الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخليل بن أحمد وعبقرية الفكر العربي
100- 175هـ.
1-
الخليل عبقري التراث العربي الإسلامي الحضاري؛ سواء التراث في القرن الثاني الهجري أو ما بعده، وقد أسس هو وتلاميذه مدرسة علمية لا تضارعها أية مدرسة في حضارات الأمم القديمة والحديثة على السواء.
الخليل عبقري التراث العربي الإسلامي الحضاري؛ سواء التراث اللغوي أم النحوي أو العروضي
…
ولقد كان أعجوبة زمانه في المعرفة اللغوية.
لقد استطاع ذلك العقل الكبير -الذي لم يمتلك مخبرًا صوتيًا، ولا أجهزة سمعية، ولا أيّ أداة من أدوات العلم اللغوي المعاصر- أن يصل إلى ما وصل إليه من نظريات وآراء لم يستطع العلم الحديث أن يغير منها شيئًا، بل جاءت الكشوف اللغوية الحديثة مؤيدة لها.
الخليل من أزد عمان، ومن مدرسته من الأزديين العمانيين: المبرِّد "285هـ"، وابن دريد "321هـ".... وقد ولد ونشأ الخليل وبدأ خطواته العلمية الأولى في عمان
…
ثم غادر عمان إلى أعماق الجزيرة العربية، ثم إلى البصرة مركز العلوم اللغوية والعربية والإسلامية. ثم إلى خراسان، فالبصرة، فعمان أخيرًا، حيث استقر به المقام فيها. وفيها مات ودفن أيضًا..
كان الخليل يحج سنة ويعزو أخرى؛ ومع ذلك وضع أول معجم عرفته العرب في تاريخها، وهو كتاب العين، الذي صار أساسًا لكل الدراسات اللغوية والمعجمية إلى اليوم.
ورسم الخليل القوانين التي تنظم كلام العرب، وهي المتمثلة في النحو الذي نقله سيبويه عنه في: الكتاب، ثم كشف قوانين عروض الشعر العربي،
متمثلة في دوائر العروض وفي بحور الشعر، فكشف بذلك عن موسيقى الشعر العربي وأوزانه.
2-
وهكذا ولد ونشأ الخليل في وطنه عمان، وبين قبيلته الأزد. وتنقل في البوادي لكسب المعرفة باللغة، والرواية لها، والجمع لشواردها ولهجاتها.
وإلى البصرة حط الرحال بين أبناء عمومته من الأزد المقيمين فيها، والذين يعملون في التجارة، ويجمعون بين ثقافة البادية وعلم الحاضرة1؛ وقيل: إنّ معظم سكان البصرة كانوا من الأزد، وبخاصة أن البصرة أصبحت المدينة التي استوطنها العلم، وكثرت فيها مدارسه، وتياراته، واتجاهاته
…
ففي البصرة نشأ التصوف على يدي الحسن البصري، ونشأ التأليف في المعاجم كما نرى عند الخليل وكتابه العين، ونشأ النحو العربي ممثلًا في كتاب سيبويه2، كان الخليل سيد أهل الأدب في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله، فقد كان ماهرًا في القياس، وبه علل النحو "200:2 المزهر"، ونشأ العروض والمعجميات على يدي الخليل بن أحمد.
وكما أخذ الخليل عن علماء البصرة تتلمذ عليه: سيبويه والنضر بن شميل والأصمعي، وسواهم. ومن شيوخه: أبو عمرو بن العلاء، وعاصم الأحول، وسواهما
…
وكان الخليل يوصف بأنه أذكى العرب3 ونقل السيوطي عن محمد بن سلام سمعت مشايخنا يقولون: لم يكن للعرب أذكى
1 راجع ترجمة الخليل في نزهة الألبّا 27-30، طبقات النحويين 43-47، بغية الوعاة 1/557-561، مرآة الجنان 1/303، النجوم الزاهرة 1/311، التهذيب لابن حجر 3/163-164، شذرات الذهب 1/275، الخليل بن أحمد للدكتور مهدي المخزومي، وفيات الأعيان 2/248؛ وراجع كتاب العين تحقيق د. هادي حسن حمودي. أعلام الأدب في عصر بني أمية لخفاجي 2/152-154.
2 راجع آراء الخليل النحوية فيما نسبه سيبويه إلى أستاذه في الكتاب. وفي ضحى الإسلام 2/290 أنه هو الذي عمل النحو.
3 أعلام الأدب في عصر بني أمية للخفاجي.
من الخليل ولا أجمع1، وهو الذي اخترع علم الموسيقى العربية وجمع فيه أصناف النغم2؛ ،وهو الذي حصر أشعار العرب عن طريق أوزانها في العروض3؛ وأول من جمع اللغة العربية، وابتكر المعجم اللغوي، واهتدى إلى بعض المسائل الرياضية.
وكان له حلقة في مسجد البصرة الجامع، ظلت عامرة بالدارسين والطلاب حتى وفاة الخليل.
3-
وهكذا عاش الخليل يبحث ويدون نظرياته وآراءه في اللغة وعلومها.. إلى أن انتقل إلى جوار رحمة الله عز وجل.
وكان الخليل شاعرًا؛ كما عاش زاهدًا في الحياة؛ يكتفي بالقليل، ويحيا للعلم، ويتفانى في خدمة طلابه وتلاميذه ويفتح أمامهم الأبواب؛ ومن علمه نهل طلابه، وتصدروا من بعده حلقات العلم في كل مكان
…
1 المزهر للسيوطي 2: 249.
2 معجم الأدباء للياقوت 6: 227، الزهر1: 38، ضحى الإسلام لأحمد أمين 2:267.
3 المزهر ا: 41، 243 بغية الوعاة للسيوطي، ويقول الزمخشري عنه: إنه ينبوع العروض "1: 479 الفائق للزمخشري ط 1945"، وروى ابن الأنباري أنه أول من حصر شعر العرب "55 طبقات الأدباء لابن الأنباري"، ويقول ابن النديم: كان الخليل أول من استخرج العروض وحصر به أشعار العرب "42 الفهرست لابن النديم"، ويذكر ذلك أيضًا ضحى الإسلام "290:2". العدد الخامس من مجلة الرسالة المصرية.