الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا نصح سيده وأخلص عبادة ربه أجران ثم لا يخفق قلبه غبطة وابتهاجاً بما سيضاعف له الله من أجر السراة الأحرار في الآخرة
توريث البنات
سنة من سنن العرب أن النساء لا يؤول إليهن من ميراث الرجال شيء. وكانوا يقولن في ذلك لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي البيضة. فإذا مات ورثه ابنه، فإن لم يكن فأقرب من وجد من أوليائه أبا كان أو أخاً أو عمَّا. على حين يضم بناته ونساءه إلى بنات الوارث ونسائه. فيكون لهن ما لهن، وعليهن ما عليهن. حتى جاء الإسلام فَصَدع ذلك الضرب من الظالم، واختص النساء بنصيب مما ترك الرجال. فذلك جل ذكره (للِرَّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَركَ الوَالِدنِ والأَقْرَبُونَ وللِنَّسَاءِ نَصِيبٌ مما تَرَكَ الْوَالِدانِ والأَقْرَبونَ مِماَّ قَلَّ مِنْهُ أو كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً).
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلام أبر وأرحم بالبنت من أبيها. وإن فيما حَدث البخاري عن سعد بن أبي وقاص لبلاغاً لقوم يعقلون.
قال سعد: مرضت بمكة كرضاً أشفيت منه على الموت، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني. فقلت: يا رسول الله، إن لي مالا كثيراً، وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصَدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: الثلث؟ قال الثلث كبير. إنك إن تركت ولدك أغنياء، خير من أن تتركها عالة يتكففون الناس. وإنك لن تنفق نفقة إلا أُجرت عليها، حتى اللقمة ترفعها في امرأتك.
فأية امرأة تلك إذا مات أبوها تنتقل إلى بيت عمها، وقد صفرت يدها مما كانت تتمتع به من عز ومال، ثم تصبح فتجد من صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم تلك الرعايا العالية، وتستظل من قوله بتلك الظلة السابغة؟
ذلك مجمل ما اهتضمته العرب في عهد جاهليتهم من حقوق المرأة، على وفر نُبلها، وسماحة فضلها يومذاك. أسبغه الإسلام عليها، فأزال شكاتها، وأنصف مظلمتها.
وإلى هذه الحقوق حقوق كانت لها، فزادها الإسلام تأييداً وتعزيزاً. ونفث فيها من روحه فأصبحت ديناً راسخاً، وحكماً نافذاً؛ ويقيناً مكيناً. وتلك التي نبدأ فنفي بها.