الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستزادة من العلم
…
حتى في ساعة الاحتضار
ساعة الاحتضار لا يمكن لأحدٍ أن يصفَ حقيقتها أو يصلَ إلى كُنْهها، لكن الكلُّ يعلم أنها ساعة رهيبة ولحظةً مُذهِلة، إنها ساعة الانتقال والتحول من الدنيا إلى الآخرة، من الحياة إلى الموت، هل هناك ساعة في الدنيا أرهب من هذه؟! هل هناك ساعة في الدنيا أشد حرجًا وأكثر شغلاً منها؟! كلا.
فما بالك بأناسٍ في هذه (الساعة وفي هذه اللحظة) يتذاكرون العلم، ويقيدون الفوائد، ويحرصون على ذلك كلِّه، كأقوى ما يكونون صِحَّةً، وكأشدِّ ما يكونون نَشَاطًا!! نعم هذا مما حفظه لنا التاريخ وسطرته الكتب، فثبت وصحَّ ليبقى عِبْرة وعِظة لِلخالِفِ، وحاديًا يتعلل به الطالب.
وسرُّ قدرتهم على ذلك، شِدَّة النَّهَمة، وسموّ الهمة.
قال العلامة ابن الجوزي (1) :
لي همةٌ في العِلْم ما إن مثلُها
…
وهي التي جَنَتِ النُّحُوْلُ هي التي
خُلِقت من العِلْق العظيمِ إلى المُنَى
…
دُعِيت إلى نَيْل الكمالِ فَلبَّتِ
وهذا مصداق خبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْهُومانِ لا يَشْبَعَانِ، طالبُ عِلْمٍ
(1) انظر: ((ذيل الروضتين)) : (ص/ 25)، و ((السير)) :(21/ 379) ، في قصيدة له.
وطالبُ دُنْيا)) (1) .
ولما سُئِل الإمام أحمد: إلى متى تطلب العلم؟ قال: من المحبرة إلى المقبرة.
فإليك ما وجدنا من خبرهم في ذلك:
(1) هذا الحديث جاء من رواية جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم وهم: أنس، وابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، وابن مسعود، وعائشة، وأبو سعيد الخدري، وابن عمر. وجاء -أيضًا- من مرسل الحسن، وموقوفًا على كعب الأحبار.
أحسنها من رواية أنسٍ وابن عباس، فالأول أخرجه الحاكم:(1/ 92)، والبيهقي في ((الشعب)) و ((المدخل)) -كما في ((المقاصد: 434)) - وابن عساكر في ((تاريخه)) : (مخطوط) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن أنسٍ به.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولم أجد له علة)) ووافقه الذهبي.
وحديث ابن عباس أخرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) -كما في ((المطالب العالية)) : (3/ 321) - وأبو خيثمة في ((العلم)) رقم (141)، والبزار (الكشف: 1/ 95) ، والطبراني في ((الكبير)) :(11/ 76- 77) رقم (11095)، و ((الأوسط)) :(6/313)، وأحمد في ((الزهد)) :(ص/ 215)، والعسكري في ((الحث على حفظ العلم)) : كما في ((المقاصد)) ، وابن الجوزي في ((العلل)) :(1/ 94) .
كلهم من طريق ليث بن أبي سُلَيم عن مجاهد (في الزهد، وعلل ابن الجوزي: عن طاووس، وفي البزار: على الشك عن طاووس أو مجاهد) عن ابن عباس -وأحسبه قد رفعه- عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وفيه ليث بن أبي سليم ضعيف الحديث، وبه أعلَّه الهيثمي في ((المجمع)) :(1/ 140) والحافظ في ((المطالب)) : (3/ 321) .
وأخرجه الدارمي: (1/ 108) من طريق إسماعيل بن أبان عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاووس عن ابن عباسٍ موقوفًا.