المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الموالي: والمولى: الولي والعصبة والحليف وابن العم والعم والأخ والابن وابن - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٧

[جواد علي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السابع

- ‌الفصل الثاني والأربعون: مكة المكرمة

- ‌مدخل

- ‌قريش:

- ‌الأحابيش:

- ‌وجهاء مكة:

- ‌كسب مكة:

- ‌الرقيق:

- ‌أغنياء ومعدومون:

- ‌الفصل الثالث والأربعون:‌‌ يثربوالطائف

- ‌ يثرب

- ‌الطائف:

- ‌الفصل الرابع والأربعون: مجمل الحالة السياسية في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام

- ‌الفصل الخامس والأربعون: المجتمع العربي

- ‌مدخل

- ‌الرعاة:

- ‌الأعراب:

- ‌عُبَيَّة الجاهلية:

- ‌الحنين إلى الأوطان:

- ‌حياة الأعراب:

- ‌ملامح العرب:

- ‌العرب أفخر الأمم:

- ‌العجم:

- ‌القبيلة:

- ‌القحطانية والعدنانية:

- ‌أركان القبائل:

- ‌القبائل القوية:

- ‌ألقاب بعض القبائل:

- ‌أسماء أجداد القبائل:

- ‌أرض القبيلة:

- ‌سادات القبائل:

- ‌صفات الرئيس:

- ‌صعوبة انقياد القبائل:

- ‌رئاسة القبائل:

- ‌خصال السادة:

- ‌النسب:

- ‌الاستلحاق:

- ‌الدعيّ:

- ‌الجوار:

- ‌المؤاخاة:

- ‌الموالي:

- ‌الأحلاف:

- ‌التخالع:

- ‌إخاء القبائل:

- ‌الهجن:

- ‌الجوار:

- ‌العصبية:

- ‌الحَمِيَّة:

- ‌الإسلام والعصبية:

- ‌من أعراف العرب:

- ‌الاستغاثة:

- ‌الوفاء:

- ‌أهل الغدر:

- ‌العرض:

- ‌الحرية:

- ‌الخلع:

- ‌فهرس: الجزء السابع

الفصل: ‌ ‌الموالي: والمولى: الولي والعصبة والحليف وابن العم والعم والأخ والابن وابن

‌الموالي:

والمولى: الولي والعصبة والحليف وابن العم والعم والأخ والابن وابن الأخت والعصبات كلهم والجار والشريك1. فللفظة إذن معانٍ عديدة، أهمها بالنسبة لنا أن المولى: العبد، أي: المملوك الذي يمن عليه صاحبه، بأن يفك رقبته فيعتقه، ويصير المملوك بذلك مولى لعاتقه. وسوف نرى أن الموالي أنواع، وهم الذين نبحث عنهم في هذا المكان.

و"الموالي: العصبة. هم كانوا في الجاهلية الموالي، فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسمًا، فقال الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} . فسموا الموالي.... والمولى اليوم موليان: مولى يرث ويورث، فهؤلاء ذوو الأرحام، ومولى يورث ولا يرث، فهؤلاء العتاقة"2.

والعرب تسمي ابن العم المولى، ومنه قول الشاعر:

ومولى رمينا حوله وهو مدغل

بأعراضنا والمندبات سروع

يعني بذلك: وابن عم رمينا حوله. ومنه قول الفضل بن العباس:

مهلًا بني عمنا، مهلًا موالينا

لا تظهرنّ لنا ما كان مدفونا3

والموالي أنواع، موالي عتق وموالي عتاقة، وهو الرقيق أو الأسير الذي تفك رقبته بعتقه، كأن يشتري رجل مملوكًا فيشتريه فيعتقه4. وفي جملة ما كان يفعله الجاهليون في مقابل فك رقبة المملوك اشتراطهم على المملوك عمل عمل يعيَّن له، فإن قام به وأتمه أعتقت رقبته، ويصير مولى لمعتقه إن شاء، وله الخيار في أن يختار غير سيده مولى له، إن اشترط ذلك على سيده، أو اشترط

1 اللسان "15/ 408 وما بعدها"، "صادر"، "ولي". قال الشاعر:

هم المولى وإن جنفوا علينا

وأنا من لقائهم لزور

يعني بني العم. وقال اللهبي يخاطب بني أمية:

مهلًا بني عمنا، مهلًا موالينا

امشوا رويدا كما كنتم تكونونا

تاج العروس "10/ 399"، "ولي".

2 تفسير الطبري "5/ 33".

3 تفسير الطبري "5/ 32".

4 اللسان "10/ 243"، "عتق".

ص: 366

سيده عليه ذلك الشرط. وقد يقع الاختيار على ذلك بعد وقوع العتق.

ومن الموالي: موالي مكاتبة "موالي المكاتبة"، وذلك بأن يشترط في عقد البيع، أن العبد يكاتب على نفسه بثمنه، فإذا سعى وأداه عتق. ذكر أيضًا أن المكاتبة: أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجَّمًا، فإذا أداه صار حرًّا، والعبد مكاتب. وقيل: المكاتبة: أن يكاتب الرجل عبده أو أمته على مال ينجمه عليه، ويكتب عليه أنه إذا أدى نجومه في كل نجم كذا وكذا، فهو حر، فإذا أدى جميع ما كاتبه عليه، فقد عتق، وولاؤه لمولاه الذي كاتبه. وذلك أن مولاه سوغه كسبه الذي هو في الأصل لمولاه، فالسيد مكاتب، والعبد مكاتب إذا عقد عليه ما فارقه عليه من أداء المال. سميت مكاتبة لما يكتب للعبد عليه -على السيد- من العتق إذا أدى ما فُورق عليه، ولما يكتب للسيد على العبد من النجوم التي يؤديها في محلها، وأن له تعجيزه إذا عجز عن أداء نجم يحل عليه1.

والأصل في ولاء المكاتبة، أن من أعتق عبدًا كان ولاؤه له، فينسب إليه، وإذا مات كان هو وارثه. وقد لا يتحول الولاء للولي، إذا اشترطوا أولًا ألا يكون ولاؤه لمعتقه، بل لمن يؤدي ثمن المكاتبة مثلًا، وقد يعتق المملوك ولا يكون لأحد ولاء عليه، وتكون العتاقة عندئذ "سائبة". و"السائبة": العبد يعتق على ألا ولاء له، أي: عليه، ويحق عندئذ أن يضع ماله حيث يشاء2.

ومن أسباب العتاقة: التدبير، وهو أن يعلق المالك عتق مملوكه على شرط، هو بعد وفاته، كأن يقول له: أنت حر بعد موتي، فلا يرثه أهله3.

وأما مولى العقد، ويقال له: مولى حلف ومولى اصطناع، فيكون بانتماء رجل إلى رجل آخر بعقد، أو قبيلة إلى قبيلة أخرى بحلف. وذلك بأن يتعاقد ضعيف مع قوي على أن يساعده ويعاضده، ويقوم في مقابل ذلك بأداء ما اتفق عليه من شروط، وينتسب المولى عندئذ إلى سيده، أي: مولاه الذي قبل ولاءه. ومن هذا القبيل يهود يثرب، فقد كانوا في ولاية الأوس والخزرج، لجأ كل بطن

1 اللسان "1/ 700"، "كتب".

2 تاج العروس "1/ 305".

3 تاج العروس "3/ 200"، "دبر".

ص: 367

منهم إلى بطن من الأوس أو الخزرج يتعززون بهم، وصاروا موالي لهم، إذا وقع عليهم ضيم لجئوا إلى من انتموا إليه بالولاء للدفاع عنهم. ولما ظهر الإسلام كان من دخل في ولاء "عبد الله بن أبي"، ومنهم من دخل في ولاء "سعد بن معاذ"، ومنهم من كان في ولاء "عبادة بن الصامت". وكان عليهم في مقابل ذلك، العون والنصرة لمن دخلوا في ولائه أو ولائهم، والدفاع عنهم، وأن يكونوا بمثابة العون لهم.

وكان من موالي الحلف، قوم من اليهود والنصارى والمجوس. ولما ظهر الإسلام، أبطل عن تولي أهل الكتاب1، إذ جعلهم في ذمة المسلمين. ويدخل في هذا الولاء ولاء قبائل وعشائر صغيرة لقبائل أكبر منها، وذلك في سبيل الحصول على حمايتها لها ودفاعها عنها، فيتوجب عليها أداء ما شرط عليها من شروط عند طلبها الولاء، من العصبية والعقل وما شاكل ذلك من حقوق.

أما مولى الرحم، فيكتسب الولاء بالزواج من موالي بعض القبائل، فينسب إلى القبيلة التي تزوج من مواليها2.

وذكر بعض أهل الأخبار أن الموالي ثلاثة: مولى اليمين المحالف، ومولى الدار المجاور، ومولى النسب ابن العم والقرابة. وقد ذكرت هذه الأنواع في هذا البيت:

نبئت حيًّا على نعمان أفرادهم

مولى اليمين ومولى الدار والنسب3

وقد ذكر "الجاحظ""أن الموالي أقرب إلى العرب في كثير من المعاني؛ لأنهم عرب في المدّعى، وفي العاقلة، وفي الوارثة. وهذا تأويل لقوله: مولى القوم منهم، ومولى القوم من أنفسهم. والولاء لحمة كلحمة النسب"4. ولهذا عد الموالي في نسب من دخلوا في ولائه، وتعصبوا وتحزبوا لولاء المولى.

والموالي مهما كانوا عربًا أو عجمًا، كانوا أقل شأنًا في مجتمعهم من

1 المائدة، الآية 51، تفسير الطبري "6/ 177"، الآلوسي، تفسير "6/ 140".

2 تأريخ التمدن الإسلامي "4/ 31".

3 العمدة "2/ 198".

4 مناقب الترك "1/ 12"، من رسائل الجاحظ، "تحقيق عبد السلام هارون".

ص: 368

الأحرار. إذ نظر إليهم على أنهم دون العرب الأحرار في المكانة؛ ولهذا فقلما زوج الأحرار بناتهم للموالي، حتى ضرب بهم المثل في القلة والذلة، ولا سيما إذا كان الإنسان مولى موالٍ، فقيل:"مولى الموالي"، قيل ذلك في الإسلام أيضا. ورد في الشعر:

فلو كان عبد الله مولى هجوته

ولكن عبد الله مولى مواليا1

وقد بقيت نظرة الازدراء المذكورة حتى في الإسلام، فمع مساواة الإسلام للعرب بغيرهم وإتيانه بمقياس جديد في تفضيل الخلق بعضهم على بعض هو مقياس العمل الصالح، المتجسم في قوله:"أيها الناس، إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء، كلكم لآدم، وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى"2، أو قوله:"الناس في الإسلام سواء، الناس طف الصاع لآدم وحواء، لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي إلا بتقوى الله"، "لا تأتوني بأنسابكم وأتوني بأعمالكم، فأقول للناس هكذا ولكم هكذا"3 -نجد أن العرب بقيت في الإسلام أيضًا تأنف من تزويج بناتهم إلى الموالي بسبب شرط "الكفاءة" الذي كان سنة من سنن أهل الجاهلية في الزواج: كفاءة النسب والمنزلة والحرفة، وإذا تزوج مولى بنتًا عربية، عُيرت القبيلة به. وقد هجا الشاعر "أبو بجير""عبد القيس"؛ لتزويجهم بناتهم للموالي4، وذهب البعض إلى قاعدة:"الكفاءة في النسب والدين والصنعة والحرية، ولا تزوج عربية بأعجمي، ولا قرشية بغير قرشي، ولا هاشمية بغير هاشمي، ولا عفيفة بفاجر"5، وأن "قريشًا بعضهم أكفاء لبعض، بطن ببطن، والعرب بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، والموالي بعضهم أكفاء لبعض، رجل برجل"6.

1 الثعالبي، "ثمار"، "690".

2 العبادي، الإسلام والمشكلة العنصرية "58".

3 اليعقوبي "2/ 100"، "حجة الوداع"، وتروى الخطبة بصور مختلفة.

4 العقد الفريد "3/ 232".

5 العبادي، الإسلام والمشكلة العنصرية "67"، أبو إسحاق الشيرازي، كتاب التنبيه في الفقه على مذهب الإمام الشافعي "95".

6 العبادي، الإسلام والمشكلة العنصرية "66".

ص: 369