المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌63 بدائع القرآن - الموسوعة القرآنية - جـ ٢

[إبراهيم الإبياري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌الباب الثالث علوم القران

- ‌1 المكى والمدنى

- ‌2 السور المختلف فيها

- ‌3 الحضرى والسفرى

- ‌4 النهارى والليلى

- ‌5 الصيفى والشتائى

- ‌6 الفراشى والنومى

- ‌7 الأرضى والسمائى

- ‌8 أول ما نزل

- ‌9 أوائل مخصوصة

- ‌أول ما نزل فى القتال:

- ‌أول ما نزل فى الخمر:

- ‌أول آية نزلت فى الأطعمة

- ‌أول سورة نزلت فيها سجدة:

- ‌10 آخر ما نزل

- ‌11 سبب النزول

- ‌12 فيما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة

- ‌13 ما تكرّر نزوله

- ‌14 ما تأخر حكمة عن نزوله وما تأخر نزوله عن حكمه

- ‌15 ما نزل مفرقا وما نزل جمعا

- ‌16 ما أنزل منه على بعض الأنبياء وما لم ينزل منه على أحد قبل النبىّ صلى الله عليه وسلم

- ‌17 فى كيفية إنزله

- ‌18 أسماؤه

- ‌19 أسماء السور

- ‌20 إعراب أسماء السور

- ‌21 أقسام القرآن

- ‌22 جمعه وترتيبه

- ‌23 جمع أبى بكر وعثمان للقرآن

- ‌24 ترتيب الآيات

- ‌25 السبع الطوال

- ‌26 مصحف أبى

- ‌27 مصحف عبد اللَّه بن مسعود

- ‌28 عدد السور

- ‌29 عدد الآى

- ‌30 عدد كلمات القرآن

- ‌31 حفاظه ورواته

- ‌32 العالى والنازل من أسانيده

- ‌33 المتواتر والمشهور والآحاد والشاذ والموضوع والمدرج

- ‌34 الوقف والابتداء

- ‌35 الإمالة والفتح

- ‌36 الإدغام والإظهار والإخفاء

- ‌37 المد والقصر

- ‌38 تخفيف الهمز

- ‌39 كيفية تحمله

- ‌40 تجويد القراءة

- ‌41 آداب تلاوته

- ‌42 الاقتباس

- ‌43 ما وقع فيه بغير لغة الحجاز

- ‌44 ما وقع فيه بغير لغة العرب

- ‌45 معرفة الوجوه والنظائر

- ‌46 الأدوات التى يحتاج إليها المفسر

- ‌47 إعراب القرآن

- ‌48 المحكم والمتشابه

- ‌49 مقدمه ومؤخره

- ‌وللتقديم أسباب وأسرار

- ‌50 عامه وخاصه

- ‌51 مجمله ومبينه

- ‌52 ناسخه ومنسوخه

- ‌53 مشكله

- ‌54 مطلقة ومقيده

- ‌55 منطوقه ومفهومه

- ‌56 وجوه مخاطباته

- ‌57 حقيقته ومجازه

- ‌والمجاز فى القرآن قسمان

- ‌58 تشبيهه واستعاراته

- ‌59 كناياته وتعريضه

- ‌60 الحصر والاختصاص

- ‌61 الإيجاز والإطناب

- ‌62 الخبر والإنشاء

- ‌63 بدائع القرآن

- ‌64 فواصل الآى

- ‌65 فواتح السور

- ‌66 خواتم السور

- ‌67 الآيات والسور

- ‌68 الآيات المشتبهات

- ‌69 أمثال القرآن

- ‌70 أقسام القرآن

- ‌71 جدل القرآن

- ‌72 ما وقع فى القرآن من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌73 المبهمات

- ‌الباب الرابع اعجاز القرآن

- ‌1 إعجاز القرآن

- ‌2 القرآن معجزة

- ‌3 وجوه إعجاز القرآن

- ‌4 تعقيب على وجوه إعجاز القرآن

- ‌5 نفى الشعر من القرآن

- ‌6 نفى السجع من القرآن

- ‌7 الوقوف على إعجاز القرآن

- ‌8 التحدى

- ‌9 قدر المعجز من القرآن

- ‌10 وجوه من البلاغة

- ‌11 وجوه مختلفة من الإعجاز

- ‌الباب الخامس الناسخ والمنسوخ

- ‌(أ) السور التى لم يدخلها ناسخ ولا منسوخ

- ‌(ب) السور التى فيها ناسخ وليس فيها منسوخ

- ‌(ج) السور التى دخلها المنسوخ ولم يدخلها ناسخ

- ‌(د) السورة التى دخلها الناسخ والمنسوخ

- ‌(هـ) الآيات المنسوخة والناسخة

الفصل: ‌63 بدائع القرآن

‌63 بدائع القرآن

ولها أنواع:

منها: الإبهام، ويدعى التورية: أن يذكر لفظ لها معنيان، إما بالاشتراك أو التواطؤ، أو الحقيقة والمجاز، أحدهما قريب والآخر بعيد، ويقصد البعيد ويورى عنه بالقريب، فيتوهمه السامع من أول وهلة.

ومن أمثلتها: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فإن الاستواء على معنيين:

الاستقرار فى المكان وهو المعنى القريب المورى به، الذى هو غير مقصود لتنزيهه تعالى عنه.

والثانى الاستيلاء والملك، وهو المعنى البعيد المقصود الذى ورى به عنه بالقريب المذكور.

وهذه التورية تسمى مجردة، لأنها لم يذكر فيها شىء من لوازم المورى به ولا المورى عنه.

ومنها: ما يسمى مرشحة، وهى التى ذكر فيها شىء من لوازم هذا أو هذا كقوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ فإنه يحتمل الجارحة وهو المورى به.

ويحتمل القوة والقدرة، وهو البعيد المقصود.

الاستخدام هو والتورية أشرف أنواع البديع، وهما سيان بل فضله بعضهم عليها، ولهم فيه عبارتان:

إحداهما: أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادا به أحد معانيه، ثم يؤتى بضميره مرادا به المعنى الآخر.

والأخرى: أن يؤتى بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر الآخر. ومن أمثلته قوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ الآية، فلفظ كِتابٌ يحتمل الأمد المحتوم والكتاب المكتوب. فلفظ أَجَلٍ يخدم المعنى الأول، و (يمحو) يخدم الثانى.

الالتفات: نقل الكلام من أسلوب إلى آخر: أى من المتكلم أو الخطاب، أو الغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول، وله فوائد:

(م 17- الموسوعة القرآنية- ج 2)

ص: 257

منها: نطرية الكلام وصيانة السمع عن الضجر والملال لما جبلت عليه النفوس من حبّ التنقلات والسلامة من الاستمرار على منوال واحد.

مثاله من المتكلم إلى الخطاب، ووجهه حثّ السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه وأعطاه فضل عناية تختص بالمواجهة، قوله تعالى: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الأصل، وإليه أرجع، فالتفت من المتكلم إلى الخطاب، ونكتته أنه أخرج الكلام فى معرض مناصحته لنفسه، وهو يريد نصح قومه تلطفا وإعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه، ثم التفت إليهم لكونه فى مقام تخويفهم ودعوتهم إلى اللَّه تعالى، ومن أمثلته أيضا قوله تعالى: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ.

ومثاله من التكلم إلى الغيبة، ووجهه أن يفهم السامع أن هذا نمط المتكلم وقصده من السامع حضر أو غاب، وأنه ليس فى كلامه ممن يتلون ويتوجه ويبدى فى الغيبة خلاف ما نبديه فى الحضور قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ والأصل: لنغفر لك.

ومثالة من الخطالب إلى المتكم لم يقع فى القرآن، ومثل له بعضهم: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، ثم قال: إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا، وقيل: إن المثال لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا.

ومثاله من الخطاب إلى الغيبة: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ والأصل بكم، ونكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم التعجب من كفرهم وفعلهم، إذ لو استمرّ على خطابهم لفاتت تلك الفائدة، وقيل: لأن الخطاب أولا من الناس مؤمنهم وكافرهم بدليل: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فلو كان «وجرين بكم» للزم الذى للجميع، فالتفت عن الأول للإرشاد إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما طكروه عنهم فى آخر الآية عدولا من الخطاب العام إلى الخاص.

ومثاله من الغيبة إلى المتكلم: اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ.

ومثاله من الغيبة إلى الخطاب: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا.

ص: 258

وشرط الالتفات أن يكون الضمير فى المنتقل إليه عائدا فى نفس الأمر إلى المنتقل عنه، ولا يلزم عليه أن يكون فى (أنت صديقى) التفات. وشرطه أيضا أن يكون فى جملتين، وإلا يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا.

ومن الالتفات: بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه كقوله:

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بعد أَنْعَمْتَ فإن المعنى: غير الذين غضبت عليهم.

ومنه: أن يقدم المتكلم فى كلامه مذكورين مرتبين، ثم يخبر عن الأول منهما، وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثانى، ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ. وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ.

ويقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر.

مثاله من الواحد إلى الاثنين: قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ.

وإلى الجمع: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ.

ومن الاثنين إلى الواحد: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى.

وإلى الجمع: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً.

ومن الجمع إلى الواحد: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ.

وإلى الاثنين: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ إلى قوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

ويقرب منه أيضا الانتقال من الماضى أو المضارع أو الأمر وإلى آخر.

مثاله من الماضى إلى المضارع: أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ.

وإلى الأمر: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ.

ومن المضارع إلى الماضى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ.

ص: 259

وإلى الأمر قال: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ.

ومن الآمر إلى الماضى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا.

وإلى المضارع: وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ.

الاطراد: هو أن يذكر المتكلم أسماء آباء الممدوح مرتبة على حكم ترتيبها فى الولادة. ومنه فى القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وإنما لم يأت به على الترتيب المألوف، فإن العادة الابتداء بالأب، ثم الجد، ثم الجد الأعلى، لأنه لم يرد هنا مجرد ذكر الآباء، وإنما ذكرهم ليذكر ملتهم التى اتبعها، فبدأ بصاحب الملة، ثم بمن أخذها عنه أولا فأولا، على الترتيب.

الانسجام: هو أن يكون الكلام لخلوه من العقادة منحدرا كتحدر الماء المنسجم، ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسهل رقة، والقرآن كله كذلك.

وقيل: وإذا قوى الانسجام فى النثر جاءت قراءته موزونة بلا قصد لقوّة انسجامه، ومن ذلك ما وقع فى القرآن موزونا فنمه من بحر الطويل: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ.

ومن المديد: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا.

ومن البسيط: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ.

ومن الوافر: وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.

ومن الكامل: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

ومن الهزج: فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً.

ومن الرجز: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها.

ومن الرمل: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ.

ومن السريع: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ.

ومن المنسرح: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ.

ص: 260

ومن الخفيف: لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً.

ومن المضارع: يَوْمَ التَّنادِ.

ومن المقتضب: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.

ومن المجتث: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

ومن المتقارب: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ.

الإدماج: وهو أن يدمج المتكلم غرضا فى غرض، أو بديعا فى بديع، بحيث لا يظهر فى الكلام إلا أحد الغرضين أو أحد البديعين كقوله تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ أدمجت المبالغة فى المطابقة، لأن انفراده تعالى بالحمد فى الآخرة، وهى الوقت الذى لا يحمد فيه سواه، مبالغة فى الوقت بالانفراد بالحمد، وهو إن خرج مخرج المبالغة فى الظاهر فالأمر فيه حقيقة فى الباطن، فإنه ربّ الحمد والمنفرد به فى الدارين.

وقيل فى هذه الآية: إنها من إدماج غرض فى غرض، فإن الغرض منها تفرّده تعالى بوصف الحمد، وأدمج فيه الإشارة إلى البعث والجزاء.

الافتنان: هو الإتيان فى كلام بفنين مختلفين، كالجمع بين الفخر والتعزية فى قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ فإنه تعالى عزّى جميع المخلوقات من الإنس والجن والملائكة وسائر أصناف ما هو قابل للحياة، وتمدح بالبقاء بعد فناء الموجودات فى عشر لفظات، مع وصفه ذاته بعد انفراده بالبقاء بالجلال والإكرام سبحانه وتعالى.

الاقتدار: هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد فى عدة صور اقتدارا منه على نظم الكلام وتركيبه على صياغة قوالب المعانى والأغراض، فتارة يأتى به فى لفظ الاستعارة، وتارة فى صورة الإرداف، وحينا فى مخرج الإيجاز، ومرة فى قالب الحقيقة وعلى هذا أتت جميع قصص القرآن، فإنك ترى فى الصفة الواحدة، التى لا تختلف معانيها، تأتى فى صورة مختلفة وقوالب من الألفاظ متعددة، حتى لا تكاد تشتبه فى موضعين منه، ولا بد أن تجد الفرق بين صورها ظاهرا.

ص: 261

ائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلافه مع المعنى:

الأول: أن تكون الألفاظ يلائم بعضها بعضا بأن يقرن الغريب بمثله، والمتداول بمثله، رعاية لحسن الجوار والمناسبة.

والثانى: أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد، وإن كان فخما كانت ألفاظه مفخمة، أو جزلا فجزلة، أو غريبا فغريبة، أو متداولا فمتداولة، أو متوسطا بين الغرابة والاستعمال فكذلك.

فالأول كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً.

أتى بأغرب ألفاظ القسم، وهى التاء، فإنها أقل استعمالا وأبعد من أفهام العامة بالنسبة إلى الباء والواو.

وبأغرب صيغ الأفعال التى ترفع الأسماء وتنصب الأخبار، فإن (تزال) ، أقرب إلى الأفهام وأكثر استعمالا منها.

وبأغرب الألفاظ الإهلاك وهو الحرض، فاقتضى حسن الوضع فى النظم أن تجاور كل لفظة بلفظة من جنسها فى الغرابة توخيا لحسن الجوار، ورعاية فى ائتلاف المعانى بالألفاظ، ولتتعادل الألفاظ فى الوضع وتتناسب فى النظم.

ولما أراد غير ذلك قال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ فأتى بجميع الألفاظ متداولة لا غرابة فيها.

ومن الثانى قوله تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ لما كان الركون إلى الظالم، وهو الميل إليه والاعتماد عليه، دون مشاركته فى الظلم، وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظلم، فأتى بلفظ المس، الذى هو دون الإحراق والاصطلاء.

الاستدراك والاستثناء شرط كونهما من البديع: أن يتضمنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدل عليه المعنى اللغوى.

مثال الاستدراك: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا فإنه لو اقتصر على قوله لَمْ تُؤْمِنُوا لكان منفردا لهم، لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانا فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك، ليعلم أن

ص: 262

الإيمان موافقة القلب اللسان، وإن انفرد اللسان بذلك يسمى إسلاما ولا يسمى إيمانا، وزاد ذلك إيضاحا بقوله: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عدّ من المحاسن.

ومثال الاستثناء: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فإن الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهد عذر نوح فى دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم، إذ لو قيل: فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما، لم يكن فيه من التهويل ما فى الأول، لأن لفظ الألف فى الأول، أول ما يطرق السمع فيشتغل بها عن سماع بقية الكلام، وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعدا ما تقدمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف.

الاقتصاص: هو أن يكون كلاما فى سورة مقتصا من كلام فى سورة أخرى، أو فى تلك السورة، كقوله تعالى: وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ والآخرة دار ثواب لا عمل فيها فهذا مقتص من قوله تعالى: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى.

الإبدال: هو إقامة بعض الحروف مقام بعض، ومنه: فَانْفَلَقَ أى انفرق، ولهذا قال: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ فالراء واللام متعاقبان.

تأكيد المدح بما يشبه الذم:

ومنه قوله: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ الآية، فإن الاستثناء بعد الاستفهام الخارج مخرج التبويخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان يوهم أن ما يأتى بعده مما يوجب أن ينتقم على فاعله مما يذم، فلما أتى بعد الاستثناء بما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم.

التفويت: هو إتيان المتكلم بمعان شتى من المدح والوصف وغير ذلك من الفنون، كل فن فى جملة منفصلة عن أختها مع تساوى الجمل فى الزنة، ويكون فى الجمل الطويلة والمتوسطة والقصيرة.

فمن الطويلة: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ.

ص: 263

ومن المتوسطة: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ويُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ.

ولم يأت المركب من القصيرة فى القرآن.

التقسيم: هو استيفاء أقسام الشىء الموجودة إلا الممكنة عقلا نحو: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً إذ ليس فى رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق.

والطمع فى الأمطار.

التدبيج: هو أن يذكر المتكلم ألوانا يقصد التورية بها والكناية، وكقوله تعالى: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ قالمراد بذلك الكناية عن الواضح من الطرق، لأن الجادة البيضاء هى الطريق التى كثر السلوك عليها جدا، وهى أوضح الطرق وأبينها، ودونها الحمراء، ودون الحمراء السوداء، كأنها فى الخفاء والالتباس، ضد البيضاء فى الظهور والوضوح. ولما كانت هذه الألوان الثلاثة فى الظهور للعين طرفين وواسطة، فالطرف الأعلى فى الظهور البيضاء، والطرف الأدنى فى الخفاء السواد، والأحمر بينهما، على وضع الألوان فى التركيب، وكانت ألوان الجبال لا تخرج عن هذه الألوان الثلاثة، والهداية بكل علم نصب للهداية متقسمة هذه القسمة، أتت الآية الكريمة منقسمة كذلك، فحصل فيها التدبيح وصحة التقسيم.

والتنكيت: هو أن يقصد المتكلم إلى شىء بالذكر دون غيره مما يسدّ مسده، لأجل نكتة فى المذكور ترجح مجيئه على سواه كقوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى خص الشعرى بالذكر دون غيرها من النجوم وهو تعالى ربّ كل شىء، لأن العرب كان ظهر فيهم رجل يعرف بابن أبى كبشة عبد الشعرى، ودعا إلى عبادتها، فأنزل اللَّه تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى التى ادعيت فيها الربوبية.

التجريد: هو أن ينزع من أمر ذى صفة آخر مثله مبالغة فى كمالها فيه نحو:

لى من فلان صديق حميم مجرد من الرجل الصديق، آخر مثله متصفا بصفة الصداقة. ومن أمثلته فى القرآن: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ ليس المعنى أن الجنة فيها دار الخلد وغير دار خلد، بل هى نفسها دار الخلد: فكأنه جرّد من الدار دارا.

ص: 264

التعديد: هو إيقاع الألفاظ المفردة على سياق واحد، وأكثر ما يوجد فى الصفات كقوله: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ.

الترتيب: هو أن يورد أوصاف الموصوف على ترتيبها فى الخلقة الطبيعية، ولا يدخل فيها وصفا زائدا، ومنه قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً.

التضمين: يطلق على أشياء:

أحدها: إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه، وهو نوع من المجاز.

الثانى: حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم هو عبارة عنه، وهذا نوع من الإيجاز.

الثالث: تعلق ما بعد الفاصلة بها.

الرابع: إدراج كلام الغير فى أثناء الكلام لقصد تأكيد المعنى أو ترتيب النظم، ومنه قوله: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.

الجناس: هو تشابه اللفظين فى اللفظ.

وفائدته الميل إلى الإصغاء إليه، فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلا وإصغاء إليها. ولأن الفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به آخر كان للنفس تشوّق إليه.

وأنواع الجناس كثيرة:

منها: التام، بأن يتفقا فى أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها كقوله تعالى:

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ.

ومنها المصحف، ويسمى جناس الخط، بأن تختلف الحروف فى النقط كقوله: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ.

ومنها: المحرّف، بأن يقع الاختلاف فى الحركات كقوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ.

ص: 265

وقد اجتمع التصحيف والتحريف فى قوله: وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً.

ومنها: الناقص، بأن يختلف فى عدد الحروف سواء كان الحرف المزيد أولا أو وسطا أو آخرا كقوله: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ.

ومنها: المذيل، بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف فى الآخر أو الأول، وسمى بعضهم الثانى بالمتوج كقوله: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ.

ومنها: المضارع، وهو أن يختلفا بحرف مقارب فى المخرج، سواء كان فى الأول أو الوسط أو الآخر، كقوله تعالى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ.

ومنها: اللاحق، بأن يختلف بحرف غير مقارب فيه كذلك كقوله:

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ.

ومنها: المرفق، وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله: جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ.

ومنها: اللفظى بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد والظاء كقوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.

ومنها: تجنيس القلب بأن يختلفا فى ترتيب الحروف نحو: رَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ.

ومنها: تجنيس الاشتقاق، بأن يجتمعا فى أصل الاشتقاق، ويسمى المقتضب نحو: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ.

ومنها: تجنيس الإطلاق، بأن يجتمعا فى المشابهة فقط كقوله: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ.

الجمع: هو أن يجمع بين شيئين أو أشياء متعددة فى حكم كقوله تعالى:

الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا جمع المال والبنون فى الزينة.

الجمع والتفريق: هو أن تدخل شيئين فى معنى وتفرّق بين جهتى الإدخال، ومنه قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، جمع النفسين فى حكم

ص: 266

التوفى، ثم فرق بين جهتى التوفى بالحكم بالإمساك والإرسال، أى اللَّه يتوفى الأنفس التى تقبض والتى لم تقبض، فيمسك الأولى ويرسل الأخرى.

الجمع والتقسيم: وهو جمع متعدّد تحت حكم ثم تقسيمه كقوله تعالى:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ.

الجمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ الآيات، فالجمع فى قوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ لأنها متعددة معنى، إذ النكرة فى سياق النفى تعم. والتفريق قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ. والتقسيم قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا.

جمع المؤتلف والمختلف: هو أن تريد التسوية بين الزوجين، فتأتى بمعان مؤتلفة فى مدحها، وتروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فضل لا تنقص الآخر، فتأتى لأجل ذلك بمعان تخالف معنى التسوية كقوله تعالى:

وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ الآيات، سوّى فى الحكم والعلم وزاد فضل سليمان بالفهم.

حسن النسق: هو أن يأتى المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا، بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها واستقل معناها بلفظها، ومنه قوله تعالى: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ الآية، فإن جمله معطوف بعضها على بعض بواو النسق على الترتيب الذى تقتضيه البلاغة من الابتداء بالاسم، الذى هو انحسار الماء عن الأرض، المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها، ثم انقطاع مادة السماء المتوقف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج. ومنه اختلاف ما كان بالأرض ثم الإخبار بذهاب الماء بعد انقطاع المادتين الذى هو متأخر عنه قطعا، ثم بقضاء الأمر الذى هو هلاك من قدر هلاكه ونجاة من سبق نجاته.

وأخرّ عما قبله لأن علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها، وخروجهم موقوف على ما تقدم، ثم أخبر باستواء السفينة واستقرارها المفيد ذهابه الخوف وحصول الأمن من الاضطراب، ثم ختم بالدعاء على الظالمين لإفادة أن الغرق وإن عمّ الأرض فلم يشمل إلا من استحق العذاب لظلمه.

ص: 267

عتاب المرء نفسه منه: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي الآيات.

العكس: هو أن يؤتى بكلام يقدم فيه جزء ويؤخر آخر، ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم كقوله تعالى: ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ.

ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً، وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الآية الأولى، لتقديم العمل فى الأولى على الإيمان، وتأخيره فى الثانية عن الإسلام.

ومنه نوع يسمى: القلب والمقلوب المستوى وما لا يستحيل بالانعكاس، وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها كقوله تعالى كُلٌّ فِي فَلَكٍ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ولا ثالث لهما فى القرآن.

العنوان: هو أن يأخذ المتكلم فى غرض فيأتى لقصد تكميله وتأكيده بأمثلة فى ألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدمة وقصص سالفة.

ومنه نوع عظيم جدّا وهو عنوان العلوم، بأن يذكر فى الكلام ألفاظا تكون مفاتيح العلوم ومداخل لها.

من الأول قوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها الآية، فإنه عنوان قبصه بلعام.

ومن الثانى قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ الآية، فيها عنوان علم الهندسة، فإن الشكل المثلث أول الأشكال، وإذا نصب فى الشمس على أىّ ضلع من أضلاعه لا يكون له ظل لتحديد رءوس زواياه، فأمر اللَّه تعالى أهل جهنم بالانطلاق إلى ظل هذا الشكل تهكما بهم. وقوله: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآيات، فيها عنوان علم الكلام وعلم الجدل وعلم الهيئة.

ص: 268

الفرائد: هو مختص بالفصاحة دون البلاغة، لأنه الإتيان بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من العقد، وهى الجوهرة التى لا نظير لها تدل على عظم فصاحة هذا الكلام وقوّة عارضته وحزالة منطقة وأصالة عربيته، بحيث لو أسقطت من الكلام عزّت على الفصحاء، ومنه لفظ، حَصْحَصَ فى قوله: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ، والرفث فى قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ولفظة فُزِّعَ فى قوله: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وخائِنَةَ الْأَعْيُنِ فى قوله: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ ونَجِيًّا فى قوله: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا وبِساحَتِهِمْ فى قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ.

القسم: هو أن يريد المتكلم الحلف على شىء فيحلف بما يكون فيه فخر له، أو تعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ذمّ لغيره، أو جاريا مجرى الغزل الرقيق، أو خارجا مخرج الموعظة والزهد كقوله: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ أقسم سبحانه وتعالى بقسم فوجب الفخر لتضمنه التمدح بأعظم قدرة وأجلّ عظيمة لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ أقسم سبحانه وتعالى بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيما لشأنه وتنويها بقدره.

اللف والنشر: هو أن يذكر شيئان أو أشياء، إما تفصيلا بالنص على كل واحد، أو إجمالا بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد ثم يذكر أشياء على عدد ذلك، كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم، ويفوّض إلى عقل السامع ردّ كل واحد إلى ما يليق به.

فالإجمالى كقوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى أى وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا اليهود، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا النصارى، وإنما سوّغ الإجمال فى اللّف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى، فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الفريق الآخر الجنة، فوثق بالعقل فى أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن اللبس، وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران.

ص: 269

وقد يكون الإجمال فى النشر لا فى اللفّ، بأن يؤتى بمتعدد ثم بلفظ يشتمل على متعدد يصلح لهما نحو: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فإن الخيط الأسود أريد به الفجر الكاذب لا الليل.

والتفصيلى قسمان:

أحدهما أن يكون على ترتيب اللف كقوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ. فالسكون راجع إلى الليل، والابتغاء راجع إلى النهار.

والثانى أن يكون على عكس نرتيبه كقوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ الآيات.

المشاكلة: ذكر الشىء بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته تحقيقا أو تقديرا.

فالأول كقوله تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ، وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ فإن إطلاق النفس والمكر فى جانب البارى تعالى لمشاكلة ما معه.

ومثال التقدير قوله تعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ أى تطهير اللَّه، لأن الإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم فى ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون إنه تطهير لهم، فعبر عن الإيمان بصبغة اللَّه للمشاكلة بهذه القرينة.

المزاوجة: أن يزاوج بين معنيين فى الشرط والجزاء أو ما جرى مجراهما.

ومنه فى القرآن: آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ.

المبالغة: أن يذكر المتكلم وصفا فيزيد فيه حتى يكون أبلغ فى المعنى الذى قصد، وهى ضربان:

مبالغة بالوصف، بأن يخرج إلى حدّ الاستحالة، ومنها: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ.

ومبالغة بالصيغة، وصيغ المبالغة: فعلان، كالرحمن، وفعيل كالرحيم، وفعال كالتوّاب والغفار والقهار، وفعول كغفور وشكور وودود، وفعل كحذر وأشر

ص: 270

وفرح، وفعال بالتخفيف كعجاب، وبالتشديد ككبار، وفعل كلبد وكبر، وفعلى كالعليا والحسنى وشورى والسوأى.

بالمطابقة، وتسمى: الطباق: الجمع بين متضادين فى الجملة. وهو قسمان:

حقيقى، ومجازى، والثانى يسمى التكافؤ، وكل منهما:

إما لفظى أو معنوى.

وإما طباق إيجاب، أو سلب.

فمن أمثلة الحقيقى فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً.

ومن أمثلة المجازى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ أى ضالا فهديناه.

ومن أمثلة طباق السلب: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ.

ومن أمثلة المعنوى: قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ معناه: ربنا يعلم إنا لصادقون.

ومنه نوع يسمى: الطباق الخفى كقوله: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً، لأن الغرق من صفات الماء فكأنه جمع بين الماء والنار، وهى أخفى مطابقة فى القرآن.

ومن أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ لأن معنى القصاص القتل، فصار القتل سبب الحياة.

ومنه نوع يسمى: ترصيع الكلام، وهو اقتران الشىء بما يجتمع معه فى قدر مشترك كقوله: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى أتى بالجوع مع العرى، وبابه أن يكون مع الظمأ، وبالضحى مع الظمأ، وبابه يكون مع العرى، لكن الجوع والعرى اشتركا فى الخلو، فالجوع خلو الباطن من الطعام والعرى خلو الظاهر من اللباس، والظمأ والضحى اشتركا فى الاحتراق، فالظمأ احتراق الباطن من العطش والضحى احتراق الظاهر من حرّ الشمس.

ومنه نوع يسمى: المقابلة، وهى أن يذكر لفظان فأكثر ثم أضدادها على الترتيب.

والفرق بين الطباق والمقابلة من وجهين:

أحدهما: أن الطباق لا يكون إلا من ضدين فقط: والمقابلة لا تكون إلا بما زاد من الأربعة إلى العشرة.

ص: 271

والثانى، أى الطباق، لا يكون إلا بأضداد، والمقابلة بالأضداد وبغيرها.

ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط فى الأول أمر شرط فى الثانى ضده كقوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى الآيتين، قابل بين الإعطاء والبخل، والاتقاء والاستغناء، والتصديق والتكذيب، واليسرى والعسرى ولما جعل التيسير فى الأول مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق، جعل ضده وهو التعسير مشتركا بين أضدادها.

وقيل: المقابلة إما لواحد بواحد، كقوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ واثنين باثنين كقوله: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً.

وثلاثة بثلاثة كقوله: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ.

وأربعة بأربعة كقوله: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى الآيتين.

أو خمسة بخمسة كقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما الآيات، قابل بين بَعُوضَةً فَما فَوْقَها، وبين: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وبين: يُضِلُّ وَيَهْدِي، وبين:

يَنْقُضُونَ، ومِيثاقَ، وبين: يَقْطَعُونَ، وأَنْ يُوصَلَ.

أو ستة بستة كقوله: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الآية، ثم قال:

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ الآية، قابل الجنات والأنهار، والخلد والأزواج، والتطهير والرضوان، بإزاء النساء والبنين، والذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث.

وقيل، تنقسم المقابلة إلى ثلاثة أنواع: نظيرى، ونقيضى، وخلافى.

مثال الأول: مقابلة السنة بالنوم فى الآية الأولى، فإنهما جميعا من باب الرقاد المقابل باليقظة فى آية: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ.

وهذا مثال الثانى فإنهما نقيضان.

ومثال الثالث: مقابلة الشرّ بالرشد فى قوله: أَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فإنهما خلافان لا نقيضان، فإن نقيض الشرّ الخير والرشد الغى.

ص: 272

المواربة، براء مهملة وباء موحدة: أن يقول المتكلم قولا يتضمن ما ينكر عليه، فإذا حصل الإنكار واستحضر بحذفه وجها من الوجوه يتخلص به إما بتحريف كلمة أو تصحيفها أو زيادة أو نقص.

ومنه قوله تعالى حكاية عن أكبر أولاد يعقوب: ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ فإنه قرىء إن ابنك سرّق ولم يسرق، فأتى بالكلام على الصحة بإبدال ضمة من فتحة وتشديد الراء وكسرتها.

المراجعة: هى أن يحكى المتكلم مراجعة فى القول جرت بينه وبين محاور له بأوجز عبارة وأعدل سبك وأعذب ألفاظ، ومنه قوله تعالى: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ جمعت هذه القطعة وهى بعض آية ثلاثة مراجعات فيها معانى الكلام من الخبر، والاستخبار، والأمر، والنهى، والوعد، والوعيد، بالمنطوق والمفهوم.

ويقال: جمعت الخبر والطلب، والإثبات والنفى، والتأكيد والحذف، والبشارة والنذارة، والوعد والوعيد.

النزاهة: هى خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش حتى يكون كما قال أبو عمرو بن العلاء، وقد سئل عن أحسن الهجاء: هو الذى إذا أنشدته العذراء فى خدرها لا يقبح عليها، ومنه قوله تعالى: وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ثم قال: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فإن ألفاظ ذمّ هؤلاء المخبر عنهم بهذا الخبر أتت منزّهة عما يقبح فى الهجاء من الفحش، وسائر هجاء القرآن كذلك.

الإبداع، بالباء الموحدة: أن يشتمل الكلام على عدة ضروب من البديع، مثل قوله تعالى: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ فإن فيها عشرين ضربا من البديع، وهى سبع عشرة لفظه، وذلك المناسبة التامة فى: ابلعى وأقلعى.

والاستعارة فيهما.

والطباق بين الأرض والسماء.

والمجاز فى قوله يا سَماءُ، فإن الحقيقة يا مطر السماء.

(- 18- الموسوعة القرآنية- ج 2)

ص: 273

والإشارة فى وَغِيضَ الْماءُ، فإنه عبر به عن معان كثيرة، لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء، وتبلغ الأرض ما يخرج منها من عيون الماء، فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء.

والإرداف فى: وَاسْتَوَتْ.

والتمثيل فى: وَقُضِيَ الْأَمْرُ.

والتعليل، فإن غيض الماء علة الاستواء.

وصحة التقسيم، فإنه استوعب فيه أقسام الماء حالة نقصه، إذ ليس إلا احتباس ماء السماء، والماء النابع من الأرض، وغيض الماء الذى على ظهرها.

والاحتراس فى الدعاء لئلا يتوهم أن الغرق لعمومه يشمل من لا يستحق الهلاك، فإن عدله تعالى يمنع أن يدعو على غير مستحق.

وحسن النسق.

وائتلاف اللفظ مع المعنى والإيجاز، فإنه تعالى يقصّ القصة مستوعبة بأخصر عبارة.

والتسهيم، فإن أول الآية يدل على آخرها.

والتهذيب، لأن مفرداتها موصوفة بصفات الحسن كل لفظة سهلة مخارج الحروف عليها رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة وعقادة التركيب.

وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف فى فهم معنى الكلام، ولا يشكل عليه شىء منه.

والتمكين، لأن الفاصلة مستقرّة فى محلها مطمئنة فى مكانها غير قلقة ولا مستدعاة.

والانسجام.

والاعتراض.

ص: 274