المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحنان (بمعنى الرحمة) - الموسوعة العقدية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المجيب

- ‌ المجيد

- ‌ المحسن

- ‌ المحيط

- ‌ المقدم، والمؤخر

- ‌ المقيت

- ‌ الملِكُ، المليكُ، مالك الملك

- ‌ المنان

- ‌ المهيمن

- ‌ المؤمن

- ‌ النصير

- ‌ الهادي

- ‌ الواحد، الأحد

- ‌ الواسع

- ‌ الوتر

- ‌ الودود

- ‌ الوكيل، الكفيل

- ‌ الولي، المولى

- ‌المطلب الأول: أدلة تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثاني: وجوه تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل أسماء الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة:

- ‌القاعدة العاشرة:

- ‌القاعدة الحادية عشرة:

- ‌القاعدة الثانية عشرة:

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:

- ‌القاعدة السادسة عشرة:

- ‌القاعدة السابعة عشرة:

- ‌المبحث الثاني: أنواع الصفات

- ‌المطلب الأول: الصفات الثبوتية وضابطها

- ‌المطلب الثاني: الصفات المنفية وضابطها

- ‌تمهيد

- ‌ الأولية

- ‌ الإتيان والمجيء

- ‌ الإجابة

- ‌ الأحد

- ‌ الإحسان

- ‌ الأخذ باليد

- ‌ الأذن (بمعنى الاستماع)

- ‌ الإرادة والمشيئة

- ‌ استطابة الروائح

- ‌ الاستهزاء بالكافرين

- ‌ الأسف (بمعنى الغَضَب)

- ‌ الأصابع

- ‌ الإلهية والألوهية

- ‌ الأمر

- ‌ الإمساك

- ‌ الأنامل

- ‌ الأنتقام من المجرمين

- ‌ الإيجاب والتحليل والتحريم

- ‌ البارئ

- ‌ الباطن (الباطنية)

- ‌ بديع السموات والأرض

- ‌ البر

- ‌ البركة والتبارك

- ‌ البسط والقبض

- ‌ البشبشة أو البشاشة

- ‌ البصر

- ‌ البطش

- ‌ البغض

- ‌ البقاء

- ‌ التجلي

- ‌ التدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ التردد في قبض نفس المؤمن

- ‌ الترك

- ‌ التشريع

- ‌ التعجب

- ‌ التقديم والتأخير

- ‌ التقرب والقرب والدنو

- ‌ التوب

- ‌ الجبروت

- ‌ الجلال

- ‌ الجمال

- ‌ الجنب

- ‌ الجهة

- ‌ الحاكم والحكم

- ‌ الحب والمحبة

- ‌ الحثو

- ‌ الحجزة والحقو

- ‌ الحركة

- ‌ الحسيب

- ‌ الحفظ

- ‌ الحفي

- ‌ الحق

- ‌ الحكمة

- ‌ الحلم

- ‌ الحميد

- ‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

- ‌ الحياء والاستحياء

- ‌ الحياة

- ‌ الخبير

- ‌ الخداع لمن خادعه

- ‌ الخلق

- ‌ الخلة

- ‌ الدلالة أو الدليل

- ‌ الديان

- ‌ الذات

- ‌ الرأفة

- ‌ الرؤي

- ‌ رؤيته سبحانه وتعالى

- ‌ الربوبية

- ‌ الرجل والقدمان

- ‌ الرحمة

- ‌ الرزق

- ‌ الرشد

- ‌ الرضى

- ‌ الرفق

- ‌ الرقيب

- ‌ الرَّوْحُ

- ‌ الرُّوُحُ

- ‌ الزارع

- ‌ الساق

- ‌ السبوح

- ‌ الستر

- ‌ السخرية بالكافرين

- ‌ السَّخَطُ أو السُّخْطُ

- ‌ السرعة

- ‌ السكوت

- ‌ السلام

- ‌ السلطان

- ‌ السمع

- ‌ السيد

- ‌ الشافي

- ‌ الشخص

- ‌ الشدة (بمعنى القوَّة)

- ‌ الشكر

- ‌ الشهيد

- ‌ شيء

- ‌ الصبرُ

- ‌ الصدق

- ‌ الصفة

- ‌ الصمد

- ‌ الصنع

- ‌ الصورة

- ‌ الضحك

- ‌ الطبيب

- ‌ الطيب

- ‌ الظاهرية

- ‌ الظل

- ‌ العتاب أو العتب

- ‌ العجب

- ‌ العدل

- ‌ العز والعزة

- ‌ العزم

- ‌ العطاء والمنع

- ‌ العظمة

- ‌ العفو والمعافاة

- ‌ العلم

- ‌ العلو والفوقية

- ‌ العمل والفعل

- ‌ العين

- ‌ الغضب

- ‌ الغلبة

- ‌ الغنى

- ‌ الغيرة

- ‌ الفتح

- ‌ الفرح

- ‌ الفطر

- ‌ القبض والطي

- ‌ القدرة

- ‌ الْقِدَمُ

- ‌ االقدوس

- ‌ القرآن

- ‌ القهر

- ‌ القول

- ‌ القوة

- ‌ القيوم

- ‌ الكافي

- ‌ الكبر والكبرياء

- ‌ الكبير

- ‌ الكتابة والخط

- ‌ الكرم

- ‌ الكره

- ‌ الكف

- ‌ الكفيل

- ‌ الكلام والقول والحديث والنداء والصوت

- ‌ الكنف

- ‌ الكيد لأعدائه

- ‌ اللطف

- ‌ اللعن

- ‌ المؤمن

- ‌ المبين:

- ‌ المتانة

- ‌ المجد

- ‌ المحيط

- ‌ المحيي والمميت

- ‌ المستعان

- ‌ المسح

- ‌ المصور

- ‌ المعية

- ‌ المغفرة والغفران

- ‌ المقت

- ‌ المقيت

- ‌ المكر على من يمكر به

- ‌ الملك والملكوت

- ‌ الملل

- ‌ المماحلة والمحال

- ‌ المن والمنة

- ‌ الموجود

- ‌ الناصر والنصير

- ‌ النزول والهبوط والتدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ النسيان (بمعنى الترك)

- ‌ النظر

- ‌ النعت

- ‌ النَّفْسُ (بسكون الفاء)

- ‌ النَّفَسُ (بالتحريك)

- ‌ النور، ونور السماوات والأرض

- ‌ الهادي

- ‌ الهبوط (إلى السماء الدنيا)

- ‌ الهرولة

- ‌ الهيمنة

- ‌ الواحد والوحدانية

- ‌ الوارث

- ‌ الواسع والموسع

- ‌ الوتر

- ‌ الوجه

- ‌ الودود

- ‌ الوصل والقطع

- ‌ الوكيل

- ‌ الولي والمولى (الولاية والموالاة)

- ‌ الوهاب

- ‌ اليدان

- ‌ اليمين والشمال واليسار

- ‌ الآخرية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نفي النقائص عن الله عز وجل

- ‌المطلب الثاني: إثبات أنه ليس كمثل الله عز وجل شيء في صفاته الثابتة له

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: كلمة (الجهة)

- ‌المطلب الثاني: كلمة (الحد)

- ‌المطلب الثالث: كلمة (الأعراض)

- ‌المطلب الرابع: كلمة (الأبعاض)

- ‌المطلب الخامس: كلمة (الأغراض)

- ‌المطلب السادس: حلول الحوادث بالله تعالى

- ‌المطلب السابع: كلمة (التسلسل)

- ‌المبحث السادس: خصائص إيمان الصحابة في الصفات الإلهية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبه القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يفوضون معاني الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثالث: إبطال شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين قد شغلهم الجهاد عن فهم آيات الصفات ومسائل العقيدة

- ‌المطلب الرابع: إبطال التعليل الباطل لسكوت الصحابة، وعدم سؤالهم عن الصفات الإلهية

- ‌المطلب الخامس: إبطال الزعم أن الصحابة والتابعين أقاموا العقيدة على أسس غير دقيقة باعتمادهم على أخبار الآحاد

- ‌تمهيد: العلاقة بين العقل والشرع

- ‌المطلب الأول: من وظائف العقل في باب الصفات فهم معانيها

- ‌المطلب الثاني: التفكر والتدبر لآثارها ومقتضياتها

- ‌المطلب الثالث: استعمال الأقيسة العقلية الصحيحة اللائقة بالله تعالى

- ‌المطلب الرابع: إبطال الأقيسة العقلية الخاطئة

- ‌المطلب الأول: من أدلة تفاضل صفات الله

- ‌المطلب الثاني: تفاضل الصفة الواحدة

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل صفات الله

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الآثار الإيمانية العامة للأسماء والصفات

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لاسم الله الجميل

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرقيب

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله المحسن

- ‌خامسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الفتاح

- ‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

- ‌سابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحفيظ

- ‌ثامنا: الآثار الإيمانية لاسم الله الكافي

- ‌تاسعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحيي

- ‌عاشرا: الآثار الإيمانية لاسم الله الهادي

- ‌حادي عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌ثاني عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي

- ‌ثالث عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحميد

- ‌رابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القوي

- ‌خامس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحي

- ‌سادس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القيوم

- ‌سابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الصمد

- ‌ثامن عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الظاهر والباطن

- ‌تاسع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله المعطي والمانع

- ‌عشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القابض والباسط

- ‌واحد وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الخافض الرافع

- ‌اثنان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المعز المذل

- ‌ثلاث وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله البَرّ

- ‌أربع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المنّان

- ‌خمس وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيب

- ‌ست وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الستّير

- ‌سبع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجواد

- ‌ثمان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القريب

- ‌تسع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرشيد

- ‌ثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الصّبور

- ‌واحد وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الملك – المالك - المليك

- ‌اثنان وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله القدوس

- ‌ثلاث وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌أربع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المؤمن

- ‌خمس وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المهيمن

- ‌ست وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجبار

- ‌سبع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المتكبر والكبير

- ‌ثمان وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الخالق – الخلاق – البارئ – المصور

- ‌تسع وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الغافر – الغفور – الغفار

- ‌أربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله القاهر – القهار

- ‌واحد وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الوهاب

- ‌اثنان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرزاق

- ‌ثلاث وأربعون: الآثار الإيمانية لأسماء العليم – العالم – العلام

- ‌أربع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله السميع

- ‌خمس وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله البصير

- ‌ست وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحكم –الحكيم

- ‌سبع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله اللطيف

- ‌ثمان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحليم

- ‌تسع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله العظيم

- ‌خمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله العلي – الأعلى – المتعال

- ‌واحد وخمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الحفيظ

- ‌اثنان وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المقيت

- ‌ثلاث وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحسيب

- ‌أربع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الواسع

- ‌خمس وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرب

- ‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

- ‌سبع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لصفة الفرح

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لصفة المعية

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لصفة الضحك

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لصفة وجه الله تعالى

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التمثيل

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة هي إثبات الصفات دون مماثلة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة على انتفاء التمثيل في باب الصفات

- ‌1 - : الأدلة السمعية

- ‌2 - : الأدلة العقلية

- ‌3 - الأدلة الفطرية

- ‌المطلب الرابع: شبهات والرد عليها

- ‌المطلب الخامس: معنى قول أهل السنة: (من غير تكييف ولا تمثيل)

- ‌المطلب السادس: الفرق بين التمثيل والتكييف

- ‌المسألة الأولى: تعريف التعطيل لغةً

- ‌المسألة الثانية: تعريف التعطيل شرعاً

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التعطيل

- ‌المطلب الثالث: أنواع التعطيل في توحيد الله

- ‌المسألة الأولى: درجات التعطيل في باب الأسماء والصفات عموماً

- ‌المسألة الثانية: درجات التعطيل في باب الأسماء الحسنى

- ‌المسألة الثالثة: درجات التعطيل في باب صفات الله تعالى

- ‌المطلب الخامس: جمع المعطلة بين التعطيل والتمثيل

- ‌المطلب السادس: خطورة مقالة التعطيل

- ‌المطلب الأول: تعريف التحريف

- ‌المطلب الثاني: أنوع التحريف

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين التحريف والتأويل

- ‌المطلب الرابع: أهل التحريف أصل شبهتهم والرد عليهم

- ‌المبحث الرابع: التفويض في نصوص الصفات

- ‌المطلب الأول: أركان التفويض

- ‌المطلب الثاني: أنواع التفويض

- ‌المطلب الثالث: دعوى أن التفويض هو الطريق الأسلم

- ‌المسألة الأولى: المراد بالمحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثانية: أقوال السلف في المحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثالثة: التأويل والظاهر

- ‌أولاً: معاني التأويل

- ‌ثانياً: بيان موضع الوقف في آية آل عمران

- ‌المطلب الأول: حقيقة التوقف

- ‌المطلب الثاني: أنواع التوقف

- ‌المطلب الثالث: أصل شبهتهم والرد عليها

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك لغةً

- ‌المطلب الثاني: معنى الشرك اصطلاحاً

- ‌المبحث الثاني: هل الأصل في الإنسان التوحيد أم الشرك

- ‌المبحث الثالث: أصل الشرك وأسبابه

الفصل: ‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

-‌

‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عز وجل بالكتاب والسنة

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيَّاً [مريم: 12 - 13]

الدليل من السنة:

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: ((يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أنَّ لا إله إلا الله مخلصاً، فيخرجونهم منها، قال: ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها)) (1).

قال ابن جرير: قوله: وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا: يقول تعالى ذكره: ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم: معناه: الرحمة اهـ، ثم نسب ذلك بإسناده إلى ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة، ثم قال: وقال آخرون: معنى ذلك: وتعطُّفاً من عندنا عليه فعلنا ذلك، ونسب ذلك بإسناده إلى مجاهد، ثم قال: وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبة، ووجهوا معنى الكلام إلى: ومحبة من عندنا فعلنا ذلك، ثم نسب ذلك بإسناده إلى عكرمة وابن زيد، ثم قال: وقال آخرون: معناه تعظيماً منَّا له، ونسب ذلك بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح ثم قال: وأصل ذلك - أعني: الحنان- من قول القائل: حنَّ فلان إلى كذا، وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق، ثم يقال: تحنَّن فلان على فلان: إذا وصف بالتعطُّف عليه والرقة به والرحمة له؛ كما قال الشاعر:

تَحَنَّنْ عليَّ هَداك المليكُ

فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاً

بمعنى: تعطَّف عليَّ؛ فالحنان: مصدر من قول القائل: حنَّ فلانٌ على فلانٍ، يقال منه: حننتُ عليه؛ فأنا أحِنُّ عليه، وحناناً اهـ (2).

وقال الفراء: وقوله: وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا الحنان: الرحمة، ونصب حناناً؛ أي: وفعلنا ذلك رحمة لأبويه اهـ (3).

وبنحوه قال ابن قتيبة، ونسب البيت السابق للحطيئة يخاطب فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه (4).

وروى أبو عبيد القاسم بن سلَاّم عن أبي معاوية (الضرير) عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك (5) وهذا إسناد صحيح، وعروة بن الزبير تابعي ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة قال أبو عبيد: قوله: حنانيك؛ يريد: رحمتك، والعرب تقول: حنانك يا رب، وحنانيك يا رب؛ بمعنى واحد اهـ (6).

(1) رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (ص448)، وابن أبي شيبة (7/ 58)، وأحمد (3/ 11)(11096)، وابن ماجه - عن ابن أبي شيبة- مختصراً (4280)، والطبري في تفسيره (18/ 235)، والخلال - عن أحمد - في ((السنة)) (5/ 51)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (2/ 766) بإثبات لفظة (يتجلى) في المطبوع بدلا من (يتحنن) التي في النسخة الألمانية، والحاكم (4/ 628). وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (8/ 62): رواه أحمد بن منيع، ورواته ثقات، وأبوبكر بن أبي شيبة مختصرًا وعنه ابن ماجه. وقال السفارييني في ((لوائح الأنوار)) (2/ 238): وأخرج الحاكم بسندٍ صحيح - ثم ذكر الحديث -. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح. وقال الوادعي في ((الشفاعة)) (ص159): والحديث بهذا السند - أي سند أحمد - حسن. والحديث أصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

(2)

((تفسير الطبري)) (16/ 55).

(3)

((معاني القرآن)) (2/ 163).

(4)

((تفسير غريب القرآن)) (ص273).

(5)

((غريب الحديث)) (2/ 405).

(6)

((غريب الحديث)) (2/ 405).

ص: 103

وقال أبو موسى المديني: في حديث زيد بن عمرو: ((حنانيك؛ أي: ارحمني رحمة بعد رحمة)) اهـ (1).

وقال الأزهري: روى أبو العباس عن ابن الأعرابي؛ أنه قال: الحنَّان: من أسماء الله؛ بتشديد النون؛ بمعنى: الرحيم قال: والحنَان؛ بالتخفيف: الرحمة قال: والحنان: الرزق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة، والحنان: الوقار ثم قال الأزهري: وقال الليث: الحنان: الرحمة، والفعل التحنُّن قال: والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده، ومنه قوله تعالى: وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا؛ أي: رحمة من لدنا قلت (أي: الأزهري): والحنَّان من أسماء الله تعالى، جاء على فعَّال بتشديد النون صحيح، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى الحنين، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنَّان: الرحيم، من الحنان، وهو الرحمة ثم قال: قال أبو إسحاق: الحنَّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطف اهـ كلام الأزهري (2)

وقال أبو سليمان الخطابي: الحنَّان: ذو الرحمة والعطف، والحنان – مخفف - الرحمة (3).

وقال ابن تيمية: وقال (يعني: الجوهري): الحنين: الشوق، وتوقان النفس وقال: حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ، والحنان: الرحمة، يقال: حنَّ عليه يحنُّ حناناً، ومنه قوله تعالى: وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً، والحنَّان بالتشديد: ذو الرحمة، وتحننَّ عليه: ترحَّم، والعرب تقول: حنانيك يا رب! وحنانك! بمعنى واحد؛ أي: رحمتك وهذا كلام الجوهري، وفي الأثر في تفسير الحنَّان المنَّان: أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنَّان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، وهذا باب واسع اهـ كلام ابن تيمية (4).

وقال ابن القيم (5) راداً على الجهمية نفاة الصفات:

قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ

ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ

وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ

رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ

كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه

سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ

تنبيهات:

الأول: فَسَّرَ بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا؛ أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً؛ أي: جعلناه ذا حنان وزكاة، فيكون الحنان صفة ليحيى عليه الصلاة والسلام.

الثاني: روى ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه؛ من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال:((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض)) (6) وهذا إسناد صحيح.

ورواه أحمد، والنسائي، وأبو داود، والطبراني، والبغوي، والحاكم؛ من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه؛ بلفظ:((المنَّان)) (7).

وأخرجه أحمد من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان)) (8).

(1)((المجموع المغيث)) (1/ 514).

(2)

((تهذيب اللغة)) (3/ 446).

(3)

((شأنَّ الدعاء)) (ص 105).

(4)

((شرح حديث النُّزول)) (184).

(5)

((القصيدة النونية)) (1/ 50).

(6)

رواه ابن أبي شيبة (6/ 47)، وأحمد (3/ 120)(12226)، وابن ماجه (3858). قال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن صحيح.

(7)

رواه أبو داود (1495)، والنسائي (3/ 52)، أحمد (3/ 245)(13595)، والطبراني في ((الدعاء)) (116)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1258)، والحاكم (1/ 683). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.

(8)

رواه أحمد (3/ 158)(12632). وقال شعيب الأرناؤوط في ((مسند أحمد)): حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.

ص: 104

وأخرجه ابن حبان من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان المنَّان)) (1).

وخلف بن خليفة: قال عنه الحافظ في (التقريب): صدوق، اختلط في الآخر، وادَّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد اهـ (2).

الثالث: روى الإمام أحمد وغيره حديث: ((أنَّ عبداً في جهنم لينادي ألف سنة يا حنَّان يا منَّان)) (3) وإسناده ضعيف

الرابع: روى الحاكم من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حديث: ((إنَّ لله تعالى تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) فذكرها وعدَّ منها: ((الحنَّان)) (4)، وعبد العزيز هذا ضعيف، قال عنه الحافظ: متفق على ضعفه، وهَّاه البخاري ومسلم وابن معين، وقال البيهقي: ضعيف عند أهل النقل اهـ (5).

قال الخطابي: ومما يدعو به الناس خاصُّهم وعامُّهم، وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحنَّان اهـ (6)

هذا حسب النسخة المغربية كما أفاده الأستاذ أحمد يوسف الدقاق محقق الكتاب، وفي النسخة التيمورية زيادة:((المنَّان))، وأظنها خطأ من الناسخ، وعلى أية حال فقد تقدم إثبات أنَّ ((المنَّان)) من أسماء الله عز وجل

والخلاصة: أنَّ عدَّ بعضهم (الحنَّان) من أسماء الله تعالى فيه نظر؛ لعدم ثبوته والله أعلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص119

(1) رواه ابن حبان (3/ 175). وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (2/ 430) - كما أشار في مقدمته -، وقال الألباني في ((مشكاة المصابيح)) (2230): إسناده صحيح.

(2)

((تقريب التهذيب)) (1731).

(3)

رواه أحمد (3/ 230)(13435)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 387): رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح غير أبي ظلال وضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان. وقال العراقي في ((المغني)) (4/ 9): أخرجه أحمد وأبو يعلى من رواية أبي ظلال القسملي عن أنس وأبو ظلال ضعيف واسمه هلال بن ميمون. وقال ابن حجر في ((القول المسدد)) (ص34 - 35):أورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) من طريق ((المسند)) أيضاً وقال: هذا حديث ليس بصحيح. قال ابن معين: أبو ظلال ليس بشيء. وقال ابن حبان: كان مغفلا يروي عن أنس ما ليس من حديثه لا يجوز الاحتجاج به بحال. قلت: قد أخرج له الترمذي وحسّن له بعض حديثه، وعلق له البخاري حديثاً، وأخرج هذا الحديث ابن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) من صحيحه إلا أنه ساقه بطريقة له تدل على أنه ليس على شرطه في الصحة، وفي الجملة ليس هو موضوعاً وأخرجه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) له من وجه آخر عن سلام بن مسكين. وأبو ظلال قد قال فيه البخاري: إنه مقارب. وقال أبو بكر الآجري: في أواخر طريق حديث الإفك له: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد ثنا زياد بن أيوب ثنا مروان بن معاوية ثنا مالك بن أبي الحسن عن الحسن قال: يخرج رجل من النار بعد ألف عام فقال الحسن: ليتني كنت ذلك الرجل انتهى. فهذا شاهد لبعض حديث أنس. اهـ. قال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (1249): ضعيف جداً.

(4)

رواه الحاكم (1/ 63).

(5)

((تلخيص الحبير)) (4/ 172 - 173).

(6)

((شأنَّ الدعاء)) (ص105).

ص: 105