الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
62 الخبر والإنشاء
قيل: إن أقسام الكلام عشرة: نداء، ومسألة، وأمر، وتشفع، وتعجب، وقسم، وشرط، ووضع، وشك، واستفهام.
وقيل: تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله فى المسألة.
وقيل: سبعة بإسقاط الشك، لأنه من قسم الخبر.
وقيل: هى ستة: خبر، واستخبار، وأمر، ونهى، ونداء، وتمنّ.
وقيل: خمسة: خبر، وأمر، وتصريح، وطلب، ونداء.
وقيل: أربعة: خبر، واستخبار، وطلب، ونداء.
وقيل: ثلاثة: خبر، وطلب، وإنشاء، لأن الكلام إما أن يحتمل التصديق والتكذيب أولا. فالأول الخبر، والثانى إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء، وإن لم يقترن بل تأخر عنه فهو الطلب.
وقيل: الخبر: الكلام الذى يدخله الصدق والكذب.
وقيل: الذى يدخله التصديق والتكذيب.
وقيل: كلام يفيد بنفسه نسبة.
وقيل: الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور نفيا أو إثباتا.
وقيل: القول المقتضى بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفى أو الإثبات.
والإنشاء: ما يحصل مدلوله فى الخارج بالكلام، والخبر خلافه.
وقيل: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إما أن يكون بطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها.
والأول الاستفهام.
والثانى الأمر.
والثالث النهى.
وإن لم يفد طلبا بالوضع.
فإن لم يحتمل الصدق والكذب سمى تنبيها وإنشاء، لأنك نبهت به عن مقصودك وأنشأته: أى ابتكرته من غير أن يكون موجودا فى الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنى والترجى والنداء والقسم، أم لا، وإن احتملهما من حيث هو فهو خبر.
والقصد بالخبر إفادة المخاطب، وقد يرد بمعنى الأمر نحو: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ.
وبمعنى النهى نحو: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.
وبمعنى الدعاء نحو: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أى أعنا.
ومن أقسام الخبر: النفى، بل هو شطر الكلام كله.
والفرق بينه وبين الجحد: أن النافى إن كان صادقا سمى كلامه نفيا، ولا يسمى جحدا، وإن كان كاذبا سمى جحدا ونفيا أيضا.
فكل جحد نفى وليس كل نفى جحدا.
مثال النفى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ.
ومثال الجحد نفى فرعون وقومه آيات موسى، قال تعالى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ.
وأدوات النفى: لا، ولات، وما، وإن، ولم، ولما.
وأصل أدوات النفى «لا وما» لأن النفى إما فى الماضى وإما فى المستقبل، والاستقبال أكثر من الماضى أبدا «ولا» أخفّ من «ما» فوضعوا الأخف للأكثر.
ثم إن النفى فى الماضى إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا، أو نفيا فيه أحكام متعددة، وكذلك النفى فى المستقبل، فصار النفى على أربعة أقسام، واختاروا له أربع كلمات:«ما، ولم، ولن، ولا» . وأما «إن» ، «لما» فليسا بأصلين، فما ولا، فى الماضى والمستقبل متقابلان، ولم، كأنه مأخوذ من: لا وما، لأن «لم» نفى للاستقبال لفظا والمضى معنى، فأخذ اللام من «لا» التى هى لنفى المستقبل، والميم من «ما» التى هى لنفى الماضى، وجمع بينهما إشارة إلى
أن فى «لم» إشارة إلى المستقبل والماضى، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن «لا» هى أصل النفى، ولهذا ينفى بها فى أثناء الكلام فيقال: لم يفعل زيد ولا عمرو.
وأما «لما» فتركيب بعد تركيب كأنه قال: لم وما، لوكيد معنى النفى فى الماضى.
وتفيد الاستقبال أيضا ولهذا تفيد «لما» الاستمرار.
ونفى العام يدل على نفى الخاص، وثبوته لا يدل على ثبوته، وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام، ونفيه لا يدل على نفيه، ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به، فلذلك كان نفى العام أحسن من نفى الخاص، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام.
فالأول كقوله: فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ لم يقل بضوئهم بعد قوله أضاءت، لأن النور أعم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ففى الضوء دلالة على النور فهو أخص منه، فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس، والقصد إزالة النور عنهم أصلا ولذا قال عقبه: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ.
والثانى كقوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ولم يقل طولهن، لأن العرض أخص، إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس.
ونظير هذه القاعدة أن نفى المبالغة فى الفعل لا يستلزم نفى أصل الفعل.
والعرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام إخبارا نحو: وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ والمعنى: إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام.
وإذا كان الجحد فى أول الكلام كان جحدا حقيقيّا نحو: ما زيد يخارج.
وإذا كان فى أول الكلام جحدان كان أحدهما زائدا، وعليه: فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ.
ومن أقسام الإنشاء:
الاستفهام، وهو طلب الفهم، وهو بمعنى الاستخبار.
وقيل: الاستخبار ما سبق أولا ولم يفهم حق الفهم، فإذا سألت عنه ثانيا كان استفهاما.
وأدواته: الهمزة، وهل، وما، ومن، وأى، وكم، وكيف، وأين، وأنى، ومتى، وأيان.
ما عدا الهمزة نائب عنها، ولكونه طلب ارتسام صورة ما فى الخارج فى الذهن لزم ألا يكون حقيقة إلا إذا صدر من شاكّ مصدق بإمكان الإعلام، فإن غير الشاكّ إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل، وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام.
وما جاء فى القرآن على لفظ الاستفهام، فإنما يقع فى خطاب اللَّه على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفى حاصل. وقد تستعمل صيغة الاستفهام فى غيره مجازا.
وقد توسعت العرب فأخرت الاستفهام عن حقيقته لمعان، أو أشربته تلك المعانى.
الأول: الإنكار، والمعنى فيه على النفى، وما بعده منفى، ولذلك تصحبه إِلَّا كقوله: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.
وكثيرا ما يصحبه التكذيب، وهو فى الماضى بمعنى لم يكن، وفى المستقبل بمعنى لا يكون نحو: أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ الآية: أى لم يفعل ذلك.
الثانى: التوبيخ، وجعله بعضهم من قبيل الإنكار، إلا أن الأول إنكار إبطال وهذا إنكار توبيخ، والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفى، فالنفى هنا غير قصدى، والإثبات قصدى، عكس ما تقدم، ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي.
وأكثر ما يقع التوبيخ فى أمر ثابت ووبخ على فعله.
ويقع على ترك فعل كان ينبغى أن يقع كقوله: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ.
الثالث: التقرير، وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرّ عنده: ولا يستعمل ذلك بهل، كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام.
وذهب كثير من العلماء فى قوله: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ إلى أن هَلْ تشارك الهمزة فى معنى التقرير أو التوبيخ.
وقيل: إن استفهام التقرير لا يكون بهل، إنما يستعمل فيه الهمزة، إذ أن هل تأتى تقريرا كما فى قوله تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ والكلام مع التقرير موجب، ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب.
فالأول كقوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ.
والثانى نحو: أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً.
وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار، والإنكار نفى، وقد دخل على النفى، ونفى النفى إثبات، ومن أمثلته: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ.
الرابع: التعجب أو التعجيب نحو: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ.
وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه فى قوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ فالهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم.
ويحتمل التعجب والاستفهام الحقيقى: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ.
الخامس: العتاب كقوله: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ فما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين.
السادس: التذكير، وفيه نوع اختصار كقوله: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ.
السابع: الافتخار نحو: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.
الثامن: التفخيم نحو: مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً.
التاسع: التهويل والتخويف نحو: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ.
العاشر: عكسه، وهو التسهيل والتخفيف نحو: وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا.
الحادى عشر: التهديد والوعيد نحو: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ.
الثانى عشر: التكثير نحو: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها.
الثالث عشر: التسوية وهو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ.
الرابع عشر: الأمر نحو: أَأَسْلَمْتُمْ أى أسلموا.
الخامس عشر: التنبيه، وهو من أقسام الأمر نحو: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ أى انظر.
السادس عشر: الترغيب نحو: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً.
السابع عشر: النهى نحو: أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ بدليل:
فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ.
الثامن عشر: الدعاء، وهو كالنهى، إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى نحو:
أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ أى لا تهلكنا.
التاسع عشر: الاسترشاد نحو: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها.
العشرون: التمنى نحو: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ.
الحادى والعشرون: الاستبطاء نحو: مَتى نَصْرُ اللَّهِ.
الثانى والعشرون: العرض: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ.
الثالث والعشرون: التحضيض نحو: أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ.
الرابع والعشرون: التجاهل نحو: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا.
الخامس والعشرون: التعظيم نحو: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
السادس والعشرون: التحقير نحو: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ.
السابع والعشرون: الاكتفاء نحو: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ.
الثامن والعشرون: الاستبعاد نحو: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى.
التاسع والعشرون: الإيناس نحو: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى.
الثلاثون: التهكم والاستهزاء نحو: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ.
الحادى والثلاثون: التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله:
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أى من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه، فمن للشرط، والفاء جواب الشرط.
الثانى والثلاثون: الإخبار نحو: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا.
ومن أقسام الإنشاء: الامر، وهو طلب فعل غير كف، وصيغته افعل، ولتفعل، وهى حقيقة فى الإيجاب نحو: أَقِيمُوا الصَّلاةَ فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ، وترد مجازا لمعان أخر.
منها: الندب نحو: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا.
والإباحة نحو: فَكاتِبُوهُمْ.
والتهديد نحو: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إذ ليس المراد الأمر بكل عمل شاءوا.
والإهانة نحو: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ.
والتسخير: أى التذليل نحو: كُونُوا قِرَدَةً عبر به عن نقلهم من حالة إلى حالة إذلالا لهم فهو أخص من الإهانة.
والتعجيز نحو: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ إذ ليس المراد طلب ذلك منهم بل إظهار عجزهم.
والامتنان نحو: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ.
والعجب نحو: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ.
والتسوية نحو: فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا.
والإرشاد نحو: وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ.
والاحتقار نحو: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ.
والإنذار نحو: قُلْ تَمَتَّعُوا.
والإكرام نحو: ادْخُلُوها بِسَلامٍ.
والتكوين، وهو أعم من التسخير نحو: كُنْ فَيَكُونُ.
والإنعام، أى تذكير النعمة نحو: كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ.
والتكذيب نحو: قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها.
والمشورة نحو: فَانْظُرْ ماذا تَرى.
والاعتبار نحو: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ.
والتعجب نحو: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ.
ومن أقسامه: النهى، وهو طلب الكفّ على فعل، وصيغته «لا تفعل» وهى حقيقة فى التحريم، وترد مجازا لمعان:
منها الكراهية نحو: وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً.
والدعاء نحو: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا.
والإرشاد نحو: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
والتسوية نحو: أَوْ لا تَصْبِرُوا.
والاحتقار والتقليل نحو: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية، أى فهو قليل حقير.
وبيان العاقبة نحو: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ أى عاقبة الجهاد الحياة لا الموت.
واليأس نحو: لا تَعْتَذِرُوا.
والإهانة نحو: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ.
ومن أقسامه: التمنى. وهو طلب حصول شىء على سبيل المحبة، ولا يشترط إمكان المتمنى بخلاف المترجى، ويقال: إن التمنى والترجى والنداء والقسم ليس فيه طلب بل هو تنبيه، ولا بدع فى تسميته إنشاء.
والتمنى لا يصح فيه الكذب، وإنما الكذب فى المتمنى، الذى يترجح عند صاحبه وقوعه، فهو إذن وارد على ذلك الاعتقاد الذى هو ظن.
وحرف التمنى الموضوع له: ليت نحو: يا لَيْتَنا نُرَدُّ.
وقد يتمنى بهل حيث يعلم فقده نحو: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا.
وبلو نحو: فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ ولذا نصب الفعل فى جوابها.
وقد يتمنى بلعل فى البعيد فتعطى حكم ليت فى نصب الجواب نحو:
لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ.
ومن أقسامه الترجى، وفرق بعضهم بينه وبين التمنى بأنه فى الممكن والتمنى فيه وفى المستحيل، وبأن الترجى فى القريب والتمنى فى البعيد، وبأن الترجى فى المتوقع والتمنى فى غيره، وبأن التمنى فى المشقوق للنفس والترجى فى غيره.
وقيل: الفرق بين التمنى وبين العرض، هو الفرق بينه وبين الترجى، وحرفا الترجى: لعل وعسى، وقد ترد مجازا لتوقع محذور، ويسمى الإشفاق نحو: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ.
ومن أقسامه النداء، وهو طلب إقبال المدعو على الداعى بحرف نائب مناب أدعو، ويصحب فى الأكثر الأمر والنهى.
والغالب تقدمه نحو: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ.
وقد يتأخر نحو: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ.
وقد يصحب الجملة الخبرية فتعقبها جملة الأمر نحو: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ.
وقد لا يعقبها نحو: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ.
وقد تصحبه الاستفهامية نحو: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ.
وقد ترد صورة النداء لغيره مجازا كالإغراء والتحذير، وقد اجتمعا فى قوله تعالى: ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها.
والاختصاص كقوله: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.
والتنبيه كقوله: أَلَّا يَسْجُدُوا.
والتعجب كقوله: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ.
والتحسر كقوله: الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
.
وأصل النداء ب «يا» أن تكون للبعيد حقيقة أو حكما، وقد ينادى بها القريب لنكت.
منها: إظهار الحرص فى وقوعه على إقبال المدعو، نحو: يا مُوسى أَقْبِلْ.
ومنها: كون الخطاب المتلو يعتنى به، نحو: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ.
ومنها: قصد تعظيم شأن: المدعو، نحو: يا رب.
ومنها قصد انخفاضه، كقول فرعون: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً.