الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
47 إعراب القرآن
ومن فوائد هذا النوع معرفة المعنى، لأن الإعراب يميز المعانى ويوقف على أغراض المتكلمين.
عن عمر بن الخطاب، قال: تعلموا اللحن والفرائض والسنن كما تعلمون القرآن.
وعن يحي بن عتيق قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته، قال: حسن: يا ابن أخى، فتعلمها، فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها.
وعلى الناظر فى كتاب اللَّه تعالى، الكاشف عن أسراره، النظر فى الكلمة وصيغتها ومحلها، ككونها مبتدأ أو خيرا أو فاعلا أو مفعولا، أو فى مبادىء الكلام، أو فى جواب، إلى غير ذلك. ويجب عليه مراعاة أمور.
أحدها: وهو أول واجب عليه أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا بأنها من المتشابه الذى استأثر اللَّه بعلمه.
الثانى: أن يراعى ما تقتضيه الصناعة، فربما راعى المعرب وجها صحيحا ولا نظر فى صحته فى الصناعة فيخطىء، من ذلك قول بعضهم:(وثمودا فما أبقى) : أن (ثمودا) مفعول مقدم، وهذا ممتنع، لأن ل «ما» النافية الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، بل هو معطوف على عاد، أو على تقدير: وأهلك ثمودا.
الثالث: أن يكون ملمّا بالعربية لئلا يخرج على ما لم يثبت كقول أبى عبيدة فى: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ: أن الكاف قسم، ويبطله أن الكاف لم تجىء بمعنى واو القسم، وإطلاق (ما) الموصولة على اللَّه، وربط الموصول بالظاهر، وهو فاعل (أخرجك) ، وباب ذلك الشعر.
(م 12- الموسوعة القرآنية- ج 2)
وأقرب ما قيل فى الآية أنها مع مجرورها خبر محذوف أى هذه الحال من تنفيلك للغزاة، على ما رأيت من كراهتهم لها كحال إخراجك للحرب فى كراهيتهم له.
الرابع: أن يتجنب الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة واللغات الشاذة، ويخرج على القريب والقوىّ والفصيح، فإن لم يظهر فيه إلا الوجه البعيد فله عذر، وإن ذكر الجميع لقصد الإعراب والتكثير فصعب شديد، ولبيان المحتمل وتدريب الطالب فحسن فى غير ألفاظ القرآن. أما التنزيل فلا يجوز أن يخرج إلا على ما يغلب على الظن إرادته، فإن لم يغلب شىء فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف.
الخامس: أن يستوفى جميع ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة، فتقول فى نحو، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى: يجوز كون (الأعلى) صفة للرب وصفة للاسم.
السادس: أن يراعى الشروط المختلفة بحسب الأبواب، ومتى لم يتأملها اختلطت عليه الأبواب والشرائك، ومن ثم خطىء الزمخشرى فى قوله تعالى:
مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ أنهما عطفا بيان، والصواب أنهما نعتان لاشتراط الاشتقاق فى النعت والجمود فى عطف البيان.
السابع: أن يراعى فى كل تركيب ما يشاكله، فربما خرج كلاما على شىء.
ويشهد استعمال آخر فى نظير ذلك الموضع بخلافه، ومن ثم خطىء الزمخشرى فى قوله: وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ أنه عطف على: فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ولم يجعله معطوفا على: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ لأن عطف الاسم على الاسم أولى، ولكن مجىء قوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ بالفعل فيهما يدل على خلاف ذلك.
الثامن: أنه يراعى الرسم، ومن ثم خطىء من قال فى (سلسبيلا) : إنها جملة أمر به، أى سل طريقا موصلة إليها، لأنها لو كانت كذلك لكتبت مفصولة.
التاسع: أن يتأمل عند ورود المشتبهات، ومن ثم خطىء من قال فى:
أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً إنه أفعل تفضيل والمنصوب تمييز، وهو باطل فإن الأمد ليس محصيا بل يحصى، وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا فى المعنى، فالصواب أنه فعل، و (أمد) مفعول، مثل: وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً.
العاشر: ألا يخرج على خلاف الأصل أو خلاف الظاهر بغير مقتض، ومن ثم خطىء مكى فى قوله فى: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي إن الكاف نعت لمصدر: أى إبطالا كإبطال الذى، والوجه كونه حالا من الواو، أى لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذى، فهذا لا حذف فيه.
الحادى عشر: أن يبحث عن الأصلى والزائد نحو: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ فإنه قد يتوهم أن الواو فى يَعْفُونَ ضمير الجمع، فيشكل إثبات النون، وليس كذلك بل هى فيه لام الكلمة فهى أصلية والنون ضمير النسوة، والفعل معها مبنى. ووزنه يفعلن، فالواو فيه ضمير الجمع وليست من أصل الكلمة.
الثانى عشر: أن يجتنب إطلاق لفظ الزائدة فى كتاب اللَّه تعالى، فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له، وكتاب اللَّه منزّه عن ذلك، ولهذا فرّ بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد والصلة والمقحم.