المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن - الموسوعة العقدية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المجيب

- ‌ المجيد

- ‌ المحسن

- ‌ المحيط

- ‌ المقدم، والمؤخر

- ‌ المقيت

- ‌ الملِكُ، المليكُ، مالك الملك

- ‌ المنان

- ‌ المهيمن

- ‌ المؤمن

- ‌ النصير

- ‌ الهادي

- ‌ الواحد، الأحد

- ‌ الواسع

- ‌ الوتر

- ‌ الودود

- ‌ الوكيل، الكفيل

- ‌ الولي، المولى

- ‌المطلب الأول: أدلة تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثاني: وجوه تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل أسماء الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة:

- ‌القاعدة العاشرة:

- ‌القاعدة الحادية عشرة:

- ‌القاعدة الثانية عشرة:

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:

- ‌القاعدة السادسة عشرة:

- ‌القاعدة السابعة عشرة:

- ‌المبحث الثاني: أنواع الصفات

- ‌المطلب الأول: الصفات الثبوتية وضابطها

- ‌المطلب الثاني: الصفات المنفية وضابطها

- ‌تمهيد

- ‌ الأولية

- ‌ الإتيان والمجيء

- ‌ الإجابة

- ‌ الأحد

- ‌ الإحسان

- ‌ الأخذ باليد

- ‌ الأذن (بمعنى الاستماع)

- ‌ الإرادة والمشيئة

- ‌ استطابة الروائح

- ‌ الاستهزاء بالكافرين

- ‌ الأسف (بمعنى الغَضَب)

- ‌ الأصابع

- ‌ الإلهية والألوهية

- ‌ الأمر

- ‌ الإمساك

- ‌ الأنامل

- ‌ الأنتقام من المجرمين

- ‌ الإيجاب والتحليل والتحريم

- ‌ البارئ

- ‌ الباطن (الباطنية)

- ‌ بديع السموات والأرض

- ‌ البر

- ‌ البركة والتبارك

- ‌ البسط والقبض

- ‌ البشبشة أو البشاشة

- ‌ البصر

- ‌ البطش

- ‌ البغض

- ‌ البقاء

- ‌ التجلي

- ‌ التدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ التردد في قبض نفس المؤمن

- ‌ الترك

- ‌ التشريع

- ‌ التعجب

- ‌ التقديم والتأخير

- ‌ التقرب والقرب والدنو

- ‌ التوب

- ‌ الجبروت

- ‌ الجلال

- ‌ الجمال

- ‌ الجنب

- ‌ الجهة

- ‌ الحاكم والحكم

- ‌ الحب والمحبة

- ‌ الحثو

- ‌ الحجزة والحقو

- ‌ الحركة

- ‌ الحسيب

- ‌ الحفظ

- ‌ الحفي

- ‌ الحق

- ‌ الحكمة

- ‌ الحلم

- ‌ الحميد

- ‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

- ‌ الحياء والاستحياء

- ‌ الحياة

- ‌ الخبير

- ‌ الخداع لمن خادعه

- ‌ الخلق

- ‌ الخلة

- ‌ الدلالة أو الدليل

- ‌ الديان

- ‌ الذات

- ‌ الرأفة

- ‌ الرؤي

- ‌ رؤيته سبحانه وتعالى

- ‌ الربوبية

- ‌ الرجل والقدمان

- ‌ الرحمة

- ‌ الرزق

- ‌ الرشد

- ‌ الرضى

- ‌ الرفق

- ‌ الرقيب

- ‌ الرَّوْحُ

- ‌ الرُّوُحُ

- ‌ الزارع

- ‌ الساق

- ‌ السبوح

- ‌ الستر

- ‌ السخرية بالكافرين

- ‌ السَّخَطُ أو السُّخْطُ

- ‌ السرعة

- ‌ السكوت

- ‌ السلام

- ‌ السلطان

- ‌ السمع

- ‌ السيد

- ‌ الشافي

- ‌ الشخص

- ‌ الشدة (بمعنى القوَّة)

- ‌ الشكر

- ‌ الشهيد

- ‌ شيء

- ‌ الصبرُ

- ‌ الصدق

- ‌ الصفة

- ‌ الصمد

- ‌ الصنع

- ‌ الصورة

- ‌ الضحك

- ‌ الطبيب

- ‌ الطيب

- ‌ الظاهرية

- ‌ الظل

- ‌ العتاب أو العتب

- ‌ العجب

- ‌ العدل

- ‌ العز والعزة

- ‌ العزم

- ‌ العطاء والمنع

- ‌ العظمة

- ‌ العفو والمعافاة

- ‌ العلم

- ‌ العلو والفوقية

- ‌ العمل والفعل

- ‌ العين

- ‌ الغضب

- ‌ الغلبة

- ‌ الغنى

- ‌ الغيرة

- ‌ الفتح

- ‌ الفرح

- ‌ الفطر

- ‌ القبض والطي

- ‌ القدرة

- ‌ الْقِدَمُ

- ‌ االقدوس

- ‌ القرآن

- ‌ القهر

- ‌ القول

- ‌ القوة

- ‌ القيوم

- ‌ الكافي

- ‌ الكبر والكبرياء

- ‌ الكبير

- ‌ الكتابة والخط

- ‌ الكرم

- ‌ الكره

- ‌ الكف

- ‌ الكفيل

- ‌ الكلام والقول والحديث والنداء والصوت

- ‌ الكنف

- ‌ الكيد لأعدائه

- ‌ اللطف

- ‌ اللعن

- ‌ المؤمن

- ‌ المبين:

- ‌ المتانة

- ‌ المجد

- ‌ المحيط

- ‌ المحيي والمميت

- ‌ المستعان

- ‌ المسح

- ‌ المصور

- ‌ المعية

- ‌ المغفرة والغفران

- ‌ المقت

- ‌ المقيت

- ‌ المكر على من يمكر به

- ‌ الملك والملكوت

- ‌ الملل

- ‌ المماحلة والمحال

- ‌ المن والمنة

- ‌ الموجود

- ‌ الناصر والنصير

- ‌ النزول والهبوط والتدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ النسيان (بمعنى الترك)

- ‌ النظر

- ‌ النعت

- ‌ النَّفْسُ (بسكون الفاء)

- ‌ النَّفَسُ (بالتحريك)

- ‌ النور، ونور السماوات والأرض

- ‌ الهادي

- ‌ الهبوط (إلى السماء الدنيا)

- ‌ الهرولة

- ‌ الهيمنة

- ‌ الواحد والوحدانية

- ‌ الوارث

- ‌ الواسع والموسع

- ‌ الوتر

- ‌ الوجه

- ‌ الودود

- ‌ الوصل والقطع

- ‌ الوكيل

- ‌ الولي والمولى (الولاية والموالاة)

- ‌ الوهاب

- ‌ اليدان

- ‌ اليمين والشمال واليسار

- ‌ الآخرية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نفي النقائص عن الله عز وجل

- ‌المطلب الثاني: إثبات أنه ليس كمثل الله عز وجل شيء في صفاته الثابتة له

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: كلمة (الجهة)

- ‌المطلب الثاني: كلمة (الحد)

- ‌المطلب الثالث: كلمة (الأعراض)

- ‌المطلب الرابع: كلمة (الأبعاض)

- ‌المطلب الخامس: كلمة (الأغراض)

- ‌المطلب السادس: حلول الحوادث بالله تعالى

- ‌المطلب السابع: كلمة (التسلسل)

- ‌المبحث السادس: خصائص إيمان الصحابة في الصفات الإلهية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبه القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يفوضون معاني الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثالث: إبطال شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين قد شغلهم الجهاد عن فهم آيات الصفات ومسائل العقيدة

- ‌المطلب الرابع: إبطال التعليل الباطل لسكوت الصحابة، وعدم سؤالهم عن الصفات الإلهية

- ‌المطلب الخامس: إبطال الزعم أن الصحابة والتابعين أقاموا العقيدة على أسس غير دقيقة باعتمادهم على أخبار الآحاد

- ‌تمهيد: العلاقة بين العقل والشرع

- ‌المطلب الأول: من وظائف العقل في باب الصفات فهم معانيها

- ‌المطلب الثاني: التفكر والتدبر لآثارها ومقتضياتها

- ‌المطلب الثالث: استعمال الأقيسة العقلية الصحيحة اللائقة بالله تعالى

- ‌المطلب الرابع: إبطال الأقيسة العقلية الخاطئة

- ‌المطلب الأول: من أدلة تفاضل صفات الله

- ‌المطلب الثاني: تفاضل الصفة الواحدة

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل صفات الله

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الآثار الإيمانية العامة للأسماء والصفات

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لاسم الله الجميل

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرقيب

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله المحسن

- ‌خامسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الفتاح

- ‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

- ‌سابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحفيظ

- ‌ثامنا: الآثار الإيمانية لاسم الله الكافي

- ‌تاسعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحيي

- ‌عاشرا: الآثار الإيمانية لاسم الله الهادي

- ‌حادي عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌ثاني عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي

- ‌ثالث عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحميد

- ‌رابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القوي

- ‌خامس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحي

- ‌سادس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القيوم

- ‌سابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الصمد

- ‌ثامن عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الظاهر والباطن

- ‌تاسع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله المعطي والمانع

- ‌عشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القابض والباسط

- ‌واحد وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الخافض الرافع

- ‌اثنان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المعز المذل

- ‌ثلاث وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله البَرّ

- ‌أربع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المنّان

- ‌خمس وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيب

- ‌ست وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الستّير

- ‌سبع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجواد

- ‌ثمان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القريب

- ‌تسع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرشيد

- ‌ثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الصّبور

- ‌واحد وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الملك – المالك - المليك

- ‌اثنان وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله القدوس

- ‌ثلاث وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌أربع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المؤمن

- ‌خمس وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المهيمن

- ‌ست وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجبار

- ‌سبع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المتكبر والكبير

- ‌ثمان وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الخالق – الخلاق – البارئ – المصور

- ‌تسع وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الغافر – الغفور – الغفار

- ‌أربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله القاهر – القهار

- ‌واحد وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الوهاب

- ‌اثنان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرزاق

- ‌ثلاث وأربعون: الآثار الإيمانية لأسماء العليم – العالم – العلام

- ‌أربع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله السميع

- ‌خمس وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله البصير

- ‌ست وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحكم –الحكيم

- ‌سبع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله اللطيف

- ‌ثمان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحليم

- ‌تسع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله العظيم

- ‌خمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله العلي – الأعلى – المتعال

- ‌واحد وخمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الحفيظ

- ‌اثنان وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المقيت

- ‌ثلاث وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحسيب

- ‌أربع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الواسع

- ‌خمس وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرب

- ‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

- ‌سبع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لصفة الفرح

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لصفة المعية

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لصفة الضحك

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لصفة وجه الله تعالى

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التمثيل

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة هي إثبات الصفات دون مماثلة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة على انتفاء التمثيل في باب الصفات

- ‌1 - : الأدلة السمعية

- ‌2 - : الأدلة العقلية

- ‌3 - الأدلة الفطرية

- ‌المطلب الرابع: شبهات والرد عليها

- ‌المطلب الخامس: معنى قول أهل السنة: (من غير تكييف ولا تمثيل)

- ‌المطلب السادس: الفرق بين التمثيل والتكييف

- ‌المسألة الأولى: تعريف التعطيل لغةً

- ‌المسألة الثانية: تعريف التعطيل شرعاً

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التعطيل

- ‌المطلب الثالث: أنواع التعطيل في توحيد الله

- ‌المسألة الأولى: درجات التعطيل في باب الأسماء والصفات عموماً

- ‌المسألة الثانية: درجات التعطيل في باب الأسماء الحسنى

- ‌المسألة الثالثة: درجات التعطيل في باب صفات الله تعالى

- ‌المطلب الخامس: جمع المعطلة بين التعطيل والتمثيل

- ‌المطلب السادس: خطورة مقالة التعطيل

- ‌المطلب الأول: تعريف التحريف

- ‌المطلب الثاني: أنوع التحريف

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين التحريف والتأويل

- ‌المطلب الرابع: أهل التحريف أصل شبهتهم والرد عليهم

- ‌المبحث الرابع: التفويض في نصوص الصفات

- ‌المطلب الأول: أركان التفويض

- ‌المطلب الثاني: أنواع التفويض

- ‌المطلب الثالث: دعوى أن التفويض هو الطريق الأسلم

- ‌المسألة الأولى: المراد بالمحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثانية: أقوال السلف في المحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثالثة: التأويل والظاهر

- ‌أولاً: معاني التأويل

- ‌ثانياً: بيان موضع الوقف في آية آل عمران

- ‌المطلب الأول: حقيقة التوقف

- ‌المطلب الثاني: أنواع التوقف

- ‌المطلب الثالث: أصل شبهتهم والرد عليها

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك لغةً

- ‌المطلب الثاني: معنى الشرك اصطلاحاً

- ‌المبحث الثاني: هل الأصل في الإنسان التوحيد أم الشرك

- ‌المبحث الثالث: أصل الشرك وأسبابه

الفصل: ‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

وإن من تأمل هذا الاسم الكريم أثمر ذلك في قلبه أمورا عظيمة، ومنها:

أولا: الحب:

فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وكيف لا يحب الإنسان من أفاض عليه رحمته وعطفه ومنته وفضله ومن هو أرحم به من أمه، جاء في الصحيح أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار))، قالوا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لله أرحم بعباده من هذه بولدها)) (1).

ثانيا: الرجاء وحسن الظن بالله:

قال العز بن عبد السلام: (من عرف سعة رحمة الله كان حاله الرجاء)(2)، وفي الصحيح:((قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي)) (3).

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل: ((قال أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى، عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب أعمل ما شئت فقد غفرت لك)) (4).

وفي الحديث: ((أسرف رجل على نفسه –وفي رواية لم يعمل حسنة قط- فلما حضره الموت أوصى بنيه، فقال إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا، قال ففعلوا ذلك به فقال للأرض أدى ما أخذت فإذا هو قائم، فقال له ما حملك على ما صنعت، فقال خشيتك يا رب أو قال مخافتك، فغفر له بذلك)) (5).

وقد دخل حماد بن سلمة على الثوري، فقال سفيان: أترى أن الله يغفر لمثلي، فقال حماد: والله لو خيرت بين محاسبة الله إياي وبين محاسبة أبوي لاخترت محاسبة الله؛ وذلك لأن الله أرحم بي من أبوي.

ومما يزيد العبد تعلقا بربه وإحسان الظن به أن الله تعالى يشكر عمل عبده مع قلته، بل ويغفر لصاحبه بسببه، وفي الحديث:((بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغر له))، قالوا يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجرا، فقال:((في كل كبد رطبة أجر)) (6)، وفي لفظ ((أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها)) (7).

وفيه: ((كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة)) (8).

(1) رواه البخاري (5999)، ومسلم (2754). من حديث عمر رضي الله عنه.

(2)

((مختصر الفوائد في أحكام المقاصد)) (ص: 203 - 204) وانظر ((شجرة المعارف والأحوال)) (ص: 83).

(3)

رواه البخاري (7405)، ومسلم (2675). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

رواه البخاري (7507)، ومسلم (2758). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5)

رواه البخاري (3482)، ومسلم (2756). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(6)

رواه البخاري (2363)، ومسلم (2244). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(7)

رواه البخاري (3467)، ومسلم (2245). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(8)

رواه ابن ماجه (2984)، وأحمد (2/ 495)(10436). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

ص: 314

وفيه: ((كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه)) (1).

وإن من حسن الظن بالله أن ترى البلاء رحمة ونعمة فكم من محنة محصت الذنوب ونبهت من الغفلة وذكرت بالنعمة، وكم من محنة أصبحت منحة أعادت إلى الله وأنقذت من شرك الشيطان:

إذا سر بالسراء عم سرورها

وإن مس بالضراء أعقبها الأجر

وما منهما إلا له فيه نعمة

تضيق بها الأوهام والبر والبحر

فإذا أصابك البلاء فهو رحمة، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الطاعون رحمة، فعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فخبرها صلى الله عليه وسلم:((أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد)) (2).

ولو لم يكن في البلاء إلا تكفير الذنوب لكفى في كونه رحمة وفضلا، وفي الحديث:((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)) (3)، وفيه:((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها)) (4)، وفي الترمذي:((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)) (5).

وقد يرى العبد الأمر شرا وهو خير له كما رأى موسى فعل الخضر شرا فكان خيرا.

ثالثا: الحياء:

إن التأمل في إحسان الله ورحمته يورث العبد حياء منه سبحانه وتعالى، فيستحي العبد المؤمن من خالقه أن يعصيه، ثم إن وقع في الذنب جهلا منه استحيا من الله بعد وقوعه في الذنب، ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة للناس بذنوبهم خوفا وخجلا، وإن هذا لأمر قل من ينتبه له، بل قد يظن كثير من الناس أن التوبة والعفو قد غمر ذنوبه فلا يلتفت إلى الحياء بعد ذلك.

كان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة والصوم حتى يصفر جسده فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ فقال: ما لي لا أجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحييا منه.

و ((الله أحق أن يستحيا منه من الناس)) (6).

رابعاً: رحمة الخلق:

ومن استشعر رحمة الله تعالى وشاهد ذلك بقلب صادق أفاض على قلبه رحمة الخلق، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق، وسماه ربه رحيما فقال تعالى: بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128].

(1) رواه البخاري (2078)، ومسلم (1562). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

رواه البخاري (5734). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(3)

رواه البخاري (5641، 5642)، ومسلم (2573). من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.

(4)

رواه البخاري (5640)، ومسلم (2572). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

رواه الترمذي (2399)، وأحمد (2/ 450)(9810)، وابن حبان (7/ 176)(2913)، والحاكم (4/ 350). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (833) كما أشار إلى ذلك في المقدمة.

(6)

رواه أبو داود (4017)، والترمذي (2769)، وابن ماجه (1920)، وأحمد (5/ 3)(20046)، والحاكم (4/ 199). من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في ((هداية الساري)) (20).

ص: 315

وقد أبصر الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن، فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنه من لا يرحم لا يرحم)) (1).

ولما قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أتقبلون صبيانكم، فقالوا نعم، فقالوا لكن والله ما نقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((وأملك إن كان الله نزع منك الرحمة)) (2).

وتتبين آثار رحمته صلى الله عليه وسلم حينما رأى ابنه إبراهيم وهو في سكرات الموت، قال أنس لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون)) (3) وفي رواية البخاري: ((فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله فقال: يا ابن عوف إنها رحمة)) (4).

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرحمة، بل وجعلها سببا لرحمة الله تعالى، وجعل من نزعت منه الرحمة شقيا، فقال صلى الله عليه وسلم:((من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل)(5)، وقال صلى الله عليه وسلم:((لا تنزع الرحمة إلا من شقي)) (6)، وكان ابن لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم يقضي فأرسلت إليه أن يأتيها فأرسل:((إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب))، فأرسلت إليه فأقسمت عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أسامة ومعاذ بن جبل وسعد بن عبادة، فلما دخل ناولوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تقعقع في صدره فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سعد بن عبادة أتبكي! فقال:((هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)) (7)، وفي الترمذي:((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) (8).

قال الطيبي: (أتي بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البر والفاجر والناطق والبهم والوحوش والطير)(9).

رحمة تغيب عن كثير من الأذهان:

(1) رواه البخاري (5997)، ومسلم (2318).

(2)

رواه البخاري (5998)، ومسلم (2317). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(3)

رواه البخاري (1303)، ومسلم (2315).

(4)

رواه البخاري (1303).

(5)

رواه البخاري (7376)، ومسلم (2319). من حديث جرير بن عبدالله رضي الله عنه.

(6)

رواه أبو داود (4942)، والترمذي (1923)، وأحمد (2/ 301)(7988)، وابن حبان (2/ 213)(466)، والحاكم (4/ 277). من حديث أنس رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه الترمذي، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

(7)

رواه البخاري (1284)، ومسلم (923). من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.

(8)

رواه أبو داود (4941)، والترمذي (1924)، وأحمد (2/ 160)(6494)، والحاكم (4/ 175). من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه العراقي في ((الأربعون العشارية)) (ص: 125).

(9)

((تحفة الأحوذي)) (6/ 51).

ص: 316

ومن الرحمة التي تغيب عن كثير من الأذهان رحمة عموم الخلق مسلمهم وكافرهم، قال ابن تيمية في أهل البدع:(ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القدر –والحيرة مستولية عليهم، والشيطان مستحوذ عليهم- رحمتهم ورفقت عليهم، وأتوا ذكاء وما أتوا زكاء، وأعطوا فهوما وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [الأحقاف: 26] (1).

وقال ابن القيم:

وانظر بعين الحكم وارحمهم بها

إذ لا ترد مشيئة الديان

وانظر بعين الأمر واحملهم على

أحكامه فهما إذا نظران

واجعل لقلبك مقلتين كلاهما

من خشية الرحمن باكيتان

لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم

فالقلب بين أصابع الرحمن

تنبيهان:

وختاما للتأمل في هذا الاسم الكريم لا بد من التنبيه على أمرين: أولهما: أن رحمة الله الخاصة إنما تحصل بطاعة الله واتباع مرضاته فالله عز وجل يقول: إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56].

وليس لمن عصى الله أن يتعلق باسمه الرحمن ليستمر في العصيان فالله تعالى يقول: نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ [الحجر: 49 - 50]، وقد حج عمر بن عبد العزيز مع سليمان بن عبد الملك فأصابهم برق ورعد كادت تنخلع له قلوبهم، فقال سليمان: هل رأيت مثل هذه الليلة أو سمعت بها، قال: يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمة الله فكيف لو سمعت صوت عذاب الله (2). وفي الحديث: ((لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد)) (3).

ثانيهما: أن ما ذكر من آثار وتأملات في هذا الاسم الكريم إنما هي قطرة من بحر وزهرة من بستان، فلو سودت الدفاتر والأوراق كلها ما أدركت جميع ما في هذا الاسم من الأسرار والمعاني، وهكذا كل اسم من أسماء الله تعالى، وإنما هي فتوحات يفتح الله بها لكل عبد بحسبه، ولو اجتمعت فتوحات الخلق جميعا لما أدركوا جميع ما في كل اسم من أسماء الله تعالى. التعبد بالأسماء والصفات لمحات علمية إيمانية لوليد بن فهد الودعان – ص: 95

(1)((الفتوى الحموية)) (ص: 553) وانظر كلاما جميل عن ذلك في ((مدارج السالكين)) (1/ 459).

(2)

رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (45/ 153).

(3)

رواه مسلم (2755). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 317