المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود - الموسوعة العقدية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المجيب

- ‌ المجيد

- ‌ المحسن

- ‌ المحيط

- ‌ المقدم، والمؤخر

- ‌ المقيت

- ‌ الملِكُ، المليكُ، مالك الملك

- ‌ المنان

- ‌ المهيمن

- ‌ المؤمن

- ‌ النصير

- ‌ الهادي

- ‌ الواحد، الأحد

- ‌ الواسع

- ‌ الوتر

- ‌ الودود

- ‌ الوكيل، الكفيل

- ‌ الولي، المولى

- ‌المطلب الأول: أدلة تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثاني: وجوه تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل أسماء الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة:

- ‌القاعدة العاشرة:

- ‌القاعدة الحادية عشرة:

- ‌القاعدة الثانية عشرة:

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:

- ‌القاعدة السادسة عشرة:

- ‌القاعدة السابعة عشرة:

- ‌المبحث الثاني: أنواع الصفات

- ‌المطلب الأول: الصفات الثبوتية وضابطها

- ‌المطلب الثاني: الصفات المنفية وضابطها

- ‌تمهيد

- ‌ الأولية

- ‌ الإتيان والمجيء

- ‌ الإجابة

- ‌ الأحد

- ‌ الإحسان

- ‌ الأخذ باليد

- ‌ الأذن (بمعنى الاستماع)

- ‌ الإرادة والمشيئة

- ‌ استطابة الروائح

- ‌ الاستهزاء بالكافرين

- ‌ الأسف (بمعنى الغَضَب)

- ‌ الأصابع

- ‌ الإلهية والألوهية

- ‌ الأمر

- ‌ الإمساك

- ‌ الأنامل

- ‌ الأنتقام من المجرمين

- ‌ الإيجاب والتحليل والتحريم

- ‌ البارئ

- ‌ الباطن (الباطنية)

- ‌ بديع السموات والأرض

- ‌ البر

- ‌ البركة والتبارك

- ‌ البسط والقبض

- ‌ البشبشة أو البشاشة

- ‌ البصر

- ‌ البطش

- ‌ البغض

- ‌ البقاء

- ‌ التجلي

- ‌ التدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ التردد في قبض نفس المؤمن

- ‌ الترك

- ‌ التشريع

- ‌ التعجب

- ‌ التقديم والتأخير

- ‌ التقرب والقرب والدنو

- ‌ التوب

- ‌ الجبروت

- ‌ الجلال

- ‌ الجمال

- ‌ الجنب

- ‌ الجهة

- ‌ الحاكم والحكم

- ‌ الحب والمحبة

- ‌ الحثو

- ‌ الحجزة والحقو

- ‌ الحركة

- ‌ الحسيب

- ‌ الحفظ

- ‌ الحفي

- ‌ الحق

- ‌ الحكمة

- ‌ الحلم

- ‌ الحميد

- ‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

- ‌ الحياء والاستحياء

- ‌ الحياة

- ‌ الخبير

- ‌ الخداع لمن خادعه

- ‌ الخلق

- ‌ الخلة

- ‌ الدلالة أو الدليل

- ‌ الديان

- ‌ الذات

- ‌ الرأفة

- ‌ الرؤي

- ‌ رؤيته سبحانه وتعالى

- ‌ الربوبية

- ‌ الرجل والقدمان

- ‌ الرحمة

- ‌ الرزق

- ‌ الرشد

- ‌ الرضى

- ‌ الرفق

- ‌ الرقيب

- ‌ الرَّوْحُ

- ‌ الرُّوُحُ

- ‌ الزارع

- ‌ الساق

- ‌ السبوح

- ‌ الستر

- ‌ السخرية بالكافرين

- ‌ السَّخَطُ أو السُّخْطُ

- ‌ السرعة

- ‌ السكوت

- ‌ السلام

- ‌ السلطان

- ‌ السمع

- ‌ السيد

- ‌ الشافي

- ‌ الشخص

- ‌ الشدة (بمعنى القوَّة)

- ‌ الشكر

- ‌ الشهيد

- ‌ شيء

- ‌ الصبرُ

- ‌ الصدق

- ‌ الصفة

- ‌ الصمد

- ‌ الصنع

- ‌ الصورة

- ‌ الضحك

- ‌ الطبيب

- ‌ الطيب

- ‌ الظاهرية

- ‌ الظل

- ‌ العتاب أو العتب

- ‌ العجب

- ‌ العدل

- ‌ العز والعزة

- ‌ العزم

- ‌ العطاء والمنع

- ‌ العظمة

- ‌ العفو والمعافاة

- ‌ العلم

- ‌ العلو والفوقية

- ‌ العمل والفعل

- ‌ العين

- ‌ الغضب

- ‌ الغلبة

- ‌ الغنى

- ‌ الغيرة

- ‌ الفتح

- ‌ الفرح

- ‌ الفطر

- ‌ القبض والطي

- ‌ القدرة

- ‌ الْقِدَمُ

- ‌ االقدوس

- ‌ القرآن

- ‌ القهر

- ‌ القول

- ‌ القوة

- ‌ القيوم

- ‌ الكافي

- ‌ الكبر والكبرياء

- ‌ الكبير

- ‌ الكتابة والخط

- ‌ الكرم

- ‌ الكره

- ‌ الكف

- ‌ الكفيل

- ‌ الكلام والقول والحديث والنداء والصوت

- ‌ الكنف

- ‌ الكيد لأعدائه

- ‌ اللطف

- ‌ اللعن

- ‌ المؤمن

- ‌ المبين:

- ‌ المتانة

- ‌ المجد

- ‌ المحيط

- ‌ المحيي والمميت

- ‌ المستعان

- ‌ المسح

- ‌ المصور

- ‌ المعية

- ‌ المغفرة والغفران

- ‌ المقت

- ‌ المقيت

- ‌ المكر على من يمكر به

- ‌ الملك والملكوت

- ‌ الملل

- ‌ المماحلة والمحال

- ‌ المن والمنة

- ‌ الموجود

- ‌ الناصر والنصير

- ‌ النزول والهبوط والتدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ النسيان (بمعنى الترك)

- ‌ النظر

- ‌ النعت

- ‌ النَّفْسُ (بسكون الفاء)

- ‌ النَّفَسُ (بالتحريك)

- ‌ النور، ونور السماوات والأرض

- ‌ الهادي

- ‌ الهبوط (إلى السماء الدنيا)

- ‌ الهرولة

- ‌ الهيمنة

- ‌ الواحد والوحدانية

- ‌ الوارث

- ‌ الواسع والموسع

- ‌ الوتر

- ‌ الوجه

- ‌ الودود

- ‌ الوصل والقطع

- ‌ الوكيل

- ‌ الولي والمولى (الولاية والموالاة)

- ‌ الوهاب

- ‌ اليدان

- ‌ اليمين والشمال واليسار

- ‌ الآخرية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نفي النقائص عن الله عز وجل

- ‌المطلب الثاني: إثبات أنه ليس كمثل الله عز وجل شيء في صفاته الثابتة له

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: كلمة (الجهة)

- ‌المطلب الثاني: كلمة (الحد)

- ‌المطلب الثالث: كلمة (الأعراض)

- ‌المطلب الرابع: كلمة (الأبعاض)

- ‌المطلب الخامس: كلمة (الأغراض)

- ‌المطلب السادس: حلول الحوادث بالله تعالى

- ‌المطلب السابع: كلمة (التسلسل)

- ‌المبحث السادس: خصائص إيمان الصحابة في الصفات الإلهية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبه القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يفوضون معاني الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثالث: إبطال شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين قد شغلهم الجهاد عن فهم آيات الصفات ومسائل العقيدة

- ‌المطلب الرابع: إبطال التعليل الباطل لسكوت الصحابة، وعدم سؤالهم عن الصفات الإلهية

- ‌المطلب الخامس: إبطال الزعم أن الصحابة والتابعين أقاموا العقيدة على أسس غير دقيقة باعتمادهم على أخبار الآحاد

- ‌تمهيد: العلاقة بين العقل والشرع

- ‌المطلب الأول: من وظائف العقل في باب الصفات فهم معانيها

- ‌المطلب الثاني: التفكر والتدبر لآثارها ومقتضياتها

- ‌المطلب الثالث: استعمال الأقيسة العقلية الصحيحة اللائقة بالله تعالى

- ‌المطلب الرابع: إبطال الأقيسة العقلية الخاطئة

- ‌المطلب الأول: من أدلة تفاضل صفات الله

- ‌المطلب الثاني: تفاضل الصفة الواحدة

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل صفات الله

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الآثار الإيمانية العامة للأسماء والصفات

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لاسم الله الجميل

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرقيب

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله المحسن

- ‌خامسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الفتاح

- ‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

- ‌سابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحفيظ

- ‌ثامنا: الآثار الإيمانية لاسم الله الكافي

- ‌تاسعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحيي

- ‌عاشرا: الآثار الإيمانية لاسم الله الهادي

- ‌حادي عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌ثاني عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي

- ‌ثالث عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحميد

- ‌رابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القوي

- ‌خامس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحي

- ‌سادس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القيوم

- ‌سابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الصمد

- ‌ثامن عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الظاهر والباطن

- ‌تاسع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله المعطي والمانع

- ‌عشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القابض والباسط

- ‌واحد وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الخافض الرافع

- ‌اثنان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المعز المذل

- ‌ثلاث وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله البَرّ

- ‌أربع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المنّان

- ‌خمس وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيب

- ‌ست وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الستّير

- ‌سبع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجواد

- ‌ثمان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القريب

- ‌تسع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرشيد

- ‌ثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الصّبور

- ‌واحد وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الملك – المالك - المليك

- ‌اثنان وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله القدوس

- ‌ثلاث وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌أربع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المؤمن

- ‌خمس وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المهيمن

- ‌ست وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجبار

- ‌سبع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المتكبر والكبير

- ‌ثمان وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الخالق – الخلاق – البارئ – المصور

- ‌تسع وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الغافر – الغفور – الغفار

- ‌أربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله القاهر – القهار

- ‌واحد وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الوهاب

- ‌اثنان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرزاق

- ‌ثلاث وأربعون: الآثار الإيمانية لأسماء العليم – العالم – العلام

- ‌أربع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله السميع

- ‌خمس وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله البصير

- ‌ست وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحكم –الحكيم

- ‌سبع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله اللطيف

- ‌ثمان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحليم

- ‌تسع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله العظيم

- ‌خمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله العلي – الأعلى – المتعال

- ‌واحد وخمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الحفيظ

- ‌اثنان وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المقيت

- ‌ثلاث وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحسيب

- ‌أربع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الواسع

- ‌خمس وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرب

- ‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

- ‌سبع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لصفة الفرح

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لصفة المعية

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لصفة الضحك

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لصفة وجه الله تعالى

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التمثيل

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة هي إثبات الصفات دون مماثلة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة على انتفاء التمثيل في باب الصفات

- ‌1 - : الأدلة السمعية

- ‌2 - : الأدلة العقلية

- ‌3 - الأدلة الفطرية

- ‌المطلب الرابع: شبهات والرد عليها

- ‌المطلب الخامس: معنى قول أهل السنة: (من غير تكييف ولا تمثيل)

- ‌المطلب السادس: الفرق بين التمثيل والتكييف

- ‌المسألة الأولى: تعريف التعطيل لغةً

- ‌المسألة الثانية: تعريف التعطيل شرعاً

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التعطيل

- ‌المطلب الثالث: أنواع التعطيل في توحيد الله

- ‌المسألة الأولى: درجات التعطيل في باب الأسماء والصفات عموماً

- ‌المسألة الثانية: درجات التعطيل في باب الأسماء الحسنى

- ‌المسألة الثالثة: درجات التعطيل في باب صفات الله تعالى

- ‌المطلب الخامس: جمع المعطلة بين التعطيل والتمثيل

- ‌المطلب السادس: خطورة مقالة التعطيل

- ‌المطلب الأول: تعريف التحريف

- ‌المطلب الثاني: أنوع التحريف

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين التحريف والتأويل

- ‌المطلب الرابع: أهل التحريف أصل شبهتهم والرد عليهم

- ‌المبحث الرابع: التفويض في نصوص الصفات

- ‌المطلب الأول: أركان التفويض

- ‌المطلب الثاني: أنواع التفويض

- ‌المطلب الثالث: دعوى أن التفويض هو الطريق الأسلم

- ‌المسألة الأولى: المراد بالمحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثانية: أقوال السلف في المحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثالثة: التأويل والظاهر

- ‌أولاً: معاني التأويل

- ‌ثانياً: بيان موضع الوقف في آية آل عمران

- ‌المطلب الأول: حقيقة التوقف

- ‌المطلب الثاني: أنواع التوقف

- ‌المطلب الثالث: أصل شبهتهم والرد عليها

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك لغةً

- ‌المطلب الثاني: معنى الشرك اصطلاحاً

- ‌المبحث الثاني: هل الأصل في الإنسان التوحيد أم الشرك

- ‌المبحث الثالث: أصل الشرك وأسبابه

الفصل: ‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

1 -

قال القرطبي: فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله سبحانه هو (الودود) على الإطلاق، المحب لخلقه، والمثنى عليهم والمحسن إليهم اهـ (1).

فالله سبحانه وتعالى يحب من أطاعه ويبغض من عصاه. يحب التوابين والمتطهرين والصابرين والمتوكلين والمقسطين والمؤمنين والمتقين والمحسنين، وجميع الطائعين. ويبغض ويكره المعتدين والمفسدين والمسرفين والخائنين والمستكبرين والفاسقين والظالمين والكافرين، ولا يحب كل مختال فخور، ولا كل خوان كفور، وهذا كله في كتابه العزيز.

فيجب على العبد أن يتبع ما يحبه الله ويرضاه، ويتجنب ما يبغضه ولا يحبه.

يقول القرطبي في تتمه كلامه السابق: ثم يجب عليه أن يتودد على ربه بامتثال أمره ونهيه، كما تودد إليه بإدرار نعمه وفضله، ويحبه كما أحبه.

ومن حب العبد لله رضاه بما قضاه وقدره، وحب القرآن والقيام به، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وحب سنته والقيام بها والدعاء إليها، قال الله العظيم قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ [آل عمران: 31]، فمن اتبع رسوله فيما جاء به، وصدق في أتباعه، فذلك الذي أحب الله وأحبه الله.

واعلم أن مثال محبة الله تعالى بترك المناهي، أكثر من مثالها بسواها من أعمال الطاعات، فالأعمال الصالحة قد يعملها البر والفاجر، والانتهاء عن المعاصي لا تكون إلا بالكمال (و) إلا من مصدق.

قلت (القرطبي) وعلى هذا الحذو – والله أعلم – يترتب حب الله تعالى للعبد وحب الناس له، وعليه يخرج الحديث الذي خرجه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم واللفظ لمسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض)) (2)(3).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو سبحانه يحب عباده الذين يحبونه، والمحبوب لغيره أولى أن يكون محبوباً.

فإذا كنا إذا أحببنا شيئاً لله كان الله هو المحبوب في الحقيقة، وحبنا لذلك بطريق التبع، وكنا نحب من يحب الله لأنه يحب الله، فالله تعالى يحب الذين يحبونه، فهو المستحق أن يكون هو المحبوب المألوه المعبود، وأن يكون غاية كل حب (4).

2 -

أن المستحق أن يحب لذاته هو الله سبحانه، وتعالى، وكل محبة يجب أن تكون لله وفي الله، فإذا أحب العبد أحب الله وإذا أبغض أبغض لله، وإذا أعطى أعطى لله، وإذا منع منع لله، وإذا والى والى في الله وإذا عادى عادى في الله، وهكذا كل أعماله يجب أن تكون فيما يحبه الله ويرضاه.

وكذا فإنه لا يجوز للعبد أن يبغض من أحبه الله تعالى من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين، ولا يحب من أبغضه الله من الفساق والعاصين والمكذبين والمحاربين لله بأموالهم وأنفسهم، مهما كانت قرابتهم له.

(1)((الكتاب الأسنى)).

(2)

رواه البخاري (3209)، ومسلم (2637).

(3)

((الكتاب الأسنى)).

(4)

((درء تعارض العقل والنقل)) (4/ 15).

ص: 421

فعن الأول يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ((إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) (1).

فالحديث يدل على أن معاداة أولياء الله إنما هي في الحقيقة معاداة الله، ومن ذا الذي يطيق أن يعادي الله تعالى شأنه أو يحاربه، ويدل أيضاً على أن الفرائض من أحب ما يتقرب به إلى الله تعالى، ويليها النوافل.

وأما عن الثاني وهي أن لا يحب من عصى الله، يقول تعالى لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22].

قال ابن تيمية رحمه الله:

وليس ما يستحق أن يكون هو المحبوب لذاته، المراد لذاته، المطلوب لذاته، المعبود لذاته: إلا الله. كما أنه ليس ما هو بنفسه مبدع خالق إلا الله، فكما أنه لا رب غيره، فلا إله إلا هو، فليس في المخلوقات ما يستقل بإبداع شيء حتى يكون ربا له، ولكن ثم أسباب متعاونة ولها فاعل هو سببها.

وكذلك ليس في المخلوقات ما هو مستحق لأن يكون المستقل بأن يكون هو المعبود المقصود المراد بجميع الأعمال، بل إذا استحق أن يحب ويراد، فإنما يراد لغيره، وله ما شاركه في أن يحب معه، وكلاهما يحب أن يحب الله، لا يحب واحد منهما لذاته، إذ ليست ذاته هي التي يحصل بها كمال النفوس وصلاحها وانتفاعها، إذا كانت هي الغاية المطلوبة.

والله فطر عباده على ذلك، وهو أعظم من كونه فطرهم على حب الأغذية التي تصلحهم، فإذا تناولوا غيرها أفسدتهم، فإن ذلك، وإن كان كذلك، ففي الممكن أن يجعل في غير ذلك ما يغذيهم. وأما كون الفطرة يمكن أن تصلح على عبادة غير الله، فهذا ممتنع لذاته كما يمتنع لذاته أن يكون للعالم مبدع غير الله. قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم: 30].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟)) (2).

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء (كلهم) فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا)) (3).

والفطر تعرف هذا أعظم مما تعرف ما يلائمها من الطعام والشراب، لكن قد يحصل للفطرة نوع فساد، فيفسد إدراكها، كما يفسد إدراكها إذا وجدت الحلو مرا، وهذا هو أعرف المعروف الذي أمر الله الرسل أن تأمر به، والشرك أنكر المنكر الذي أمرهم بالنهي عنه، والشرك لا يغفره الله، فإنه فساد لا يقبل الصلاح.

ولهذا وجب التفريق بين الحب مع الله، والحب لله، فالأول شرك، والثاني إيمان.

قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ [البقرة: 165]، فليس لأحد أن يحب شيئاً مع الله.

(1) رواه البخاري (6502). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

رواه البخاري (1385)، ومسلم (2658).

(3)

رواه مسلم (2865).

ص: 422

وأما الحب لله فقال تعالى: أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ [التوبة: 24].

وقال صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذا أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار)) (1) اهـ (2).

3 -

حب الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم يقوى بقوة العلم الشرعي، وكلما كان المسلم عالماً بدين الله وأحكامه وشرائعه، عاملاً به، كان حبه أقوى من غيره من الجاهلين، وإن كانت محبة الله سبحانه توجد في الفطر، ولكنها تقوى بالعلم وتخبو وتضعف بالشهوات والشبهات.

قال ابن تيمية رحمه الله: وكذلك حب الله ورسوله حاصل لكل مؤمن، ويظهر ذلك بما إذا خير المؤمن بين أهله وبين الله ورسوله، فإنه يختار الله ورسوله.

والمؤمنون متفاضلون في هذه المحبة، ولكن المنافقون – الذين أظهروا الإسلام ولما يدخل الإيمان في قلوبهم – ليسوا من هؤلاء، وما من مؤمن إلا وهو إذا ذكر له رؤية الله اشتاق إلى ذلك شوقاً لا يكاد يشتاقه إلى شيء.

وقد قال الحسن البصري: لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا (3).

والحب لله يقوى بسبب قوة المعرفة وسلامة الفطرة، ونقصها من نقص المعرفة ومن خبث الفطرة بالأهواء الفاسدة.

ولا ريب أن النفوس تحب اللذة بالأكل والشرب والنكاح، وقد تشتغل النفوس بأدنى المحبوبين عن أعلاهما، لقوة حاجته العاجلة إليه، كالجائع الشديد الجوع، فإن ألمه بالجوع قد يشغله عن لذة مناجاته لله في الصلاة.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((لا يصلين أحدكم بحضرة طعام، ولا هو يدافع الأخبثين)) (4).

وإن كانت الصلاة قرة عين العارفين، والإنسان إنما يشتاق إلى ما يشعر به من المحبوبات، فأما ما لم يشعر به فهو لا يشتاق إليه، وإن كان لو شعر به لكان شوقه إليه أشد من شوقه إلى غيره اهـ (5). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: 404

(1) رواه البخاري (43)، ومسلم (43). من حديث أنس رضي الله عنه.

(2)

((درء تعارض العقل والنقل)) (9/ 374 - 376).

(3)

رواه عبد الله في ((السنة)) (1/ 263)(2/ 471)، والآجري في ((الشريعة)) (ص: 253).

(4)

رواه مسلم (560). من حديث عائشة رضي الله عنه.

(5)

((درء تعارض العقل والنقل)) (6/ 72 - 73).

ص: 423