الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي هذا البيت تفاعيل وردت على أصلها؛ أي على وزن متفاعلن، وذلك نحكم بأن البيت السابق المضمر كله من الكامل لا من الرجز.
ب- كذلك يشتبه مجزوء الوافر المعقول الذي تصير فيه مفاعلتن إلى مفاعلن مجزوء الرجز المخبون الذي تصير فيه مستفعلن إلى متفعلن، فإذا وجد ذلك حكم بأن البيت من الرجز؛ لأنه على اعتباره منه يكون المحذوف فيه حرفًا ساكنًا، وعلى اعتباره من الوافر يكون المحذوف حرفًا متحركًا، وحذْفُ الساكن أخف من حذف المتحرك، والحمل على الأخف أولى، ومثاله قول القائل:
يذب عن حريمه
…
برمحه وسيفه
جـ- كذلك عرفت أن الوافر قد يجزأ فيصير:
مفاعلتن مفاعلتن
…
مفاعلتن مفاعلتن
إذا عُصبت مفاعلتن صارت مفاعلتن وحولت إلى مفاعيلن، وإذ ذاك يشتبه بالهزج الذي هو مفاعيلن أربع مرات، وعلى ذلك إذا ورد بيت على هذه الصورة صحَّ اعتباره من مجزوء الوافر أو من الهزج، ولكن اعتباره من الهزج أولى لكون هذا الوزن فيه أصلًا. ومثال ذلك:
وهذا الصبح لا يأتي
…
ولا يدنو ولا يَقْرُب
ولكن يلاحظ أيضًا إذا ورد البيت في القصيدة أن يجال فيها النظر، فإذا عثر على تفعيلة وردت على مفاعلتن عد البيت المجزوء من الوافر لا من الهزج.
تفصيل الكلام على التصريع
…
3-
قد تنظر في القصيدة فترى أن البيت الأول منها عروضًا لم يذكر لك نوعها بين أعاريض البحر الذي منه هذه القصيدة، فيشتبه عليك الأمر وتحار في تخريج هذا البيت على وزن معروف، ولكن اعلم أن هذه الشبهة العارضة لا تلبث أن تزول، إذا نظرت إلى البيت الثاني أو غيره؛ فإنك تجد العروض قد جرت على نحو معروف لها بين أعاريض هذا البحر، فأما ما كان في
البيت الأول فذلك راجع إلى التصريع وهو: إجراء العروض على حكم الضرب بمخالفتها لما تستحقه بزيادة أو نقص.
وإنما فعلوا ذلك في مفتتح القصائد لِيَحْسُنَ التناسق؛ فالمخالفة بالزيادة كقول امرئ القيس:
قِفَا نَبْكِ من ذِكْرى حبيب وعرفان
…
وربع خَلَت آياته منذ أزمانِ
فالعروض هنا هي كلمة: وعرفان، على وزن مفاعيلن، وقد عرفت أنها لا تجيء في عروض الطويل إلا مقبوضة، فهي إنما قُبلت هنا من غير قبضٍ ليحصل التشاكل بينها وبين الضرب، وهو: أزمان، على وزن مفاعيلن، ومثال ذلك أيضًا قول الشاعر:
بَكرَت تَحِنُّ وما بِهَا وَجْدِي
…
وأحن من وجد إلى نَجد
فدُمُوعها تحيا الرياض بها
…
ودموع عيني أقرحت خدي
فإن العروض في البيت الأول وهي: وجدي، على وزن فعْلن بسكون العين، وأصلها متفاعلن دخلها الحذذ والإضمار، مع أن العروض كما عرفت في بحر الكامل لا يدخلها إلا الحذذ، فكان حقُّها أن تكون فعلن بتحريك العين، ولكن لما كان الإضمار مع الحذذ من شأن بعض أضرب الكامل، صح أن تشاكله العروض في أول بيت من القصيدة، ولذلك تراها في البيت بعده حذاء فقط، فالعروض فيه: ضُ بِهَا، ووزنها فعلن كما هو الأصل.
ومن أمثلة التصريع بالنقص قول امرئ القيس:
أجارتَنَا إنَّ الْخُطوب تنوب
…
وإني مقيم ما أقام عسيب
فإن العروض هنا وهي تنوب وزنها فعولن، وليس ذلك في أوزان عروض الطويل المعروفة، ولكن ذلك إنما قبل في هذا البيت لتحصل المشاكلة بين العروض والضرب في مفتتح القصيدة، ويمكنك أن تلاحظ كثيرًا من ذلك فيما سبق من البحور وما أُورد لها من شواهد وتمارين.