الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبلاء) وغيرها، وهكذا.
وربما افتقر العالم فباع نسخته التي بخطه، كما وقع لأبي علي الجياني (1) ، وللمزي (2) وغاير واحد.
والناظر في تراجمهم وسيرهم يعلم مقدار ما بذلوه من أوقات طويلة، وجهود جبارة، وصبر جميل في نسخ الكتب الكبار، والجوامع الضخمة، التي ينوء بنسخ أقلها اليوم الطالب المُجِدّ، فإلى
نماذج
منها:
1 -
قال السَّهْمي في ((تاريخ جرجان)) (3) : سمعتُ أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي يقولان: إسماعيل بن زيد (صاحبُ حديثٍ جوَّال) كان يكتب في ليلةٍ سبعين ورقة بخطٍّ دقيق.
2 -
وذكر ابن رجب في ((الذيل على طبقات الحنابلة)) (4) في ترجمة عبد الوهاب الأنماطي الحافظ عن ابن السمعاني أنه قال عنه: ((جمع الفوائد، وخرَّج التخاريج، لعله ما بقي جزءٌ مرويٌّ إلا وقد حصَّلَ نُسْخَتَه. ونسخ الكتب الكبار مثل: ((الطبقات لابن سعد)) ، و ((تاريخ الخطيب)) ، وكان متفرِّغًا للتحديث، إما أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئًا.
3 -
وفي ترجمة الحافظ عبد القادر الرُّهاوي ت (612) من ((الذيل)) (5)
(1) انظر: ((التكملة لكتاب الصلة)) : (4/ 16) فقد باع نسخته من ((سنن أبي داود)) بخطه، التي قرأها على ابن عبد البر، وقابلها وأتقنها.
(2)
((الدرر الكامنة)) : (4/ 461) .
(3)
(ص/ 143) .
(4)
(1/ 202) .
(5)
(2/ 84) .
أنه: ((كتب بخطه الكثيرَ، من الكتب والأجزاء، وأقام بدمشق بمدرسة ابن الحنبلي مدة، حتى نسخ ((تاريخ ابن عساكر)) ، وسمعه عليه)) اهـ.
4 -
وفيه (1) -أيضًا- في ترجمة أحمد بن عبد الدائم المقدسي ت (668) : ((وكان يكتب خطًّا حسنًا، ويكتب سريعًا، فكتب ما لا يوصَف كثرة من الكتب الكبار والأجزاء المنثورة لنفسه وبالأُجرة، حتى كان يكتب في اليوم -إذا تفرَّغ- تسع كراريس أو أكثر، ويكتب -مع اشتغاله بمصالحه- الكراسين والثلاثة.
وكتبَ ((الخِرَقي)) في ليلة واحدة، وكتب ((تاريخ الشام)) لابن عساكر مرتين، و ((المغني)) للشيخ موفّق الدين مرَّات.
وذكر أنه كتب بيده ألْفَي مُجلَّدة، وأنه لازم الكتابة أزيد من خمسين سنة)) اهـ.
5 -
وفي ((تذكرة الحفاظ)) (2) للذهبي في ترجمة أبي عبد الله الحُمَيْدي الأندلسي ت (488) : ((قال يحيى بن البناء: كان الحُميدي من اجتهاده ينسخ بالليل في الحرّ، فكان يجلس في إجَّانة ماءٍ (3) يتبرَّد به)) اهـ.
6 -
وفي ((التذكرة)) (4) -أيضًا- في ترجمة أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي ت (507) : وقال السِّلَفي: سمعتُ ابنَ طاهر يقول: كتبتُ ((الصحيحين)) و ((سنن أبي داود)) سبع مرات بالأجرة، و ((سنن ابن ماجه))
(1)(2/ 279) .
(2)
(4/ 1219) .
(3)
إناء تُغسل فيه الثياب.
(4)
(4/ 1243) .
عشر مراتٍ بالرَّي)) اهـ.
سبحان الله!! ينسخ هذه الكتب هذا العدد من المرات، ولو كُلِّف أحدنا قراءَتَها بنحو هذا العدد لعجز، فلا قوَّة إلا بالله.
7 -
وفي ((التذكرة)) (1) -أيضًا- في ترجمة المؤتمن الساجي ت (507) أنه: ((أقام بهَرَاة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب ((جامع الترمذي)) ست مرات، وكان فيه صَلَف وقناعة وعِفّة واشتغال بما يعنيه)) .
8 -
وفي ((ذيل الطبقات)) (2) لابن رجب في ترجمة أبي الفرج ابن الجوزي صاحب التصانيف ت (597) أنه: ((كان لا يضيع من زمانه شيئًا، يكتب في اليوم أربع كراريس، ويرتفع له كل سنة من كتابته ما بين خمسين مجلدًا إلى ستين.
وقال سِبْطُه (3) : ((إنه سمعه على المنبر في آخر عمره يقول: كتبتُ بإصبعيَّ هاتين ألفي مُجلَّدة)) .
9 -
وفي ((ترتيب المدارك)) (4) للقاضي عياض، في ترجمة الإمام أبي بكرٍ الأبهري المالكي ت (375) عن أبي القاسم الوهراني -أحد تلاميذه وله جزء في ترجمته- قال:((سمعتُه يقول: كتبت بخطي ((المبسوط)) و ((الأحكام)) لإسماعيل -القاضي المالكي-، وأسْمِعَة ابنِ القاسم وأشهبَ وابنِ وهبٍ، و ((موطأ مالك)) ، و ((موطأ ابن وهب)) ، ومن
(1)(4/ 1247) .
(2)
(1/ 412) .
(3)
((الذيل)) : (1/ 410) .
(4)
((6/ 185- 186) .
كتب الفقه والحديث نحو ثلاثة آلاف جزءٍ بِخَطِّي، ولم يكن لي قط شغل إلا العلم)) اهـ.
10 -
وفي ((المدارك)) (1) -أيضًا- في ترجمة سعيد بن خلف الله البصري قال: ((وكتب بيده كثيرًا من الدواوين، قلَّما رأيتُ كتابًا مشهورًا في المذهب إلا وقع إليَّ بخطه، وسواءٌ ذلك من كتب التفسير أو غيرها)) اهـ.
11 -
وفي ترجمة محمد بن مُكَرَّم -بضم الميم وفتح الكاف وتشديد الرَّاء ثم ميم- المعروف بابن منظور صاحب ((لسان العرب)) أنه: اختصر كتبًا كثيرة، من المطوّلات وغيرها.
فاختصر ((تاريخ بغداد)) ، و ((ذيله)) لابن النجار، و ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر، و ((مفردات ابن البيطار)) ، و ((الأغاني)) -ورتبه على الحروف- و ((زهر الآداب)) للحُصْري، و ((الحيوان)) للجاحظ، و ((اليتيمة)) للثعالبي، و ((الذخيرة)) لابن بسَّام، و ((نشوار المحاضرة)) للتنوخي.
وكتب بخطه شيئًا كثيرًا، ترك منه بعد موته خمس مئة مجلَّد.
قال ابن فضل الله العمري: إنه لم يزل يكتب ويسهر الليل في الكتابة حتى كان يقضي الليالي الطوال كلها سهرًا، لا يلم فيها بِكَرَى، ولا يطعم عينه فيها بِهَجْعَة. وكان يتخذ إلى جانبه إناءً فيه ماء، فإذا غلبه السَّهَر، وكاد يصرعه الكرى = أخذَ من الماء فَسَكب في عينيه، فَعَمِيَ في آخر عمره. (2)
(1)(8/ 85- 86) .
(2)
انظر ((المقفى)) : (7/ 286، 288)، و ((الدرر الكامنة)) :(4/ 262)، و ((بغية الوعاة)) :(1/ 248) .
12 -
وفي ((الرد الوافر)) (1) لابن ناصر الدين الدمشقي، لما ذكر محمد بن إبراهيم ابن المهندس قال: ((كتب الكثير ورحل ودأب
…
ونسخ ((تهذيب الكمال)) (2) تأليف المِزِّي مرتين، ونسخ كتاب ((الأطراف)) (3) -تحفة الأشراف- للمِزِّي -أيضًا- بخطِّه الواضح الحسن)) اهـ.
13 -
ذكر أبو سعد السمعاني في ((التحبير في المعجم الكبير)) (4) -وهو من عجيب ما رآه- في ترجمة أبي عبد الله الحسين بن أحمد البيهقي أنه اتفق أن لحقته عِلَّة ((فَقُطِعت أصابعه العشر، ولم يبقَ له إلا الكفَّان فحسب، ومع هذا كان يأخذ القلمَ بكفَّيْه ويضع الكاغِدَ على الأرض، ويُمسكه بِرِجْل، ويكتب بكفيه خطًّا حسنًا مقروءًا مبينًا، وربما كان يكتب في كل يومٍ خمس طاقات (5) من الكاغد، وهذا من عجيب ما رأيته)) اهـ.
14 -
وفي ((التحبير)) (6) -أيضًا- في ترجمة أبي محمد الخواري أنه كان فقيهًا مفتيًا، سريع القلم، نسخ بخطه ((المذهب الكبير)) (7) للجويني
(1)(ص/ 78) .
(2)
وهذه النسخة في دار الكتب المصرية (26- مصطلح) كتبها سنة (712) وعليها خط المؤلف الحافظ المزي، والعلائي. أورد الزركلي في ((الأعلام)) :(5/ 298) نموذجًا منها.
(3)
وهذه النسخة سبعة أجزاء، لم يبق منها إلا الجزء السادس، انظر نبذةً عنها في ((مقدمة تحفة الأشراف)) :(2/ 23- 25) لعبد الصمد شرف الدين.
(4)
(1/ 223) .
(5)
الطاقة نحو (10) ورقات، انظر:((توثيق النصوص)) : (ص/ 231- 233) .
(6)
(1/ 423) .
(7)
وهو: ((نِهاية المَطْلَب)) وقد تقدَّم التعريف به (ص/ 74) .
أكثر من عشرين مرَّة، وكان يكتبه ويبيعه.
15 -
وذكر النووي في ((بستان العارفين)) (1) عن شيخه أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى المراوي قال: سمعتُ الشيخ عبد العظيم -المنذري- رحمه الله يقول:
كتبتُ بيدي تسعينَ مجلَّدةً، وكتبت (2) سبع مئة جُزْءٍ، كلُّ ذلك من علوم الحديث، تصنيفٍ وغيرِه، وكتب من مصنفاته وغيرها أشياء كثيرة.
قال المراوي: ولم أرَ ولم أسمع أحدًا أكثر اجتهادًا منه في الاشتغال، كان دائم الاشتغال في الليل والنهار.
16 -
ذكر الصفدي في ((أعيان العصر)) (3) في ترجمة العلامة شهاب الدين النُّوَيري ت (733) أنه: ((كتب كثيرًا، كتب ((البخاري)) مرّاتٍ، كتبه ثماني مرات، وكان يكتب النسخة ويقابلها، وينقل الطِّباق عليها ويجلدها، ويبيعها بسبع مئة درهم وبألف.
وكان يكتب في النهار الطويل ثلاث كراريس،
…
وجمع تاريخًا كبيرًا (4) في ثلاثين مجلدة، رأيتُه بخطِّه)) اهـ.
17 -
وذكر في ((أعيان العصر)) (5) -أيضًا- في ترجمة أحمد بن محمد بن أبي المواهب ت (723) قال: ((قيل: إنه كتب خمس كراريس
(1)(ص/ 197) .
(2)
في المطبوعة: ((وكتب ذلك من)) ! والصواب ما أَثبتُ.
(3)
(1/ 281) .
(4)
وهو: ((نهاية الأرب)) ، طُبع كاملاً في (33) مجلدًا.
(5)
(1/ 327) .
في يومٍ، وهذا أمر قلَّ أن يُعْهد في قوم)) .
هذا فيض من غيض، وقليل من كثير، فقد اجتمع عندي أخبارٌ من هذا النمط لو نَثَرْتُها لملأت صفحات وصفحات.
ولولا أن يُظنَّ بنا غُلُوّ لَزِدْنا في المقالِ مَن اسْتَزَادا
لكني لا أحب أن أُفوِّت الفائدة على القارىء، فرأيت أن أشير إلى مواضع ذلك في مصادره دون ترتيبٍ.
((البدر الطالع)) : (1/ 106، 357، 420)(2/ 94)، ((ملحق البدر الطالع)) :(2/ 83)، ((السير)) :(16/ 248) ، (23/ 248)، ((أعيان العصر)) :(1/ 48، 169، 170، 415)، ((إشارة التعيين)) :(ص/ 43)، ((الجواهر والدرر)) :(1/ 107)، ((معرفة القراء الكبار)) :(1/ 265)، ((الطبقات السنية)) :(3/ 71)، ((المقفى)) :(7/ 417)، ((ذيل التقييد)) :(1/ 178)، ((التحبير في المعجم الكبير)) :(1/ 390، 590) ، (2/ 134) .