المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[في الكلام عن الربيع بن سعد الجعفى] - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٦

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌[في الكلام عن الربيع بن سعد الجعفى]

ثم إنه ترك عزوه إلى مسند الشهاب للقضاعى الذي سبق له هو أن رتب أحاديثه على حروف المعجم، فإنه خرج هذا الحديث أيضًا من طريق على بن عبد العزيز البغوى في معجمه، قال:

حدثنا هارون بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عمر بن حفص عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى عن الزهرى عن أنس به.

3419/ 8747 - "مَنْ سرَّه أن يَنظرَ إلى سيدِ شبابِ أهلِ الجنةِ فلينظُرْ إلى الحسنِ".

(ع) عن جابر

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بمسلم، ففيه الربيع بن سعد الجعفى، قال في الميزان: كوفى لا يكاد يعرف، ثم أورد هذا الخبر مما خرجه أبو يعلى وابن حبان.

[في الكلام عن الربيع بن سعد الجعفى]

قلت: السكوت عن تقييد ابن حبان في هذا الموطن يوهم أنه خرجه في الضعفاء لأنه هو موضوع كتاب الميزان، والواقع أن الذهبى صرح في الميزان بأن ابن حبان خرجه في صحيحه [15/ 421، رقم 6966]، وزاد الحافظ في اللسان: أنه ذكره في الثقات وأنه روى عنه أيضًا مروان بن معاوية ووكيع -أى مع ابن نُمير- الذي روى عنه هذا الحديث، فهو معروف العين برواية هؤلاء الأكابر عنه، وكذا العدالة لروايتهم أيضًا، ولأنه لم يأت بمنكر بل أتى بما رواه غيره ووافقه عليه الثقات، فإن كون الحسن عليه السلام سيد شباب أهل الجنة مما تواتر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكذا الحسين عليه السلام فتصحيح المصنف مع كونه تابعا أو موافقا لتصحيح ابن حبان هو مسلم من جهة القواعد والشارح يهرف بما لا يعرف.

ص: 316

3420/ 8751 - "مَن سَرَّتْهُ حَسَنَتهُ وسَاءَتْهُ سيئتُهُ فَهُو مُؤمِنٌ".

(طب) عن أبي موسى

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: فيه موسى بن عتيك، وهو هالك في الضعف، نعم رواه الطبرانى عن أبي أمامه باللفظ المذكور، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، فعدول المصنف عن الطريق الصحيحة واقتصاره على الضعيفة من سوء التصرف، ثم ظاهر صنيعه أيضًا أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة، وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه النسائى في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس، فقال:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من سرته. . . " إلخ ما هنا، قال الحافظ العراقى في أماليه: صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد في المسند بلفظ: "من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن"، قال -أعنى العراقى-: حديث صحيح.

قلت: فيه من عجره وبجره أمور، الأول: أنه اعترف بصحة متن الحديث من طريقين، من طريق أبي أمامة ومن طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومع هذا رجح فكتب في الصغير أن إسناده ضيعف بناء على غلطه الفاحش في نقل رجل ضعيف من إسناد إلى إسناد كما ستراه.

الثانى: قوله: قال الهيثمى [1/ 86]: فيه موسى بن عتيك، كذب على الهيثمى ما قال شيئًا من ذلك في حديث أبي موسى، إنما قاله في حديث على ابن أبي طالب، وأجزم بأنه كذب لا غلط من سبق النظر إلى حديث آخر، لأن ذلك عادة يكون إذا كان الحديثان متلاصقين، والواقع أن بين حديث أبي موسى وحديث على الذي قال فيه الهيثمى ما قال حديث أبي أمامة بروايتيه

ص: 317

في نحو ستة أسطر أو سبعة، فلا معنى للغلط وسبق النظر من حديث في آخر الورقة إلى حديث في أولها تقريبا، وإليك نصه بتمامه:

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من عمل حسنة فسر بها وعمل سيئة فساءته فهو مؤمن".

رواه أحمد والبزار والطبرانى في الكبير، ورجاله رجال الصحيح ما خلا المطلب بن عبد اللَّه فإنه ثقة ولكنه يدلس ولم يسمع من أبي موسى، فهو منقطع.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال: "يا رسول اللَّه ما الإيمان؟ قال: إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن"، رواه الطبرانى في "الكبير"، وله في الأوسط أيضًا قال:

قال رجل: "ما الإثم يا رسول اللَّه؟ قال: ما حاك في صدرك فدعه، قال: فما الإيمان؟ قال: من ساءته سيئته فهو مؤمن".

رواه الطبرانى في الأوسط وفيه موسى بن عبيدة وهو هالك في الضعف اهـ.

الثالث: أن المصنف عزا الحديث للطبرانى في الكبير، وحديث على عزاه الهيثمى للطبرانى في الأوسط.

الرابع: أن اسم الراوى الضعيف "موسى بن عبيدة"، تصغير عبدة، والشارح حرفه إلى "عتيك" بالتاء المثناة من فوق بعدها ياء ثم آخره كاف.

الخامس: قوله: نعم رواه الطبرانى عن أبي أمامة باللفظ المذكور، كذب سواء على لفظ الكبير الذي هو:"إذا سرتك حسنتك" أو على لفظ الأوسط الذي هو: "من ساءته" كما تقدم، لأن هذا على ترتيب الحروف يجب أن يكون في حرف "من" مع "السين" بعدها ألف ثم همزة، وهذا موضع فيه "أليس" بعدها "الراء".

ص: 318

السادس: قوله: ثم ظاهر صنيع المصنف أيضًا أنه لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة. . . إلخ يقتضى أن السنن الكبرى للنسائى من الكتب الستة وليس كذلك كما هو معلوم، وإنما الذي من الستة مختصره الذي هو المجتبى المعروف بالسنن الصغرى أيضًا والحديث لم يخرج فيه.

السابع: أن حديث عمر طويل، وهو الحديث المشهور في خطبة الجابية وهذا اللفظ وقع أثناءه لا في أوله، والمصنف إنما يورد الحديث بتمامه على حسب ما وقع عند المخرجين، ولفظ خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية:

"أيها الناس إنى قمت فيكم كمقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: أوصيكم بأصحابى ثم الذين يلونهم ثم الذيق يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، علمكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، من أراد بحبوبة الجنة فليلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذالكم المؤمن".

فهو يقتطع المصنف هذه القطعة من آخر الحديث ويأتى بها على أنها هي الحديث بكماله، فينتقده الشارح أيضًا على هذا الصنيع، إن هذا لعجب.

الثامن: عزوه الحديث للسنن الكبرى [5/ 389، رقم 9225] مع أنه ليس من الستة يفيد أنه ليس عند غيره من الستة مع أنه في سنن الترمذى من رواية ابن عمر عن عمر، وفي سنن ابن ماجه من نفس رواية جابر بن سمرة عن عمر، قال ابن ماجه في كتاب الشهادات من سننه [2/ 791، رقم 2363]: ثنا عبد اللَّه بن الجراح ثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: خطبنا عمر بالجابية، فذكر الحديث.

وقال الترمذى [4/ 465، رقم 2165]:

حدثنا أحمد بن منيع ثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة عن محمد بن سوقة

ص: 319

عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية، فذكر الحديث بطوله، وقد أطلت في ذكر أسانيد هذا الحديث في "وشى الإهاب".

3421/ 8753 - "مَنْ سَكَنَ البَاِديَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَل وَمَنْ أَتَى السُّلطان افْتَتَنَ".

(حم 3) عن أبي عباس

قال الشارح: قال (ت): حسن، ونوزع بأن فيه مجهولا.

قلت: سبق هذا الحديث بلفظ: "من بدا جفا" وعزاه المصنف إلى الطبرانى في الكبير من حديث ابن عباس فكتب عليه الشارح: إسناده حسن وهنا ينازع الترمذى في تحسينه مع [أن] سند الحديث واحد عند الطبرانى وعند هؤلاء المذكورين هنا، قال أحمد [1/ 357]: حدثنا روح ثنا إسحاق ثنا عمرو ابن دينار (ح).

وحدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس به.

وقال أبو داود [3/ 111، رقم 2859]: ثنا مسدد حدثنا يحيى (ح)

وقال الترمذى [4/ 523، رقم 2256]: حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدى (ح)

وقال النسائى [7/ 195]: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرحمن (ح)

وأنبأنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن (ح)

وقال الطبرانى [11/ 56، رقم 11030]: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان ثنا أبو حذيفة، كلهم عن سفيان (1) عن أبي موسى به.

(1) لم يخرجه الطبرانى من طريق محمد بن الحسن بن كيسان، وسند الطبرانى هو: =

ص: 320

فسندهم واحد كما ترى والمجهول المذكور هو أبو موسى شيخ سفيان الثورى.

3422/ 8756 - "مَنْ سَلَكَ طَريقًا يلْتمسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّه لَهُ طِرِيقًا إِلَى الجنَّةِ".

(ت) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب من هذا الإمام المطلع، فقد خرجه مسلم بلفظه إلا أنه قال بدل:"يلتمس"، "يطلب"، وما أراه إلا ذهل عنه.

قلت: ما ذهل عنه المؤلف فإن صغار طلبة الحديث يعرفون أن هذا الحديث خرجه مسلم، ولكنه أثناء حديث طويل، وقاعدة المصنف إيراد الأحاديث يتمامها على حسب ما وقعت عند المخرجين، وهذه القطعة خرجها الترمذى على أنها حديث مستقل، فقال [5/ 28، رقم 2646]:

حدثنا محمود بن غيلان ثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من سلك. . . " وذكره.

أما مسلم فقال [4/ 2074، رقم 2699/ 38]:

ثنا يحيى بن يحيى التميمى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمدانى -واللفظ ليحيى- قال يحيى: أنا وقال الآخران: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره اللَّه في الدنيا والآخرة واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك

= حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن أبي موسى اليمانى عن وهب بن منبه عن ابن عباس رفعه: "من بدا جفا" الحديث.

ص: 321

طريقا يلتمس فيه علما سهل اللَّه له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه".

وبهذا تعلم أن قول الشارح: إلا أن مسلما قال بدل: "يلتمس"، "يطلب" باطل، فإن لفظه كما في المتن وإنما الفرق ما ذكرناه.

وقد أخرجه أيضًا أبو داود [3/ 317، رقم 3641] كما قدمناه قريبًا في حديث: "من ستر أخاه المسلم"، عندما أسخف الشارح على المصنف بنحو هذه السخافة.

3423/ 8757 - "مَنْ سَلمَ عَلى قَومٍ فَقَدْ فَضَلَهُم بعَشرِ حَسَنَاتٍ وَإنْ رَدُّوا عَلِيهِ".

(عد) عن رجل

قال في الكبير: رواه (عد) من حديث رجاء بن وداع الراسبى عن غالب عن الحسن عن رجل، قال غالب:"بينما نحن جلوس مع الحسن إذ جاء أعرابى بصوت له جهورى كأنه من رجال شنوءة، فقال: السلام عليكم حدثنى أبي عن جدى قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" فذكره، قال ابن عدى: لم يحضرنى له غير هذا الحديث، وضعفه.

قلت: هذا كلام غير مفهوم ولا معقول، فإنه جعل الحديث من رواية غالب عن الحسن عن رجل، ثم ذكر بعد ذلك أن الحديث من رواية غالب عن رجل عن أبيه وإنما الحسن كان حاضرا في المجلس، ثم نقل عن ابن عدى أنه قال: لم يحضرنى له غير هذا الحديث، ولم يسم الراوى الذي قال فيه ابن عدى

ص: 322

ذلك، فإن كان رجاء (1) بن وداع فإن هذا الاسم غير موجود في الضعفاء وأظنه لم يخلق بعد، وإن كان ذلك في غالب القطان، فالواقع أن ابن عدى روى له أحاديث لا حديثا واحدا، قال الذهبى: غالب بن خطاف القطان البصرى صدوق مشهور روى عن الحسن وابن سيرين، وعنه بشر بن المفضل وابن علية، قال أحمد ثقة تقة، وقال ابن معين: لا أعرفه ساق ابن عدى له أحاديث، وقال: الضعف على أحاديثه بين وفي حديثه النكرة، ثم أورد له أحاديث منها حديث موضوع فقال الذهبى: الآفة فيه من الراوى عنه عمر ابن مختار فإنه منهم بالوضع، فما أنصف ابن عدى في إحضاره هذا الحديث في ترجمة غالب، وغالب من رجال الصحيحين وقد [قال] فيه أحمد كما قدمناه: ثقة ثقة اهـ.

فلا أدرى بعدها ما يقول الشارح ولا من أين أتى بما قال.

والحديث خرجه أيضًا ابن السنى في عمل اليوم والليلة [ص 73، رقم 209] قال:

أخبرنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامى ثنا أبو عوانة عن غالب القطان حدثنى رجل على باب الحسن -قد كنت أحفظ اسمه- قال: سلم علينا ثم جلس، قال: ما تدخلون حتى يؤذن لكم قال: قلنا لا قال: حدثنى أبي عن جدى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره بدون قوله: "وإن ردوا عليه"، ولا وجود لرجاء في سنده.

(1) يل صوابه: "مرحبى بن وداع بن الأسود" وقد ترجم له ابن عدى في الكامل (6/ 446) وذكر له الحديث وقال: ومرحبى هذا لم يحضرنى له غير هذا اهـ. واللَّه أعلم.

ص: 323

3424/ 8759 - "مَنْ سَمَّع سَمَّع اللَّه بهِ، ومَنْ رآءى رآءى اللَّه بهِ".

(حم. م) عن ابن عباس

قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه، وهو وهم، فقد خرجه البخارى في الرقاق.

قلت: البخارى خرج حديث جندب لا حديث ابن عباس، وهما في عرف أهل الحديث حديثان، فلو كان المصنف جاهلا بالفن وعزا الحديث إلى البخارى ومسلم لأتى بأعجوبة، وكان من الكاذبين، نعم كان في إمكانه أن يرمز له بعد ابن عباس بعلامة البخارى عن جندب كما يفعل كثيرا، لكنه لم يفعل هنا، فكان ماذا؟

قال البخارى [8/ 130، رقم 6499]:

حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سفيان حدثنى سلمة بن كهيل وحدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال: "سمعت جندبا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع سمع اللَّه به ومن يرائى يراءى اللَّه به".

رواه أيضًا مسلم [4/ 2289، رقم 2987/ 48](1) وأبو نعيم في [4/ 301].

وفي الباب عن أبي سعيد الخدرى، قال أبو نعيم في مسند فراس:

ثنا أبو بكر الطلحى ثنا على بن العباس ثنا محمد ابن العلاء (ح)

وثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن محمد بن عقبة ثنا أبو كريب (ح)

وثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثنى أبي (ح)

وثنا نذير بن جناح ثنا محمد بن محمد بن عقبة ثنا محمد بن العلاء (ح)

(1) بلفظ: "من يسمع يسمع اللَّه به. . ".

ص: 324

وحدثنا أحمذ بن سليمان بن شعيب الولاءى ثنا على بن سعيد العسكرى ثنا حميد بن الربيع قالا: حدثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع سمع اللَّه به، ومن رائا رائا اللَّه به".

وعن أبي بكرة مثله، رواه أحمد [5/ 45] والبزار والطبرانى [12/ 27، رقم 12371] بأسانيد حسان وعن غيرهم.

3425/ 8767 - "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ أَتَى عَطْشَانَ يَوْمَ القِيَامَةِ".

(حم) عن قيس بن سعد وابن عمرو

قال في الكبير: عن قيس بن سعد وعن ابن عمرو، ثم قال: رمز لحسنه، قال الزين العراقى: فيه من لم يسم، وقال تلميذه الهيثمى: فيه من لم أعرفهم.

قلت: فيه أمران، أحدهما: زيادته كلمة "عن" بين الصحابيين تفيد على اصطلاح أهل الحديث أن أحمد وأبا يعلى -الذي زاده هو- خرجاه بإسنادين [مختلفين] عن الصحابيين، والواقع ليس كذلك، بل الحديث بإسناد واحد عن الصحابيين كما سأذكره.

وثانيهما: أن الهيثمى لم يقل ما تقله عنه الشارح، بل قال [5/ 70] ما نقله الشارح عن العراقى، وأخشى أن يكون العراقى لم يقل شيئًا، وإنما هو مقال الهيثمى، ولفظه عن أبي تميم الجيشانى أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى وهو على مصر يقول:"سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" فذكر الحديث، قال: وسمعت عبد اللَّه بن عمرو بعد ذلك يقول مثله.

رواه أحمد [3/ 422] وأبو يعلى [3/ 26، رقم 1436]، وفيه رواه لم يسم اهـ.

ص: 325

3426/ 8768 - "مَنْ شَرِبَ خَمْرًا خَرَجَ نُورُ الإِيمَانِ مِنْ جَوْفِهِ".

(طس) عن أبي هريرة

قال في الكبير: لفظ رواية الطبرانى: "أخرج اللَّه نور الإيمان"، ثم قال: قال الزين العراقى في شرح الترمذى: إسناده ضعيف، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفهم، وقال المنذرى: ضعيف، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه.

قلت: أولا: لفظ الحديث عند الطبرانى كما ذكره المصنف لا كما زعمه الشارح وكذلك نقله الحافظ المنذرى في الترغيب، والحافظ الهيثمى في الزوائد.

وثانيا: المصنف رمز لهذا الحديث بعلامة الضعيف على ما في النسخ المطبوعة.

وثالثا: وحتى لو فرضنا أنه رمز له بعلامة الحسن، فهو كذلك وفوق ذلك لشواهده الصحيحة، منها الحديث المتواتر:"لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، ومنها حديث أبي هريرة أيضًا:"من زنى أو شرب الخمر نزع اللَّه منه الايمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه".

صححه الحاكم [1/ 22، رقم 57].

وقال أبو الحسين على بن محمد بن بشران في الأول من فوائده:

حدثنا على بن محمد المصرى ثنا محمد بن عمرو بن خالد ثنا سعيد بن المسيب ابن موسى ثنا مؤمل عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فقد كفر باللَّه عز وجل".

ص: 326

3427/ 8769 - "مَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا ما كَانَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاةً أَرْبَعينَ صَبَاحًا".

(طب) عن السائب بن يزيد

قال في الكبير: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلى، وهو متروك، وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه، وقضية تصرف المصنف حيث عدل للطبرانى واقتصر عليه أنه لم يروه مخرجًا في شيء من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول، فقد خرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص الكل مرفوعًا بلفظ:"من شرب الخمر لم يقبل اللَّه له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب اللَّه عليه" هذا لفظهم، ثم زادوا فيه بعده.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وفيه يزيد بن عضد الملك متروك وبه يعرف. . . إلخ، باطل من وجهين، أحدهما: أن يزيد بن عبد الملك قال فيه ابن معين: ما كان به بأس رواه عثمان الدارمى عنه، وقال ابن سعد: كان جلدا صارما ثقة، وروى له ابن حبان في الصحيح مقرونا وإن ذكره في الضعفاء.

ثانيهما: أن الحديث له طرق متعددة بلغت حد التواتر على شرط من يكتفى فيه بعشرة، فقد روى أيضًا من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه ابن عمرو بن العاص وأبي سعيد الخدرى وأنس بن مالك وابن عباس وأسماء بنت يزيد وأبي ذر الغفارى وعياض بن غنم ولبعض هؤلاء طرق متعددة عنهم، فمن نظر إلى هذه الطرق مع توثيق ابن سعد وابن معين ليزيد بن عبد الملك، جزم بصحة الحديث فضلا عن حسنه.

فحديث ابن عمر ورد عنه من طرق، من رواية عبيد بن عمير ومجاهد وخيثمة ابن عبد الرحمن ونافع مولاه.

ص: 327

فرواية عبيد بن عمير رواها أبو داود الطيالسى [ص 258، رقم 1901]:

ثنا همام عن عطاء بن السائب عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن ابن عمر قال: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، وإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه وكان حقا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال، قال: يا أبا عبد الرحمن وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار".

ورواه أحمد عن عبد الرزاق [2/ 35]:

ثنا معمر عن عطاء بن السائب به مختصرا، لم يذكر الثانية والثالثة والرابعة، بل قال من أول مرة:"فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد كان حقا على اللَّه" الحديث، ووقع عنده في الإسناد عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن ابن عمر دون ذكر أبيه.

ورواه الترمذى عن قتيبة بن سعيد [4/ 290، رقم 1862]:

ثنا جرير عن عطاء بن السائب به مطولا، ثم قال: حديث حسن.

ورواية مجاهد وردت عنه من أربعة طرق، الأول: من رواية يزيد بن أبي زياد.

قال الطبرانى:

حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد حدثنا خالد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيهن مات كافرا، فإذا أذهبت عقله

ص: 328

عن شيء من الفرائض لم تقبل منه صلاة أربعين يوما، وإن مات فيها مات كافرا (1) ".

يزيد بن أبي زياد، وقد قيل: عنه عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص كما سيأتى.

الثانى: من رواية الأعمش.

قال الدارقطنى في "العلل" أو "الأفراد":

حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا ثنا عباد بن يعقوب أنبأنا عمرو بن ثابت عن الأعمش عن مجاهد به مرفوعًا: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات فيها مات كافرا، ما دام في عروقه منها شيء"، إسناده لا بأس به، وإن تكلم في عباد وشيخه من أجل التشيع والرفض.

الثالث: يونس بن خباب، قال البزار:

حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدى ثنا أبي ثنا فطر بن خليفة عن يونس ابن خباب عن مجاهد به، بلفظ:"من سكر من الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات فيها مات كعابد الوثن"(2)، يونس بن خباب ضعفوه لأجل الرفض أيضًا.

الرابع: فضيل بن عمرو، لكنه وقفه.

قال النسائى [8/ 316]: أخبرنا أبو بكر بن على ثنا سريج بن يونس ثنا يحيى

(1) لم أجده عن معاذ بن المثنى، وإنما هو (12/ 404، رقم 13492) عن الحسين ابن إسحاق التسترى، ثنا واصل بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد به.

(2)

انظر كشف الأستار (3/ 353، رقم 2924)، مختصر الزوائد (1/ 626، رقم 1123).

ص: 329

ابن عبد الملك عن العلاء، وهو ابن المسيب عن فضيل عن مجاهد عن ابن عمر قال:"من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة ما دام في جوفه أو عروقه منها شيء، وإن مات مات كافرا، وإن انتشى لم تقبل له صلاة أربعين ليلة وإن مات فيها مات كافرا".

ورواية خيثمة بن عبد الرحمن خرجها الدارقطنى أيضًا، قال:

أنبأنا عبد اللَّه بن محمد ثنا منصور بن مزاحم ثنا أبو شيبة عن الحكم عن خيثمة ابن عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا: "من شرب الخمر ظل يومه مشركا ومن سكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات مات كافرا"، أبو شيبة هو جد الحافظ أبي بكر بن أبي شيبة ضعفوه لتشيعه.

ورواية نافع قال أبو سعيد بن الأعرابى في معجمه:

حدثنا جعفر بن برد ثنا محمد بشار العدنى بصنعاء عن بكر بن الشرود عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "من شرب مسكرا لم تقبل صلاته ما دام في بطنه منه قطرة"، بكر بن الشرود كذبوه.

وحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ورد عنه من طرق من رواية الوليد بن عبادة وابن الديلمى ونافع بن عاصم وعمرو بن شعيب عن أبيه، ومجاهد وفضيل بن عمرو موقوفًا فرواية الوليد بن عبادة قال الدارقطنى في السنن [4/ 247]:

حدثنا أبو بكر النيسابورى وأبو عمر القاضى قالا: حدثنا على بن أشكاب ثنا محمد بن ربيعة ثنا الحكم بن عبد الرحمن ثنا ابن أبي نعم عن الوليد بن عبادة قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يقول: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الخمر أم الخبائث ومن شربها لم يقبل اللَّه منه صلاة أربعين يوما، فإن مات وهى في بطنه مات ميتة الجاهلية"، واللفظ لأبي عمر القاضى.

ص: 330

ورواه القضاعى في مسند الشهاب من طريق الدارقطنى [1/ 68، رقم 57] فقال أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد إجازة أنا الدارقطنى به، لكنه اقتصر على قوله:"الخمر أم الخبائث".

ورواه الطبرانى في الأوسط:

حدثنا شباب بن صالح ثنا محمد بن حرب النسائى حدثنا محمد بن ربيعة الكلابى عن الحكم بن عبد الرحمن به.

ورواية ابن الديلمى قال أحمد [2/ 197]:

حدثنا أبو المغيرة ثنا محمد بن مهاجر أخبرنا عروة بن رويم عن ابن الديلمى الذي يسكن بيت المقدس عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يشرب الخمر أحد من أمتى فيقبل اللَّه منه صلاة أربعين صباحا".

رواه الدارمى [2/ 111] من طريق الأوزاعى عن ربيعة بن يزيد عن عبد اللَّه ابن الديلمى به مطولا.

وكذلك رواه ابن ماجه [2/ 1120، رقم 3377] عن عبد الرحمن بن إبرهيم الدمشقى: ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعى به مطولا أيضًا.

وقال أبو شعيب الحرانى حدثنا يحيى بن أبي كثير ثنا الأوزاعى به.

ورواه الطبرانى في الكبير:

حدثنا محمد بن نصر العطار ثنا هشام بن عمار ثنا عمرو بن واقد حدثنى يحيى ابن سليم عن أبي سلام الحبشى عن ابن الديلمى به.

ورواية نافع بن عاصم قال الطبرانى أيضًا: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد اللَّه بن عمرو به.

ص: 331

ورواية عمرو بن شعيب أخرجها المحاملى في أماليه من طريق يزيد بن هارون:

أنبأنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.

ورواية مجاهد أخرجها النسائى [8/ 316] من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به.

ورواية فضيل بن عمرو أخرجها الطبرانى في الكبير:

من طريق جرير بن حارم عن مغيرة عنه عن عبد اللَّه بن عمرو قال: إنى أجد في الكتاب المنزل: "من شرب الخمر فلم يسكر لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيها مات كافرا"، هكذا وهو منقطع، وقد سبق أنه رواه عن مجاهد عن ابن عمرو.

وحديث أبي سعيد الخدرى قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 140]:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو العباس الحمال ثنا العباس بن الوليد ابن مرداس ثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن حيان عن بدر بن راشد عن الحسن عن أبي سعيد قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من شرب مسكرا نجس ونجست صلاته أربعين يوما فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد في الرابعة كان حقا على اللَّه أن يسقيه طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار".

طريق آخر للحديث بنحو معناه قال عبد بن حميد [2/ 303، رقم 983]:

ثنا خالد بن مخلد ثنا سليمان بن بلال حدثنى إسماعيل بن رافع عن سليمان مولى سعيد عن أبي سعيد مرفوعًا "لا يقبل اللَّه لشارب الخمر صلاة ما دام في جسده منها شيء".

وحديث أنس، قال أبو طاهر المخلص:

ص: 332

حدثنا أبو على إسماعيل بن العباس الوراق ثنا حفص بن عمر أبو عمر الربالى البصرى ثنا أبو سحيم المبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعًا: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد الثانية لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"، الحديث إلى أن قال:"فإن عاد الرابعة كان حقا على اللَّه إن يسقيه من طينة الخبال". المبارك بن سحيم ضعيف.

وحديث ابن عباس ورد عنه من طريقين، أحدهما: من رواية شهر بن حوشب، والثانى: من رواية عطاء بن أبي رباح.

قال الطبرانى [12/ 249، رقم 13015]: حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عمرو ابن عثمان ثنا بقية حدثنى عتبة بن أبي حكيم عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به مرفوعًا.

وقال أيضًا [11/ 192، رقم 11465]: حدثنا الحسين بن إسحاق التسترى ثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجمانى ثنا حكيم بن نافع عن خصيف عن عطاء عن ابن عباس به.

وحديث أسماء بنت يزيد قال أحمد [6/ 460]:

حدثنا داود بن مهران الدباغ ثنا داود -يعنى العطار- عن ابن خيثم عن شهر ابن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولفظه: "من شرب الخمر لم يرض اللَّه عنه أربعين ليلة، فإن مات مات كافرا، وإن تاب تاب اللَّه عليه، وإن عاد كان حقا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال، قالت: قلت: يا رسول اللَّه وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار".

وقال أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيبانى في فوائده:

ثنا ابن صاعد ثنا محمد بن منصور الجرار المكى ثنا يحيى بن سليم عن

ص: 333

عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم به، ثم قال: هذا حديث عال حسن الإسناد.

وقال أبو الليث السمرقندى في "تنبيه الغافلين"[ص 117، رقم 356]:

حدثنا منصور بن جعفر، وهو أبو نصر الدبوصى بسمرقند حدثنا أبو القاسم أحمد بن محمد حدثنا عيسى بن أحمد ثنا على بن عاصم عن عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم به.

وحديث أبي ذر قال أحمد [5/ 171]:

حدثنا مكى بن إبراهيم ثنا عيد اللَّه بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن ابن عم لأبى ذر عن أبي ذر مرفوعًا: "من شرب الخمر لم يقبل اللَّه له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه" الحديث، وكذا رواه البزار والطبرانى.

وحديث عياض بن غنم قال أبو يعلى [12/ 207، رقم 6827]:

حدثنا الحكم بن موسى ثنا هقل بن زياد عن المثنى عن أبي الزبير عن شهر بن حوشب عن عياض بن غنم به مرفوعًا، والمثنى بن الصباح متروك.

وحديث أبي هريرة رواه الرشاطى في الانتساب من طريق أبي مسلم الكشى:

أنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا محمد بن على الساجى ثنا أبو عمران الجونى عن رجل عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به، وفيه قصة طويلة، لعلها مركبة، وقد ذكرها ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى في ترجمة الرشاطى بسنده إليه، ثم قال: وهذا الخبر أورده الرشاطى -كما سقته- في باب الحنبلى من كتابه، وهو مما نقد ابن عطية في أشباه له عليه، واعتقد جميعها فكاهات نسبها إليه، بل جعلها حكايات غثة، وقال: هي لغو وسقط، لا يحل أن تقرأ في جوامع المسلمين.

الثانى: قول الشارح: وقضية تصرف المصنف. . . إلخ باطل أيضًا، فإنه لم

ص: 334

يخرجه أحمد بهذا اللفظ أصلا، وصضيع المصنف قدمناه أكثر من ألف مرة أنه يقتصر في العزو على من خرج اللفظ المذكور.

الثالث: قوله: فقد خرجه الترمذى. . .إلخ باطل، فإن الترمذى لم يخرجه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، إنما خرجه من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب -كما قدمناه-.

الرابع: قوله: وابن ماجه في الأشربة الأول، كلام باطل لا معنى له، فإنه ليس لابن ماجه في سننه إلا كتاب واحد للأشربة، هو الأول والآخر.

الخامس: قوله: هذا لفظهم ثم زادوا فيه بعده، كلام غير معقول، ولا متصور معناه، بل هو من الطرف والمضحكات.

3428/ 8776 - "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ".

(خ) عن ابن عباس

قال في الكبير: ورواه أيضًا أحمد والطبرانى بهذه الزيادة، قال الهيثمى: ورجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله وأرساله، وقال في اللسان في ترجمة عبد اللَّه العمرى بعد ما نقل عن النسائى أنه رماه بالكذب: ومن مناكيره هذا الخبر، قال: تفرد العمرى بقوله: "وما تأخر"، وقد رواه الناس بدونها.

قلت: فيه خبط وتخليط، وذكر ما ليس له أصل، وذلك يتضح من وجوه، الأول: أن أحمد والطبرانى لم يخرجا حديث ابن عباس، وإنما خرج حديث أبي هريرة، وهما حديثان متغايران في عرف أهل الحديث، حتى إنهم يحكمون على الحديثين من هذا القبيل بأن أحدهما صحيح والآخر موضوع مع أن المتن واحد، وما ذلك إلا لاعتبارهم التباين التام بينهما من جهة الإسناد.

ص: 335

الثانى: أن عبد اللَّه العمرى الموهوم المزعوم لا وجود له في سند الحديث أصلا، لا حديث ابن عباس الذي ذكره المصنف، ولا حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الشارح.

أما حديث ابن عباس فقال الخطيب [6/ 181، 182]:

أخبرنى الحسن بن محمد الخلال حدثنا أحمد بن جعفر القطيعى إملاء حدثنا بشر بن موسى ثنا إبراهيم بن منصور بن موسى السامرى ثنا على بن سعيد الباهلى ثنا حماد بن أبي سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن عبد اللَّه بن عباس به.

وأما حديث أبي هريرة فقال أحمد [2/ 385]:

حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"، قال حماد وثابت: عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حام" وذكره، هكذا وقع في الأصل المطبوع: قال حماد وثابت بواو العطف، ولكن الحافظان المنذرى والهيثمى حكيا أن حمادا شك في وصله وإرساله، فكأنه ساقط من الأصل المطبوع الألف أو زيد في أصلهما واللَّه أعلم.

الثالث: أن عبد اللَّه العمرى هذا غير موجود في اللسان أيضًا، فليس فيه ترجمة لمخلوق اسمه عبد اللَّه العمرى ذكر فيه هذا الحديث (1)، والكلام عليه فلا أدرى من أى كتاب أتى به الشارح ولا من أى ترجمة، وعلى كل فهو أجنبى عن هذا الحديث.

الرابع: لا أدرى كيف يجترئ الشارح على مثل هذه الأغاليط بعد أن ينقل عن

(1) بل ذكره في اللسان (4/ 112، رقم 229) واسمه عبيد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز العمرى، وذكر له هذا الحديث، وذكر ما نقله عنه الشارح بتمامه.

ص: 336

مثل الحافظ الهيثمى أن رجال الحديث موثقون؟! وهو يزعم أن فيه عبد اللَّه العمرى الذي رماه النسائى بالكذب.

الخامس: ذكر أسماء الرجال هكذا مقتطعة بدون أسماء الآباء دليل على عدم الإتقان لما يقال وأن الرجل ليس له حظ في التحقيق، هذا وحديث أبي هريرة ورد بزيادة "وما تأخر" من غير طريق حماد الذي شك في وصله وإرساله.

قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"[1/ 132]:

ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب أبو بكر ثنا أحمد بن الحسين الأنصارى ثنا محمد ابن زنبور أبو صالح الأبطحى ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

3429/ 8777 - "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَه ستًا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَام الدَّهْرِ".

(حم. م. 4) عن أبي أيوب

قال في الكبير: قال الصدر المناوى: وطعن فيه من لا علم عنده، وغره قول الترمذى: حسن، والكلام في راويه سعد بن سعيد، واعتنى العراقى بجمع طرقه، فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا، رووه عن سعد بن سعيد، أكثرهم حفاظا أثبات.

قلت: الترمذى قال عن الحديث: حسن صحيح -كما في نسختنا- وسعد ابن سعيد تابعه عليه أخواه عبد ربه ويحيى وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو على اختلاف في ذلك، وله شواهد من حديث جابر وثوبان وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغنام والبراء بن عازب وشداد بن أوس وأنس بن مالك وأسماء بنت حارثة، وقد ذكر المصنف أقل من هذا العدد، وحكم عليه لأجلهم بالتواتر.

ص: 337

أما الرواة الذين رووه عن سعد بن سعيد فوقع لى منهم نحو ما وقع لى للحافظ العراقى على قلة الأصول في هذا الوقت، فقد وجدته من طريق أبي معاوية، وورقاء بن عمر، وعبد اللَّه بن نمير، وعبد العزيز الدراوردى، والحسين بن حى، وسفيان الثورى، وروح بن القاسم، وعبد ربه بن سعيد، وقرة بن عبد الرحمن، وسفيان بن عيينة، وحفص ابن غياث، وابن جريج، ويحيى بن سعيد، وحمزة بن ثابت، وعتبة بن خالد، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، ومحاضر بن المورع.

فرواية أبي معاوية عند أحمد [5/ 417] والترمذى [3/ 123، رقم 759].

ورواية ورقاء عند أبي داود الطيالسى [ص 81، رقم 594]، ومحمد بن يحيى الذهلى في جزئه عنه، والطحاوى في "مشكل الآثار"(3/ 117)[6/ 121، رقم 2340]، وأبي نعيم في الأمالى.

ورواية ابن نمير عند أحمد [5/ 419] ومسلم [2/ 822، رقم 1164/ 204] وابن ماجه [1/ 547، رقم 1716].

ورواية الدراوردى عند الدارمى [2/ 21] وأبي داود [2/ 336، رقم 2433] ورواية الحسن بن حى وسفيان الثورى عند الخطيب في التاريخ (3/ 57).

ورواية روح بن القاسم عند الطبرانى في الصغير في عبيد اللَّه بن عبد الرحمن (1)[1/ 397، رقم 664].

ورواية عبد ربه بن سعيد، وقرة بن عبد الرحمن، وسفيان بن عيينة، وحفص بن غياث كلها عند الطحاوى في "مشكل الآثار"(2).

(1) رواه في عبيد اللَّه بن محمد بن شبيب، وليس في عبيد اللَّه بن عبد الرحمن، وعبيد اللَّه بن عبد الرحمن في الحديث الذي قبله.

(2)

رواية عبد ربه بن سعيد (6/ 119، رقم 2337)، و (6/ 124، رقم 2347)، ورواية قرة (6/ 121، رقم 2341)، ورواية سفيان (6/ 122، رقم 2342)، ورواية حفص (6/ 123، رقم 2345).

ص: 338

ورواية ابن جريج، ويحيى بن سعيد، وحمزة بن ثابت ذكرها أبو نعيم في الأمالى.

ورواية عتبة بن خالد محند عبد العزيز بن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى.

ورواية إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك عند مسلم في الصحيح (1).

ورواية محاضر بن المورع عند البيهقى في السنن [4/ 292].

أما المتابعون لسعد بن سعيد، فمتابعة صفوان بن سليم عند الدارمى [2/ 21]، وأبي داود [2/ 336، رقم 2433]، وأبي نعيم في الأمالى، وابن النقور في فوائده، ومتابعة الباقين كلها عند الطحاوى في "مشكل الآثار"(2).

3430/ 8781 - "مَنْ صَامَ يومَ عرفةَ غَفَر اللَّه له سَنتَيْن، سنةً أمَامَه، وسَنة خَلفَه".

(هـ) عن قتادة بن النعمان

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام بن عمار، وفيه مقال سلف، وعياض بن عبد اللَّه قال في الكاشف: قال أبو حاتم: ليس بقوى.

قلت: فيه أمور، الأول: أن هشام بن عمار ثقة من رجال الصحيح احتج به البخارى في صحيحه.

الثانى: أن عياض بن عبد اللَّه المذكور في سند هذا الحديث غير عياض بن عبد اللَّه الذي قصد الشارح، فالمذكور في السند عياض بن عبد اللَّه بن سعد ابن أبي سرح، تابعى ثقة متفق عليه احتج به الجميع، والذي قصده الشارح

(1) رواية إسماعيل بن جعفر (2/ 822، رقم 1164/ 204).

(2)

الشكل (6/ 122، 123، رقم 2343، 2344).

ص: 339

عياض بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الفهرى، متأخر عن الأول، يروى عن الزهرى وطبقته، وهو وإن قال فيه أبو حاتم: ليس بقوى، فهو ثقة احتج به مسلم فهو من رجال الصحيح أيضًا.

الثالث: وهو من العجائب، أن في السند رجلا مشهور بالضعف، وهو إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، لم يتعرض له الشارح بسوء.

قال ابن ماجه [1/ 551، رقم 1731]:

حدثنا هشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة عن إسحاق بن عبد اللَّه عن عياض بن عبد اللَّه عن أبي سعيد الخدرى عن قتادة بن النعمان. فأخذ الشارح هشام بن عمار الثقة، ثم طفر الى ابن عياض بن عبد اللَّه الثقة، وترك ما بينهما، وهو إسحاق بن عبد اللَّه الضعيف، وهكذا الفضول ودخول المرء فيما لا يعرف.

3431/ 8783 - "مَنْ صَامَ يَوْمًا تَطَوُّعًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيهِ أَحَدٌ لَمْ يَرْض اللَّهُ لَهُ بِثَوابٍ دُونَ الجَنَّةِ".

(خط) عن سهل بن سعد

قال في الكبير: وفيه عصام بن الوضاح. قال الذهبى: له مناكير، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.

قلت: هذا مثل الذي قبله تقريبا، فعصام المذكور روى هذا الحديث عن أحد مشاهير الوضاعين الذين يعرفهم طلبة الحديث وهو سليمان بن عمرو النخعى الوضاع، فترك الشارح تعليل الحديث به وعلله بالراوى عنه، نعم ورد الحديث من غير طريقهما معا من حديث أبي هريرة، وإن كان عصام رواه أيضًا عن سليمان بن عمرو النخعى عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير اليزنى عن أبي هريرة بنفس سند الخطيب الذي روى به حديث سهل بن سعد، قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 360]:

ص: 340

ثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا يحيى بن حاتم العسكرى ثنا أبي ثنا بشر بن مهران عن الأوزاعى عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من صام يوما سرا لا يعلم به أحد لم يرض اللَّه له ثوابا إلا الجنة، ومن صلى على عشرة كتب له به براءة من النار".

3432/ 8785 - "مَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرٍ حَرَامٍ: الخَمِيسَ وَالجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ كُتِبَ لَهُ عِبَادَةُ سَنَتَينِ"

(طس) عن أنس

قال في الكبير: رواه (طس) من حديث يعقوب بن موسى المدنى عن مسلمة عن أنس. قال الهيثمى: ويعقوب مجهول، ومسلمة إن كان الخشنى، فهو ضعيف، وإن كان غيره فلم أعرفه.

قلت: ما قال الحافظ الهيثمى هذا، بل قال [3/ 191]: ومسلمة هو ابن راشد الحمانى، قال فيه أبو حاتم: مضطرب الحديث، وقال الأزدى: نجيح في الضعفاء لا يحتج به، وأورد له هذا الحديث، وأبوه راشد بن نجيح أبو محمد الحمانى أخرج له ابن ماجه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ، وقال ابن الجوزى: إنه مجهول، وليس كما قال فقد روى عنه حماد بن يزيد وابن المبارك وأبو نعيم الفضل بن دكين وآخرون، هذا كله كلام الحافظ الهيثمى في باب "الصيام في شهر اللَّه المحرم والأشهر الحرم"، فلا أدرى من أين نسب إليه الشارح ما حكاه عنه؟ (1).

(1) قال الهيثمى في المجمع (3/ 191) بعد أن ذكر الحديث عن أنس: رواه الطبرانى في الأوسط عن يعقوب بن موسى المدنى عن مسلمة، ويعقوب مجهول، ومسلمة هو =

ص: 341

ثم إن مسلمة بن راشد رواه عن أبيه كما ترى الهيثمى يتكل عليهما معا، والشارح زعم أنه رواه عن أنس، هذا وما جزم به الحافظ الهيثمى من أن المذكور في سند هذا الحديث هو ابن راشد الحمانى كذلك في الميزان ولسانه عن كتب الأقدمين أن يعقوب بن موسى يروى عن مسلمة بن راشد الحمانى، ولكنى وجدت الحديث في "تاريخ واسط لأسلم بن سهل"، صرح فيه بخلاف ذلك، فقال [ص 58]:

حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس ثنا يعقوب بن موسى ثنا مسلمة بن راشد بن معبد عن أبيه عن أنس به. وقال: "كتب له عبادة سنة"، قال راشد: صمت أذناى إن لم أكن سمعته من أنس، وقال أنس: صمت أذناى إن لم كن سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وراشد بن معبد هذا اختلفوا فيه، وتناقض فيه ابن حبان فذكره في الثقات وفي الضعفاء، وقال: روى موضوعات، وقال أبو داود: لا بأس به، وقال الحاكم: روى عن أنس أحاديث موضعوعة، وضعفه آخرون، ولم يذكروا من الرواة عنه ابنه مسلمة، فلا أدرى كيف وقع في هذا إن لم يكن لفظ ابن معبد سبق لسان من بعض الرواة؟

= ابن راشد. . إلخ اهـ. فالظاهر أن الشارح نقل كلام الهيثمى في يعقوب فقط ثم أردفه بتعليتة هو، واللَّه أعلم.

ص: 342

3433/ 8787 - "مَنْ صَبَرَ عَلَى القُوت الشَّدِيدِ صَبْرًا جَمِيلا أَسْكَنَهُ اللَّهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ حَيْثُ شَاء".

أبو الشيخ عن البراء

قال في الكبير: فيه إسماعيل بن عمرو البجلى، قال الذهبى: ضعفوه، وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره، فظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه غير أبي الشيخ، مع أن الطبرانى خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور، قال الهيثمى: وفيه إسماعيل البجلى ضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلت: فضيل بن مرزوق [من] رجال مسلم، والحديث لم يخرجه الطبرانى باللفظ المذكور.

3434/ 8796 - "مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَة فَقد أَخَذَ بحَظِّه مِنْ لَيْلَةِ القَدْرِ".

(طب) عن أبي أمامة

قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا للمؤلف.

وقال في الكبير: مستنده في هذا التعقب، بأن فيه مسلمة بن على وهو ضعيف.

قلت: وهو وإن كان ضعيفا إلا أن حديثه هذا حسن المتن، لوروده من وجوه أخرى قد ذكر الشارح بعضها منها أنه في الموطأ بلاغا عن سعيد بن المسيب، ومنها أن الخطيب أخرجه في "التاريخ" [5/ 330] في ترجمة محمد بن سويد الزيات من طريق الصلت بن الحجاج الأسدى:

حدثنا محمد بن جحادة عن أنس مرفوعًا: "من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الأوفر".

ص: 343

ومنها ما أخرجه الذهبى في الميزان من طريق محمد بن عبد الملك الدقيقى:

ثنا أبو على الحنفى أنبأنا فرقد بن الحجاج سمعت عقبة بن أبي الحسناء سمعت أبا هريرة مرفوعًا: "من صلى في رمضان عشاء الآخرة في جماعة فقد أدرك ليلة القدر".

قال الذهبى بعد أحاديث بهذا الإسناد: هذه نسخة حسنة وقعت لى، وغالب أحاديثها محفوظة اهـ.

فالمتن إذا حسن كما قال المصنف.

3435/ 8801 - "مَنْ صَلَّى قَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"

(طب) عن ابن عمرر

قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه أبو عبد الكريم ضعيف، وعزاه في موضع آخر إلى أوسط الطبرانى، وقال: فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه.

قلت: الحديث من رواية حجاج بن نصير عن اليمان بن المغيرة عن عبد الكريم أبي أمية عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به مطولا في "فضل لا إله إلا اللَّه"، وهو حديث حسن كما قال الشارح لأن حجاجا المذكور صدوق فحديثه حسن وعبد الكريم من شيوخ مالك لم يتهم بالكذب، وقد روى له البخارى تعليقا ومسلم متابعة فحديثه إلى الحسن أقرب، فإذا وردت له شواهد ومتابعات ارتقى إلى الحسن ولابد.

ولهذا الحديث شواهد كثيرة حسنة وصحيحة وفيها مقال وكلها شاهدة للحديث ومن ذلك ما قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 175]:

حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن إبراهيم بن عامر ثنا أبي [ثنا محمد بن

ص: 344

إبراهيم المدنى أبو عبد الرحمن حدثنى أبي] (1) عن عبد اللَّه بن جعفر عن على قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أربع ركعات من صلاهن قبل العصر حرمه اللَّه على النار".

3436/ 8802 - "مَنْ صَلَّى بَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَينِ قَبْلَ أَنْ يَتكَلَّمَ كُتِبَتَا فِي عِلِّيِّين".

(عب) عن مكحول مرسلا

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق، ورواه في مسند الفرودس مسندا عن ابن عباس. . . إلخ.

قلت: قوله: ورواه أيضًا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق، لا يخفى ما فيه وكأنه ذهول، فإن المصنف عزاه لعبد الرزاق فلا معنى لاستدراكه.

والحديث خرجه أيضًا محمد بن نصر المروزى في "قيام الليل" قال:

حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا أبو صالح حدثنى الليث حدثنى يحيى بن عبد اللَّه بن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن عمر بن عبد العزيز عن مكحول أنه بلغه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وذكره.

وورد موصولا من حديث أنس، رواه الدارقطنى في غرائب مالك عن الحسن ابن إسماعيل الضراب:

ثنا على بن عبد اللَّه بن أبي مطر ثنا رزق اللَّه بن يوسف الإسكندرانى ثنا الحسن ابن الليث بن حاجب ثنا أحمد بن سليمان الأسدى عن مالك عن الزهرى عن أنس به.

قال الدارقطنى: من دون مالك في الإسناد ضعفاء كلهم.

(1) الزيادة من تاريخ أصبهان.

ص: 345

3437/ 8804 - "مَنْ صَلَّى مَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، فَإِنَّهَا صَلاة الأَوَّابينَ".

ابن نصر ومحمد بن المنكدر مرسلا

زاد الشارح في الكبير في كتاب عن محمد بن المنكدر مرسلا، قال: ورواه عنه أيضًا ابن المبارك في "الرقائق".

قلت: زيادة الشارح قوله: في الصلاة غلط فإن لمحمد بن نصر كتاب الصلاة، وكتاب "قيام الليل"، وهذا الحديث خرجه في كتاب "قيام الليل" لا في كتاب "الصلاة"، فإن موضوعه "أحكام الصلاة"، قال محمد بن نصر في "قيام الليل":

حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح حدثنى أبو صخر أنه سمع محمد بن المنكدر به.

وهو عند ابن المبارك في "الزهد"[ص 445، رقم 1259] في باب الصلاة بين المغرب والعشاء في أواخر الكتاب تقريبا قبل ثلثه.

3438/ 8805 - "مَنْ صَلَّى بَيْنَ المَغْرِب والعِشَاء عِشْرِينَ رَكْعَةً بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتا فِي الجَنَّةِ".

(هـ) عن عائشة

قلت: سكت عنه الشارح وهو حديث موضوع، فيه يعقوب بن الوليد المدنى كذاب وضاع بل قال أحمد: إنه من الوضاعين الكبار.

3439/ 8812 - "مَنْ صَلى عِنْدَ قَبْرِى سَمِعْتُهُ، وَمَنْ صَلَّى عليَّ نَائِيا أبْلِغْتُهُ ".

(هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال ابن حجر يعنى الحافظ في الفتح: سنده جيد وهو غير

ص: 346

جيد، فإن البيهقى رواه من حديث محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي هريرة. . . إلخ.

قلت: ما كنت أظن أن الغفلة والجرأة تصل بالشارح إلى حد الانتقاد على شيخ الفن بالجهل والتهور، فالحافظ أورد الحديث من عند أبي الشيخ في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال:

حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الأعرج ثنا الحسن بن الصباح ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به.

فهذا سند نظيف لا وجود لمحمد ابن مروان السدى فيه بخلاف سند البيهقى، فإنه قال [2/ 218، رقم 1583]:

[أخبرنا] على بن محمد بن بشران: أنبأنا أبو جعفر الرازى ثنا عيسى بن عبد اللَّه الطيالسى ثنا العلاء بن عمرو الحنفى ثنا أبو عبد الرحمن عن الأعمش به، ثم قال: أبو عبد الرحمن هذا محمد بن مروان السدى فيما أرى، وفيه نظر وقد مضى ما يؤكده اهـ.

فاعجب لغباوة الشارح التي تحمله على الاعتقاد بأن الحافظ قد يغلط مثل هذه الغلطة الفاحشة، لأن محمد بن مروان السدى مشهور يعرفه صغار طلبة الحديث فكيف يخفى أمره على شيخ شيوخ متقنى الفن الحافظ؟!.

3440/ 8815 - "مَنْ صَلَّى خَلْفَ الإِمَام فَلْيَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ".

(طب) عن عبادة بن الصامت

قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه سعيد بن عبد العزيز، قال الذهبى: نكرة.

قلت: لا شيء من هذا واقع، والحديث أصله في الصحيح (1) وهو معروف وقد ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد وقال: رجاله موثقون فليتق اللَّه الشارح وليترك هذه المغالطات.

(1) البخارى (1/ 192، رقم 756)، مسلم (1/ 295، رقم 394/ 34).

ص: 347

3441/ 8816 - "مَنْ صَلَّى عَلَيهِ مِائَةٌ مِنَ المُسْلمِينَ غُفر لَه".

(هـ) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أبو الشيخ وغيره.

قلت: سكت عن الكلام على إسناده وهو حديث صحيح وأصله في صحيح مسلم من حديث عائشة (1).

وقد أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 245، رقم 270]، وأبو نعيم في الحلية [7/ 228]، وتاريخ أصبهان [1/ 360].

3442/ 8818 - "مَنْ صلَّى صَلاةَ فَرِيضَةٍ فَلَهُ دَعْوَة مُسْتجَابَةٌ، وَمَنْ خَتَمَ القُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَة".

(طب) عن العرباض بن سارية

قال الشارح: فيه عبد الرحمن بن سليمان ضعيف.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الحميد بن سليمان وهو ضعيف.

قلت: هكذا اختلف في اسم الرجل والصواب عبد الحميد، أما عبد الرحمن فتحريف منه على عادته، وعبد الحميد بن سليمان هو أخو فليح بن سمليمان، تكلموا فيه، بل وفي أخيه أيضًا مع أنه من رجال الصحيحين.

3443/ 8820 - "مَنْ صُنعَ إِلَيهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ في الثَّنَاءِ".

(ت. ن. حب) عن أسامة بن زيد

قال في الكبير: رواه النسائى في اليوم والليلة. . . إلخ.

قلت: ذكر يوم وليلة عقب رمز المصنف للنسائى غريب مضحك فإن المصنف يرمز للمخرجين بتقييد الكتب التي خرجوا فيها الحديث لها بإطلاق،

(1) مسلم (2/ 654، رقم 947/ 58).

ص: 348

فالنون هو رمز النسائى في السنن، فقول الشارح: في اليوم والليلة تناقض ومخالفة لرمز المصنف، فإنه لو قصد اليوم والليلة لصرح بذلك على قاعدته. ومن الغريب أيضًا أن المصنف وهم في هذا الرمز لأن النسائى لم يخرج الحديث المذكور في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة، وإنما خرجه في الكبرى [6/ 53، رقم 10008]، والقاعدة أن اطلاق العزو إليه إنما ينصرف إلى المجتبى فغفل الشارح، بل لم يدر هذا مطلقا، وإلا فهو لا يغفل عما فيه أدنى ما يشير إلى وهم المصنف.

والحديث خرجه أيضًا ابن السنى في اليوم والليلة [ص 91، رقم 270] عن النسائى:

ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهرى ثنا الأحواص بن جواب ثنا سعيد بن الخمس عن سليمان التيمى عن أبي عثمان النهدى عن أسامة بن ؤيد.

ورواه الطبرانى في الصغير [2/ 291، رقم 1183]:

ثنا يزيد بن إبراهيم الرفاعى الأصبهانى عن أحمد بن يونس الضبى ثنا أبو الجواب الأحواص بن جواب به.

ثم قال الطبرانى [1/ 291، رقم 1184]:

ثنا أبو مسلم الكشى ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا موسى ابن عبيدة الربذى عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قال الرجل: جزاك اللَّه خيرا فقد أبلغ الثناء".

حدثنا [1/ 291، رقم 1185] إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق قراءة عن الثورى عن موسى بن عبيدة به مثله.

هكذا أتى به الطبرانى في غير محله شاهد للأول.

ص: 349

ورواه -أعنى حديث الباب- أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 342] في ترجمة يزيد بن إبراهيم عن الطبرانى.

3444/ 8820 - "مَنْ صَنَعَ صَنيعَةً إِلَى أَحَدٍ منْ خَلَفِ عَبْد المطلبِ فِي الدُّنيَا فَعَلَيَّ مُكَافَأتُهُ إِذَا لَقِيَنِى".

(خط) عن عثمان

قال في الكبير: رواه (خط) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كامل الفزارى، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعفه النسائى، وأبان بن عثمان متكلم فيه. . . إلخ.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الخطيب خرج الحديث [10/ 103] في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن أبي كامل الفزارى لا عبد الرحمن بن أبي كامل ثانيهما: أن أبان بن عثمان الذي في سند هذا الحديث هو أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه تابعى ثقة من رجال الصحيح هذا، فإن عبد الرحمن بن أبي الزناد رواه عن أبيه عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه، وأبان بن عثمان الذي تكلم فيه هو رجل آخر متأخر يروى عن أبان بن تغلب، قال الذهبى: تكلم فيه ولم يترك بالكلية، وأما العقيلى فاتهمه اهـ.

وهذه غفلة من الشارح تسقط قدره عن درجة الاعتبار مع إكثاره جدًا من مثل هذا في الرجال، فما أدرى الحامل له على الدخول فيما لا يعنيه ولا يدريه.

3445/ 8831 - "مَنْ ضَمَّ يَتيمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِه حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة".

(طس) عن عدى بن حاتم

قال الشارح: وإسناده ضعيف ووهم المؤلف.

ص: 350

قلت: ما وهم المؤلف لأنه لا يقصد الإسناد وإنما يقصد المتن، والمتن حسن وفوق الحسن، بل صحيح لوروده من طرق متعددة، ذكر الشارح نفسه في الكبير منها طريقين حسنهما الحافظ الهيثمى.

3446/ 8832 - "مَنْ ضَنَّ بِالمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَبِالليلَ أَنْ يكَابِدَهُ فَعَلِيهِ بِسُبْحَانَ اللَّه وبِحَمْدِهِ".

أبو نعيم في المعرفة عن عبد اللَّه بن حبيب

قال في الكبير: قال الذهبى في الصحابة: مجهول عن عبيد اللَّه بن عمير، وفي التقريب: عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة بن عبد الرحمن السلمى الكوفى المقرى مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، وفيه عبيد اللَّه بن سعيد بن كثير، قال الذهبى: فيه ضعف عن أبيه سعيد. . . إلخ.

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: صحابى مجهول عن عبيد اللَّه بن عمير، كلام غير مفهوم ولا معقول أن يكون صحابى الحديث رواه عن غيره ثم لا يذكر في الإسناد.

والواقع أن الحديث مروى من طريق صفوان بن سليم عن عبد اللَّه بن كعب عن عبيد اللَّه بن عمير عن عبد اللَّه بن حبيب، فعبيد اللَّه بن عمير هو الراوى عن عبد اللَّه بن حبيب.

الثانى: أن عبد اللَّه بن حبيب الذي ذكره الحافظ في التقريب غير هذا، لأن هذا صحابى وذاك يقول عنه: لابيه صحبة -يعنى لا له- فهو تابعى، وهذا مجهول لا يعرف، وذاك له ترجمة حافلة في التهذيب فهو معروف مشهور، روى عنه إبراهيم النخعى وعلقمة بن مرثد وسعد بن عبيدة وأبو إسحاق السبيعى وسعيد بن جبير والكبار ممن يطول ذكره، وروى هو عن عمر وعثمان وعلى وسعد وابن مسعود وحذيفة وأبي موسى الأشعرى وأبي هريرة وأبي

ص: 351

الدرداء وغيرهم من الصحابة فهو تابعى كبير، وروى له البخارى ومسلم والجميع، وأثنى عليه الناس ووثقوه ووصفوه بالعبادة والتبتل، فكيف يجتمع هذا مع ذاك الذي يقول عنه الذهبى: أنه مجهول؟!

الثالث: أنه عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة بالتصغير أبو عبد الرحمن لا ابن عبد الرحمن كلما قال الشارح، فأبو عبد الرحمن كنيته لا اسم جده.

والحديث له شواهد عن جماعة من الصحابة، قال ابن شاهين في "الترغيب"[1/ 191، رقم 157]:

حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك أنبأنا أحمد بن الحسين بن مدرك القصرى (1) ثنا سليمان بن أحمد الواسطى ثنا ابن خلدة حدثنى ابن ثوبان عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من هاله الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وجبن عن العدو أن يقاتله: فليكثر من سبحان اللَّه وبحمده فإنهما أحب إلى اللَّه من جبل ذهب ينفقه في سبيل اللَّه عز وجل".

ورواه الفريابى في الذكر والطبرانى في الكبير من هذا الوجه [8/ 230، رقم 7800]، قال الحافظ المنذرى: وهو حديث غريب ولا بأس بإسناده إن شاء اللَّه.

وقال الحافظ نور الدين في الزوائد: سليمان بن أحمد الواسطى وثقه عبدان وضعفه الجمهور، والغالب على بقية رجاله التوثيق.

وقال البخارى في الأدب المفرد [ص 104، رقم 275]:

(1) في الأصل: "البصرى" والصواب: "القصرى" نسبة إلى قصر ابن هبيرة، وقد سمع منه جماعة منهم: الطبرانى، وابن المنادى، وعمر بن الحسن الشيبانى وغيرهم، وكلهم سمع منه بقصر ابن هبيرة. انظر تاريخ بغداد (4/ 96)، واللباب (3/ 41) اهـ. قاله محقق الترغيب في هامشة.

ص: 352

ثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زبيد عن مرة عن عبد اللَّه قال: "إن اللَّه تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بيكم أرزاقكم، وإن اللَّه تعالى يعطى المال من أحب ومن لا يحب ولا يعطى الإيمان إلا من يحب، فمن ضن بالمال أن ينفقه وخاف العدو أن يجاهده وهاب الليل أن يكابده فليكثر من قول لا إله إلا اللَّه وسبحان اللَّه والحمد للَّه واللَّه أكبر".

وهذا الحديث قد روى أوله إلى قوله: "ولا يعطى الإيمان إلا من يحب" عن ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد [1/ 387] والحاكم [1/ 33، رقم 94] وصححه البخارى في التاريخ [4/ 313]، وأشار إلى أن سفيان الثورى انفرد بوقفه.

وقال ابن شاهين أيضًا [1/ 190، رقم 156]:

حدثنا الحسين بن محمد بن عفير الأنصارى ثنا أحمد بن محمد بن نيزك ثنا أبو أحمد ثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من هاب منكم الليل أن يكابده وخاف العدو أن يجاهده وضن بالمال أن ينفقه فليكثر من ذكر اللَّه".

ومن هذا الوجه رواه أيضًا البزار والطبرانى في الكبير [11/ 84، رقم 11121]، وأبو يحيى المذكور في السند هو القتات مختلف فيه، والباقون ثقات.

3447/ 8834 - "مَنْ طَاف بالبَيتِ سَبعًا وَصَلى رَكَعِتينِ كانَ كَعِتق رَقَبَةٍ".

(هـ) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال ابن الجوزى، حديث لا يصح، ورواه عنه أيضًا الترمذى وحسنه بلفظ:"من طاف بهذا البيت أسبوعًا فأحصاه كان كعتق رقبة".

قلت: هو حديث طويل ذكره الترمذى آخر باب الحج [3/ 283، رقم 959]

ص: 353

وذكره المصنف في الزوائد وعزاه للترمذى والنسائى [5/ 221] والحاكم [3/ 457، رقم 5925] وأخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [2/ 297، رقم 331].

3448/ 8835 - "مَنْ طَافَ بِالبَيت خَمْسِينَ مَرة خَرَجَ مَنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدتْهُ أمُّهُ".

(ت) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال ابن الجوزى: فيه يحيى بن يمان، قال أحمد: ليس حجة، وابن المدينى: تغير حفظه، وأبو داود: يخطئ في الأحاديث ويقلبها.

قلت: هو مع كونه من رجال الصحيح روى له مسلم، فلم ينفرد بل تابعه عبد اللَّه بن المبارك عن شريك، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 298، رقم 333]:

حدثنا محمد بن يعقوب بن الخصيب ثنا أحمد بن محمد بن عمر اليمامى ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن المبارك عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس مرفوعًا: "من طاف بهذا البيت خمسين أسبوعًا غفر له".

3449/ 8838 - "مَنْ طَلَب العِلمَ تَكفَلَ اللَّه لَهُ بِرِزقِهِ".

(خط) عن زياد بن الحارث الصدائى

قال في الكبير: وفيه يونس بن عطاء ذكره الذهبى في الضعفاء، وقال عن ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.

قلت: الحديث أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 245، رقم 391] من طريق يونس بن عطاء المذكور عن سفيان الثورى عن أبيه عن جده عن زياد ابن الحارث به، وقال الخطيب بعده [3/ 18]: غريب من حديث الثورى عن أبيه عن جده، لا أعلم رواه إلا يونس بن عطاء.

ص: 354

غير أن أحمد بن يحيى بن زكريا المصرى قد حدث به عن إسحاق بن إبراهيم ابن موسى عن أبي زفر سعيد بن يزيد قرابة حجاج الأعور عن أبي ناشزة عن الثورى، ولعل أبا ناشزة هو يونس بن عطاء فاللَّه أعلم.

وكذا قال الذهبى تبعًا للخطيب وتعقبه الحافظ بأن الضمير في قوله: عن جده، ليونس لا للثورى، لأن يونس المذكور هو ابن عطاء بن عثمان بن ربيعة بن زياد ابن الحارث الصدائى.

3450/ 8839 - "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّه حَتَّى يَرجِع".

(حل) عن أنس

قال في الكبير: وفيه خالد بن يزيد مضعف.

قلت: خالد بن يزيد في الضعفاء نحو عشرة، فمن منهم المراد؟

والواقع أنه خالد بن يزيد اللؤلؤى.

والحديث خرجه الترمذى [5/ 29، رقم 2647] وجماعة بلفظ: "من خرج يطلب العلم" الحديث، وقد سبق للمصنف، ولكن الشارح لم يعلم بذلك، وقد تكلمنا على الحديث في الموضوع السابق لغريبة أتى بها الشارح فيه.

3451/ 8840 - "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِى به العُلمَاء أوْ ليُمَارِى بِهِ السُّفَهَاءَ أو يَصْرِفَ بِهِ وجُوه النَّاسَ إليهِ أدخلهُ اللَّهَ النَّار".

(ت) عن كعب بن مالك

زاد الشارح في الكبير: عن أبيه رقعه، رمز المصنف لحسنه وقال: غريب، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال الذهبى في الكبائر: واه، وقال غيره: متكلم فيه من قبل حفظه، وقال في اللسان عن العقيلى: في الباب عن جمع من الصحب كلها لينة الأسانيد، قال: وقال العلائى: هذه الأحاديث بواطيل، وقال في المهذب عن الدارقطنى: إسحاق متروك.

قلت: فيه أمور، الأول: الخبط والتخليط.

ص: 355

الثانى: قوله: عن كعب بن مالك عن أبيه، فإنه من المضحك، والواقع أن الحديث من رواية ابن كعب بن مالك عن أبيه، فنقل هو ذلك إلى كعب بن مالك.

الثالث: قوله: رمز المصنف لحسنه وقال: غريب، وهذا لا يخفى ما فيه.

الرابع: ما نقله عن الحافظ في اللسان أثناء كلامه على إسحاق بن يحيى يفيد أن الحافظ ذكر ذلك في ترجمته مع أن الحافظ لم يذكر إسحاق بن يحيى في اللسان.

3452/ 8847 - "مَنْ عَال ثَلاثَ بَنَاتٍ فَأَدَبهُنَّ وزوجهُنَّ وأحْسَنَ إليهِنَّ فَلَهُ الجنَّةَ".

(د) عن أبي سعيد

قال الشارح: وإسناده صحيح، واقتصار المؤلف على حسنه غير سديد.

قلت: بل سديد وفوق السديد، فإن في سنده اضطرابًا يمنع من صحته اصطلاحًا وإن كان المتن له طرق أخرى.

3453/ 8848 - "مَنْ عَدَّ غَدًا مِنْ أجلِهِ فَقَدْ أسَاءَ صُحْبَةَ الموْتِ".

(هب)

قال في الكبير: وكذا الخطيب عن أنس، ثم قال: وقضية صنيع المصنف. . . إلخ.

قلت: فيه أمران، أحدهما: الغلط الفاحش في قوله: وكذا الخطيب عن أنس، فإن الخطيب رواه من وجه آخر من حديث على عليه السلام فقال [3/ 89]:

أخبرنا محمد بن طلحة بن محمد ثنا أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى إملاء حدثنى أبي حدثنا على بن إبراهيم ثنا على بن إبراهيم عن

ص: 356

أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلى عن إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه مرفوعًا به مثله.

ثم قال الخطيب: من دون جعفر بن محمد كلهم مجهولون اهـ.

وهذا هو الطويق الذي أشار إليه البيهقى بقوله: وروى من وجه آخر ضعيف.

ثانيهما: أن قوله: فظاهر صنيع المصنف. . إلخ، كذب على صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لاسم مؤلفه لأنه لا ينقل كلام المخرجين كما يعرف ذلك الشارح.

3454/ 8851 - "مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أجْرِهِ".

(ت. هـ) عن ابن مسعود

قلت: كل ما كتبه الشارح في الكبير على هذا الحديث أخذه من اللآلئ المصنوعة للمصنف ولم يعز إليه من ذلك حرفًا، فإن المصنف أطال وأجاد في التعقب على ابن الجوزى في هذا الحديث، ومن تعقبه لخص الشارح ما ذكره وسكت غمطًا لحقه، ولو قصر المصنف لتعرض الشارح لذلك وقال تلك العبارة الممقوتة وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته.

ومما لم يذكره المصنف في تعقبه من مخرجى الحديث وطرقه ما قال ابن السنى في اليوم والليلة [ص 188، رقم 579]:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا الحسن بن على بن يزيد الصدائى ثنا حماد بن الوليد عن سفيان الثورى عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللَّه بن مسعود به.

وقال أبو نعيم في الحلية [7/ 164]:

ص: 357

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عمر بن أيوب بن مالك ثنا محمد بن معاوية الأنماطى ثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول (ح)

وحدثنا محمد بن حميد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا الحسين بن على الصداثى ثنا حماد بن الوليد قالا معًا: حدثنا سفيان الثورى به.

ثم قال: غريب عن الثورى عن محمد، رواه شعبة ومعمر وإسرائيل وعبد الحكيم بن منصور في آخرين عن محمد بن سوقة، وقد أطلت في طرق هذا الحديث وشواهده في مستخرجى على مسند الشهاب بما لعله لا يوجد مجموعًا في كتاب ويستحق أن يفرد في جزء مخصوص والحمد للَّه.

3455/ 8852 - "مَنْ عَشقَ فَعَفَّ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا".

(خط) عن عائشة

قال في الكبير: وفيه أحمد بن محمد بن مسروق، قال الذهبى: لينه الدارقطنى، وسويد بن سعيد فإن كان هو الدقاق فقد قال على بن عاصم: منكر الحديث، وإن كان الذي خرج له مسلم فقد قال أحمد: متروك إلخ.

قلت: الذي روى هذا الحديث هو سويد بن سعيد الحدثانى الذي خرج له مسلم، وهو مشهور بروايته مذكور في تراجمه، والثانى لا دخل له في هذا الحديث.

ثم من عجائب حال الشارح في التحريف أن الذهبى قال في ترجمته: روى عن على بن عاصم خبرًا منكرًا قاله ابن الجوزى، فجعل الشارح شيخه على ابن عاصم هو الذي تكلم فيه وقال: إنه منكر الحديث، وهكذا لا يكاد ينطق بصواب سواء قائلًا أو ناقلًا.

وبعد، فحديث الباب قد صححته وأفردت لذلك تأليفًا عجيبًا سميته "درء

ص: 358

الضعف عن حديث من عشق فعف" فعليك به فإنه مفيد للغاية.

3456/ 8854 - "مَنْ عَفَا عِنْدَ القُدرَةِ عَفَا اللَّه عَنْهُ يَوْمَ العُسْرَةِ"

(طب) عن أبي أمامة

قال الشارح: وضعفه الهيثمى، فتحسين المؤلف له ليس في محله.

قلت: المؤلف لم يحسن هذا الحديث بل سكت عليه فلم يرمز له بشيء.

3457/ 8855 - "مَنْ عَفَا عَنْ دَمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوابٌ إلا الجنَّة".

(خط) عن ابن عباس

قال في الكبير: وفيه أحمد بن إسحاق البغدادى، قال الخطيب: روى عنه أبو عوانه خبرًا معللًا: "من عفا. . . " إلخ، فما أوهمه صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غير جيد.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الخطيب لم يقل ما نقله عنه الشارح بل قال ما نصه [4/ 29].

أحمد بن إسحاق البغدادى أخيرنا البرقانى ثنا على بن الحسن الجوينى ثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق ثنا أحمد بن إسحاق البغدادى أخبرنا أحمد بن أبي الطيب -ثقة- ثنا أبو إسحاق القزارى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة".

قال أبو عوانه: هذا غريب لا آمن أن يكون له علة اهـ.

ثانيهما: الكذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة التضعيف كما رمز لمخرجه، وهو لا ينقل كلام المخرجين.

ص: 359

3458/ 8856 - "مَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلهِ دَخَلَ الجنَّةَ".

ابن منده عن جابر الراسبى

قال في الكبير: وهنا أمران، الأول: أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه ساكتًا على والأمر بخلافه، بل قال: هذا حديث غريب إن كان محفوظا اهـ. الثانى: أنه تبعه على قول الراسبى وليس بصواب، فقد قال أبو نعيم: الراسبى وهم، وإنما هو الأنصارى.

قلت: وفيه أيضًا أمران، أحدهما: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين وذلك شرطه في كتابه كما لا ينقله أكثر الحفاظ، فإلزام الشارح المصنف بهذا من العجور المخترع المقصود لإظهار قصور المصنف وتقصيره بالباطل المجرد الذي لا رائحة فيه للصواب.

ثانيهما: من عرف هذا الشارح أن الحق مع أبي نعيم حتى جعل إقرار المصنف لابن منده غير صواب؟ ولم لا يكون الحق مع ابن منده وأبو نعيم واهم في تعقبه المقصود، لما هو معلوم مما كان بين ابن منده وأبي نعيم من العداوة والمنافسة.

3459/ 8860 - "مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّه رَبَّهُ وأنِّى نَبِيَّهُ مُوقِنًا مِنْ قَلبِهِ حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّار".

البزار عن عمران

قال الشارح: وضعفه الهيثمى بعمران القصير وغيره، فرمز المؤلف لحسنه ممنوع.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عمران القصير وهو متروك، وعبد اللَّه بن أبي القلوص.

قلت: عمران القصير مختلف فيه، وقد روى له البخارى ومسلم فهو من رجال الصحيح، وعبد اللَّه بن أبي القلوص لم أجد له ذكرا في الضعفاء، إلا

ص: 360

أن الحافظ الهيثمى لم يقل شيئًا من هذا بل قال: في إسناده عمر بن محمد بن عمر بن صفوان (1) وهو واهى الحديث اهـ.

ومن الغريب أنى لم أجد هذا الأخير أيضًا في الضعفاء لا بهذا الاسم ولا بالاسم الواقع في سند هذا الحديث عند أبي الشيخ في العوالى والخطيب في التاريخ وأبي نعيم في الحلية، فإنهم سموا جده معدان لا صفوان كما قال الحافظ الهيثمى فاللَّه أعلم (1).

قال أبو الشيخ في العوالى:

حدثنا إبراهيم بن محمد الرازى ثنا عحمد بن يوسف السكيلينى ثنا أيوب بن سليمان البصرى ثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان عن عمران القصير عن عبد اللَّه بن أبي القلوص عن مطرف عن عمران به.

وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 182]:

حدثنا القاضى أبو أحمد ثنا محمد بن الحسن بن بدينا ثنا عباس بن عبد العظيم ثنا أيوب بن سليمان بن يسار صاحب الكرا ثنا عمر بن محمد بن معدان به.

وقال الخطيب [11/ 308]:

(1) قد ذكره البخارى في التاريخ [6/ 190، رقم 2135]، وقال:"عمر بن محمد بن معدان يعد في البصريين، سمع عمران القصير" اهـ. وذكره أيضًا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [6/ 132، رقم 721] وقال: "عمر بن محمد بن عمر بن معدان، يعد في البصريين، سمع عمران القصير. . " اهـ. وفي كشف الأستار [1/ 15، رقم 14]، ومختصر زوائد مسند البزار [1/ 64، رقم 7] ابن معدان، وعند ذكر عمران القصير في التهذيب [22/ 352، رقم 4502] ذكر المزى فيمن روى عنه عمر بن محمد بن معدان وكذلك في المعجم الكبير للطبرانى [18/ 124، رقم 253] ذكره بـ: "ابن معدان"، ولم يذكره أحد بـ:"صفوان" إلا الهيثمى في المجمع (1/ 19) فالظاهر أنه تصحف من "معدان" إلى "صفوان"، وهو ما أثبته المؤلف رحمه الله.

ص: 361

أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان ثنا أبى أبو عمرو عثمان بن أحمد بن الحسين ابن الفلو ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملى ثنا محمد بن شعبة بن جوان ثنا أيوب بن سليمان بن سيار الشيبانى ثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان به.

فالغالب أن الحافظ الهيثمى اشتبه عليه هذا الاسم باسم آخر، وإلا فمن البعيد جدًا أن يكون هذا الرجل واهى الحديث كما يقول ولا يذكره الذهبى في الميزان ولا الحافظ في اللسان، بل الغالب أن الحافظ الهيثمى لم يكن عمدته في الضعفاء إلا الميزان.

ولهذا فالحديث حسن كما قال المصنف، ثم هو مع شواهده صحيح، لأنه من المقطوع به في الدين بالضرورة.

3460/ 8866 - "مَنْ عَمَّرَ جَانِبَ المسْجِدِ الأيْسَر لِقِلَّةِ أهْلِهِ فَلَهُ أجْرَانِ".

(طب) عن ابن عباس

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور.

قلت: المصنف ذكر حديث ابن عمر قبل هذا مباشرة ملاصقا له وعزاه لابن ماجه، ثم بعده ذكر هذا الحديث لأنه حديث آخر اصطلاحا وفيه زيادة غير موجودة في الأول.

3461/ 8876 - "مَنْ عَمَّرَ مِنْ أمَّتِى سَبْعِينَ سَنَة فَقَدْ أعْذَرَ اللَّه إلِيهِ فِي العُمُرِ".

(ك) عن سهل بن سعد

ص: 362

قال في الكبير: وقال الحاكم: على شرط البخارى ولم يخرجاه، قال الزيلعى: ووهم إذ هو في البخارى بلفظ: "من عمره اللَّه ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر".

قلت: الزيلعى لم يقصد حديث سهل بن سعد فإنه لم يخرجه البخارى، وإنما قصد حديث أبي هريرة ومع ذلك فلم يصب أيضًا من جهة اللفظ، وذلك أن الحاكم روى من طريق الليث عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة مرفوعًا [2/ 247، رقم 3597]: "إذا بلغ الرجل من أمتى ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر" ثم قال: صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه.

ثم رواه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ [2/ 427، رقم 3598]: "أعمار أمتى ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجاوز ذلك"، ثم قال: على شرط مسلم ولم يخرجاه.

ثم رواه من طريق محمد بن عبد الرحمن الغفارى عن أبي هريرة بلفظ [2/ 427، رقم 3599]: "لقد أعذر اللَّه إلى عبد عمره ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر اللَّه في عمره إليه".

ثم رواه [2/ 428، رقم 3600] من طريق معمر عن شيخ من غفار عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة نحوه.

ثم رواه [4/ 428، رقم 3601] من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد باللفظ المذكور هنا وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

أما الزيلعى فعزا الحديث إلى البزار من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة، وإلى ابن مردويه في التفسير من طريق

ص: 363

حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد بلفظ: "العمر الذي أعذر اللَّه فيه لابن آدم ستون سنة".

ثم قال: وهو في البخارى بلفظ آخر، رواه في الرقاق من حديث معن بن محمد الغفارى عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة مرفوعًا:"من عمر اللَّه ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر"، ووهم الحاكم فرواه في المستدرك وقال: على شرط البخارى ولم يخرجاه اهـ.

فأصاب في التعقب على الحاكم حيث إن البخارى خرج حديث أبي هريرة المذكور لكن لا أدرى كيف وقع له في اللفظ؟ فإن البخارى قال [8/ 111، رقم 6419]:

حدثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن على عن معن بن محمد الغفارى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة".

والعجب أن الحافظ تبعه على ذلك في اختصاره.

3462/ 8869 - "مَنْ عيَّرَ أخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ".

(ت) عن معاذ

قال في الكبير: وقال الترمذى: حسن غريب وليس إسناده بمتصل اهـ. وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، قال أبو داود وغيره: كذاب، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا، وهو قول الحسن: كانوا يقولون: من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يبتليه اللَّه به، ومن العجب أن المؤلف لم يكتف بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضًا.

قلت: بل من العجب أنك تنقل بنفسك تحسين الترمذى له ثم تترك تعقبه

ص: 364

وتتعقب المصنف التابع له مع أنك دائمًا تعيبه بعدم نقل كلام المخرجين، في حين أنه ينقله رمزًا كما فعل هنا.

وإذا كان محمد بن الحسن كذبه أبو داود وغيره فليس تكذيبهم وحيًا من السماء سلمنا فليس كل ما يرويه الكذاب كذبًا لاسيما إذا دلت القرائن وشهد الواقع بصدقه كهذا الحديث الذي لا يتخلف مخبره، فما عاب أحد أحدًا وعيره إلا وقع في مثل ما عيره به، هذا مع شاهده الذي ذكره المصنف في اللآلئ عن الحسن أنهم كانوا يقولون. . . إلخ ما حكاه عنه الشارح، والمراد بهم الصحابة. .، وقد سبق في المتن للمصنف حديث:"الذنب شؤم على غير فاعله إن عير ابتلى به وإن اغتابه أثم وإن رضى به شاركه".

وفي الحديث أيضًا: "البلاء موكل بالقول"، قال ابن مسعود: واللَّه لو عيرت رجلًا برضاع كلبة لخشيت أن أكون كلبا.

3463/ 8872 - "مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ وَهُوَ فِي تَعْلِيمِ دِينه فَهُوْ فِي الجنَّةِ".

(حل) عن أبي سعيد

قال في الكبير: وقال: غريب من حديث مسعر عن عطية اهـ. وفيه الفضل ابن الحكم وفيه كلام.

قلت: أبو نعيم زاد بعد ما نقله عن الشارح وقال اهـ ما نصه [7/ 251]:

ورواه عنه سفيان بن عيينة موقوفًا وهذا هو محل الفائدة من كلامه.

وقول الشارح: فيه الفضل بن الحكم وفيه كلام، لا أدرى هل هو كذب أم ماذا؟ فإن الفضل بن الحكم المذكور في سند هذا الحديث لا ذكر له في كتب الرجال ولم يقل أحد فيه كلامًا، وإنما المذكور في رجال الكتب الستة: الفضل ابن أبي الحكم وهو متقدم على هذا جدا ولا كلام فيه.

ص: 365

والغريب أن الحديث من رواية كذاب وضاع شهير وهو إسماعيل بن يحيى التميمى راويه عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد، فلو أعرض الشارح عن الدخول في هذا الميدان وأقبل على شأنه من علوم الأزهر لكان أرفق به وأبقى على الناس من الوقوع في شبكة أوهامه.

3464/ 8877 - "مَنْ غَسَّلَ مَيَّتًا فَسَتَرهُ سَتَرَهُ اللَّه مِنَ الذنُوبِ، وَمَنْ كفَّنَهُ كَسَاهُ اللَّه مِنَ السُّنْدُسِ".

(طب) عن أبي أمامة

قال في الكبير: وضعفه المنذرى، وقال الهيثمى: فيه أبو عبد اللَّه الشامى لم أجد من ترجمه اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقى في المعرفة بزيادة ولفظه: "من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة، ومن كفنه كساه اللَّه من السندس والإستبرق، ومن حفر له قبرًا فكأنما أسكنه مسكنًا حتى يبعث".

قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات يفيد أنه أورد حديث أبي أمامة المذكور، والواقع خلافه بل أورد حديث أبي هريرة [2/ 85] من عند الدارقطنى ولعله في العلل، ثم من رواية يوسف بن عطية عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ثم نقل عن الدارقطنى أنه قال: تفرد به يوسف وليس بشيء، قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويلزق المتون الموضوعة بالأسانيد الصحيحة.

الثانى: قوله: فقد رواه الحاكم. . . إلخ يفيد أيضًا أنه روى حديث أبي أمامة المذكور في المتن، والواقع أنه رواه من حديث أبي رافع لا من حديث أبي أمامة ولا من حديث أبي هريرة فقال [1/ 354، رقم 1307]:

ص: 366

أخبرنا بكر بن محمد الصيرفى بمرو ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرى ثنا سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك المعافرى عن على ابن رباح اللخمى عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

وعزاه المصنف في اللآلئ إلى عباس الترقفى في جزئه، والبيهقى في السنن من طريقه، وغفل عن عزوه إلى الحاكم لا سيما وقد صححه وأقره الذهبى.

الثالث: قوله: والبيهقى في المعرفة، يوهم أنه لم يخرجه في السنن الذي جرت القاعدة بتقديم العزو إليه، مع أنه خرجه في السنن فقال [3/ 395]:

أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن يحيى بن عبد الجبار السكرى ببغداد أنبأنا إسماعيل ابن محمد الصفار ثنا عباس بن عبد اللَّه الترقفى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى هو عبد اللَّه بن يزيد به.

الرابع: أنه ذكر إيراد ابن الجوزى للحديث في الموضوعات وسكت عن تعقب المصنف له، لأنه أجاد وأتى له بطرق متعددة من حديث أبي أمامة وأبي رافع المذكورين ومن حديث على، وقد أتى به من سنن ابن ماجه [1/ 470، رقم 1462] ومن حديث عائشة من عند الطبرانى في الأوسط [2/ 343، رقم 414] ومن حديث جابر من عنده أيضًا.

ومما لم يذكره من المخرجين ما قال ابن شاهين في الترغيب:

حدثنا أبو عبيد على بن الحسين بن حرب القاضى ثنا أبو السكن زكريا بن يحيى ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن عباد بن كثير عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على، بالحديث الذي خرجه ابن ماجه.

وقال أيضًا [2/ 343، رقم 415]:

حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك حدثنى أحمد بن سيف ثنا عبد اللَّه بن

ص: 367

محمد البلوى حدثنى إبراهيم بن عبد اللَّه ابن العلاء عن أبيه عن زيد بن على عن أبيه عن جده عن على قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيما امرئ مسلم غسل أخًا له مسلما فلم يقذره، ولم ينظر إلى عورته، ولم يذكر منه سوء، ثم شيعه وصلى عليه ثم جلس حتى يدلى في حفرته خرج عطلا من ذنوبه".

وقال أيضًا [2/ 345، رقم 416]:

حدثنا أحمد بن على بن عبد اللَّه الرازى ثنا سليمان بن المعافى ثنا أبي ثنا موسى ابن أعين عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن جابر بن عبد اللَّه بالحديث الذي خرجه المصنف من عند الطبرانى، إلا أنه اقتصر على آخره وهو قوله:"من كفن ميتا كساه اللَّه ثوبا من الجنة".

ثم قال: حدثنا أحمد بن على بن عبد اللَّه الرازى ثنا الحسين بن منصور ثنا المعافى بن سليمان به، نحو لفظ الطبرانى:"من حفر قبرًا بنى اللَّه له بيتًا في الجنة وأجر له مثل أجره إلى يوم القيامة".

وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 192]:

حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عباس بن الفضل البصرى (ح)

وحدثنا محمد بن أحمد بن على بن مخلد ثنا محمد بن يونس الشامى ثنا يحيى ابن حماد ثنا سلام بن أبي مطيع ثنا جابر الجعفى عن الشعبى عن يحيى بن الجزار عن عائشة بالحديث الذي ذكره المصنف من عند الطبرانى في الأوسط إلا أن فيه زيادة ولفظه: "من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة خرج من الذنوب والخطايا كيوم ولدته أمه، وليه أقرب الناس منه، فإن لم يكن له أحد فرجل ذو حظ من أمانة وورع".

ص: 368

ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث سلام عن جابر، وروى عن سلام الكبار، ورواه حسين بن عمران عن جابر نحوه.

قلت: وكأن لفظ الحديث لغير الحارث بن أبي أسامة، فإن الذي في مسنده على ما في زوائده للحافظ نور الدين بخطه:

حدثنا العباس بن الفضل بسنده المذكور عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يغسل الميت أدنى أهله إليه إن علم، فإن لم يعلم فأهل الأمانة والورع".

3465/ 8878 - "مَنْ غسَّل مَيِّتًا فليَبْدَأ بِعَصْرِهِ".

(هق) عن ابن سيرين مرسلا

قال في الكبير: ظاهره أن البيهقى لم يذكر له علة سوى الإرسال والأمر بخلافه، بل قال: مرسل وراويه ضعيف.

قلت: هذا كذب على صنيع المصنف وعلى ظاهره، لأنه رمز له بعلامة الضعيف زيادة على كونه لا ينقل كلام المخرجين.

6466/ 8879 - "مَنْ غَشَّ فَلَيْس مِنَّا".

(ت) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ظاهر عدوله للترمذى واقتصاره عليه أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم، فقد خرجه مسلم بلفظ:"من غشنا فليس منا"، بل عزاه المصنف نفسه إلى الشيخين معا في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر.

قلت: أما مسلم فخرجه بلفظين أحدهما [1/ 99، رقم 101/ 164] من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا".

ص: 369

ورواه أيضًا [1/ 99، رقم 101/ 164] من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول اللَّه، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كى يراه الناس؟ من غش فليس منى".

فأول الحديث في الرواية الأولى: "من حمل"، وأوله في الرواية الثانية:"أفلا جعلته" فهذا عذر المصنف في عدم عزوه إلى مسلم.

وأما البخارى فما خرجه أصلا، والمصنف واهم في قوله في الأزهار المتناثرة: أخرجه الشيخان عن أبي هريرة.

3467/ 8885 - "مَنْ فَدَى أسِيرًا مِنْ أيْدِى العَدُو فأنَا ذَلِكَ الأَسِير".

(طص) عن ابن عباس

قال الشارح: وإسناده حسن.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أيوب بن أبي حجر، قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح وضعفه الأزدى وبقية رجاله ثقات.

قلت: الحديث ضعيف كما رمز له المصنف، والحافظ الهيثمى تبع فيما قال الذهبى في الميزان، والذهبى واهم في نقله عن أبي حاتم كما بينه الحافظ، قال الذهبى: أيوب بن أبي حجر الشامى منكر الحديث قاله الأزدى، وهو ابن سليمان بن أبي حجر روى عن بكر بن صدقة، وأما أبو حاتم فقال: أحاديثه صحاح، قال الحافظ في اللسان: والذي في كتاب ابن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: لا نعرفه اهـ.

فبقى قول الأزدى: أنه منكر الحديث، وإذا كان كذلك وقد انفرد بالحديث كما قال الطبرانى فهو حديث منكر واه قريب من الموضوع، بل لا يبعد القول

ص: 370

بوضعه، وهو الذي يسبق إلى القلب.

3468/ 8889 - "مَنْ فطَّرَ صائِمًا كانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ".

(حم. ت. هـ. حب) عن زيد بن خالد

قال في الكبير: قال في اللسان عن العقيلى: ليس يروى هذا من وجه يثبت.

قلت: مقتضى هذا أن أحد رجال هذا الحديث ضعيف، ذُكِرَ في الميزان ولسانه [2/ 206] وفي ترجمته قال العقيلى ذلك، مع أن الحافظ لا يذكر في اللسان راويًا خرج له أحد من الستة اكتفاء بما ذكره في التهذيب، ثم إن العقيلى أيضًا لم يقل شيئًا من هذا، وإنما تكلم على حديث ابن عباس [1/ 225]، وتعرض لهذا الحديث وصححه، وذلك في ترجمة الحسين بن رشيد، فإنه روى من طريقه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رفعه:"من فطر صائمًا فله مثل أجره"، قال: ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة.

قال: ولم يبين فيه ابن جريج السماع، قال: وأظن حجاج بن محمد رواه عن ابن جريج، فأدخل بينه وبين صالح إبراهيم بن أبي يحيى.

قال: ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن زيد بن خالد، وهذا أولى (1) اهـ. ما نقله الحافظ في اللسان عن العقيلى.

(1) انظر اللسان (2/ 206).

ص: 371

3469/ 8890 - "مَنْ فَطَرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ".

(هق) عنه، أى عن زيد بن خالد

قال في الكبير: وقضيته أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه، فقد رواه النسائى في الصوم بجملته، والترمذى وابن ماجه مقطعًا في الصوم والجهاد.

قلت: أما النسائى فلم يخرجه أصلًا في السنن الصغرى -الذي هو أحد الكتب الستة- لا مجموعًا ولا مقطعًا، وإنما روى الشطر الثانى وحده في كتاب الجهاد [6/ 46]، وذلك الشطر رواه أيضًا البخارى [4/ 32، رقم 2843] ومسلم [3/ 1506، رقم 1895/ 135] وأبو داود [3/ 11، رقم 2509] والباقون (1)، فكان حقه أن يسخف بذكرهما.

وأما الترمذى وابن ماجه فقد [عزاه] لهما المصنف قبل هذا مباشرة.

3470/ 8893 - "مَنْ قَادَ أعْمَى أرْبَعِينَ خُطْوَة وَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ".

(ع. طب. عد. حل. هب) عن ابن عمر (عد) عن ابن عباس وعن جابر (هب) عن أنس

قلت: ذكر الشارح في الكبير أسانيد هؤلاء أو أكثرهم، نقلها من اللآلئ المصنوعة للمصنف، ثم قال: ذكره ابن الجوزى في الموضوعات وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل، مع أن كل ما نقله إنما أتى به من عنده، وقد أفردت للكلام على طرق هذا الحديث جزءا مفردًا سميته "نيل الحظوة بقيادة الأعمى أربعين خطوة"، فأغنى ذلك عن الإطالة هنا.

(1) انظر جامع الترمذى (4/ 169، رقم 1629) وسنن ابن ماجه (1/ 555، رقم 1746).

ص: 372

3471/ 8894 - "مَنْ قَادَ أعَمَى أرْبَعِينَ خُطْوَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"

(خط) عن ابن عمر

قال في الكبير في ترجمة البخترى عن ابن عمر قال: وفيه عبد الباقى بن قانع، قال الدارقطنى: يخطئ كثيرًا، والمعلى بن مهدى قال أبو حاتم: يأتى أحيانًا بالمناكير.

قلت: من عجيب أحوال هذا الرجل أنه يريد أن يستقل بالتصرف في الحديث والكلام على إسناده مع عدم معرفته فيأتى بالطامات، لاسيما مع وقوفه على كلام الحفاظ في الحديث، فهذه الطريق قد ذكرها ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 174] من طريق الخطيب ثم من طريق عبد الباقى بن قانع:

ثنا خلف بن عمرو العكبرى ثنا المعلى بن مهدى ثنا سنان بن البخترى -شيخ من أهل المدينة- عن عبيد اللَّه بن أبي حميد عن نافع عن ابن عمر به.

ثم قال ابن الجوزى: قوله: عبيد اللَّه بن أبي حميد تدليس، وإنما هو محمد ابن أبي حميد وهو منكر الحديث ليس بثقه اهـ

فترك الشارح هذا وذهب يعلل الحديث بعبد الباقى بن قانع الحافظ صاحب المعجم وغيره، مع أنه لم ينفرد به بل تابعه غيره عن شيخه خلف كما نص عليه الخطيب عقب الحديث، ثم بالمعلى بن مهدى الذي قال فيه الذهبى: هو من العباد الخيرة صدوق في نفسه، وذكره ابن حبان في الثقات.

ثم إن قوله في ترجمة البخترى من الكلام الغث الذي لا فائدة فيه سوى تسويد الورق وانشغال الأفكار والإحالة على ما يتعب، فإن في تاريخ الخطيب نحو تسعة آلاف ترجمة بتقديم التاء، فأى ترجمة وصف صاحبها بالبخترى من هذا العدد الهائل حتى يمكن الرجوع إليها لمن أراد ذلك؟

ص: 373

مع أن الواقع أنه خرجه في ترجمة سنان بن البخترى المدينى في نصف المجلد التاسع، فلو فرضنا أن أحدا أراد الكشف عنه لراجع المجلدات الثمانية كلها ونصف التاسع حتى يعثر على هذا الاسم، وهذا نهاية ما يمكن من التهور وسوء التصرف فالواجب عليه أن يكتب الاسم الكامل أو يترك التعرض له بالكلية.

3472/ 8895 - "مَنْ قَالَ لا إلهَ إلا اللَّه نَفَعَتْهُ يَومًا مِنْ دَهْرِهِ، يُصِيبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ".

البزار (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل: "يصيبه" إلخ "بعدما يصيبه العذاب"، قال الطبرانى: لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص، تفرد به الحسين بن على.

قلت: لفظ الحديث عند الطبرانى [1/ 241، رقم 393]:

حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم العجلى ثنا الحسين بن على بن يزيد الصُّدَّائى ثنا أبي ثنا حفص الغاضرى عن موسى الصغير عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا اللَّه نفعته يومًا من دهره، ولو بعد ما يصيبه العذاب".

ثم قال: لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص الغاضرى، تفرد به الحسين ابن على الصُّدَّائى عن أبيه اهـ. وبهذا يعرف ما في نقل الشارح من الخلل.

والحديث له طريقان آخران عن أبي هريرة، الأول: قال أبو الحسن أحمد بن عبد العزيز بن ترسال في جزئه:

ثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن أحمد بن هارون العسكرى الرفا ثنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج ثنا عمرو بن خالد ثنا عيسى بن يونس عن سفيان

ص: 374

عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا اللَّه أنجته يومًا من دهره، أصابه قبلها ما أصابه".

ورواه أبو نعيم في الحلية عن أحمد بن القاسم بن الريان [5/ 46]: ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا عمرو بن خالد الحرانى به.

ثم قال: غريب من حديث الثورى ومنصور، لم نكتبه إلا من هذا الوجه.

الثانى: قال الثقفى في التاسع من فوائده:

حدثتا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرخى، ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ثنا سعد بن الصلت ثنا أبو طيبة عن هلال بن يساف عن أبي هريرة قال:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا اللَّه فإنها تنفع صاحبها يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه".

والحديث صحيح خلافًا لقول الشارح أنه حسن، ولو من الطريق الذي ذكره المصنف وحده فإنه على شرط الصحيح.

3473/ 8896 - "مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلا اللَّه مُخْلِصًا دَخَلَ الجنَّةَ".

البزار عن أبي سعيد

قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة.

قلت: عبارة الهيثمى: رجاله ثقات إلا أن عن روى عنهما البزار لم أقف لهما على ترجمة هكذا بالتثنية، وهو الواقع فإن البزار قال:

حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة وعلى بن شعيب قالا: أنا الوليد بن القاسم ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عطية عن أبي سعيد به.

ص: 375

ثم قال: لا نعلم رواه عن إسماعيل إلا الوليد (1).

وقد تعقب الحافظ الهيثمى بأن محمد بن إسماعيل بن سمرة روى له الترمذى والنسائى وابن ماجه، ووثقه أبو حاتم والنسائى وغيرهما، وأن على بن شعيب روى عنه النسائى ووثقه، وأن الحديث معلول بعطية لأنه ضعيف.

قلت: لكن للحديث طريق آخر، قال البخارى في التاريخ [8/ 65]:

ثنا أبو العباس ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو عاصم عن يونس بن الحارث ثنا مشرس عن أبيه قال: سمعت أبا شيبة الخدرى يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال لا إله إلا اللَّه مخلصا من قلبه دخل الجنة".

وقال الدولابى في الكنى: ثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا أبو عاصم به مثله، وقال: إن أبا شيبة الخدرى هو أخو أبي سعيد الخدرى.

وعزاه الحافظ في الإصابة إلى ابن السكن والطبرانى والبغوى وابن منده من هذا الوجه أيضًا، لكنه قال: حدثنى شرس، وضبطه فقال: بمعجمة ثم مهملة بينهما راء ساكنة، ثم نقل عن أبي حاتم أنه قال: شرس وأبوه مجهولان، كذا ضبطه الحافظ ولم يقف على أن البخارى ذكره في التاريخ في باب الميم وسماه مشرسا كما قدمناه.

وكذلك وقع عند الدولابى في الكنى [1/ 38] ولم يذكره الحافظ في اللسان لا في حرف الشين ولا في حرف الميم مع نقله عن أبي حاتم أنه مجهول.

ورواه الطبرانى في الأوسط والكبير [5/ 197، رقم 5074] من حديث زيد ابن أرقم مرفوعًا: "من قال لا إله إلا اللَّه مخلصًا دخل الجنة، قيل وما

(1) انظر كشف الأستار (1/ 11، 12، رقم 7)، ومختصر زوئد البزار (1/ 63، رقم 5).

ص: 376

إخلاصها؟ قال: أن تحجزه عن محارم اللَّه"، وهو من رواية محمد بن غزوان وهو كذاب وضاع.

لكنه ورد من وجه آخر، قال الترمذى الحكيم في النوادر:

ثنا عمر بن أبي عمر ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الهيثم بن جماز عن أبي داود الدارمى عن زيد بن أرقم، والهيثم بن جماز متروك.

3474/ 8899 - "مَنْ قَالَ فِي القُرْآن بِغَير عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

(ت) عن ابن عباس

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود في العلم والنسائى في الفضائل خلافًا لما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به عن الستة.

قلت: أما النسائى الذي هو من الكتب الستة فلم يخرجه ولا فيه كتاب الفضائل، وإنما ذلك في السنن الكبير [5/ 31، رقم 8084] وليس هو من الستة، وأما أبو داود فتختلف سننه مع بعضها، يوجد هذا الحديث من روايته عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى بن عامر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبعضها لا يوجد هذا الحديث فيه.

5475/ 8906 - "مَنْ قَبَّلَ بَينَ عَيْنَى أمِّهِ كَان لَهُ سِترًا مِنَ النَّارِ".

(عد. هب) عن ابن عباس

قال في الكبير بعد أن ذكر سنده: قضية صنيع المصنف أن مخرجيه سكتا عليه وليس كذلك، بل تعقبه ابن عدى بقوله: منكر إسنادًا ومتنًا، وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته، وقال البيهقى: إسناده غير قوى، ثم قال: ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئًا.

ص: 377

قلت: فيه أمور، الأول: أن ما نقله من سند الحديث وكلام المخرجين هو من عند المصنف في اللآلئ.

الثانى: أن مصنف ابن عدى هو في الرجال الضعفاء، والحديث إنما يخرجه ليستدل به على ضعف الراوى فهو لا يخرج إلا الضعيف، إلا أحاديث يذكرها عند اختلاف الأسانيد أو اختلاف في رواتها وهى أندر من النادر، ولذلك ذكر المصنف في مقدمة الجامع الكبير أن ما كان في كامل ابن عدى ونحوه من كتب الضعفاء لا يحتاج إلى بيان فكله ضعيف، فأى معنى لقول الشارح أنه سلمه أو لم يسلمه إلا المشاغبة.

الثالث: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين ولا يذكر أسماءهم كاملة، بل بالرموز كل ذلك اختصار، وتجريدا للكتاب للحديث المرفوع خاصة.

الرابع: ومع ذلك فالشارح كاذب على صنيعه، فإنه رمز له بعلامة الضعيف الدال على تلك السخافة التي يسخف بها من أن المخرج لم يسلم الحديث.

الخامس: قوله: وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئًا، فالمؤلف لم يتعقب ابن الجوزى في الحقيقة، وإنما لما ذكر من عند ابن عدى الحديث ونقل كلامه عليه، قال المؤلف: قلت: أخرجه البيهقى من هذا الطريق، وقال: إسناده غير قوى اهـ.

يشير بذلك إلى اختلاف رأى الحافظين في الحديث، فابن الجوزى يرى أنه موضوع والبيهقى يرى أنه ضعيف، والواقع أنه موضوع كما قال ابن الجوزى، ولم يصب المصنف في إيراده هنا واللَّه أعلم.

3476/ 8908 - "مَنْ قَتَلَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فَكَأنَّما قَتَلَ كَافِرًا".

(خط) عن ابن مسعود

قال في الكبير: وأخرجه عنه الديلمى لكن بدون العقرب.

ص: 378

قلت: بل نفس الخطيب رواه بدونها أيضًا، فلا أدرى كيف جرى في ذكر العقرب؟ هل هو سبق قلم من المصنف أو كانت نسخ الخطيب تختلف في ذلك، أو نقله المصنف بالواسطة الذي وقع له ذلك سبق قلم؟

فالخطيب رواه [2/ 234] من طريق محمد بن محمد بن سليمان الباغندى:

حدثنى أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص أنبأنا فضالة بن الفضل التميمى أنبأنا أبو داود الحفرى عن الثورى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللَّه مرفوعًا: "من قتل حية فكأنما قتل كافرًا"

ثم أعاده [2/ 234] من رواية ابن المظفر عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن حفص به بلفظ: "من قتل حية قتل كافرًا"، ثم قال: هكذا روى فضالة ابن الفضل عن أبي داود مرفوعًا.

ورواه سلم بن جنادة عن أبي داود موقوفًا لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وقد ورد عن ابن مسعود أيضًا مرفوعًا من وجه آخر بذكر العقرب كما ذكره المصنف، قال أبو الحسن على بن عبد العزيز بن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى:

حدثنا حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمى ثنا محمد بن الخليل المخرمى ثنا عبيد اللَّه بن موسى أنا إسرائيل عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قتل حية أو عقربا قتل كافرًا" ثم قال: تفرد به إسرائيل وعنه عبيد اللَّه.

3477/ 8913 - "مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمِ اللَّه عَلَيْهِ الجنَّةَ".

(حم. د. ن. ك) عن أبي بكرة

قال في الكبير: قال في المهذب: هذا إسناده صالح، ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور الحاكم، وقال: صحيح وأقره.

ص: 379

قلت: الحاكم قد عزاه له المصنف كما ترى فلا وجه لاستدراكه إلا الغفلة، وحيث إنه نقل كلام الذهبى في المهذب وهو اختصار سنن البيهقى، فكأنه أراد أن يستدرك البيهقى فوهم، وأكد وهمه بالنقل عن الذهبى في تلخيص المستدرك.

والحديث خرجه الحاكم في كتاب الإيمان من المستدرك [1/ 44، رقم 133/ 133]، وخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [1/ 428] في ترجمة أشعث بن ثُرْمُلة، والدولابى في الكنى [2/ 126] فيمن كنيته أبو المغيرة وأبو المغلس.

3478/ 8915 - "مَنْ قَتَلَ وَزَغًا كَفَّرَ اللَّه عَنْهُ سَبْعَ خَطِيئَاتٍ".

(طس) عن عائشة

قال في الكيبر: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وهو ذهول بالغ، فقد خرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ:"من قتل وزغا محا اللَّه عنه سبع خطيئات".

قلت: عبد الكريم المذكور حسن الحديث، وقد أخرج له أصحاب الصحيح، أما مسلم فلم يخرج الحديث باللفظ [الذي] ذكر الشارح بل قال [4/ 1758، رقم 224/ 146]:

حدثنا يحيى بن يحيى أنا خالد بن عبد اللَّه عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية".

حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا أبو عوانة (ح).

ص: 380

وثنى زهير بن حرب ثنا جرير (ح).

وثنا محمد بن المباح ثنا إسماعيل -يعنى ابن زكريا- (ح).

وحدثنا أبو كريب ثنا وكيع عن سفيان كلهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث خالد عن سهيل إلا جريرًا وحده، فإن في حديثه:"من قتل وزغًا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك".

وحدثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل -يعنى ابن زكريا- عن سهيل حدثتنى أختى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [4/ 1759، رقم 2240/ 147]: "في أول ضربة سبعين حسنة".

هذا كل ما رواه مسلم لأبى هريرة في الوزغ، فاحكم بعد هذا على الشارح بما شئت فيما عزاه إلى مسلم.

3479/ 8917 - "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"

(حم. 3. حب) عن سعيد بن زيد

قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده.

3480/ 7918 - "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ".

(ن) والضياء عن سويد بن مقرن

قال في الكبير: وكذلك رواه أحمد والقضاعى، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث وما قبله لا ذكر له في أحد الصحيحين والأمر بخلافه، فهذا خرجه البخارى في المظالم بلفظ:"من قتل دون ماله فهو شهيد" وكذا رواه مسلم في الإيمان.

ص: 381

قلت: فيه أمور، الأول: أن البخارى لم يخرج لسويد بن مقرن في صحيحه مطلقا، ومسلم لم يخرج له إلا حديث لطم الخادم.

الثانى: أن أحمد لم يخرج هذا الحديث لسويد بن مقرن أيضًا، ولا خرجه كذلك القضاعى إنما أخرج [1/ 223، رقم 341، 342، 343](1) حديث سعيد بن زيد (2).

الثالث: أن حديث سعيد بن زيد لم يخرجه لا البخارى ولا مسلم أيضًا، وإنما أخرجا معا حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص (3) مختصرا بدون ذكر المظلمة، وبدون ذكر الزيادات الكثيرة التي في حديث سعيد بن زبد، والشارح لا يخلو أن يكون متكلما بلسان أهل الحديث وعلى قواعدهم أو بلسان غيرهم من الفقهاء ومن لا خبرة له بقواعد أهل الحديث، فإن كان الأول فهو واهم أو كاذب، وإن كان الثانى فكان حقه أن يسكت ولا يتعرض لما ليس هو من شأنه.

3481/ 8920 - "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِئٌ ممَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الِقَيامَةِ حدا إلا أنْ يكُونَ كَمَا قَالَ".

(حم. ق. د. ت) عن أبي هريرة

قلت: كتب الشارح في الكبير عقب رمز الشيخين: في اللباس والنذر، يعنى أن البخارى خرجه في كتاب اللباس ومسلم في كتاب النذر وليس كما قال، بل البخارى خرجه في كتاب المحاربين [8/ 218، رقم 6858] بعد كتاب اللباس

(1) وكذلك خرجه (1/ 222، رقم 340) من حديث أبي هريرة.

(2)

وقد أخرج أحمد حديث سعيد بن زيد في مسنده (1652، 1653)، وكذلك حديث أبي هريرة (1628، 1642، 1652، 1650).

(3)

البخارى: (3/ 179، رقم 2480)، مسلم:(1/ 124، رقم 141/ 226).

ص: 382

بنحو عشر كتب، ومسلم خرجه في كتاب الأيمان [3/ 1282، رقم 1660/ 37] بفتح الهمزة بعد كتاب النذر.

3482/ 8921 - "مَنْ قَذَفَ ذِميا حُدَّ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِسياطٍ مِنْ نَارٍ".

(طب) عن واثلة

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه محمد بن محصن العكاشى وهو متروك اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وتعقبه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه.

قلت: هذا من العجائب والغرائب التي خص بها الشارح فأصبح مستحقا لذكر نوادره في أخبار المغفلين، إذ كيف يجمع بين التعقب والسكوت فالمسألة ثنائية، إما أن يتعقبه المؤلف فيرد كلامه ويذكر موجب ذلك الرد من توثيق الراوى أو وجود متابعيه وشواهد حديثه أو يقره فيسكت عليه، أما تعقب وسكوت فمحال.

ثم إنه أتى بعجيبة أخرى في شرحه الصغير، فعزا هذا الحديث بخطه لأحمد والبخارى ومسلم وأبي داود والترمذى من حديث أبي هريرة، ثم ما حكاه عن المصنف من كونه رمز للحديث بعلامة الحسن، فهو إما تحريف من النساخ كما يقع في أكثر رموز التصحيح والتحسين في هذ الكتاب مما لعله أكثر من النصف، فإن كان وقف على ذلك بخطه فهو سبق قلم منه ولابد، إذ يبعد أن يحكم المصنف بحسنه وفيه راو وضاع، اللهم إلا إذا اشتبه عليه فيه الحال وظنه رجلا آخر.

3483/ 8924 - "مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَة آيةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ".

(ك) عن أبي هريرة

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

ص: 383

وقال في الكبير: الذي وقفت عليه في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة: "من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين"، ولم أر هذا اللفظ فيه فليحرر.

قلت: قال الحاكم في الصلاة من المستدرك [1/ 308، رقم 1160]:

أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد اللَّه السنى بمرو ثنا أبو الموجه أنبأنا عبدان أنبأنا أبو حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين"، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

أخبرنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبيد بن سلمان عن أبيه أبي عبد اللَّه سلمان الأغر عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتى آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين"، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى على كلا الحديثين (1).

وأما الذي ذكره الشارح فخرجه الحاكم في كتاب فضائل القرآن [1/ 555، رقم 2041/ 22] من طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى.

وبهذا اللفظ أيضًا رواه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 642، رقم 702] من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به.

(1) المستدرك (1/ 309، رقم 1161).

ص: 384