الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع: إيقاظات وتنبيهات
الأول: ما هي
العلوم التي ينبغي التبحُّر فيها
؟
لا شك أن الناس قدرات ومواهب، فينبغي للإنسان أن ينظر بعين البصيرة فيما يمكن أن يحسنه ويُبْدع فيه (وقيمة كل امرىءٍ ما يحسنه) ، فيكرَّس فيه جهدَه ويستنفد فيه وُسْعَه، ويكون مع ذلك ذا همة عالية، فإن ((من شَغَلَ نفسَه بأدنى العلوم وتركَ أعلاها -وهو قادر عليه-، كان كزارع الذُّرَة في الأرض التي يجود فيها البُرُّ، وكغارس الشَّعْراء (1) حيثُ يزكو النخل والزيتون)) .
أمَّا ((من مال بطبعه إلى علمٍ ما -وإن كان أدنى من غيره- فلا يشغلها بسواه، فيكون كغارس النارجيل (2) بالأندلس، وكغارس الزيتون بالهند، وكلُّ ذلك لا يُنجب)) ، كما قال ابن حزم (3) رحمه الله.
لكن السؤال، ما هي أجلّ العلوم؟
أجل العلوم ما قرَّبك من خالقك، وما أعانك على الوصول إلى
(1) ضرب من الحمضيات، ليس له ورق تحرص عليه الإبل.
(2)
هو: جوز الهند.
(3)
في ((رسالة مداواة النفوس)) : (1/ 344) ضمن ((رسائل ابن حزم)) وما بين الأقواس منه.
رضاه، وهذه هي علوم الكتاب والسنة.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (1) -: ((فالذي يتعيَّن على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ: أن يبحثَ عمَّا جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العِلْمية. وإن كان من الأمور العَمَلية، بذلَ وُسْعَه في الاجتهاد في فِعْل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما يُنهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكُلِّية إلى ذلك، لا إلى غيره.
وهكذا كان حالُ أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان في طلبِ العلم النافع من الكتاب والسنة)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر (2) رحمه الله في بيان المراد من العلم المطلوب التزود منه-: (( [هو] الذي يفيد معرفةَ ما يجب على المكلَّف من أمر عباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته، وما يجب له من القيام بأمره، وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه)) اهـ.
وعلى هذا النحو تدور عبارات الأئمة في بيان العلم النافع الذي ينبغي التبحُّر فيه، والحرص عليه، والاستكثار منه (6) ، فلا نطيل بنقل نصوصهم.
(1) في ((جامع العلوم والحِكَم)) : (1/ 244 وما بعدها) .
(2)
((فتح الباري)) : (1/ 170- 171)