الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إضافات أضافها للكتاب الأستاذ الدكتور عبد المنعم خفاجي
الشعر الحر
*
…
إضافات أضافها للكتاب: الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي
الشعر الحر
"1"
كل تراثنا الشعري يتمثل في القصيد العربية العمودية، التي ورثناها عن امرئ القيس، وحسان، وجرير، والبحتري، والمتنبي، والبارودي، وشوقي وأضرابهم من الشعراء الذين أغنوا الشعر العربي، ولقّحوه بالأخيلة الطريفة، والمعاني الجديدة، والأغراض المنوعة، والأساليب العربية الأصيلة، وبالموسيقى المأثورة ذات التفاعيل الارتكازية العذبة، التي أُثِرَت عن الإمام العربي الجليل، الخليل بن أحمد، وعن نقادنا الخالدين الذين أضافوا إلى أوزانه أوزانًا أخرى شبيهة بما كشف عنه الخليل من بحور.
إن كل هذا التراث الشعري الأصيل جزء من كيان القصيدة العربية، التي لا تسمى قصيدة شعرية؛ حتى تكون أبياتها من بحر شعري واحد، وحتى تلتزم فيها قافية واحدة، وإن كان شعراؤنا المعاصرون بتأثير الرغبة في التجديد، وتسهيلًا على أنفسهم من قيود الفن والتزاماته؛ أجازوا لأنفسهم أن تشتمل القصيدة على عدة أوزان؛ إذا تعددت مواقفها وأفكارها، ونظموا من ذلك بعض قصائد، من أشهرها قصيدة: الشاعر والسلطان الجائر، لإيليا أبي ماضي، وأجازوا كذلك تعدد قوافي القصيدة الواحدة مجاراةً لفن الموشحات الأندلسية، وتحرروا من سلطان القافية، وجعل الكثير منهم لكل مقطع في القصيدة قافية، إذا كان كل مقطع يمثل تيارًا فكريًّا متميزًا في القصيدة.
ومع ذلك بقى للقصيدة العمودية سلطانها العظيم؛ لموسيقاها المؤثرة، ونغمها الموقَّع، وجمالها الفني الأخّاذ. والفن هو الفن لا بد فيه من القيود؛ والمثل الفرنسي السائد يقول: لا يحيا الفن بغير القيود، فمن خلال القيود
الفنية تظهر عبقرية الشاعر وموهبته الأصلية، وعمق تكوينه الفني المتميز.
ومع ذلك ففي تراثنا في الشعر: نظام الأرجوزة والموشحة، وهي عكس البحور المعروفة، والأوزان التي أحدثها المولّدون، وفيه كذلك الكثير مما أضيف إلى التراث في مختلف العصور، وبخاصة في عصرنا الحديث من تنويع القافية، وتنويع للوزن في القصيدة الواحدة، مع بقاء الروح الشعري الأصيل للقصيدة، وهيكلها العربي العمودي ذي التأثير الموسيقي الرفيع.
2-
وبدأت مدارسنا الجديدة تدعو إلى التجديد في القصيدة الشعرية، فدعا مطران ومدرسة أبولو إلى الشعر المرسل والشعر الحر؛ لتصبح القصيدة العربية أكثر مرونة وطواعية في يدي الشاعر، وليمكن استخدامها في الشعر القصصي والمسرحي والملحمي الطويل النفس، ولتكون أكثر تعبيرًا عن ذاتية الشاعر ومشاعره العميقة.
حجج كثيرة برَّرُوا بها هذا التجديد، وإن كان شوقي قد طوع القصيدة العمودية فجعلها صالحة للشعر القصصي والمسرحي، وكذلك فعل أبو ماضي وعزيز أباظة وغيرهما؛ والقافية لم تحل بين الشعر العربي القديم والحديث وبين ظهور الملاحم فيه؛ ومن مثل ذلك قصيدة ابن المعتز المتوفى عام "296هـ"، أو ملحمته في ابن عمه الخليفة المعتضد بالله العباسي:"279-289هـ"، أو وقصيدة ابن عبد ربه الأندلسي:"ت 328هـ"، وملحمة حافظ إبراهيم العمرية، وملحمة أحمد محرم المشهورة: الإلياذة الإسلامية، وغيرها
…
فالشاعر الموهوب لا تعوقه أبدًا قيود الوزن والقافية -كما يقول الدكتور أبو شادي في مقدمة ديوانه: "الينبوع".
ولكن الداعين باسم التجديد، تحدثوا عن هذا التجديد، وإن لم يحددوه، ومن بينهم بعض الكلاسيكيين: كالزهاوي والرصافي، وكثير من الرومانسيين؛