المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلت: أما أولا: فمن عرف الشارح أن المصنف تابع في - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٦

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: قلت: أما أولا: فمن عرف الشارح أن المصنف تابع في

قلت: أما أولا: فمن عرف الشارح أن المصنف تابع في ذلك لعبد الحق في الأحكام، فإنه دائمًا يجعله فيما يأتيه ويذره تابعًا للناس، والواقع أنه قد يكون المصنف ما رآى ذلك الكتاب الذي نسب الشارح إليه أنه تبع صاحبه، كأنه لم يقف على الأصول أصلًا.

[قاعدة جليلة]

وأما ثانيًا: فإن بحث ابن القطان وتعقبه ضائع باطل، والصواب مع عبد الحق، فإن صيغة الحديث عند الدارقطنى [3/ 47] من رواية ابن أبي نعم البجلى عن أبي سعيد الخدرى قال:"نهى عن عسب الفحل"، فمن عرف ابن القطان أنه مبنى لما لم يسم فاعله، والواقع أنه مبنى للفاعل وهو النبي صلى الله عليه وسلم، كما جرت عادتهم أن يحذفوه أحيانًا للعلم به ولاسيما أهل البصرة، فإن ذلك معروف من صنيعهم منصوص عليه في علوم الحديث، ويؤيده ورود التصريح به صلى الله عليه وسلم في غير رواية الدارقطنى، قال الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 186، رقم 711]:

حدثنا أحمد بن أبي عمران ثنا الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك (ح)

وحدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا نعيم بن حماد قالا: حدثنا ابن المبارك عن سفيان الثورى عن هشام بن كليب -كذا قال: ابن كليب- عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدرى قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" وذكره.

وأخرجه أيضًا [2/ 186، رقم 709] عن سليمان بن شعيب الكيسانى:

ثنا أبي ثنا أبو يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي نعم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن عسب التيس، وكسب الحجام، وقفيز الطحان"، وهذا الطريق يبرئ أيضًا ساحة هشام بن كليب منه.

ص: 503

3628/ 9501 - "نَهَى عَنْ قَتْلِ الخَطَاطِيفِ".

(هق) عن عبد الرحمن بن معاوية المرادى مرسلًا

قال في الكبير: رواه البيهقى عن الحسين بن بشران فذكر سنده، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال، وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقى: إنه منقطع، ورواه أبو داود. . . إلخ. ثم قال والحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن ابن الجوزى لم يورد هذا الحديث بل حديثًا آخر كما سأذكره.

ثانيهما: إن كان ما تعقب به الشارح على المصنف مظهرا إطلاعه وفضله وقصور المصنف، إنما نقل جميعه من اللآلئ المصنوعة للمصنف، فإن ابن الجوزى أورد في الموضوعات [1/ 189] من طريق الأزدى ثم من حديث عمر ابن جميع عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قتل الخطاطيف، وكان يأمر بقتل العنكبوت وكان يقال إنه مسخ".

ثم قال: قال الأزدى: موضوع، آفته عمر بن جميع وكان كذابًا غير ثقة ولا مأمون، فتعقبه المصنف بقوله: له شاهد، قال أبو داود في مراسيله [ص 173، رقم 346]:

حدثت عن ابن المبارك عن إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الخطاطيف عوذ البيوت".

وقال البيهقى في سننه [9/ 318]:

أنبأنا الحسين بن بشران، فذكر السند الذي نقله الشارح عن عبد الرحمن بن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه نهى عن قتل الخطاطيف وقال: لا تقتلوا هذه العوذ إنها تعوذ بكم من غيركم".

ص: 504

قال البيهقى: هذا وحديث عباد بن إسحاق عن أبيه كلاهما منقطع، قال: وقد روى عن حمزة النصيبى فيه حديثًا مسندًا إلا أنه كان يرمى بالوضع انتهى.

3629/ 9503 - "نَهَى عَنْ قِسْمَةِ الضِّرَارِ".

(هق) عن نصير مولى معاوية مرسلًا

قال في الكبير: وظاهر صنغ المصنف أن هذا من مرويات البيهقى بسنده وهو باطل، وإنما نقله البيهقى من مراسيل أبي داود، فكان حق المصنف العزو لأبي داود لا للبيهقى.

قلت: كذب الشارح، قال البيهقى [10/ 134]:

أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد أنبأنا أبو الحسين الفسوى ثنا أبو على اللؤلؤى ثنا أبو داود ثنا محمد بن عوف ثنا يعقوب بن كعب ثنا عيسى عن ثور عن سليمان بن موسى عن نصير مولى معاوية قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قسمة الضرار"، قال البيهقى: وهذا مرسل.

3630/ 9506 - "نَهَى عَنْ كَسْبِ الحَجَّامِ".

(هـ) عن أبي مسعود

قال في الكبير: ورواه أيضًا النسائى عن أبي هريرة، والإسنادان صحيحان كما أفاده الحافظ العراقى، فما أوهمه صنغ المصنف من تفرد ابن ماجه به عن الستة غير جيد، ورواه أحمد عن أبي هريرة بسند قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. . . إلخ.

قلت: لو كان عند الشارح تمييز لأدرك أن الحافظ الهيثمى لا يذكر في كتابه إلا الزوائد على الكتب الستة التي لم تخرج فيها، وهو قد ذكر [4/ 93] حديث

ص: 505

أبي هريرة وعزاه لأحمد [5/ 436] والطبرانى [22/ 108، رقم 272]، فكيف يجتمع كونه من الزوائد على الكتب الستة وكونه عند النسائى؟ فإن كان الحافظ العراقى عزاه للنسائى كما ينقله الشارح فهو إلى السنن الكبرى (1) لا إلى السنن الذي هو "المجتبى" المعدود من الكتب الستة، والتعقب إنما يكون به لا بالكبرى، ثم إن حديث أبي مسعود تفرد به ابن ماجه [2/ 732، رقم 2165].

3631/ 9516 - "نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ".

(ق. 3) عن أنس

قال في الكبير: وقضية صنغ المصنف تفرد الثلاثة به عن الستة، والأمر بخلافه، بل رواه عنه أبو داود في الترجل والترمذى في الاستئذان.

قلت: لا أدرى هل الشارح يتعمد قلب الحقيقة أو يظن جهلًا منه أن رقم الثلاثة يقصد به المصنف سنن النسائى، أو تحرف عليه بالنون، فإن المصنف عزا الحديث كما ترى للبخارى [7/ 197، رقم 5846] ومسلم [3/ 1662، رقم 2101/ 77]، والثلاثة وهم أبو داود [4/ 78، رقم 4179] والترمذى [5/ 121، رقم 2815] والنسانى [(5/ 141)، (8/ 189)]، والشارح كتب بيده رقم الثلاثة ثم قال ما قال، فافهم معى ما الحامل له على ذلك؟

3632/ 9555 - "نَهَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ النَّائِمِ وَالمُتَحِدِّثِ".

(هـ) عن ابن عباس

قال الشارح: وضعفه شارحه مغلطاى فرمز المصنف لحسنه زلل.

قلت: بل علم ومعرفة وتحقيق وفضل، فالحديث له طرق متعددة من حديث

(1)(رقم. . . .، رقم 6269) كلاهما عن أبي هريرة.

ص: 506

ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وهو بمجموعها يرتقى إلى درجة الحسن ولابد، لاسيما وغالب من ضعفه إنما فعل لأنه لم يفهم وجه الجمع بينه وبين صلاته صلى الله عليه وسلم خلف عائشة وهى نائمة.

كما فعل ابن حبان في حديث ابن عمر، فإنه رواه في الضعفاء [1/ 99] من طريق أبان ابن سفيان عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يصلى إلى نائم أو متحدث".

ثم قال: كيف ينهى عن الصلاة إلى نائم وقد كان يصلى وعائشة معترضة بينه وبين القبلة، فلا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص اهـ.

فهذا كما ترى حكم بالوضع على الحديث وعلى راويه بالجرح بمجرد كونه لم يفهم الجمع بين الحديثين وهو تسرع باطل، إذ الجمع ممكن وهو أنه أولا: خاص بالأمة، وفعله صلى الله عليه وسلم خاصًا به، أو أن النهى بالنسبة للأجنبى لا بالنسبة للأهل، أو النهى بالنسبة لما كان عنده مندوحة وفعله صلى الله عليه وسلم للضرورة، لأن ذلك كان في صلاة الليل وحجرته صلى الله عليه وسلم ضيقة وليس له مكان غيرها يصلى فيه ما كان عليه فرضًا من قيام الليل، أو النهى للضعفاء ومن يخاف عليه الشغل عن الصلاة بسماع المتحدث والنظر إلى النائم وما يبدو منه وهو صلى الله عليه وسلم أقوى من ذلك، أو النهى عن ذلك بالنهار ووجود النور الذي قد يطَّلِعُ معه المرء على حال النائم وهو في الصلاة، وهو صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك بالليل في الظلمة.

فمع هذه الاحتمالات ومع ورود الحديث من طرق متعددة لا يتصور أن يحكم عليه بالضعف فضلًا عن البطلان.

3633/ 9556 - "نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا".

(هـ) عن جابر

قال الشارح: وضعفه مغلطاى، فقول المؤلف: حسن ممنوع.

ص: 507

قلت: مغلطاى يتكلم على السند الذي أمامه في ابن ماجه [1/ 112، رقم 309]، والمصنف يتكلم عن المتن من حيث هو، فإنه وارد من طرق متعددة يبلغ معها درجة الصحيح.

3634/ 9558 - "نَهَى أَنْ يُنْفَخَ في الشَّرَابِ، وَأَنْ يُشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ، أَوْ أُذُنِهِ".

(طب) عن سهل بن سعد

قال الشارح: وضعفه الهيثمى، فرمز المؤلف لحسنه غير حسن.

قلت: بل حسن وفوق الحسن، فإن هذا كالحديثين قبله، حسنه المؤلف بالنظر إلى المتن لا إلى الإسناد، فإن المتن ثابت من طرق صحيحة.

* * * * *

ص: 508