.

قلت: ما أغفله سهوا ولكنك تتغفل اصطلاح المصنف، فأبو داود خرج الحديث [1/ 170، رقم 641] بلفظ: "لا يقبل اللَّه"، وقد ذكره المصنف في الأصل وفي "الذيل" أيضًا في حرف "لا" بعده "الياء"، وعزاه لأبي داود والحاكم [1/ 251، رقم 917].

3697/ 9843 - "لا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ، فَإِنَّ نَقِيقَهُنَّ تَسْبِيحٌ".

(ن) عن ابن عمرو

قال في الكبير: وفيه "المسيب بن واضح"، قال في الميزان عن أبي حاتم: صدوق يخطئ كثيرا. . . إلخ.

قلت: هذا الحديث لم يخرجه النسائى بل هو سبق قلم من المصنف إن لم يكن تحريفا من الشارح أيضًا، وهو الغالب فإن المصنف عزاه في مختصر "حياة الحيوان" لأبي الشيخ وابن عدى [6/ 388] ثم إن المسيب بن واضح المذكور لم يخرج له أحد من الستة.

(1) انظر كشف الأستار (1/ 133، رقم 252).

ص: 575

3698/ 9844 - "لا تُقَصُ الرُّؤيَا إِلا عَلَى عَالِمٍ أوْ نَاصِحٍ".

(ت) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى في الصغير، قال الهيثمى: وفيه إسماعيل ابن عمرو البجلى، وثقه ابن حبان وضعفه جمع.

قلت: هذا يوهم أن إسماعيل المذكور موجود أيضًا في سند الترمذى وليس كذلك، فإن الترمذى قال [4/ 537، رقم 2280]:

حدثنا أحمد بن أبي عبيد اللَّه السلمى البصرى ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به، ثم قال: حسن صحيح.

أما الطبرانى فقال [2/ 129، رقم 903]:

حدثنا محمد بن نصير الأصبهانى ثنا إسماعيل بن عمرو البجلى ثنا مبارك بن فضالة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به.

ومن هذا الوجه رواه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 241] في ترجمة محمد بن نصير عن الطبرانى وجماعة عنه.

3699/ 9845 - "لا تقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلا في رُبُع دِينَارٍ".

(م. ن. هـ) عن عائشة

قال في الكبير: هذا كالصريح في أنه من تفردات مسلم عن صاحبه ولعله ذهول، فقد عزاه الصدر المناوى للجماعة كلهم في باب قطع السرقة، قال: واللفظ للبخارى.

قلت: هذا كذبٌ على الصدر المناوى لا يمكن أن يذكره بهذا اللفظ ثم يقول: واللفظ للبخارى [8/ 199، رقم 6789] فإن لفظ البخارى من رواية إبراهيم ابن سعد عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا".

ص: 576

ورواه أيضًا [8/ 199، رقم 6790] من طريق يونس عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير وعمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع يد السارق في ربع دينار".

فلفظ البخارى في اصطلاح المصنف لا يدخل في حرف "لا" وإنما يدخل في حرف "التاء"، وقد ذكره المصنف في الأصل -أعنى الجامع الكبير- وفي الذيل في حرف "الثاء" وعزاه للبخارى وأبي داود [4/ 133، رقم 4383] والنسائى [8/ 77].

3700/ 9854 - "لا تَقَومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرْفَعُ الرُّكنُ والْقُرْآنُ".

السجزى عن ابن عمر

قلت: لم يتكلم الشارح على سنده ولا استدرك له مخرجًا آخر مع أن الحديث مخرج في أصل من الأصول التي كانت بين يديه وهو "مسند الفردوس" للديلمى، فإنه أخرج الحديث أيضًا من طريق أبي نعيم، قال:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا أبو يعلى ثنا كامل بن طلحة ثنا ابن لهيعة ثنا أبو زرعة عمرو بن جابر عن عبد اللَّه بن عمرو به، بلفظ:"لا تقوم الساعة حتى يرفع الذكر والقرآن"(1)، وعمرو بن جابر الحضرمى ضعفوه لتشيعه، وهذا اللفظ الذي هو "الذكر" موافق للحديث الصحيح:"لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول: اللَّه، اللَّه"، أما الركن، فقد ورد أن الكعبة ستهدم بكاملها.

3701/ 9855 - "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَى يَخْرُجَ سَبْعُونَ كَذَّابًا".

(طب) عن ابن عمرو

(1) انظر فردوس الأخبار (5/ 84، رقم 7531) ط. دار الكتب العلمية، ولم نجده في ط. الريان.

ص: 577

قال في الكبير: رمز لحسنه وليس كما قال، فإن الطبرانى رواه من طريقين عن ابن عمرو باللفظ المذكور، وزاد في أحدهما:"كلهم يزعم أنه نبي"، فأما طريق المختصر ففيها يحيى بن عبد الحميد الحمانى وهو ضعيف، وأما الأخرى فمن طريق ابن إسحاق قال: حدثنى شيخ من أشجع ولم يسمه وسماه أبو داود في رواية: "سعيد بن طارق"، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات.

قلت: لا أدرى ما يقول هذا الرجل، فحديث عبد اللَّه بن عمرو لم يخرجه أبو داود أصلا، والهيثمى [7/ 333] قال: رواه الطبرانى، وفيه يحيى بن عبد الحميد وهو ضعيف، ولم يزد على هذا ما نقله الشارح.

3702/ 9858 - "لا تُكْثِرْ هَمَّكَ، مَا قُدِّرَ يَكُنْ وما تُرْزَقْ يَأْتِكَ".

(هب) عن مالك بن عبادة، البيهقى في "القدر" عن ابن مسعود

قال في الكبير: وكذلك في الشعب وكأن المصنف ذهل عنه، قال العلائى: حديث غريب فيه يحيى بن أيوب احتجا به وفيه مقال لجمع اهـ. ورواه أبو نعيم والديلمى عن ابن مسعود أيضًا.

قلت: الديلمى لم يروه من حديث ابن مسعود بل من حديث عبد الرحمن بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لابن مسعود، فأخرجه [5/ 124] (1) من طريق أبي عبد الرحمن السلمى ثم من حديث ابن أبي مريم:

ثنا نافع بن يزيد حدثنى عياش بن عباس أن عبد الرحمن بن مالك المعافرى كذا قال: عبد الرحمن، وإنما هو عبد اللَّه بن مالك حدثه أن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم حدثه عن خالد بن رافع: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: "لا تكثر همك" الحديث.

وهكذا رواه ابن منده في "الصحابة" من طريق سعيد بن أبي مريم مثله، وزاد

(1) هذا الحديث خرجناه من ط. دار الكتب العلمية.

ص: 578

قال سعيد: وحدثنا يحيى بن أيوب وابن لهيعة عن عياش عن مالك بن عبد [اللَّه]، قال ابن منده وقال غيره: عن عياش عن جعفر عن مالك مثله.

ورواه ابن أبي عاصم في "الوحدان" من طريق سعيد بن أيوب عن عياش بن عباس عن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم عن مالك بن عبد اللَّه المعافرى: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد اللَّه بن مسعود" فذكره دون أن يذكر خالد بن رافع.

وهكذا رواه الحسن بن سفيان والبغوى من طريق أبي مطيع معاوية بن يحيى عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش بن عباس به إلا أن البغوى أسقط جعفرا من الإسناد، ثم قال: لم يروه غير أبي مطيع وهو متروك الحديث، وتعقبه الحافظ بأن الخرائطى رواه في "مكارم الأخلاق" من طريق أخرى عن عياش ابن عباس الغتبانى، وقال: عن مالك بن عبادة الغافقى، قال الحافظ: والاضطراب من عياش فإنه ضعيف اهـ، وبهذا يعلم ما في نقل الشارح عن الحافظ العلائى.

3703/ 9859 - "لا تُكْرِهُوا الْبَنَات فَإِنَّهُنَّ المؤْنِسَاتِ الغاليات".

(حم. طب) عن عقبة بن عامر

قال في الكبير: بقية الحديث كما في "مسند الفردوس" عن مخرجيه أحمد والطبرانى: "المجهزات" اهـ.

قلت: لا وجود لهذه الزيادة عند مخرجيه أحمد والطبرانى، والشارح يعرف ذلك ضرورة من مراجعة مجمع الزوائد [8/ 156]، ولكنه يذهب إلى مثل الديلمى الذي لا تحقيق عنده لكونه يجد فيه متنفسا عن ذات صدره.

قال أحمد [4/ 151]:

حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن ابن عشانة عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات"، وهكذا عزاه

ص: 579

للطبرانى الحافظ نور الدين في الزوائد.

وهكذا أيضًا أخرجه تمام الرازى في فوائده، قال:

أخبرنا أبو القاسم خالد بن محمد بن خالد بن يحيى الحضرمى ثنا جدى لأمى أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا عمر بن هشام ثنا ابن لهيعة به مثله.

3704/ 9860 - "لا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ والشَّرَاب، فإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمهُمْ ويَسْقِيهِمْ".

(ت. هـ. ك) عن عقبة بن عامر

قال في الكبير: وقال الترمذى: حسن غريب، قال في "المنار": ولم يبين علته المانعة من تصحيحه، وهي عندى موجبة لضعفه، لأن فيه بكر بن يونس قال أبو حاتم: منكر الحديث اهـ، قال الذهبى: ضعفوه، وقال البيهقى تفرد به "بكر"، بل وهو فيما قال البخارى: منكر الحديث اهـ، وفي الميزان عن أبي حاتم: هذا حديث باطل، وأورده ابن الجوزى من عدة طرق وأعلها كلها، وقال في الأذكار: فيه بكر بن يونس وهو ضعيف.

قلت: هذا تخليط وادخال حديث في حديث، فالذهبى لم ينقل في الميزان عن أبي حاتم أنه قال: حديث باطل، إنما نقله المزى في "التهذيب" في ترجمة بكر بن يونس، أما الذهبى فلم يذكره في ترجمته ولا في ترجمة أحد من رجال اسناده، بل أقر الحاكم على قوله في المستدرك [1/ 350، رقم 1296]: إنه على شرط مسلم، نعم ذكره في عدة تراجم من حديث ابن عمر، وكذلك فعل ابن الجوزى في العلل المتناهية، فأورده من طريق عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن ابن عمر، وقال عبد الوهاب: ليس بثقة، قال: وتابعه على بن قتيبة وهو متهم.

ص: 580

قلت: بل تابعه جماعة منهم محمد بن الوليد اليشكرى، وعبد الملك بن مهران وخداش بن الدحدام كلهم رووه عن مالك عن نافع عن ابن عمر وكلهم ضعفاء، فرواية محمد بن الوليد خرجها الدارقطنى في "غرائب مالك"، والمهروانى في "المهروانيات"، كلاهما من رواية محمد بن غالب تمتام عنه، ورواية على بن قتيبة خرجها ابن عدى [2/ 31] من رواية أحمد بن داود المكى عنه، ورواية عبد الملك بن مهران خرجها الدارقطنى في "غرائب مالك" من طريق محمد بن الخليل الخشنى عنه، ثم قال: لا يصح عن مالك، ولا عن نافع وكل من رواه عن مالك ضعيف، ورواية عبد الوهاب بن نافع خرجها العقيلى [3/ 74] والدارقطنى في "غرائب مالك" من طريق إبراهيم ابن محمد بن إسحاق الصيرفى عنه، وقال العقيلى: ليس له أصل من حديث مالك، وجاء من وجه آخر غير هذا فيه لين، ورواية خداش بن الدحدام خرجها الدارقطنى في الرواة عن مالك من طريق محمد بن غالب تمتام عنه، وقال الذهبى عن خداش: أتى عن مالك بخبر منكر ليس من حديثه، يريد هذا.

قلت: وورد الحديث أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[10/ 51، 221]، "والتاريخ"[2/ 147]، وأبو عبد الرحمن السلمى في "الطبقات" كلاهما من طريق أبي تراب النخشبى:

ثنا محمد بن نمير ثنا محمد بن ثابت عن شريك بن عبد اللَّه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.

قال أبو نعيم في "التاريخ": كذا قال: محمد بن ثابت، والصواب ثابت ابن محمد.

ص: 581

3705/ 9862 - "لا تَكُون زَاهِدًا حَتَّى تَكُونَ مُتَواضِعًا".

(طب) عن ابن مسعود

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يعقوب بن يوسف، وهو كذاب اهـ.

وفي الميزان: يعقوب بن عبد اللَّه عن فرقد، لا يدرى من هو ثم ساق له هذا الخبر.

قلت: هذا متعارض بحسب الظاهر، فإن يعقوب بن يوسف غير يعقوب بن عبد اللَّه، والواقع أن الهيثمى قال [10/ 285]: فيه يعقوب أبو يوسف، بأداة الكنية، وهو يعقوب بن عبد اللَّه الذي ذكره الذهبى، فإنه قال: روى عن فرقد، وحدث عنه خليفة بن خياط، وهذا هو الموجود في سند الحديث.

قال الطبرانى [10/ 110، رقم 10048]:

حدثنا عبدان بن أحمد ثنا خليفة بن خياط ثنا يعقوب أبو يوسف عن فرقد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

ورواه أبو نعيم في "الحلية"[2/ 102] من هذا الوجه، ثم قال: لا أعلم أحدا رفعه من حديث علقمة إلا فرقدا، وهو السنجى البصرى.

قلت: والحديث باطل [موضوعا] ولابد.

3706/ 9865 - "لا تُمَارِى أَخَاكَ، وَلا تُمَازِحْهُ، وَلا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفْهُ".

(ت) عن ابن عباس

قلت: لم يزد الشارح في العزو على ما ذكره المصنف، ومن سخافته على المصنف قوله: ظاهر اقتصاره على العزو لفلان يؤذن أنه لم يره مخرجًا لغيره، وهو ذهول، وكذلك نقول للشارح لاسيما وهو قد رتب مسند "الشهاب" للقضاعى، وهذا الحديث خرجه أيضًا البخارى في "الأدب المفرد"

ص: 582

[ص 142، رقم 396]، وابن الاعرابى في "المعجم" وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 344] والقضاعى في "مسند الشهاب"[2/ 85، رقم 936]، كلهم من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن ليث عن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس به.

3707/ 9867 - "لا تَمَس النَّارُ مُسْلِمًا رآنِي، أَوْ رَأى مَنْ رآنِي".

(ت) والضياء عن جابر

قلت: هذا كالذى قبله، وقد خرجه البخارى في "التاريخ الكبير"، والديلمى في "مسند الفردوس"[5/ 116، رقم 7659](1)، وهو من مصادر الشارح وغيرهما.

3708/ 9868 - "لا تَمْسَحْ يَدك بِثَوْب مَنْ لا تَكسُو".

(حم. طب) عن أبي بكرة

قال الشارح: وفيه راو لم يسم.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه راو لم يسم، وقال ابن الجوزى: حديث لا يثبت، والواقدى أي أحد رجاله كذبه أحمد: ومبارك بن فضالة مضعف.

قلت: هذا خلط بين سندين، فالحديث الذي قال فيه الهيثمى [5/ 30]: فيه راو لم يسم ليس هذا لفظه، بل لفظه:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يمسح رجل بثوب من لا يكسوا".

وهذا الحديث بهذا السياق أخرجه أبو داود الطيالسى [ص 117، رقم 871] وأحمد [5/ 44، 48] وأبو داود في "السنن"[4/ 258، رقم 4827] والبزار كلهم من حديث شعبة عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه مولى آل أبي بردة يحدث عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي بكرة به، ووقع

(1) هذا الحديث خرجناه من ط. دار الكتب العلمية.

ص: 583

عند البزار عن أبي عبد اللَّه مولى قريش، ثم قال: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه إلا أبو بكرة، ولا نعلم له طريقا إلا هذا الطريق، ولا نعلم أحد سمى هذا الرجل يعنى أبا عبد اللَّه مولى قريش، وإنما ذكرنا ما فيه لأنه لا يروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه اهـ.

قلت: فحديث متعقب في قوله: إنه لا (1) يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الطريق بما رواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"[2/ 44]، والقضاعى في "مسند الشهاب"[2/ 82، رقم 928]، والخطيب في "التاريخ"[(3/ 197)، (12/ 343)] كلهم من حديث محمد بن عمر الواقدى:

ثنا أبي عن الفضل بن الربيع عن أبي جعفر المنصور عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة باللفظ المذكور هنا في المتن، وهذا هو الطريق الذي تكلم عليه ابن الجوزى، ولذلك أرى أن المصنف سلك غير الجادة في عزو هذا الحديث على حسب اصطلاحه، لأن من عزاه إليهما لم يروياه فيما أظن إلا بلفظ:"نهى" واللَّه أعلم.

3709/ 9869 - "لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ".

(حم. م) عن ابن عمر

قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول، فقد جزم الحافظ ابن رجب بكونه في الصحيحين، وعبارته: اتفق الشيخان.

قلت: ابن رجب يتكلم على الحديث من أصله، والمصنف مقيد في كتابه بذكر الألفاظ وترتيبها على الحروف.

(1) في الأصل "لم" وما أثبتناه هو الموافق للسياق لأنه لم يجزم الفعل بعده، واللَّه أعلم.

ص: 584

والبخارى روى هذا الحديث [1/ 220، رقم 5238] بلفظ: "إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها".

وقد عزاه المصنف سابقا في حرف "الألف" إليه وإلى مسلم والنسائى وأحمد ثم وجدته عند البخارى [2/ 7، رقم 900] في "كتاب الجمعة" في باب "هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان".

3710/ 9870 - "لا تُنْزعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِنْ شَقِيٍّ".

(حم. د. ت. حب. ك) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال ابن الجوزى في شرح الشهاب: وإسناده صالح.

قلت: ما سمع بأن لابن الجوزى شرحا على الشهاب، بل ذلك باطل ثم هو يوهم أن الحديث في "مسند الشهاب" وليس كذلك، والحديث خرجه أيضًا سوى من ذكر الشارح أبو بشر الدولابى في "الكنى"[3/ 1] في أوائله وابن المغيرة في "فوائده".

3711/ 9874 - "لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا شِغَارَ في الإِسْلَام".

(ن) والضياء عن أنس

قال في الكبير: قال ابن القطان: فيه ابن إسحاق مختلف فيه، وأخرجه أيضًا أبو داود في "الجهاد"، والترمذى في "النكاح"، وابن ماجه في "الفتن"، وقال الترمذى: حسن صحيح.

قلت: هذا تخليط لأسانيد متعدده، بل لأحاديث مختلفة كما يتضح ذلك من وجوه، الأول: أنه لا وجود لابن إسحاق في حديث أنس الذي ذكره المصنف، لا عند من عزاه إليهما، ولا عند غيرهما.

قال النسائى [6/ 111]: أخبرنا على بن محمد بن على ثنا محمد بن كثير عن الفزارى عن حميد عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا جلب، ولا

ص: 585

جنب، ولا شغار في الإسلام".

قال النسائى: هذا خطأ فاحش، والصواب حديث بشر يعنى عن حميد عن الحسن عن عمران كما سيأتى.

وقال أحمد [3/ 197]: حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس قال: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن، ألا ينحن، فقلن يا رسول اللَّه إن نساء أسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا إسعاد في الإسلام، ولا شغار ولا عقر في الإسلام، ولا جلب في الإسلام، ولا جنب، ومن انتهب فليس منا".

ورواه أيضًا البزار وابن حبان [7/ 415، رقم 3146]، قال الحافظ: وهو من أفراد عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عنه، قاله البخارى والبزار وغيرهما، وقد قيل: إن حديث معمر عن غير الزهرى فيه لين، وقد أعله البخارى والترمذى والنسائى فقال: هذا خطأ فاحش، وأبو حاتم فقال: هذا منكر جدا، وقد أخرجه النسائى من وجه آخر عن حميد عن أنس، وقال: الصواب عن حميد عن الحسن عن عمران.

قلت: وهذا يوهم أن النسائى خرجه من الوجهين، والواقع أنه لم يخرجه إلا من الطريق الثانى عن حميد عن أنس كما قدمته.

ثم إن الحديث له طريق آخر عن أنس، أخرجه أحمد [3/ 162] عن عبد الرزاق عن سفيان عمن سمع أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا شغار في الإسلام، ولا حلف في الإسلام، ولا جلب، ولا جنب".

رواه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 118] من طريق الفريابى عن سفيان، فسمى شيخه فيه، فقال: عن أبان عن أنس، وقال في المتن:"لا عقد في الإسلام، ولا إسعاد، ولا شغار، ولا جلب، ولا جنب".

ص: 586

الثانى: أن الحديث الذي قال ابن القطان: في سنده ابن إسحاق، هو حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد [2/ 180] أبو داود [2/ 107، رقم 1591] والطوسى في "أماليه" من حديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا جلب، ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم" لفظ أبي داود، ولفظ الآخرين عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لما دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة -عام الفتح- قام في الناس خطيبا فقال:

يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام، والمسلمون يد على من سواهم تكافأ دماؤهم، ويجيز عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب، ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم".

ورواه أحمد [2/ 216] من وجه آخر، ليس فيه ابن إسحاق، فقال:

حدثنا إبراهيم بن أبي العباس وحسين بن محمد قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو بن شعيب به مثله مطولا، وفيه: ألا ولا شغار في الإسلام، ولا جنب، ولا جلب، وتؤخذ صدقاتهم في ديارهم".

الثالث: أن قوله: وأخرجه أيضًا أبو داود في "الجهاد" والترمذى في "النكاح". . إلخ، يوهم أنهم خرجوا حديث أنس المذكور في المتن وليس كذلك، بل هؤلاء خرجوا حديث عمران بن حصين، وكذلك خرجه أبو داود الطيالسى [ص 113، رقم 838]، وأحمد [4/ 443] وابن حبان [8/ 62، رقم 3267] كلهم من رواية الحسن عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا"،

ص: 587

وقال الترمذى [3/ 422، رقم 1123]: حسن صحيح، زاد أبو داود في رواية:"لا جلب، ولا جنب في الرهان" قال الحافظ: وصحته متوقفة على سماع الحسن من عمران، وقد اختلف في ذلك.

الرابع: أنه عزاه لابن ماجه وهو لم يخرج لفظه إنما روى قطعة منه وهي: "من انتهب نهبة فليس منا"، وقد ورد الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة منهم ابن عمر ووائل بن حجر وعمرو بن عوف.

فحديث ابن عمر رواه أحمد [2/ 91]:

حدثنا قراد أبو نوح أنا عبد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به مثل لفظ المتن.

وحديث وائل بن حجر رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده":

ثنا يعقوب بن محمد ثنا محمد بن حجر عن سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عن وائل بن حجر: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب كتابا فيه: لا جلب ولا جنب، ولا وراط، ولا شغار في الإسلام، وكل مسكر حرام، ومن أجبا فقد أربى".

وحديث عمرو بن عوف أخرجه أبو نعيم في "التاريخ"[1/ 128] من طريق محمد بن سليمان لوين:

ثنا مروان بن معاوية حدثنى كثير بن عبد ربه المزنى عن أبيه عن جده قال: حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ستة عشر أصلا من أصول الدين، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"العجماء جبار، والمعون جبار، والركية جبار، وفي الركاز الخمس، وقال: لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ولا غصب ولا نهب ولا اعتراض ولا إسلال ولا بيع حاضر لباد ولا غلول".

ص: 588

3712/ 9876 - "لا حَلِيمٌ إِلا ذُو عَثْرَةٍ، وَلا حَكِيمْ إلا ذُو تَجْرِبَةٍ".

(حم. ت. حب. ك) عن أبي سعيد

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، وليس كما قال في "المنار" إنه ضعيف؛ وذلك لأن فيه دراجا وهو ضعيف، وقال ابن الجوزى: تفرد به دراج، وقد قال أحمد: أحاديثه مناكير. . إلخ.

قلت: نسخة دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد يصححها كثير من الحفاظ ويحسنها أكثرهم، والشارح يسود الورق بما لا طائل تحته، والعجب أنه بعد ما كتب هذا قال في الصغير: إسناده صحيح، مما دل على أن مراده من هذا تسويد الورق وتكبير حجم الكتاب.

والحديث خرجه أيضًا البخارى في "الأدب المفرد"[ص 196، رقم 565]، وابن حبان في "روضة العقلاء"، وابن أبي الدنيا في الحلم [ص 17، رقم 1]، والحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 95] في السادس (1) وثمانين ومائة، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 324] والخطيب في "التاريخ"[5/ 301]، وأبو الحسن على بن مفرج الصقلى في الأول من فوائده كلهم من الوجه المذكور، وقال الترمذى [4/ 379، رقم 2033]: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

3713/ 9877 - "لا حِمَى إِلا لِلَّهِ وَلِرَسُوِلهِ".

(حم. خ. د) عن الصعب بن جثامة

قال في الكبير: وكذا رواه النسائى في: "الحمى والشرب" خلافًا لما يوهمه كلام المصنف.

(1) هو في الخامس وثمانين ومائة.

ص: 589

قلت: لم يخرجه النسائى أصلا، وأزيدك أنه ليس في السنن الصغرى الذي هو من الكتب الستة كتاب "الحمى والشرب".

وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه محمد بن يحيى الذهلى في جزئه، وأبو العباس أحمد بن يوسف بن صرما في "الأربعين له"، والطبرانى في الأوسط، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 211] من طريق سمويه صاحب الفوائد كلهم من رواية على بن عياش:

ثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا حمى إلا للَّه ولرسوله"، رجاله رجال الصحيح.

3714/ 9878 - "لا حِمَى في الإسْلَامِ، ولا مُنَاجَشَة".

(طب) عن عصمة بن مالك

قال الشارح: وضعفه الهيثمى فرمز المؤلف لحسنه ممنوع.

قلت: ولو قيل رمز المؤلف لحسنه فقول الهيثمى ضعيف ممنوع، ماذا يكون جوابه في ترجيح ما اختاره بدون دليل؟

3715/ 9879 - "لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ دَوَاءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وتَسْعِينَ دَاءٌ أَيْسَرُهَا الهَمُّ".

ابن أبي الدنيا في الفرج عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه بشر بن رافع ضعيف، وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير مع أن الطبرانى خرجه في "الأوسط" وفيه بشر المذكور، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات.

قلت: ابن أبي الدنيا أقدم من الطبرانى وأكبر والعزو إليه أولى ولا لزوم للعزو إلى غيره إلا في عرف هذا الشارح ثم إن الحافظ الهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح، بل قال [10/ 98]:

ص: 590

فيه بشر بن رافع الحارثى وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أن النسخة من الطبرانى الأوسط سقط منها عجلان والد محمد الذي بينه وبين أبي هريرة اهـ.

فحذف الشارح هذا خوفا من أن يفهم منه أن هذا هو المانع للمصنف من العزو إلى الطبرانى.

والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في "الترغيب"[2/ 303، رقم 339] قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن إبراهيم بن مالك المارستانى ثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا عبد الرزاق ثنا بشر بن رافع عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به.

وفي الباب عن جابر وابن عباس، قال أبو نعيم في "التاريخ" [2/ 94]:

ثنا أبي ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بلهط بن عباد عن محمد بن المنكدر عن جابر "قال: شكونا إلى رسول اللَّه حر الرمضاء فلم يشكنا، وقال: استعينوا بلا حول ولا قوة إلا باللَّه، فإنها تذهب سبعين من الضر أدناها الهم".

وقال ابن شاهين في "الترغيب"[2/ 303، رقم 340]:

حدثنا عبد اللَّه بن سلميان ثنا أحمد بن بديل ثنا المحاربى ثنا عمرو بن شمر عن جابر عن تميم بن حذلم عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قال كل يوم مائة مرة: لا حول ولا قوة إلا باللَّه العلى العظيم صرف اللَّه عنه سبعين بابا من البلاء أهونها الهم والغم".

ص: 591

3716/ 9884 - "لا رِضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ".

(هـ) عن ابن الزبير

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للترمذى لكنه بين أنه من رواية فاطمة بنت النذر بن الزبير بن العوام عن أم سلمة اهـ، وقال جمع: إن فاطمة لم تلق أم سلمة ولم تسمع منها ولا من عائشة، وإن تربت في حجرها. قلت: هكذا الخبط والتخليط وإلا فلا، فالمصنف أورد الحديث من عند ابن ماجة، وهو انتقل يتكلم على حديث الترمذى، وحديث المتن من رواية عبد اللَّه بن الزبير، وهو صار يتكلم على حديث أم سلمة بكلام غير مفهوم، ثم من عرفه بأن المصنف تابع للترمذى في تحسين الحديث الذي قد يكون المصنف ما رآه ولا استحضره ساعة الكتابة، وكيف وهو حديث آخر بلفظ آخر لا يدخل في هذا الحرف؟.

فابن ماجه قال [1/ 626، رقم 1946]:

حدثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد اللَّه بن وهب أخبرنى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عبد اللَّه بن الزبير أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء"، فأين فاطمة بنت المنذر؟ وأين أم سلمة؟ ثم إن المصنف حسن الحديث لأجل ابن لهيعة، والترمذى قال عن حديث أم سلمة: حسن صحيح لا حسن فقط، فكيف نسى المصنف ولم يقل حسن صحيح كما قال؟ ولفظ الترمذى [3/ 449، رقم 2152]:

حدثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضع إلا ما فتق الأمعاء في الثدى، وكان قبل الفطام" هذا حديث حسن صحيح، ومن هنا تعلم أنه لا أصل لما نقله

ص: 592

عن جمع من أن فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة ولا رأيت في كتب الرجال من قال ذلك (1).

3717/ 9885 - "لا رُقْيَةَ إِلا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ".

(م. هـ) عن بريدة، (حم. د. ت) عن عمران

قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد ثقات، فقول ابن العربى: حديث معلول غير مقبول.

قلت: الهيثمى لم يذكر حديث عمران بن حصين ولا هو من شرطه؛ لأنه ليس من الزوائد، وإنما ذكر [5/ 111] حديثه جابر بن عبد اللَّه مثله، ثم إنه لم يعزه إلى أحمد، بل قال: رواه البزار ورجاله ثقات، وابن العربى لا يقول في حديث مخرج في أحد الصحيحين إنه معلول، فما أدرى من أين يأتى الشارح بهذه الأغلاط؟.

3718/ 9886 - "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ".

(هـ) عن عائشة

قال في الكبير: أشار المصنف إلى حسنة وذلك منه غير حسن، فإن الحديث مروى من طريقين أحدهما لابن ماجه عن عائشة وهي الطريق التي سلكها، وقد قال الحافظ العراقى: سندها ضعيف لضعف حارثة بن أبي الرجال، والأخرى من رواية أبي داود عن على، وسندها كما قال العراقى جيد، فانعكس على المصنف فحذف الطريق الحسنة وآثر الطريق الضعيفة وحسنها، قال ابن حجر: وخرجه الدارقطنى باللفظ المزبور عن أنس. . إلخ.

قلت: فيه أمور الأول: قوله: فإن الحديث مروى من طريقين باطل،

(1) لفاطمة بنت المنذر رواية عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ما قال المزى في التهذيب (35/ 265).

ص: 593

فإن الحديث مروى من طرق متعددة من حديث عائشة وعلى وأنس وابن عمر وأم سعد الأنصارية وغيرهم.

الثانى: قوله: والأخرى من رواية أبي داود وسندها جيد وهو رد على نفسه بنفسه، واعتراف منه بأن الحديث في حد ذاته حسن.

الثالث: بينما هو ينتقد حكم المصنف بحسنه إذ هو نفسه يورد الطريق الأخرى التي تؤيد المصنف؛ لأنه لا يخلو أن يكون مراده (1) من الحديث الذي يقصده المصنف أو يكون مراده رواية الحديث بخصوص هذا الوجه الذي هو حديث عائشة، فإن كان مراده هذا فهو لم يروه أبو داود، وليس له إلا طريق واحدة، وإن كان مراده المتن من حيث هو كما يدل عليه قوله: من طريق أخرى من حديث على، فهو قد اعترف بأن المتن حسن، فماذا نقول (2) إلا أنه لا يفهم ما يقول وينطق نطق المبرسمين.

الرابع: فحذف الطريق الحسنة فانعكس على المصنف الحال، بل الذي هو معكوس من أصله منعكس عليه عقله من أوله إلى آخره هو الشارح، فأبو داود روى الحديث [2/ 103، رقم 1573] بلفظ: "ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول"، وهذا لفظ موضعه حرف "اللام" في باب "ليس"، لا حرف "لام ألف" وهو أمر واضح عند الشارح، ولكنه يتغافل عنه ويتباله، ويرضى لنفسه بذلك طمعا في أن يوصل إلى المؤلف ما لعله يكون فيه غض من قدره ولو عاد عليه هو بما هو أفحش من ذلك.

3719/ 9887 - "لا سَبْقَ إلا في خُفٍّ أو حَافِرٍ أو نَصْلٍ".

(حم. 4) عن أبي هريرة

قلت: كتب الشارح في الصغير عن عائشة فأتى بوهم فاحش، والحديث

(1) في الأصل: "مراد".

(2)

في الأصل: "يقول".

ص: 594

خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبر [4/ 277، رقم 2798]، [5/ 84، رقم 229]، وفي الكنى المفردة، والطحاوى في مشكل الآثار [5/ 146، رقم 1883]، والدارقطنى في الأفراد.

3720/ 9888 - "لا سَمَرَ إِلا لِمُصَلٍ أوْ مُسَافِرٍ".

(حم) عن ابن مسعود

قال في الكبير: رواه من حديث خيثمة عن رجل عن ابن مسعود وقال: مرة عن خيثمة عن ابن مسعود بإسقاط رجل، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات.

قلت: رواه أيضًا أبو نعيم في "الحلية"[4/ 198] من طريق أبي داود الطيالسى:

ثنا شعبة أخبرنى منصور قال: سمعت خيثمة بن عبد الرحمن يحدث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

ثم قال: كذا رواه شعبة وخالفه الثورى عن منصور، فقال: عن خيثمة عمن سمع ابن مسعود يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.

قلت: قد وافق شعبة هريم بن سفيان، فقال: عن منصور عن خيثمة عن عبد اللَّه بدون واسطة، رواه محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه: ثنا روح ابن الفرج ثنا أبو غسان ثنا هريم به.

3721/ 8990 - "لا شُفْعَةَ إِلا فِي دَارٍ أَوْ عَقَارٍ".

(هق) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ثم قال البيهقى: إسناده ضعيف وأقره الذهبى، ورواه البزار عن جابر قال ابن حجر: بسند جيد اهـ، وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث اقتصر على الطريق الضعيفة وأهمل الجيدة.

قلت: هذا كذب وإلا كان الأحق باللوم وعدم الإصابة البيهقى الذي خرج

ص: 595

حديث أبي هريرة الضعيف بإقراره وترك حدث جابر، وهكذا يكون جميع الحفاظ غير مصيبين في إخراجهم أحاديث وتركهم أخرى أقوى منها، ولا يكون في الدنيا سالم من هذا العيب الذي اختلقه هذا [الشارح]، والأعجب من ذلك أن الحافظ الهيثمى الذي ألف كتاب "مجمع الزوائد على الكتب الستة" من كتب معلومة منها مسند البزار، ومع ذلك فقد سها ولم يذكر هذا الحديث فهو أيضًا غير مصيب، وسقط حكم اللَّه تعالى بأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وحديث جابر شاهد لحديث أبي هريرة ومن الغريب أيضًا أن الحافظ لم ينص على ضعف حديث أبي هريرة، فيكون معيبا في حكم هذا الأفاك، لأنه دائمًا يعيب المصنف بكونه لم ينقل كلام المخرجين.

فعبارة الحافظ: حديث: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط"، أخرجه البزار من حديث جابر بسند جيد، والبيهقى [6/ 109] من حديث أبي حنيفة عن عطاء عن أبي هرير مرفوعًا:"لا شفعة إلا في دار أو عقار"(1) اهـ.

وكذلك لم يذكر الحافظ بقية حديث جابر، كما يفعله كل الناس والشارح يعيب المصنف بذلك أيضًا، فإن البزار قال في مسنده:

حدثنا عمرو بن على ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط، ولا ينبغى له أن يبيع حتى يستأمر صاحبه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك"، ثم قال البزار: لا نعلم أحدا يرويه بهذا إلا جابر.

3722/ 9892 - "لا صَرُورَةَ في الإِسْلَامِ".

(حم. د. ك) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، واغتر به المصنف فرمز لصحته وهو غير مسلم، فإن فيه كما قال جمع منهم الصدر المناوى: عمر

(1) انظر التلخيص الحبير 4/ 55، 1274.

ص: 596

ابن عطاء وهو ضعيف واه، وقال ابن المدينى: كذاب.

قلت: بل الصدر المناوى هو الواهم وأنت هو المغتر، فإن في الرواة عمر بن عطاء ابن وراز ضعيف، وعمر بن عطاء بن أبي الخوار ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم، وهذا هو الموجود في سند الحديث كما صرح به في رواية أبي داود، قال الذهبى في "الميزان"[3/ 213، رقم 6169]: عمر بن عطاء بن وراز عن عكرمة وعنه ابن جريج، ضعفه يحيى بن معين والنسائى، وقال يحيى أيضًا: ليس بشيء، وقال أحمد: ليس بقوى، قال الذهبى: فأما عمر بن عطاء بن أبي الخوار عن ابن عباس فئقة أخذ عنه ابن جريج أيضًا، ووثقه ابن معين وأبو زرعة اهـ.

قلت: وممن صرح بأنه ابن أبي الخوار أبو جعفر الطحاوى في مشكل الآثار [3/ 314، رقم 1282] فقال:

حدثنا صالح بن عبد الرحمن عن عمرو بن الحارث الأنصارى ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق ثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن عمر بن عطاء، قال أبو جعفر: وهو ابن أبي الخوار عن عكرمة عن ابن عباس به، قال الطحاوى: ولم نجد في هذا الباب حديثًا متصل الإسناد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سوى هذا الحديث اهـ.

ومن الغريب أن الشارح بعد ما اعتمد كلام الصدر المناوى ورجحه وهو زعم أدق ابن المدينى قال في عمر بن عطاء: كذاب وهذا النقل فيه نظر، رجع الشارح فقال في الصغير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى ولم يزد، فأين اعتمادك لنقد المناوى؟

3723/ 9696 - "لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهُو يدَافِعهُ الأَخْبَثَانِ".

(م. د) عن عائشة

ص: 597

قال الشارح: بل رواه مسلم.

وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما، وهو ذهول، فقد خرجاه معا عنها باللفظ المزبور.

قلت: هذا كذب على المؤلف وعلى البخارى، أما المؤلف فقد عزاه لمسلم [1/ 393، 560/ 67] مع أبي داود [1/ 22، رقم 89]، وإنما الشارح الذي أسقط رمز مسلم من قلمه ثم عاد يهول بالباطل، وأما الكذب على البخارى فإنه لم يخرجه بهذا اللفظ وإنما خرجه [7/ 107، رقم 5465] بلفظ "إذا وضع أو حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء"، والشارح كالمعترف بذلك حيث لم يعزه في الصغير إلا لمسلم وحده، والحاصل [أنه] قد قال الباطل وكتب الباطل.

3724/ 9897 - "لا صَلَاةَ لِمُتَلفتٍ".

(طب) عن عبد اللَّه بن سلام

قال في الكبير: عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام.

قلت: هذا من الخطأ الفاحش، بل هو من حديث عبد اللَّه بن سلام كما قال المصنف، وإما هو من رواية ابنه يوسف عنه، والحديث ذكر الاضطراب فيه البخارى في ترجمة الصلت بن طريف من التاريخ الكبير [4/ 303، رقم 2914]، وكذلك الحافظ في اللسان [3/ 196، رقم 873] فيه وفي الصلت بن مهران [3/ 198، رقم 880].

3725/ 9898 - "لا صَلاةَ لجارِ المَسْجِدِ إِلا في المَسْجِدِ".

(قط) عن جابر

قال في الكبير بعد كلام وأنقال مكررة مائعة: ومن شواهده حديث الشيخين: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر".

ص: 598

قلت: هذا غلط فاحش ما خرج الشيخان ولا أحدهما هذا الحديث، وإنما خرجه ابن ماجه [1/ 260، رقم 793] وابن حبان، والحاكم [1/ 245، رقم 893] من حديث ابن عباس وأصله عند أبي داود [1/ 148، رقم 551] بسياق آخر.

3726/ 9910 - "لا عَقْلَ كالتَّدبيرِ، ولا وَرَعَ كالكَفِّ، وَلا حَسَبَ كحُسْنِ الخُلقِ".

(هـ) عن أبي ذر

قال في الكبير: وكذا رواه ابن حبان، والبيهقى في "الشعب"، وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسانى، قال أبو حاتم: غير ثقة، ونقل ابن الجوزى عن أبي زرعة أنه كذاب، وأورده في "الميزان" في ترجمة صخر بن محمد المنقرى من حديثه، وقال: قال أبي: قال ابن طاهر: كذاب، وقال ابن عدى: حدث عن الثقات بالبواطيل فمنها هذا الخبر.

قلت: هذا خبط وتخليط للأسانيد والأحاديث، فحديث أبي ذر ليس فيه صخر ابن محمد، وقد أخرجه جماعة من حديث أبي ذر في حديثه الطويل، وقد سبقت جمل منه، وقد صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه وحسنه جماعة، أما صخر بن محمد فروى الحديث عن مالك عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك.

أخرجه أيضًا أبو نعيم [6/ 343]، وقال: غريب من حديث مالك تفرد به الحاجبى، وهو صخر بن محمد المنقرى الحاجبى الذي أورده الذهبى تبعا لابن عدى في ترجمته [4/ 92] فأين هذا من حديث أبي ذر الطويل؟

3727/ 9919 - "لا قَوَدَ في المَأْمُومَةِ، وَلا الجَائِفة وَلا المُنَقِّلة".

(هـ) عن العباس

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو زلل ففيه أبو كريب الأزدى مجهول،

ص: 599

ورشدين بن سعد وقد مر ضعفه غير مرة.

قلت: ما أشد جهل هذا الرجل بالحديث ورجاله، فأبو كريب المذكور في سند هذا الحديث هو شيخ ابن ماجه، وهو أبو كريب محمد بن العلاء الثقة المشهور، أحد شيوخ الأئمة الستة كلهم، ما أظن أحدا من أهل العلم سمع من الحديث شيئًا ولو شمائل الترمذى إلا وهو يعرف هذا الرجل وأنه من كبار الثقات، ثم إن الذي قصده الشارح اسمه أبو كريب بفتح الكاف وكسر الراء بخلاف الذي في سند الحديث فإنه بضم الكاف وفتح الراء مصغرًا، ثم أيضًا المذكور في السند من شيوخ الستة وهو شيخ ابن ماجه في الحديث [2/ 991، رقم 2637] وأبو كريب المجهول قديم يروى عن ابن عمرو، فما هذه الطامات؟ نعوذ باللَّه من الخذلان.

أما رشدين بن سعد فمختلف فيه، وحديثه حسن على رأى من وثقه لا سيما مع الشواهد.

3728/ 9920 - "لا كَبِيَرةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ، وَلا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ".

(فر) عن ابن عباس

قال في الكبير: ورواه ابن شاهين باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وكذا الطبرانى في مسند الشاميين.

قلت: ابن شاهين لم يروه باللفظ المزبور، بل قال [2/ 209، رقم 186]:

حدثنا على بن الفضل البلخى ثنا إسماعيل بن محمود بن زاهر الجوهرى ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ثنا بشر بن إبراهيم عن خليفة بن سليمان عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار".

ص: 600

أما الطبرانى فنعم رواه باللفظ المزبور، فقال في "مسند الشاميين":

ثنا زكريا بن يحيى الساجى ثنا سهل بن بحر ثنا بشر بن عبيد الدارسى ثنا أبو عبد الرحمن العنبرى عن مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

وفي الباب عن أنس وعائشة، فحديث أنس رواه الديلمى [5/ 287، رقم 7914] من طريق ابن ناجية: ثنا البغوى ثنا خلف بن هشام ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن أنس مرفوعًا مثل الترجمة.

وحديث عائشة رواه إسحاق بن بشر صحاب كتاب "المبتدأ":

حدثنا سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا مثل الترجمة أيضًا، وإسحاق متروك.

3729/ 9924 - "لا نِكَاحَ إلا بِوَلِيٍّ"

(حم. 4. ك) عن أبي موسى (هـ) عن ابن عباس

قال في الكبير: وأطال الحاكم في تخريج طرقه، ثم قال: وفي الباب عن على ثم عد ثلاثين صحابيا.

قلت: بل ستة عشر فقط، ولفظه [2/ 169، 170، 171] وفي الباب عن على بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عباس ومعاذ بن جبل، وعبد اللَّه بن عمر وأبي ذر الغفارى والمقداد بن الأسود وعبد اللَّه بن سعود وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد اللَّه بن عمرو والمسور بن مخرمة وأنس ابن مالك رضي الله عنهم وأكثرها صحيحة، وقد صحت الروايات فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش رضي الله عنهم أجمعين- اهـ.

ثم رأيت الحافظ هو سلف الشارح وذاك غريب.

ص: 601

3730/ 9926 - "لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَى عَدْلٍ".

(هق) عن عمران وعن عائشة

قال في الكبير بعد كلام: وقال ابن حجر: رواه أحمد والدارقطنى والبيهقى من حديث الحسن عن عمران وفيه عبد اللَّه بن محرَّر متروك اهـ، وفي شرح المنهاج للأذرعى أن ابن حبان خرجه في صحيحه، وقال: لا يصح ذكر الشاهدين إلا فيه، قال الأذرعى: وهذا يرد قول ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر اهـ. وبه يعرف ما في كلام الحافظ ابن حجر.

قلت: بل به يعرف ما تأتى به من الخبط والتخليط فالحافظ ابن حجر يتكلم على حديث عمران وأنت تنقل الكلام على حديث عائشة بعد أن تحذف اسمها وتوهم أنه في حديث عمران، فابن حبان [9/ 386، رقم 4075] روى حديث عائشة من رواية سعيد بن يحيى بن سعيد الأموى:

ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولى من لا ولى له"، ثم قال ابن حبان: لم يقل فيه: "وشاهدى عدل" إلا ثلاثة أنفس سعيد بن يحيى الأموى عن حفص بن غياث، وعبد اللَّه بن عبد الوهاب الحجبى عن خالد بن الحارث، وعبد الرحمن بن يونس الرقى عن عيسى بن يونس، ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر اهـ.

فكيف يعرف من هذا ما في كلام الحافظ الذي يقول: إنه من حديث الحسن عن عمران، وفيه عبد اللَّه بن محرر. . . إلخ، فهل في الدنيا أعجب من هذه الجرأة؟!

ص: 602

3731/ 9927 - "لا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ".

(خ) عن مجاشع بن مسعود

قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه وهو ممنوع، فقد رواه الجماعة كلهم إلا ابن ماجه، ولفظ مسلم:"لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا".

قلت: هذا عند مسلم [3/ 1488، 1864/ 86] لفظ حديث عائشة، أما حديث مجاشع بن مسعود فلفظه عند مسلم قال:"جئت بأخى أبي معبد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الفتح فقلت: يا رسول اللَّه بابعه على الهجرة، قال: قد مضت الهجرة لأهلها، قلت فبأى شيء تبايعه، قال: على الإسلام والجهاد والخير"، ثم إنه أيضًا لم يخرجه إلا البخارى [4/ 92، رقم 3079] ومسلم، ولم يخرجه أحد من الأربعة كما زعم، بل خرج الثلاثة حديث ابن عباس (1)، فإن هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وأبو سعيد الخدرى وعائشة وصفوان بن أمية ومجاشع بن مسعود ورافع بن خديج وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن صفوان وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص ويعلى بن أمية وجابر ابن عبد اللَّه وابن عنه موقوفًا وآخرون، وقد ذكرت أسانيد الجميع في "وشى الإهاب".

3732/ 9929 - "لا هَمَّ إِلا هَمُّ الدِّين، وَلا وَجَعَ إِلا وَجَعُ العَيْنِ".

(عد. هب) عن جابر

قال في الكبير: وكذا الطبرانى وأبو نعيم في "الطب"، ثم قال: وقضية كلام المصنف أن مخرجيه خرجوه ساكتين عليه والأمر بخلافه، بل عقباه

(1) أبو داود (رقم 2480/ 3)، الترمذى (4/ 148، 1590)، والنسائى (7/ 146).

ص: 603

ببيان علته. . . إلخ.

قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف ظاهرٌ، فإنه عقبه أيضًا بالرمز له بعلامة الضعيف كما رمز لمخرجيه، ولو كان ينقل كلام المخرجين لذكر أسماءهم بدون رموز، ثم إن الشارح أطلق العزو إلى الطبرانى، فأفاد أنه خرجه في الكبير لأنه الذي يعزى إليه بإطلاق، والواقع أنه خرجه في المعجم الصغير [2/ 91، رقم 854]، ومن طريقه خرجه القضاعى في "مسند الشهاب"[2/ 45، رقم 854] كما خرجه أيضًا ابن حبان في "الضعفاء"[1/ 350].

وورد أيضًا من حديث أبي هريرة أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"[2/ 295] من طريق الحسين بن معاذ مستملى عمرو بن على ثنا ابن أخي الربيع بن مسلم عن الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن حديث ابن عمر أخرجه الشيرازى في "الألقاب"، والخطيب في "الرواة" عن مالك من روايته عن نافع عن ابن عمر به وهو باطل، وقد أخرجه ابن عساكر عن عمرو بن العاص من قوله، وقد يكون هو الأصل في هذا الكلام فركب له الضعفاء الأسانيد ورفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

3733/ 9930 - "لا وَبَاءَ مَعَ السَّيْفِ، وَلا لحاء مَعَ الجَرَادِ".

ابن صرصرى في أماليه عن البراء

قلت: حرف الشارح هذا الحديث في قوله: "لحاء" فكتبه بالنون والجيم، وشرحه في الكبير على ذلك وتبعه أصحاب المطابع في طبع المتن وهو باطل، لأن الجراد يأتى كثيرا والنجاء حاصل، وإنما الحديث ولا لحاء باللام والحاء المهملة، وهو قشر الشجر الذي يكون كالغلاف لها، وهو الذي يأكله الجراد فيموت الشجر لأجل ذهابه، كذلك ذكره الناس، وخرجه أبو بكر بن أبي

ص: 604

داود قال:

حدثنا يزيد بن المبارك ثنا عبد الرحمن بن قيس ثنا سلم بن سالم ثنا أبو المغيرة الجوزجانى محمد بن مالك عن البراء بن عازب به والسند ضعيف.

3734/ 9935 - "لا وُضُوَء لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِى صلى الله عليه وسلم".

(طب) عن سهل بن سعد

قال الشارح: رمز المصنف لحسنه.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن المصنف لم يرمز لحسنه، بل رمز لضعفه.

ثانيهما: عادة الشارح انتقاد المصنف بالباطل عند كل ما وجد السبيل إلى ذلك، فإذا جاء موضع الانتقاد الحق عمى عنه ليبقى مخطئا في كل تصرفاته سواء نطق أو سكت، فهذا الحديث ليس بعضه عند الطبرانى هكذا فإن الطبرانى قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبى ثنا عبيد اللَّه بن محمد بن المنكدر ثنا ابن أبي فديك عن أُبيِّ بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده سهل بن سعد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار".

وهو بهذا اللفظ عند ابن ماجه في سننه:

ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا ابن أبي فديك به، إلا أنه قال: عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه به.

قال ابن القيم: فأما أبي بن عباس فقد احتج به البخارى في صحيحه وضعفه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما، وأما أخوه عبد المهيمن فمتفق على تركه وإطراح حديثه، فإن كان عبد المهيمن سرقه من أخيه فلا يضر الحديث شيئًا ولا ينزل عن درجة الحسن، وإن كان ابن أبي فديك أو من دونه غلط من عبد

ص: 605

المهيمن إلى أخيه أبي وهو الأشبه واللَّه أعلم لأن الحديث معروف بعبد المهيمن فتلك علة قوية فيه اهـ.

والمقصود أن لفظ الحديث: "لا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لا "لا وضوء" كما أورده المصنف، والغريب أن الحافظ السخاوى وهم فيه أيضًا فذكره في "القول البديع في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الوضوء" باللفظ الذي ذكره المصنف وعزاه لابن ماجه وابن أبي عاصم في كتاب "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" مع أنه عند ابن ماجه باللفظ الذي قدمته من عند الطبرانى سواء.

3735/ 9940 - "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخيةِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

(حم. ق. ت. ن. هـ) عن أنس

قال في الكبير: وسبب هذا الحديث كما خرجه الطبرانى عن أبي الوليد القرشى قال: كنت عند بلال بن أبي بردة فجاء رجل من عبد القيس وقال: أصلح اللَّه الأمير إن أهل الطب لا يؤدون زكاتهم وقد علمت ذلك فأخبرت الأمير، فقال: من أنت؟ قال: من عبد القيس، قال: ما اسمك؟ قال: فلان، فكتب لصاحب شرطته يسأل عنه عبد القيس، فقال: وجدته يُغْمَز في حسبه فقال: اللَّه اكبر حدثنى أبي عن جدى أبي موسى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره.

قلت: هذا منتهى الغفلة، وأقصى ما يكون من البلادة، فسبب الحديث هو ما وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك الفعل هو سبب تحديثه صلى الله عليه وسلم بالحديث كما ورد أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم:"فقال: يا رسول اللَّه متى الساعة؟ فقال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء غير أنى أحب اللَّه ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت"، فكان سؤال هذا الرجل هو السبب في ورود هذا الحديث، أما قصة وقعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنحو مائة سنة كانت سبب تحديث الراوى به عن

ص: 606

أبيه عن جده، فجل الأحاديث حدث بها الناس لأسباب، ولو بعد الألف فتكون أيضًا هي سبب ورود الحديث إن هذا لعجب، وأعجب من ذلك كون تحديث بلال بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن جده، هو السبب في حديث أنس بن مالك المذكور في المتن، ثم اتضح ما هو أعجب من كل هذا وهو أن هذه القصة واردة في الحديث، وهو الحديث المذكور بعده وهو حديث:"لا يبغى على الناس إلا ولد بغى، أو من فيه عرق منه"، فنقله الشارح إلى حديث:"لا يؤمن أحدكم"، كما ترى.

3736/ 9941 - "لا يَبْغِى عَلَى النَّاسِ إِلا وَلَدُ بِغِيٍّ، وَإِلا مَنْ فِيهِ عِرْقٌ مِنْهُ".

(طب) عن أبي موسى

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو الوليد القرشى مجهول وبقية رجاله ثقات، وقال ابن الجوزى: فيه سهل الأعرابى، قال ابن حبان: منكر الرواية، لا يقبل ما انفرد به.

قلت: سهل بن عطية الأعرابى اضطرب فيه ابن حبان، فذكره في الثقات [8/ 289] أيضًا ثم هو لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، ومن غير طريق أبي الوليد القرشى كما سأذكره.

والحديث خرجه أيضًا البخارى في "التاريخ الكبير"[4/ 102، رقم 2107] في ترجمة سهل بن عطية، فروى عن محمد بن المثنى:

ثنا مرحوم سمع سهلا الأعربى عن أبي الوليد مولى قريش سمع بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثل المذكور هنا.

ورواه وكيع في "الغرر" من طريق منصور بن أبي مزاحم:

ثنا مرحوم بن عبد العزيز عن سهل بن عطية عن أبي الوليد مولى قريش

ص: 607

قال: كنت مع مولاى عند بلال بن أبي بردة، فذكره.

ورواه أيضًا من طريق عيسى بن مرحوم العطار:

ثنا أبي عن سهل الأعرابى عن أبي الفقماء قال: كنت عند بلال بن أبي بردة، فأتاه رجل فقال: إن عاملك بالطف فعل كذا وكذا، فقال بلال: أسألوا عن بيت هذا، فسألوا، فوجدوه مغمورًا عليه، فقال: صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حدثنى أبي عن جدى قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يبغى على الناس إلا رجل مغمور عليه في نسبه أو ولدته أمه لغير رشدة".

كذا قال عيسى بن مرحوم عن أبي الفقماء بدل أبي الوليد ثم رواه وكيع من وجه آخر فقال:

حدثنا عمر بن محمد بن الحكم ثنا أحمد بن حرب بن محمد الطائي ثنا كريب بن عمرو بن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

3737/ 9946 - "لا يَتَكَلَّفَنَّ أَحَدٌ لِضَيْفِه مَا لا يَقْدِرُ عَلَيْه".

(هب) عن سلمان

قال في الكبير: وفيه محمد بن الفرج الأزرق، متكلم فيه إلخ.

قلت: محمد بن الفرج الأزرق ثقة وله جزء مسموع وأحاديثه صحاح كما قال الخطيب [3/ 159، رقم 1198]: والكلام فيه تعنت مذموم كما قال الذهبى: وإن زعم أنه وجد له حديثا منكرا، لكن رده عليه الحافظ بأنه ورد من طرق متعددة عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو:"منا السفاح، ومنا المنصور". إلخ.

والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في "التاريخ"[1/ 56] قال:

حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن الفرج الأزرق ثنا يونس بن محمد ثنا حسين بن الرماس سمعت عبد الرحمن بن مسعد وسليمان بن رباح وزكريا ابن إسحاق يحدثون عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثله.

ص: 608

3738/ 9947 - "لا يُتْمَ بعدَ احْتِلَام، ولا صمات صمات يوم إلى الليل (1) ".

(د) عن على

قال في الكبير: رمز لحسنه وتعقبه المنذرى في حواشيه بأن فيه يحيى الجارى "بالجيم"، قال البخارى: يتكلمون فيه. . . إلخ.

قلت: هذا أيضًا من الطرف، فالمنذرى مات قبل ولادة المصنف بمائتى سنة، بالتثنية إلا سبع سنين، فكيف تعقب المصنف على رمزه بحسنه؟

والحديث رواه أيضًا الطحاوى في "مشكل الآثار"[2/ 131، رقم 658]، والطبرانى في "الصغير"[1/ 169، رقم 266] مطولا، ولفظه عن على "قال: حفظت لكم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ستا: لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك، ولا وفاء لنذر في معصية اللَّه، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل، ولا وصال في الصيام"، وطريقه عند هؤلاء الثلاثة واحدة، وهي معلولة، لكن له طرق أخر ثلاثة عن على منها ما رواه الطبرانى في "الأوسط" والخطيب [5/ 299] من طريقه ثم من رواية موسى بن عقبة عن أبان بن تغلب عن إبراهيم النخعى عن علقمة بن قيس عن على قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد حلم"، ومنها ما رواه عبد الرزاق [7/ 464، رقم 13897] والطبرانى في "الأوسط"، والثقفى في "الثقفيات" من رواية الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن على مثل الذي قبله بزيادة "ولا صمت يوم إلى ليل"، ومنها ما رواه الطوسى في أماليه من طريق منصور بن يونس عن منصور بن

(1) في الأصل: "ليل".

ص: 609

حازم عن جعفر الصادق عن آبائه متصلا إلى على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى ليل، ولا تغرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا لامرأه مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة"(1).

وفي الباب عن أنس وجابر وحنظلة بن حذيم، فحديث أنس رواه البزار (2) وابن عدى في الكامل [7/ 261] والقضاعى في "مسند الشهاب"[2/ 40، رقم 389] كلهم من رواية يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن محمد بن المنكدر عن أنس، إلا أن القضاعى وقع عنده أبيه، وهو وهم، قال البزار: لا نعلمه يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، ويزيد بن عبد الملك لين الحديث، وقد روى جماعة من أهل العلم حديثه واحتملوه على لينه اهـ.

أما ابن عدى [فقال:] يزيد بن عبد الملك عامة ما يرويه غير محفوظ، ثم أسند عن النسائى أنه قال متروك.

وحديث جابر رواه الطيالسى [ص 343، رقم 1767] وعبد الرزاق [7/ 464، رقم 13899] وابن حبان في الضعفاء، والمخلص في فوائده، وابن عدى في "الكامل"[2/ 447] من وجهين عنه، وهو مطولا كحديث على الذي خرجه الطوسى من طريق أهل البيت، وكلا طريقيه ضعيف، بل هو من ثلاثة طرق عند المذكورين، لأن الطيالسى وحده خرجه من طريقين.

(1) في الأصل: قصيعة.

(2)

انظر كشف الأستار (2/ 101 رقم 1302).

ص: 610

وحديث حنظلة بن حذيم رواه الطبرانى وأبو يعلى بلفظ: "لا يتم بعد احتلام، ولا يتم على جارية إذا هي حاضت"(1)، وقد ذكرت أسانيده ومتونه وما قيل فيه في "وشى الإهاب".

3739/ 9955 - "لا يُحَافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى إِلا أَوَّابٌ، وَهِى صَلاةُ الأَوَّابيِنَ".

(ك) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبى في التلخيص، لكنه في الميزان أورده في ترجمة محمد بن دينار من حديثه، ونقل عن ابن معين تضعيفه، وعن النسائى توثيقه.

قلت: كأن الشارح فاقد الشعور بما في هذا الفن، وبالفارق بين أسانيد الحديث، فمحمد بن دينار، الذي أورده الذهبى في "الميزان"[3/ 542، رقم 7504]، وأورد هذا الحديث من مروياته عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، لم يروه الحاكم من طريقه، بل رواه [1/ 314، رقم 1182] من طريق خالد بن عبد اللَّه عن محمد بن عمرو، فهما راويان مختلفان، فكيف يقول الشارح أنه أقره في التلخيص؟!، وأورده في "الميزان" مع هذا التباين، نعم أورده البخارى في "التاريخ الكبير"[1/ 366، رقم 1157]، من الطريق التي رواها منه الحاكم في ترجمة إسماعيل ابن عبد اللَّه بن زرارة عن خالد الطحان عن محمد بن عمرو به.

ثم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن محمد عن أبي سلمة من قوله، قال: وكذلك بيان يقول أصحابنا، قال: وهذا أشبه، وهو الصحيح.

(1) لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع فلعله في الكبير.

ص: 611

3740/ 9960 - "لا يُخَرِّفُ قَارِئُ القُرْآن".

ابن عساكر عن أنس

قلت: سكت عنه الشارح، ولم يدر أن المصنف أورده في ذيل الموضوعات، وحكم بوضعه، وهو الحق الذي لا يشك فيه عاقل، فكان حقه أن لا يذكره هنا، وأعله بـ "لاحق" بن الحسين، فإنه كذاب وضاع لكن في ترجمته من "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم ما يدل على براءته منه، فإن أبا نعيم قال:

أخبرنا خيثمة بن سليمان إجازة، وحدثنيه عنه لاحق بن الحسين ثنا عبيد بن محمد الكشورى ثنا محمد بن يحيى بن جميل ثنا بكر بن الشرود ثنا يحيى بن مالك بن أنس عن أبيه عن الزهرى عن أنس به، فالصواب أن علته بكر بن الشرود، فإنهم كذبوه، أو شيخه يحيى بن مالك بن أنس فإنه روى عن أبي مناكير كما قال العقيلى، لكن ورد من وجه آخر عن أنس، ففي العلل لابن أبي حاتم سئل أبي عن حديث رواه العلاء بن زيدل عن أنس "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العالم لا يخرف"، فقال العلاء: ضعيف الحديث، متروك الحديث، قد وجدنا من ينسب إلى العلم المسعودى والجريرى وسعيد بن أبي عروبة وعطاء ابن السائب وغيرهم، يعنى خرفوا، وذلك يدل على كذب الحديث، وكان هذا الشيخ هو واضعه، وسرقه منه من ألصقه بمالك عن الزهرى، إما ابنه يحيى أو بكر بن الشرود واللَّه أعلم.

3741/ 9967 - "لا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ، وَلا المُسْلِمُ الكَافِرَ".

(حم. ق. ع) عن أسامة

قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة، وليس كذلك، فقد عزاه جمع منهم ابن حجر للجميع، وقال: أغرب في المنتقى، فزعم أن مسلم لم يخرجه، وابن الأثير، فادعى أن النسائى لم يخرجه.

ص: 612

قلت: وأتيت أنت بما هو أغرب من هذا، وأغرب فادعيت أن المصنف لم يعزه إلا للثلاثة، وهو قد عزاه للستة كما ترى.

3742/ 9971 - "لا يَزَالُ المَسْرُوقُ مِنْهُ في تُهْمَةِ مَنْ هُوَ بَرِئٌ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنَ السَّارِقِ".

(هب) عن عائشة

قال في الكبير: قال في الميزان: هذا حديث منكر.

قلت: كان حقه أن يبين في أي ترجمة قال ذلك الذهبى، فإن أول من قال ذلك الأزدى في الضعفاء، وقد أخرج الحديث في ترجمة عبد الرحمن أبي سهل الخراسانى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والذهبى لم يترجم لعبد الرحمن، بل ذكره في الكنى في أبي سهل الخراسانى، وقال: هذا حديث منكر، رواه عنه أبو النضر هاشم بن القاسم.

قلت: والحديث خرَّجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال:

ثنا أبو الفضل عباس بن محمد الدورى ثنا أبو النضر ثنا أبو سهل الخراسانى عن هشام بن عروة به، قال الدورى: قلت ليحيى بن معين: أبو سهل الخراسانى هذا هو نصر بن باب، قال يحيى: لا أبو سهل الخراسانى رجل آخر، ولم يسمع نصر بن باب من هشام بن عروة.

ورواه الديلمى في "مسند الفردوس"[5/ 235، رقم 7727] من طريق محمد بن داود المستملى: ثنا أبو النضر به.

ورواه البخارى في "الأدب المفرد" من طريق يحيى بن سعيد أخي عبيد القرشى عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال: "ما يزال المسروق يتظنا حتى يصير أعظم من السارق"، وكأن هذا هو الأصل واللَّه أعلم.

ص: 613

3743/ 9981 - "لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ".

(حم. ت. هـ) عن ابن عمرو

قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب، فقد قال ابن حجر: خرجه البخارى من طريق أبي جُحَيْفَة عن على في حديث.

قلت: وإذًا فكلامك هو العجب العجاب، لأنك تعلم أن المصنف شرطه في كتابه، أن لا يورد إلا الأحاديث المستقلة كما وردت عند أصحابها، وأن لا يورد إلا المرفوعات القولية، ثم تتعجب منه في كونه لم يخالف شرطه ويَخْرِقْ نظامه، ويعزو الحديث للبخارى، مع أنه لم يقع عنده إلا في آخر حديث لم يصرح عليٌّ برفعه، ولفظه عند البخارى [9/ 16، رقم 6915] عن أبي جحيفة، قال: سألت عليًا رضي الله عنه هل عندنا شيء مما ليس عند الناس؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".

3744/ 9983 - "لا يَقْرَأْ الجُنُبُ وَلا الحَائِضُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ".

(حم. ت. هـ) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال ابن حجر يعنى -الحافظ-: فيه إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، ورواه الدارقطنى من حديث المغيرة بن عبد الرحمن، ومن وجه آخر فيه مبهم عن أبي معشر، وهو ضعيف، وأخطأ ابن سيد الناس حيث صحح طريق المغيرة، فإن فيها عبد الملك ابن مسلمة ضعيف، وقال في المهذب: تفرد به إسماعيل بن عياش، وهو منكر الحديث عن الحجازيين والعراقيين، وقد روى عن غيره عن موسى، وليس بصحيح اهـ.

ص: 614

وفي الميزان عن ابن أحمد عن أبيه أن هذا باطل.

قلت: هذا تخليط، وكلام لا يفهم، ونقل من لا يعرف ما يقول، ولا يفهم ما ينقل، فالحديث رواه موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، والذي رواه عن موسى بن عقبة إسماعيل بن عياش الحمصى، وروايته عن غير أهل بلده الشاميين فيها تخليط، وموسى بن عقبة حجازى، لكن تابعه المغيرة بن عبد الرحمن، فرواه عن موسى بن عقبة أيضًا، وكلام الشارح يوهم أن المغيرة صحابى، ثم إن الذي رواه عن المغيرة بن عبد الرحمن هو عبد الملك ابن مسلمة، وهو ضعيف، ورواه عن موسى بن عقبة أيضًا أبو معشر، روى متابعته الدارقطنى [1/ 118، رقم 6] عن محمد بن مخلد عن محمد بن إسماعيل الحسانى عن رجل عنه، وأبو معشر ضعيف أيضًا، فكان حاصل ما في الباب أن الحديث رواه إسماعيل بن عياش والمغيرة بن عبد الرحمن وأبو معشر السندى، ثلاثتهم عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، فأما إسماعيل فالأسانيد إليه صحيحة متعددة، وهو صدوق، إلا أنه يخلط في أحاديثه عن غير أهل بلده، وأما المغيرة بن عبد الرحمن فهو ثقة، ولكن السند إليه ضعيف، لأنه من رواية عبد الملك بن مسلمة الضعيف، وأما أبو معشر السندى، فالسند إليه ثابت، ولكنه هو ضعيف.

3745/ 9984 - "لا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ إِلا أَميرٌ، أوْ مَأمُورٌ، أَوْ مُرَاء".

(حم. هـ) عن ابن عمرو بن العاص

قال في الكبير: ثم إن ما ذكر من أن الحديث هكذا فحسب هو ما وقع للمؤلف، والذي وقفت عليه في مسند أحمد "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال أو مراء"، فلعل المؤلف سقط من قلمه المختال.

قلت: أكاد أقطع بأن الشارح ما رأى مسند أحمد أصلا، قال أحمد [2/ 178]:

ص: 615

حدثنا هيثم بن خارجة ثنا حفص بن ميسرة عن ابن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء".

وقال أيضًا: حدثنا أبو النضر ثنا الفرج عن عبد اللَّه بن عامر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مراء، فقلت له: إنما كان يبلغنا أو متكلف قال: هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول".

وقال ابن ماجه [2/ 1235، رقم 3753]:

حدثنا هشام بن عمَّار ثنا الهقل بن زياد ثنا الأوزاعى عن عبد اللَّه بن عامر الأسملى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء".

وهكذا رواه أيضًا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" من طريق حفص ابن سلم عن مسعر عن عمرو بن شعيب به مثله، فإن كان الشارح صادقا في أنه رأى المسند، فذلك اللفظ الذي ذكره وقع فيه في حديث آخر من رواية عوف ابن مالك.

قال أحمد [6/ 29]:

حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد ثنا صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن عوف بن مالك قال: دخل عوف بن مالك مسجد حمص وإذا الناس على رجل فقال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: كعب يقص، قال: يا ويحه، ألا سمع قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال".

ورواه أيضًا من أوجه أخرى عنه، ورواه البخارى في "التاريخ الكبير"[8/ 329، رقم 3199] من حديث يزيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن يزيد بن

ص: 616

خمير سمع عوف بن مالك سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال أو مراء".

ورواه أيضًا من حديث أزهر بن سعيد عن ذى الكلاع قال: كان كعب يقص في إمارة معاوية، فقال عوف بن مالك لذى الكلاع: يا أبا شراحيل أرأيت ابن عمك أبأمر الأمير يقص؟ فإنى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "القصاص ثلاثة أمير أو مأمور أو مختال"، فمكث كعب سنة لا يقص حتى أرسل إليه معاوية يأمره أن يقص، هكذا وقع في هذه الرواية، ووقع عند أحمد أنه لم يقص بعد ذلك.

ثم رواه البخارى من طريق عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن كعب بن عياض عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والأول أصح.

ورواه أبو داود في السنن [3/ 322، رقم 3665] من حديث عبّاد بن عباس الخواص عن يحيى بن أبي عمرو عن عمرو بن عبد اللَّه عن عوف بن مالك الأشجعى به بلفظ: "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال"، فلفظة "المختال" لم تقع في حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص الذي زعم الشارح أنه رآها فيه في مسند أحمد، إنما وقعت في حديث عوف بن مالك، وقد رواه بعض الصحابة بلفظ:"أو متكلف" بدل "مختال"، منهم أبو هريرة.

قال أبو عمرو عبد الوهاب بن منده في "فوائده":

أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن حمدان الجلاب ثنا محمد بن إبراهيم بن كثير الصورى ثنا خالد بن عبد الرحمن ثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن أبي هريرة "قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يقص في مسجدى هذا إلا أمير أو مأمور أو متكلف".

وكذلك رواه الطبرانى في "الكبير" من حديث عبادة بن الصامت، بدون تقييد بالمسجد، وسنده حسن.

ص: 617

3746/ 9986 - "لا يَمَسُّ القُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ".

(طب) عن ابن عمر

قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: رجاله موثقون، ثم قال: ورواه الدارقطنى بهذا اللفظ عن ابن عمر، قال الفريابى: فيه سليمان بن موسى الأموى، لينه النسائى، وقال البخارى له مناكير.

قلت: فهذا النقل عن الفريابى كأنه يتعقب به تحسين المؤلف للحديث، ثم تعقبه في الصغير بنقيض هذا، فقال: وإسناده صحيح، ورمز المؤلف لحسنه تقصير اهـ.

فكأن القصد هو المعارضة والانتقاد على أي حال وبأى وجه كان، والحديث حسنه المؤلف ترجيحا لجانب من وثق سليمان الأشدق مع اعتبار الشواهد، فكيف يكون صحيحا؟، والمؤلف مقصر، وقد نبهنا مرارا على الفرق بين قول الهيثمى: رجاله موثقون، وقوله: ثقات، فالأولى تُقَالُ مع وجود مقال في الرجال، فيكون الحديث نهايته الحسن، والثانية تقال في الثقات على الإطلاق فيكون السند صحيحا، والشارح في غفلة عن هذا.

* * *

ص: 618