الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكم عن قصد المحجة. فيالها من فتنة عمياء صماء، يسمع لقائلها ولا ينظر لسائقها أيها الناس! إن المصباح لا يضيء في الشمس، وإن الكوكب لا ينفذ في الفجر وإن البغل لا يسبق الفرس، وإن الزف لا يوازن الحجر. ولا يقطع الحديد إلا الحديد، ألا من استرشدنا أرشدناه، ومن استخبرنا أخبرناه، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها. فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار، فكأن اندمل شعب الشتات؛ والتأمت كلمة العدل؛ وغلب الحق باطله؛ فلا يعجلن أحد فيقول كيف وأنى ليقضي الله أمراً كان مفعول. ألا إن خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدماء، والصبر خير في الأمور عواقباً إيها إلى الحرب قدما غير ناكصين. فهذا يوم له ما بعده. ثم قال معاوية والله يا زرقاء لقد شركت عليا عليه السلام في كل دم سفكه. فقالت أحسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين، وأدام سلامتك. مثلك من بشر بخير، وسر جليسه. قال لها وقد سرك ذلك؟ قالت: نعم لقد سرني قولك فأني بتصديق الفعل؟ قالت معاوية: والله لوفاؤكم له بعد موته احب غلي من حبكم له في حياته، اذكري حاجتك. قالت؛ يا أمير المؤمنين إني قد آليت على نفسي ألا أسأل أميراً أعلنت عليه شيئاً أبداً. ومثلك أعطى عن غيرة مسألة. وجاد عن غير طلب. وقال صدقت، فأقطعها ضيعة أغلتها في أول سنة عشرة آلاف درهم. وأحسن صفدها، وردها والذين معها مكرمين.
-
بكارة الهلالية
استأذنت بكارة الهلالية على معاوية فأذن لها، فدخلت؛ وكانت امرأة قد أسنت وعشي بصرها، وضعفت قوتها. فهي ترعش بين خادمين لها، فسلمت ثم جلست، فقال معاوية كيف أنت يا خالة؟ قالت بخير يا أمير المؤمنين. قال: غيرك
الدهر. قالت كذلك هو ذو غير عاش كبر، ومن مات قبر. وكان هنالك مروان بن الحكم وعمرو بن العاص فابتداء مروان فقال ألا تعرف هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: ومن هي؟ قال هي التي كانت علينا يوم صفين وهي القائلة:
يا زيد دونك فاستثر من دارنا
…
سيفاً حساماً في التراب دفينا
قد كنا مذخوراً لكل عظيمة
…
فاليوم أبرزه الزمان مصونا
قال عمرو بن العاص: وهي القائلة يا أمير المؤمنين:
أترى ابن هند للخلافة مالكا
…
هيهات ذاك وما أراد بعيد
مَنَّتك نفسك في الخلاء ظلالة
…
أغراك عمرو للشقا وسعيد
فارجع بأنكد طائر بنحوسها
…
لاقت عليا أسعد وسعود
فقال سعيد يا أمير المؤمنين وهي القائلة:
قد كنت آمل أن أموت ولا أرى
…
فوق المنابر من أمية خاطبا
فالله أخر مدتي فتطاولت
…
حتى رأيت من الزمان عجائبا
في كل يوم لا يزال خطيبهم
…
وسط الجموع لآل أحمد عائبا
ثم سكت القوم، فقالت بكارة: نبحتني كلابك يا أمير المؤمنين واعتورتني، فقصر مْحِجَني وكثر عجي، وعشي بصري، وأنا والله قائلة ما قالوا، لا أدفع ذلك بتكذيب، فامض لشأنك، فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين، فقال معاوية: إنه لا يضحك شيء فاذكري حاجتك تقض. فقضى حوائجها وردها إلى بلدها.