الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصيدة النثر
يسمونها قصيدة، وهي نثر خالٍ من الوزن والقافية.
لقد كتب المنفلوطي، وتلاه أمين الريحاني نثرًا، قيل عنه: إنه شعر منثور، ونثر الرافعي والزيات يمكن أن يدخل في مضماره؛ ولكن هؤلاء لم يطلقوا على نثرهم اسم الشعر، أما المبتدعون اليوم فيكتبون نثرًا خليًا من الوزن والقافية ويسمونه شعرًا، ومما كتبته د. سامية الساعاتي في ديوانها: شخصي جدًّا، ومن نماذجه:
يوم هويتك هويت الكتابة
والنقاد ينكرون هذا الشعر ويقولون: إنه نثر، وليس له صلة بالشعر بحال.
الشعر المرسل
الشعر العربي يعتمد في موسيقاه على القافية. وبعض اللغات لا يعرف الشعر فيها القافية، والبعض تشتمل على شعر مقفى وآخر خالٍ من القافية.
قد أخذ بعض المجددين يدعون إلى التحرر من القافية وإلغائها وإرسال الشعر إرسالًا، وسَمّوا ذلك شعرًا مرسلًا، ومن دعاته مطران وشكري وأبو شادي والزهاوي، وسبقهم: توفيق البكري، وكان ملتون يميل إلى إرسال الشعر، ويقول:"إن خير الشعر ما نظم بغير قافية"، وقد يبيح البعض الشعر المرسل في الملاحم وفي الشعر التمثيلي.
الشعر الشعبي أو فن الزَّجل
وسُمّي هذا اللون من ألوان الأدب زَجلًا؛ لرفع الصوت فيه والترجيع به في الإنشاد، ويسمّى الشعر العامِّي.
والأندلس بيئة الزجل الأولى كالموشح؛ وإن كان تأخر عن الموشحات في النشأة الأدبية قليلًا
…
وهكذا تولّد الزجل عن الموشحات فهو نوع من الشعر العامي.
وقد ذاع فن الزجل وتعددت لهجاته بتعدد الأماكن التي نشأ بها، واشتمل
على أنواع من الشعر كالغزل والوصف
وكثيرا ما كان الزجل أصدق في التعبير عن النفوس من الشعر الفصيح لقربه من تعبير العامة، واشتماله على عباراتهم المألوفة، وعدم احتياجه للتكليف في الصناعة واختيار الألفاظ.
ولَمّا شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور؛ لسهولته وتنميق كلامه، وترصيع أجزائه، نسجت العامة على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا إعرابًا، واستحدثوا فنًّا سموه: الزجل. والتزموا النظم فيه. فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة.
وأول من أبدع في هذه الطريقة الزجلية، أبو بكر بن قزمان، فلم تظهر حُلاها، ولا انسبكت معانيها، واشتهرت رشاقتها، إلا في زمانه، وتوفي عام 544هـ وهو إمام الزجالين على الإطلاق.
ويقال: إن أول من اخترعه رجل يقال له راشد
…
وكان لابن قزمان فضل الشهرة لتجويده، وعاصره محلف الأسود، وجاءت بعده طبقة من الزجالين: مدغليس بن جحدر، بإشبيلية، ثم أبو الحسن سهل بن مالك، ثم ابن الخطيب، والألوسي
…
قال ابن سعيد عن ابن جحدر: "رأيت أزجاله مروية ببغداد، أكثر ما رأيتها بحواضر المغرب".
وكان ابن قزمان نسيج وحده أدبًا وظرفًا ولوذغية وشهرة، مبرزًا في نظم الزجل.
وهذه الطريقة الزجلية تتحكم فيها ألقاب البديع، وتنفسح لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر، وبلغ فيها ابن قزمان مبلغًا كبيرًا، فهو آيتها المعجزة، وحجتها البالغة، وفارسها العلم، والمبتدئ فيها والمتمِّم، أحرز السبق عند تسابق الأعيان، واشتمل عليه المتوكل على الله المتوفى عام 484هـ، فرقّاه إلى مجالس الملك، وخلفه في مذهبه حاج، المعروف بمدغليس صاحب الموشحات، وفي يوم كان يشرب مع ندماء ظراف، في جنة بهجة، فجاءتهم
ورقة من ثقيل يرغب في الإذن، وكان له ابن مليح فكتب إليه مدغليس:
سيدي: هذا مكان لا يرى فيه بلحية
…
غير تيس مصفعاني،
وكان مدغليس هذا مشهور بالانطباع والصنعة في الأزجال، خليفة ابن قزمان في زمانه، وأهل الأندلس يقولون: ابن قزمان من الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغليس بمنزلة أبي تمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت للمعنى ومدغليس ملتفت إلى اللفظ، وكان أدبيًّا معربًا لكلامه مثل ابن قزمان، لكنَّه لما رأى نفسه في الزجل أنجب اقتصر عليها.
ومما اختاره ابن خلدون، من زجل أهل مصر القاهرة، وأحسن في اختياره كل الإحسان، قول بعضهم في ذلك العصر:
هذي جراحي طريَّا
…
الدما تنضح
وقاتلي يا أحيما
…
في الفلا يمرح
قالوا: "وناخد بتارك"
…
قلت: "ذا أقبح! ".
وقد عمَّ فن الزجل في الأندلس؛ حتى كان العامة ينظمون فيه بطريقتهم العامة في سائر البحور الخمسة عشر.
وقد قلّد المشارقة فيه الأندلسيين، فراج الزجل في كل مكان، وخاصة في مصر في العصر المملوكي، ومن أشهر الزجّالين: خلف الغباري، وبدر الدين الفرضي، وأحمد الدرويشي، وأحمد الأمشاطي الشامي 725هـ.
ونشأ في المغرب امتدادًا للزجل شعر عامي سموه الأصمعيات، وشعر عامِّي في المشرق سموه الشعر البدوي.