الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالت عمرة بنت مرادس - وهي ابنة الخنساء - ترثي أخاها:
أعيني لم أختلكما بخيانة
…
أبى الدهر والأيام أن تصبرا
وما كنت أخشى أن أكون كأنني
…
بعير إذا ينعى أخي تحسرا
ترى الخصم زوراً عن أخي مهابة
…
وليس الجليس عن أخي بأزورا
وقالت امرأة ترثي اخوتها:
رعوا من المجد أكنافاً إلى بلد
…
حتى إذا أكملت أظماؤهم وردوا
ميت بمصر وميت بالعراق وميت بالحجاز منايا بينهم بدد
كانت لهم همم فرقن بينهم
…
إذا القعاد عن أمثالها قعدوا
بذل الجميل وتفريج الجليل وإعطاء الجزيل إذا لم يعطه أحد.
رثاء الأزواج
قال الأصمعي:
دخلت بعض مقابر الأعراب ومعي صاحب لي، فإذا جارية على قبر كأنها تمثال، وعليها من الحلي والحلل ما لم أر مثله، وهي تبكي بعين غزيرة وصوت شجي، فالتفت إلى صاحبي، فقلت: هل رأيت أعجب من هذه؟ قال لا والله لا أحسبني أراه، ثم قلت لها يا هذه! إني أراك حزينة وما عليك زي الحزن؟ فأنشأت تقول:
فإن تسألاني فيم حزني فإنني
…
رهينة هذا القبر يا فتيان
وإني لأستحييه والتراب بيننا
…
كما كنت أستحييه حين يراني
أهابك إجلالا وإن كنت في الثرى
…
مخافة يوما أن يسؤك لساني
ثم اندفعت في البكاء وجعلت تقول:
يا صاحب القبر يا من كان ينعم بي
…
بالا ويكثر في الدنيا مواساتي
قد زرت قبرك في جلي وفي حللي
…
كأنني لست من أهل المصيبات
أردت آتيك فيما كنت أعرفه
…
أن قد تسر به في بعض هيئاتي
فمن رآني رأى مولهة
…
عجيبة الزي تبكي بين أموات
وقالت عاتكة بنت زيد زوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
من لنفس عادها أحزانها
…
ولعين شفها طول السهد
جسد لفف في أكفانه
…
رحمة الله على ذاك الجسد
فيه تفجيع لمولى غارم
…
لم يدعه اليوم يمشي بسيد
وقالت فيه:
وفجعني فيروز لا درّ درّه
…
بأبيض تال للكتاب نجيب
رؤف على الداني غليظ على العدا
…
أخي ثقة في النائبات مجيب
متى ما يقل لا يكذ القول فعله
…
يريع إلى الخيرات غير قطوب
وقال الأصمعي: رأيت بصحراء جارية قد ألصقت خذها بقبر وهي تبكي وتقول:
خدّي يقيك خشونة اللحد
…
وقليلة لك سيدي خدّي
يا ساكن القبر الذي بوفاته
…
عميت على مسالك الرشد
اسمع أبثك ولعلني
…
أطفي بذلك حرقة الوجد
وكان أمير المؤمنين الأمين قد عقد على لبانة ريطة بن علي فقتل عنها قبل البناء بها، فقالت تبكيه.
أبكيك لا للنعيم والأنس
…
بل للمعالي والرمح والفرس
أبكي على سيد فجعت به
…
أرملني قبل ليلة العرس
يا فارساً بالعراء مطرحاً
…
خانته قواده مع الحرس
من للحروب التي تكون بها
…
إن أضرمت نارها بلا قبس
من لليتامى إذا هم سغبوا
…
وكل عان وكل محتبس
أم من لبر أم من لفائدة
…
أم من لذكر الإله في الغلس
وقال الأصمعي:
خرجت إلى مقابر البصرة فإذا أنا بامرأة على قبر من أجمل النساء وهي تندب صاحبه وتقول:
هل أخبر سائليه
…
أم قرّ عينا بزائريه
يا جبلا كان امتناع
…
وطود عز لآمليه
يا نخلة طلعها نضيد
…
يقرب من كف مجتنيه
يا موت ماذا أردت مني
…
حققت ما كنت أتقيه
دهر رماني بفقد إلفي
…
أذم دهري واشتكيه
آمنك الله كل خوف
…
وكل ما كنت تتقيه
أسكنك الله في جنان
…
تكون أمناً لساكنيه
قال: فقالت لها يا أمة الله ما هذا منك؟ قالت لو علمت مكانك ما أنشدت حرفاً! هذا زوجي وسروري وأنسي. والله لا زالت هكذا أبداً أو ألحق به.