الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2/ 143، رقم 2065] وأبي داود والطحاوى في المشكل [8/ 23، رقم 3021]، وهؤلاء الثلاثة كلهم متفق عليهم وعلى ثقتهم وجلالتهم مخرج لهم في الصحيحين كلهم سمعوه من همام أحد الثقات المشاهير من رجال الصحيحين أيضًا سمعه من قتادة وهو إمام مشهور من رجال الجميع أيضًا عن الحسن البصرى ولا يسأل عن جلالته وثقته وإمامته عن عبد اللَّه بن عثمان الثقفى وهو وإن لم يعرف كبير معرفة إلا أنه من شيوخ الحسن البصرى أحد كبار التابعين ومن أهل القرون الفاضلة، ولم يضعف ولا روى عنه ما يدل على ضعفه، فحديثه حسن عن زهير بن عثمان صحابى وهم عدول عند الجمهور، فهذا السند على انفراده على شرط الحسن، ولذلك خرجه أحمد والدارمى والنسائى في الكبرى [4/ 137، رقم 6596، 6597]، وسكت عنه أبو داود، فلذلك رمز له بعلامة الحسن، وقد قال الحافظ في الإصابة: إنه سند لا بأس به، فإذا انضم إليه الشواهد الأخرى الكثيرة ارتقى إلى درجة الصحيح.
فإن قيل قد خالف يونس بن عبيد قتادة في إسناده فرواه عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، أخرجه النسائى ورجحه هو وأبو حاتم على الموصول.
[قاعدة جليلة في الوصل والإرسال عند الأقدمين]
قلت: ترجيحهما من الباطل المحقق المقطوع به لأنه لا يرتكز على دليل بل على مناقضة الدليل ومنابذة المعقول، فإن قتادة ثقة بالإجماع، وقد حدث عن الحسن أنه حدثه به عن عبد اللَّه بن عثمان عن زهير بن عثمان، وذكر أنه كان يعرف بخير ويذكر بمعروف، فيقال لأبي حاتم والنسائى وكل من رجح رواية يونس بن عبيد المرسلة على رواية قتادة الموصولة، هل كذب قتادة في نظرك
وافترى هذا الإسناد أما سهى في ذكره؟ فإن قال: كذب، فقد خرق الإجماع وأتى بباطل القول الذي لا يقبله أحد، وإن نسب إليه الوهم في ذلك قيل له: قد أسقطت حفظه وثقته وألحقته بالضعفاء والمتروكين الذين لا تحل الرواية عنهم فضلا عن الاحتجاج بهم وإدخالهم في الصحيح، لأن من يهم في اسم رجلين مع ذكر صفة أحدهما ويهم في السند من أصله هو بهذه المثابة مع أننا نعلم أن المحدث ولاسيما من التابعين كانوا يوصلون تارة ويرسلون أخرى عند المذاكرة وعدم النشاط إلى ذكر الإسناد ولاسيما الحسن البصرى والزهرى وأمثالهما، فإن الواحد منهم قد يكون في المذاكرة فيورد الحديث مستدلا به ويقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فيرويه عنه من سمعه منه كذلك ثم يكون في وقت آخر بقصد الاسماع والتحديث، فيذكر الحديث بإسناده.
وقد يكون يونس بن عبيد سمعه من الحسن موصولا كما سمعه قتادة، وهو الذي أرسله للغرض المذكور أيضًا، بحيث قد يوجد عنه مرة أخرى موصولا، وكم حديث في الموطأ والصحيحين عن الزهرى والحسن وسعيد بن المسيب وأمثالهم موصولا وهو في مصنف وكيع وابن أبي شيبة والثورى وعبد الرزاق وابن المبارك والأقدمين مرسلا، بل من قرأ كتب الأقدمين لا يكاد يرى فيها حديثا مسندا إلا نادرا جدا بل الأغرب من ذلك أن الحديث في الصحيح من طريق مالك أو الثورى أو ابن المبارك أو عبد الرزاق أو وكيع موصولا، وهو بعينه في مصنفات المذكورين مرسلا، لأنهم كانوا يميلون في مصنفاتهم إلى ذكر المراسيل، لكن عند التحديث والإسماع يذكرون تلك الأحاديث موصولة مسندة.
ومع كون هذا من الضرورى الذي لا يكاد يمترى فيه محدث أو ينازع فيه منصف، تجد المتأخرين عن هذه الطبقة كأبي زرعة وأبي حاتم والبخارى والنسائى والمتأخرين عنهم كالدارقطنى وأمثاله، لا يكادون يرجحون
موصولا، بل لا يرد حديث بالطريقين إلا جزموا بترجيح المرسل، كأنهم يرون أن ذلك هو الأحوط غافلين عما يلزمهم من تكذيب الحفاظ الثقات وإلصاق الضعف بهم بدون أدنى شبهة، فهم مخطؤون في ذلك بلا ريب.
ولنعد لذكر شواهد الحديث، فنقول: إن له شواهد منها حديث أبي هريرة، قال ابن ماجه في السنن [1/ 617، رقم 1915]، وأسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط [ص 12] كلاهما:
حدثنا محمد بن عبادة الواسطى ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعى عن منصور بن المعتمر عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الوليمة أول يوم حق، والثانى معروف، والثالث رياء وسمعة".
وعبد الملك بن حسين وإن ضعفوه فقد روى عنه الكبار كوكيع وابن المبارك ويزيد بن هارون ومروان بن معاوية وأمثالهم، ومن رووا عنه لا يكون شديد الضعف كما زعم الحافظ.
ثم إن له طريق آخر من رواية مجاهد عن أبي هريرة رفعه نحوه رواه أبو الشيخ والطبرانى في الأوسط فيما ذكره الحافظ في الفتح [9/ 243، تحت رقم 5173] ولم يضعفه ولا ذكر تمام متنه، بل ذكر أن في صحيح مسلم من طريق الزهرى عن الأعرج وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ما يشهد له، وهو واهم، فإن اللفظ الذي ذكره لا يوجد في صحيح مسلم.
ومنها حديث أنس، أخرجه ابن عدى والبيهقى من طريقه ثم من حديث بكر ابن خنيس عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة رضي الله عنها أمر بالنطع فبسط ثم ألقى عليه تمرا وسويقا، فدعا الناس فأكلوا، وقال: الوليمة في أول يوم حق، والثانى معروف، والثالث رياء وسمعة".