المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور - الموسوعة العقدية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المجيب

- ‌ المجيد

- ‌ المحسن

- ‌ المحيط

- ‌ المقدم، والمؤخر

- ‌ المقيت

- ‌ الملِكُ، المليكُ، مالك الملك

- ‌ المنان

- ‌ المهيمن

- ‌ المؤمن

- ‌ النصير

- ‌ الهادي

- ‌ الواحد، الأحد

- ‌ الواسع

- ‌ الوتر

- ‌ الودود

- ‌ الوكيل، الكفيل

- ‌ الولي، المولى

- ‌المطلب الأول: أدلة تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثاني: وجوه تفاضل أسماء الله

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل أسماء الله تعالى

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌القاعدة الثامنة

- ‌القاعدة التاسعة:

- ‌القاعدة العاشرة:

- ‌القاعدة الحادية عشرة:

- ‌القاعدة الثانية عشرة:

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:

- ‌القاعدة السادسة عشرة:

- ‌القاعدة السابعة عشرة:

- ‌المبحث الثاني: أنواع الصفات

- ‌المطلب الأول: الصفات الثبوتية وضابطها

- ‌المطلب الثاني: الصفات المنفية وضابطها

- ‌تمهيد

- ‌ الأولية

- ‌ الإتيان والمجيء

- ‌ الإجابة

- ‌ الأحد

- ‌ الإحسان

- ‌ الأخذ باليد

- ‌ الأذن (بمعنى الاستماع)

- ‌ الإرادة والمشيئة

- ‌ استطابة الروائح

- ‌ الاستهزاء بالكافرين

- ‌ الأسف (بمعنى الغَضَب)

- ‌ الأصابع

- ‌ الإلهية والألوهية

- ‌ الأمر

- ‌ الإمساك

- ‌ الأنامل

- ‌ الأنتقام من المجرمين

- ‌ الإيجاب والتحليل والتحريم

- ‌ البارئ

- ‌ الباطن (الباطنية)

- ‌ بديع السموات والأرض

- ‌ البر

- ‌ البركة والتبارك

- ‌ البسط والقبض

- ‌ البشبشة أو البشاشة

- ‌ البصر

- ‌ البطش

- ‌ البغض

- ‌ البقاء

- ‌ التجلي

- ‌ التدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ التردد في قبض نفس المؤمن

- ‌ الترك

- ‌ التشريع

- ‌ التعجب

- ‌ التقديم والتأخير

- ‌ التقرب والقرب والدنو

- ‌ التوب

- ‌ الجبروت

- ‌ الجلال

- ‌ الجمال

- ‌ الجنب

- ‌ الجهة

- ‌ الحاكم والحكم

- ‌ الحب والمحبة

- ‌ الحثو

- ‌ الحجزة والحقو

- ‌ الحركة

- ‌ الحسيب

- ‌ الحفظ

- ‌ الحفي

- ‌ الحق

- ‌ الحكمة

- ‌ الحلم

- ‌ الحميد

- ‌ الحنان (بمعنى الرحمة)

- ‌ الحياء والاستحياء

- ‌ الحياة

- ‌ الخبير

- ‌ الخداع لمن خادعه

- ‌ الخلق

- ‌ الخلة

- ‌ الدلالة أو الدليل

- ‌ الديان

- ‌ الذات

- ‌ الرأفة

- ‌ الرؤي

- ‌ رؤيته سبحانه وتعالى

- ‌ الربوبية

- ‌ الرجل والقدمان

- ‌ الرحمة

- ‌ الرزق

- ‌ الرشد

- ‌ الرضى

- ‌ الرفق

- ‌ الرقيب

- ‌ الرَّوْحُ

- ‌ الرُّوُحُ

- ‌ الزارع

- ‌ الساق

- ‌ السبوح

- ‌ الستر

- ‌ السخرية بالكافرين

- ‌ السَّخَطُ أو السُّخْطُ

- ‌ السرعة

- ‌ السكوت

- ‌ السلام

- ‌ السلطان

- ‌ السمع

- ‌ السيد

- ‌ الشافي

- ‌ الشخص

- ‌ الشدة (بمعنى القوَّة)

- ‌ الشكر

- ‌ الشهيد

- ‌ شيء

- ‌ الصبرُ

- ‌ الصدق

- ‌ الصفة

- ‌ الصمد

- ‌ الصنع

- ‌ الصورة

- ‌ الضحك

- ‌ الطبيب

- ‌ الطيب

- ‌ الظاهرية

- ‌ الظل

- ‌ العتاب أو العتب

- ‌ العجب

- ‌ العدل

- ‌ العز والعزة

- ‌ العزم

- ‌ العطاء والمنع

- ‌ العظمة

- ‌ العفو والمعافاة

- ‌ العلم

- ‌ العلو والفوقية

- ‌ العمل والفعل

- ‌ العين

- ‌ الغضب

- ‌ الغلبة

- ‌ الغنى

- ‌ الغيرة

- ‌ الفتح

- ‌ الفرح

- ‌ الفطر

- ‌ القبض والطي

- ‌ القدرة

- ‌ الْقِدَمُ

- ‌ االقدوس

- ‌ القرآن

- ‌ القهر

- ‌ القول

- ‌ القوة

- ‌ القيوم

- ‌ الكافي

- ‌ الكبر والكبرياء

- ‌ الكبير

- ‌ الكتابة والخط

- ‌ الكرم

- ‌ الكره

- ‌ الكف

- ‌ الكفيل

- ‌ الكلام والقول والحديث والنداء والصوت

- ‌ الكنف

- ‌ الكيد لأعدائه

- ‌ اللطف

- ‌ اللعن

- ‌ المؤمن

- ‌ المبين:

- ‌ المتانة

- ‌ المجد

- ‌ المحيط

- ‌ المحيي والمميت

- ‌ المستعان

- ‌ المسح

- ‌ المصور

- ‌ المعية

- ‌ المغفرة والغفران

- ‌ المقت

- ‌ المقيت

- ‌ المكر على من يمكر به

- ‌ الملك والملكوت

- ‌ الملل

- ‌ المماحلة والمحال

- ‌ المن والمنة

- ‌ الموجود

- ‌ الناصر والنصير

- ‌ النزول والهبوط والتدلي (إلى السماء الدنيا)

- ‌ النسيان (بمعنى الترك)

- ‌ النظر

- ‌ النعت

- ‌ النَّفْسُ (بسكون الفاء)

- ‌ النَّفَسُ (بالتحريك)

- ‌ النور، ونور السماوات والأرض

- ‌ الهادي

- ‌ الهبوط (إلى السماء الدنيا)

- ‌ الهرولة

- ‌ الهيمنة

- ‌ الواحد والوحدانية

- ‌ الوارث

- ‌ الواسع والموسع

- ‌ الوتر

- ‌ الوجه

- ‌ الودود

- ‌ الوصل والقطع

- ‌ الوكيل

- ‌ الولي والمولى (الولاية والموالاة)

- ‌ الوهاب

- ‌ اليدان

- ‌ اليمين والشمال واليسار

- ‌ الآخرية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نفي النقائص عن الله عز وجل

- ‌المطلب الثاني: إثبات أنه ليس كمثل الله عز وجل شيء في صفاته الثابتة له

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: كلمة (الجهة)

- ‌المطلب الثاني: كلمة (الحد)

- ‌المطلب الثالث: كلمة (الأعراض)

- ‌المطلب الرابع: كلمة (الأبعاض)

- ‌المطلب الخامس: كلمة (الأغراض)

- ‌المطلب السادس: حلول الحوادث بالله تعالى

- ‌المطلب السابع: كلمة (التسلسل)

- ‌المبحث السادس: خصائص إيمان الصحابة في الصفات الإلهية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: شبه القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين كانوا يفوضون معاني الصفات والرد عليها

- ‌المطلب الثالث: إبطال شبهة القائلين بأن الصحابة والتابعين قد شغلهم الجهاد عن فهم آيات الصفات ومسائل العقيدة

- ‌المطلب الرابع: إبطال التعليل الباطل لسكوت الصحابة، وعدم سؤالهم عن الصفات الإلهية

- ‌المطلب الخامس: إبطال الزعم أن الصحابة والتابعين أقاموا العقيدة على أسس غير دقيقة باعتمادهم على أخبار الآحاد

- ‌تمهيد: العلاقة بين العقل والشرع

- ‌المطلب الأول: من وظائف العقل في باب الصفات فهم معانيها

- ‌المطلب الثاني: التفكر والتدبر لآثارها ومقتضياتها

- ‌المطلب الثالث: استعمال الأقيسة العقلية الصحيحة اللائقة بالله تعالى

- ‌المطلب الرابع: إبطال الأقيسة العقلية الخاطئة

- ‌المطلب الأول: من أدلة تفاضل صفات الله

- ‌المطلب الثاني: تفاضل الصفة الواحدة

- ‌المطلب الثالث: دلالة تفاضل صفات الله

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الآثار الإيمانية العامة للأسماء والصفات

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرحمن

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لاسم الله الجميل

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لاسم الله الرقيب

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله المحسن

- ‌خامسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الفتاح

- ‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

- ‌سابعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحفيظ

- ‌ثامنا: الآثار الإيمانية لاسم الله الكافي

- ‌تاسعا: الآثار الإيمانية لاسم الله الحيي

- ‌عاشرا: الآثار الإيمانية لاسم الله الهادي

- ‌حادي عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌ثاني عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الشافي

- ‌ثالث عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحميد

- ‌رابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القوي

- ‌خامس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الحي

- ‌سادس عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله القيوم

- ‌سابع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الصمد

- ‌ثامن عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله الظاهر والباطن

- ‌تاسع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله المعطي والمانع

- ‌عشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القابض والباسط

- ‌واحد وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الخافض الرافع

- ‌اثنان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المعز المذل

- ‌ثلاث وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله البَرّ

- ‌أربع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المنّان

- ‌خمس وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيب

- ‌ست وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الستّير

- ‌سبع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجواد

- ‌ثمان وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله القريب

- ‌تسع وعشرون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرشيد

- ‌ثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الصّبور

- ‌واحد وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الملك – المالك - المليك

- ‌اثنان وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله القدوس

- ‌ثلاث وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام

- ‌أربع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المؤمن

- ‌خمس وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المهيمن

- ‌ست وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله الجبار

- ‌سبع وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله المتكبر والكبير

- ‌ثمان وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الخالق – الخلاق – البارئ – المصور

- ‌تسع وثلاثون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الغافر – الغفور – الغفار

- ‌أربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله القاهر – القهار

- ‌واحد وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الوهاب

- ‌اثنان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرزاق

- ‌ثلاث وأربعون: الآثار الإيمانية لأسماء العليم – العالم – العلام

- ‌أربع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله السميع

- ‌خمس وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله البصير

- ‌ست وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحكم –الحكيم

- ‌سبع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله اللطيف

- ‌ثمان وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحليم

- ‌تسع وأربعون: الآثار الإيمانية لاسم الله العظيم

- ‌خمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله العلي – الأعلى – المتعال

- ‌واحد وخمسون: الآثار الإيمانية لأسماء الله الحفيظ

- ‌اثنان وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المقيت

- ‌ثلاث وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الحسيب

- ‌أربع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الواسع

- ‌خمس وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الرب

- ‌ست وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله الودود

- ‌سبع وخمسون: الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الآثار الإيمانية لصفة الفرح

- ‌ثانيا: الآثار الإيمانية لصفة المعية

- ‌ثالثا: الآثار الإيمانية لصفة الضحك

- ‌رابعا: الآثار الإيمانية لصفة وجه الله تعالى

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريف التمثيل

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة هي إثبات الصفات دون مماثلة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة على انتفاء التمثيل في باب الصفات

- ‌1 - : الأدلة السمعية

- ‌2 - : الأدلة العقلية

- ‌3 - الأدلة الفطرية

- ‌المطلب الرابع: شبهات والرد عليها

- ‌المطلب الخامس: معنى قول أهل السنة: (من غير تكييف ولا تمثيل)

- ‌المطلب السادس: الفرق بين التمثيل والتكييف

- ‌المسألة الأولى: تعريف التعطيل لغةً

- ‌المسألة الثانية: تعريف التعطيل شرعاً

- ‌المطلب الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التعطيل

- ‌المطلب الثالث: أنواع التعطيل في توحيد الله

- ‌المسألة الأولى: درجات التعطيل في باب الأسماء والصفات عموماً

- ‌المسألة الثانية: درجات التعطيل في باب الأسماء الحسنى

- ‌المسألة الثالثة: درجات التعطيل في باب صفات الله تعالى

- ‌المطلب الخامس: جمع المعطلة بين التعطيل والتمثيل

- ‌المطلب السادس: خطورة مقالة التعطيل

- ‌المطلب الأول: تعريف التحريف

- ‌المطلب الثاني: أنوع التحريف

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين التحريف والتأويل

- ‌المطلب الرابع: أهل التحريف أصل شبهتهم والرد عليهم

- ‌المبحث الرابع: التفويض في نصوص الصفات

- ‌المطلب الأول: أركان التفويض

- ‌المطلب الثاني: أنواع التفويض

- ‌المطلب الثالث: دعوى أن التفويض هو الطريق الأسلم

- ‌المسألة الأولى: المراد بالمحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثانية: أقوال السلف في المحكم والمتشابه

- ‌المسألة الثالثة: التأويل والظاهر

- ‌أولاً: معاني التأويل

- ‌ثانياً: بيان موضع الوقف في آية آل عمران

- ‌المطلب الأول: حقيقة التوقف

- ‌المطلب الثاني: أنواع التوقف

- ‌المطلب الثالث: أصل شبهتهم والرد عليها

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك لغةً

- ‌المطلب الثاني: معنى الشرك اصطلاحاً

- ‌المبحث الثاني: هل الأصل في الإنسان التوحيد أم الشرك

- ‌المبحث الثالث: أصل الشرك وأسبابه

الفصل: ‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

‌سادسا: الآثار الإيمانية لاسم الله الشاكر والشكور

أولاً: إن العبد من حين استقر في الرحم إلى وقته، يتقلب في نعم الله ظاهراً وباطناً ليلاً ونهاراً، ويقظة ومناماً، سراً وعلانية (1)، في كل الآنات، وفي جميع اللحظات. وتواتر إحسان الله إليه على مدى الأنفاس.

قال ابن القيم رحمه الله:

يكفيك رب لم تزل في فضله

متقلباً في السر والإعلان (2)

جل وعلا لا تنفد عطاياه، ولا تنقطع آلاؤه، ولا تنتهي نعماؤه، قال جل جلاله: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان: 20]. والنعم الظاهرة بعضها وقع، وبعضها منتظر وقوعه. والنعم الباطنة بعضها نعلمه، وبعضها نحاول أن نعلمه، وبعضها لا نعلمه أبداً.

فلو اجتهد العبد في إحصاء أنواع النعم لما قدر، كما قال الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا [إبراهيم: 34] (أي وإن تتعرضوا لتعداد النعم التي أنعم الله تعالى بها عليكم إجمالاً، فضلاً عن التفصيل، لا تطيقوا إحصاءها بوجه من الوجوه، ولا تقوموا بحصرها على حال من الأحوال.

ومن المعلوم أنه لو رام فرد من أفراد العباد أن يحصي ما أنعم الله به عليه في خلق عضو من أعضائه، أو حاسة من حواسه لم يقدر على ذلك قط، ولا أمكنه أصلاً، فكيف بما عدا ذلك من النعم في جميع ما خلقه الله في بدنه؟! فكيف بما عدا ذلك من النعم الواصلة إليه في كل وقت على تنويعها واختلاف أجناسها؟! (3)

وإن كل جزء من أجزاء الإنسان لو ظهر فيه أدنى خلل وأيسر نقص، لنغص النعم على الإنسان، وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل، فهو سبحانه يدبر هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أن الإنسان لا علم له بوجود ذلك، فكيف يطيق حصر بعض نعم الله عليه، أو يقدر على إحصائها، أو يتمكن من شكر أدناها؟ وأي شكر يقابل هذا الإنعام؟ فما الظن بما فوق ذلك وأعظم منه، هذا إلى ما يصرف عنه من المضرات وأنواع الأذى التي تقصده، ولعلها توازن النعم في الكثرة، والعبد لا شعور له بأكثرها أصلاً، والله سبحانه يكلؤه منها بالليل والنهار؛ كما قال تعالى: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ [الأنبياء: 42]، فهو سبحانه منعم عليهم بكلاءتهم وحفظهم وحراستهم مما يؤذيهم بالليل والنهار وحده، لا حافظ لهم غيره. هذا مع غناه التام عنهم وفقرهم التام إليه من كل وجه (4).

ولو عمل العبد من الصالحات أعمال الثقلين، فإن نعم الله عليه أكثر، وأدنى نعمة من نعم الله تستغرق جميع أعماله.

ما ثم إلا العجز عن شكر ربنا

كما ينبغي سبحانه متفضلا (5)

فينبغي على العبد أن يكون عبداً شكوراً، يشكر الله على وافر نعمه، وجميل إحسانه، ويبالغ في الشكر، (على النعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصول الرزق وغير ذلك. ويشكره ويثني عليه، بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نعم الدين، هي النعم على الحقيقة)(6). فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور (7).

فعلى العبد أن يكثر من الشكر، بالقلب واللسان، والعمل بالجوارح. لعله يشكر الله على بعض مننه العظيمة، وآلائه الجسيمة، وإحسانه التام، وخيره المدرار، وعطائه العظيم، وإكرامه الجليل.

(1)((الروح)) (ص: 298).

(2)

((الكافية الشافية)) (ص: 287).

(3)

((فتح البيان)) (7/ 119 - 120).

(4)

((طريق الهجرتين)) (ص: 570).

(5)

((مجالس في تفسير قوله تعالى: لقد من الله على المؤمنين (ص: 468).

(6)

انظر: ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 1023).

(7)

انظر: ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 1311).

ص: 327

فالشكر بالقلب: الاعتراف بالنعم الباطنة والظاهرة للمنعم، وأنها منه وبفضله. وأنها وصلت إليه من غير ثمن بذله فيها، ولا وسيلة منه توسل بها إليه، ولا استحقاق منه لها، وأنها لله في الحقيقة لا للعبد (1)، قال جل وعلا: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ [النحل: 53].

أي ما يلابسكم من النعم على اختلاف أنواعها فهي منه سبحانه، والنعمة إما دينية وهي معرفة الحق لذاته ومعرفة الخير لأجل العمل به، وإما دنيوية (2). فما (طاب العيش إلا بمنته، وكل نعمة منه في الدنيا والآخرة، فهي منه يمن بها على من أنعم عليه)(3).

فأشرف الناس منزلة: أعرفهم بهذه المنة، وأعظمهم إقراراً بها، وذكراً لها، وشكراً عليها، ومحبة لله لأجلها، فهل يتقلب أحد قط إلا في منته؟

وقد جاء في الحديث ما يبين عظمة تذكر النعمة والاعتراف بها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:((سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ومن قالها من النهار موقناً بها، فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة)) (4).

ويكرر صلى الله عليه وسلم الاعتراف بالنعمة في أدبار الصلوات في قوله: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون)) (5).

فلله النعمة الظاهرة والباطنة، وله الفضل في كل شيء، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [البقرة: 105].

فالعبد لا خروج له عن نعمته وفضله ومنه وإحسانه طرفة عين، لا في الدنيا ولا في الآخرة (6). فهو المان بهدايته للإيمان، وتيسيره للأعمال، وإحسانه بالجزاء، كل ذلك مجرد منته وفضله بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ [الحجرات: 17] (7). فإيجادهم نعمة منه، وجعلهم أحياء ناطقين نعمة منه، وإعطاؤهم الأسماع والأبصار والعقول نعمة منه، وإدرار الأرزاق عليهم على اختلاف أنواعها وأصنافها نعمة منه، وتعريفهم نفسه بأسمائه وصفاته وأفعاله نعمة منه، وإجراء ذكره على ألسنتهم ومحبته ومعرفته على قلوبهم نعمة منه، وحفظهم بعد إيجادهم نعمة منه، وقيامه بمصالحهم دقيقها وجليلها نعمة منه، وهدايتهم إلى أسباب مصالحهم ومعاشهم نعمة منه. وذكر نعمه على سبيل التفصيل لا سبيل إليه، ولا قدرة للبشر عليه (8).

والشكر باللسان: الثناء بالنعم، وذكرها، وتعدادها، وإظهارها. قال سبحانه وتعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضُّحى: 11].

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر: ((من لم يشكر القليل، لم يشكر الكثير؛ ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله. التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر)) (9).

(1)((الفوائد)) (ص: 167).

(2)

((فتح البيان)) (7/ 257).

(3)

((التبيان في أقسام القرآن)) (ص: 33).

(4)

رواه البخاري (6306). من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.

(5)

رواه مسلم (594). من حديث عبدالله بن الزبير رضي الله عنه.

(6)

((شفاء العليل)) (1/ 153).

(7)

((مفتاح دار السعادة)) (2/ 515).

(8)

((شفاء العليل)) (1/ 345).

(9)

رواه أحمد (4/ 278)(18472)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/ 516)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/ 103): إسناده لا بأس به، وحسنه ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 332)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 220): رجاله ثقات.

ص: 328

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) (1).

وعن أبي الأحوص عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون، فقال:((ألك مال؟ قال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل، والغنم، والخيل، والرقيق. قال: فإذا آتاك الله مالاً، فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته)) (2).

فإذا أنعم الله عليك بمال فليكن عليك أثر هذا المال في لباسك، في بيتك، في مركوبك، في صدقاتك، في نفقاتك؛ لير أثر نعمة الله عليك في هذا المال. وإذا أنعم الله عليك بعلم فلير عليك أثر هذا العلم من تعليمه ونشره بين الناس، والدعوة إلى الله، وغير ذلك (3).

والشكر بالجوارح: أن لا يستعان بالنعم إلا على طاعة الله، وأن يحذر من استعمالها في شيء من معاصيه.

قال سبحانه وتعالى: اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا [سبأ: 13].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه ويقول: ((أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً؟!)) (4).

فسمى الأعمال شكراً، وأخبر أن شكره قيامه بها ومحافظته عليها (5).

العجب ممن يعلم أن كل ما به من النعم من الله، ثم لا يستحي من الاستعانة بها على ارتكاب ما نهاه!

ولقد أحسن القائل:

أنالك رزقه لتقوم فيه

بطاعته وتشكر بعض حقه

فلم تشكر لنعمته ولكن

قويت على معاصيه برزقه

ومن كثرت عليه النعم فليقيدها بالشكر، وإلا ذهبت.

إذا كنت في نعمة فارعها

فإن المعاصي تزيل النعم

وحافظ عليها بشكر الإله

فشكر الإله يزيل النقم

ولو لم يكن من فضل الشكر إلا أن النعم به موصولة، والمزيد لها مرتبط به؛ لكان كافياً، فهو حافظ للموجود من النعم، جالب للمفقود منها بالمزيد. قال سبحانه وتعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم: 7]، نعمة إلى نعمة تفضلاً من الكريم المنان.

فلن ينقطع المزيد من الله تعالى، حتى ينقطع الشكر من العبد.

(فمن شكر الله على ما رزقه وسع الله عليه في الرزق، ومن شكر الله على ما أقدره عليه من طاعته، زاده من طاعته، ومن شكره على ما أنعم من الصحة، زاده الله صحة إلى غير ذلك)(6).

فبالشكر تثبت النعم ولا تزول، ويبلغ الشاكر من المزيد فوق المأمول. فمتى لم تر حالك في مزيد، فاستقبل الشكر.

وإذا وفقك الله للشكر، فهذه نعمة تحتاج إلى شكر جديد؛ فإن شكرت، فإنها نعمة تحتاج إلى شكر ثان، وهلم جرا. فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم. وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر، كما قيل:

إذا كان شكري نعمة الله نعمة

علي له في مثلها يجب الشكر

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله

وإن طالت الأيام واتصل العمر

ولهذا نقول: سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

والرب سبحانه وتعالى يعطي مع استغنائه عن العبد، والعبد يشكر مع افتقاره إلى الرب. فهل يكافئ شكر المحتاج الفقير عطاء الغني الكريم؟!

(1) رواه الترمذي (2819). وقال: حسن، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (3/ 518): إسناده جيد إلى عمرو حديثه حسن، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/ 271): له شاهد.

(2)

رواه أبو داود (4063)، والنسائي (8/ 181)، والطبراني (19/ 280)(16285). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (9/ 118): رجاله رجال الصحيح، وصححه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/ 746) كما أشار إلى ذلك في المقدمة.

(3)

((شرح رياض الصالحين)) (3/ 524).

(4)

رواه البخاري (4837). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

((طريق الهجرتين)) (ص: 621).

(6)

((فتح البيان)) (7/ 88 - 89).

ص: 329

ولكن الله تعالى رضي منا بشهود المنة ورؤية التقصير في القيام بشكره، كما في حديث سيد الاستغفار:((أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي)) (1).

والمعنى: أقر لك، وألتزم بنعمتك علي، وأقر وألتزم بذنبي، فمنك النعمة والإحسان والفضل، ومني الذنب والإساءة.

فالعبد دائماً بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى الشكر، وذنب منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائماً، فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه، ولا يزال محتاجاً إلى التوبة والاستغفار.

والشاكرون هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً. قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13](2) الذين يقرون بنعمة ربهم، ويخضعون لله، ويحبونه، ويصرفونها في طاعة مولاهم ورضاه (3). وقال سبحانه: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [البقرة: 243]؛ فضله وإنعامه، ولا يعرفون حق إحسانه (فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم، مشتغلون باللهو واللعب، قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمر، وسفاسف الأخلاق)(4). فأكثرهم لم يشكروا الله تعالى على ما أولاهم من النعم، ودفع عنهم من النقم (5).

ثانياً: ومما ينبغي أن يعلم بأن (منفعة الشكر ترجع إلى العبد دنياً وآخرة، لا إلى الله، والعبد هو الذي ينتفع بشكره، لأن نفع ذلك وثوابه راجع إليه وفائدته حاصلة له، إذ به تستبقى النعمة، وبسببه يستجلب المزيد لها من الله سبحانه، كما قال تعالى: وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل: 40]، وقال تعالى: وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [لقمان: 12]، غني عن أعماله، (غني عن شكره غير محتاج إليه، حميد مستحق للحمد من خلقه، لإنعامه عليهم بنعمه التي لا يحاط بقدرها، ولا يحصر عددها، وإن لم يحمده أحد من خلقه، فإن كل موجود ناطق بحمده بلسان الحال)(6).

فشكر العبد إحسان منه إلى نفسه دنيا وأخرى، فإنه إنما هو محسن إلى نفسه بالشكر، لا أنه مكافئ به لنعم الرب، فالرب تعالى لا يستطيع أحد أن يكافئ نعمه أبداً، ولا أقلها، ولا أدنى نعمة من نعمه، فإنه تعالى هو المنعم المتفضل، الخالق للشكر والشاكر وما يشكر عليه، فلا يستطيع أحد أن يحصي ثناء عليه، فإنه هو المحسن إلى عبده بنعمه، وأحسن إليه بأن أوزعه شكرها.

ومن تمام نعمته سبحانه، وعظيم بره وكرمه وجوده، محبته له على هذا الشكر، ورضاه منه به، وثناؤه عليه به، ومنفعته وفائدته مختصة بالعبد، لا تعود منفعته على الله، وهذا غاية الكرم الذي لا كرم فوقه، ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة، ويرضى عنك، ثم يعيد إليك منفعة شكرك، ويجعله سبباً لتوالي نعمه واتصالها إليك، والزيادة على ذلك منها (7).

وتأمل قوله تعالى: مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء: 147].

كيف تجد في ضمن هذا الخطاب أن شكره تعالى يأبى تعذيب عباده بغير جرم، كما يأبى إضاعة سعيهم باطلاً، فالشكور لا يضيع أجر محسن، ولا يعذب غير مسيء (8).

(1) جزء من حديث الاستغفار؛ رواه البخاري (6306). من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.

(2)

((المجموعة الكاملة)) (5/ 428)، للعلامة السعدي رحمه الله.

(3)

((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 1041).

(4)

((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 1310).

(5)

((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 946).

(6)

((فتح القدير)) (4/ 338).

(7)

((تهذيب مدارج السالكين)) (ص: 615 - 616).

(8)

((عدة الصابرين)) (ص: 336).

ص: 330

ثالثاً: على العبد أن يشكر من أجرى الله سبحانه النعمة على يده، قال الله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ [لقمان: 14]، فأمر بشكره ثم بشكر الوالدين إذ كانا سبب وجوده في الدنيا، وسهرا وتعبا في تربيته وتغذيته، فيحسن إليهم بالقول الكريم، والخطاب اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما، وإجلالهما، والقيام بمؤونتهما، واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه، بالقول والفعل. فمن عقهما أو أساء إليهما فما شكرهما على صنيعهما، بل جحد أفضالهما عليه، ومن لم يشكرهما فإنه لم يشكر الله الذي أجرى تلك النعم على أيديهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يشكر الله، من لا يشكر الناس)) (1).

أي: من كان من طبعه كفران نعمة الناس، وترك الشكر لمعروفهم فلن يكون شاكراً لله، ولا يوفق لذلك، ومن عجز عن القليل عجز عن الكثير من باب أولى، وقد قال الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا [النحل: 18]، فكيف يؤدي العاجز شكر هذه النعم التي لا تحصى؟! إذا لم يؤد القليل (2).

فلابد من مكافأة المحسن وشكره على صنيعه.

عن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي رضي الله عنه. أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف منه – حين غزا حنيناً – ثلاثين أو أربعين ألفاً، فلما قدم قضاها إياه؛ ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم:((بارك الله لك في أهلك ومالك؛ إنما جزاء السلف الوفاء والحمد)) (3).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه)) (4).

قوله: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه)) بأن أعطاك شيئا من المال، أو أكرمك، أو أعانك على شيء تحتاج إليه، هذا معروف؛ لأنه غير واجب عليه، وإنما بذله معروفاً وإحساناً.

قوله: (فكافئوه) بأن تصنع إليه معروفاً مثل معروفه، من باب المكافئة، فالمؤمن يكون كريماً يكافئ على المعروف ولا يجحده ولا ينكره، بل يكافئ عليه، والله تعالى يقول: هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ [الرحمن: 60]؛ فإذا لم تجد شيئاً تكافئه به عن معروفه، فعليك بالدعاء له (فادعوا له)، فادعوا الله له بالخير على معروفه وإحسانه إليك (5).

(1) رواه أبو داود (4811)، وأحمد (2/ 295)(7926)، وابن حبان (8/ 198)(3407)، وأبو نعيم فى ((حلية الأولياء)) (7/ 165)، والبيهقي (6/ 182)(11812). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه ابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (117)، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 330): إسناده صحيح، وقال السفاريني الحنبلي في ((شرح كتاب الشهاب)) (147): له طرق يقوي بعضها بعضا.

(2)

((شرح صحيح الأدب المفرد)) (1/ 255).

(3)

رواه ابن ماجه (1983)، وأحمد (4/ 36)(16457)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 1119). وحسنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

(4)

رواه أبو داود (1672)، والنسائي (5/ 82)، وأحمد (2/ 68)(5365)، وابن حبان (8/ 199)(3408)، والحاكم (1/ 572). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه النووي في ((المجموع)) (6/ 245)، وقال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (إسناده صحيح).

(5)

((تسهيل الإلمام بفقه الأحاديث من بلوغ المرام)) (6/ 198).

ص: 331

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء)) (1).

وهذا لا يعني أن ينسى العبد المعطي الأول، (لأن النعم كلها لله تعالى، وكما قال تعالى: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ [النحل: 53]، وقال تعالى: كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ [الإسراء: 20]؛ فالله سبحانه هو المعطي على الحقيقة، فإنه هو الذي خلق الأرزاق وقدرها، وساقها إلى من يشاء من عباده؛ فالمعطي هو الذي أعطاه، وحرك قلبه لعطاء غيره، فهو الأول والآخر)(2).

فمن سلك هذا المسلك العظيم استراح من عبودية الخلق ونظره إليهم، وأراح الناس من لومه وذمه إياهم، وتجرد التوحيد في قلبه، فقوي إيمانه وانشرح صدره، وتنور قلبه، ومن توكل على الله فهو حسبه (3).

رابعاً: ينبغي على العبد (أن يتدبر نعم الله عليه، ويستبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها. فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة. بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمراً، ولا يزال. وعمي قلبه عن الثناء على الله، بنعمه، ورؤية افتقاره إليه في كل وقت. فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر)(4).

وإن خصلة تكون لها كل هذه القيمة، وتكون فيها كل هذه الفائدة، لحقيق أن يتمسك بها من غير إغفال بحال.

(اللهم إنا نشكرك على كل نعمة أنعمت بها علينا مما لا يعلمه إلا أنت، ومما علمناه، شكراً لا يحيط به حصر ولا يحصره عد، وعدد ما شكرك الشاكرون بكل لسان في كل زمان)(5).

فائدة مهمة: يشرع سجود الشكر عند النعم المتجددة، (شكراً لله عليها، وخضوعاً له، وذلاً، في مقابلة فرحة النعم، وانبساط النفس لها، وذلك من أكبر أدوائها، فإن الله سبحانه لا يحب الفرحين ولا الأشرين، فكان دواء هذا الداء الخضوع والذل والانكسار لرب العالمين، وكان في سجود الشكر من تحصيل هذا المقصود ما ليس في غيره)(6).

عن أبي بكرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا جاءه أمر سرور، أو بشر به، خر ساجداً شاكراً لله. (7) الأسماء الحسنى والصفات العلى لعبد الهادي بن حسن وهبي – ص: 178

(1) رواه الترمذي (2035)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6/ 53)(10008)، وابن حبان (8/ 202) (3413). قال الترمذي: حسن جيد غريب، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 222) كما قال ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(2)

((مجموع الفتاوى)) (1/ 92).

(3)

((مجموع الفتاوى)) (1/ 93).

(4)

((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 872).

(5)

((فتح البيان)) (7/ 120).

(6)

((إعلام الموقعين)) (2/ 449).

(7)

رواه أبو داود (2774). وسكت عنه، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

ص: 332