الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدّة مماليك من المماليك السّلطانيّة، فوسّط منهم تسعة، وغرّق أحد عشر، وأفرج عن مماليك الأمراء، ولم يتعرض لهم بسوء، وبعث بطائفة أخرى من المماليك السّلطانيّة إلى الملك النّاصر فرج، ثم عاد شيخ إلى صفد.
[ما وقع من الحوادث سنة 810]
ثمّ ورد الخبر بأن الأمير نوروزا نائب الشام عاد إلى طاعة السّلطان بعد قتل جكم، وأنّ تمربغا المشطوب تغلّب على حلب، وقاتلته التّراكمين حتى ملك قلعة حلب بعد أمور، وأنه أخذ ما كان لجكم بحلب واستخدم مماليك جكم، فعظم أمره لذلك، فأمر السلطان بتجهيز أموره للسفر إلى البلاد الشّاميّة، وتجهزت العساكر، فلمّا كان يوم الاثنين سادس المحرم من سنة عشرة وثمانمائة فرّق السلطان الجمال على المماليك السّلطانيّة؛ برسم السّفر إلى الشّام صحبة السّلطان.
ثمّ فى يوم الجمعة عاشر المحرم قدم إلى القاهرة حاجب الأمير نعير برأس الأمير جكم، ورأس ابن شهرى، فخلع السلطان عليه، وطيف بالرأسين على رمحين، ونودى عليهما بالقاهرة، ثمّ علّقا على باب زويلة، ودقّت البشائر، وزيّنت القاهرة لذلك.
ثمّ فى تاسع عشر المحرم، خرجت مدوّرة «1» السلطان إلى الرّيدانيّة خارج القاهرة، ثمّ فى يوم حادى عشرينه، برز الجاليش السّلطانى من الأمراء إلى الرّيدانيّة، وهم الأتابك يشبك، والوالد، وهو تغرى بردى البشبغاوىّ، والأمير بيغوت فى آخرين من الأمراء، ورحلوا فى خامس عشرينه من الرّيدانيّة، ونزل السّلطان من قلعة الجبل فى يوم الاثنين ثامن عشرينه إلى الرّيدانيّة ببقيّة أمرائه وعساكره. وهذه تجريدة الملك النّاصر الرابعة إلى البلاد الشّاميّة، غير واقعة السّعيدية.
ثمّ رحل السلطان من الرّيدانيّة فى يوم ثانى صفر من سنة عشرة وثمانمائة، يريد البلاد الشاميّة.
وأما البلاد الشّاميّة- فإنّ نوروزا الحافظىّ خرج من دمشق فى أوّل محرم من
هذه السنة لقتال شيخ، فضعف شيخ عن مقاومته، ولم يخرج من صفد، وأرسل يستحثّ السلطان على سرعة المجىء إلى البلاد الشّاميّة، فعاد نوروز إلى دمشق بعد أن حاصر شيخا أياما، وأرسل إلى السلطان يطلب أمانا، وأنه يمتثل ما يرسم به السّلطان، وأنه يوافق شيخا، ويرضى بما يولّيه السلطان من البلاد.
ثمّ أرسل نوروز إلى شيخ بأن يكاتب السلطان بأن يكون نائب حلب ويكون شيخ نائب الشام على عادته، فلم يلتفت شيخ إلى كلامه، وانتهز الفرصة وقد قوى أمره بعد ما كان خائفا من نوروز؛ لقدوم السّلطان الملك النّاصر إلى البلاد الشّاميّة، وسار بمماليكه وحواشيه حتى نزل بالقرب من دمشق، ففرّ فى تلك الليلة من نوروز إلى شيخ جماعة من الأمراء، منهم: قمش، وجمق، ثمّ تحوّل نوروز من المزّة «1» إلى قبّة «2» يلبغا، فوصل إليه قاصد الأمير شيخ، بأنّ السلطان أرسل إليه تشريفا بنيابة دمشق، وأنه طلب من السلطان لنوروز نيابة حلب، فأبى السّلطان ذلك، وأن عسكر السّلطان وصل إلى مدينة غزّة، فتحول عند ذلك نوروز إلى برزة «3» ، ودخلت مماليك الأمير شيخ إلى الشام من غير قتال.
وأمّا السّلطان الملك النّاصر فإنه لمّا رحل من الرّيدانيّة بعد أن عمل الأمير تمراز نائب السّلطنة نائب غيبته بديار مصر، وأنزله بباب السّلسلة، وأنزل الأمير آقباى بقلعة الجبل، وسكّن سودون الطيّار أمير سلاح بالرميلة «4» تجاه باب السّلسلة، وسار السّلطان حتى وصل إلى غزّة فى ثانى عشر صفر، فورد عليه الخبر بفرار نوروز، فلم يلتفت إلى ذلك، وسار حتى دخل إلى دمشق فى يوم ثانى عشرين صفر بعد
ما خرج الأمير شيخ إلى لقائه، وقبّل الأرض بين يديه، وسار معه حتى دخل دمشق فى خدمته من جملة الأمراء، ونزل السّلطان بدار السّعادة من دمشق، وصلّى الجمعة بجامع بنى أمية، ثم قبض على قضاة دمشق ووزيرها، وكاتب سرها، وأهانهم السّلطان وألزمهم بحمل مال كبير.
ثم فى يوم الأحد خامس عشرين صفر، أمسك السّلطان الأمير شيخا المحمودىّ نائب دمشق، والأمير الكبير يشبك الشّعبانىّ الأتابكى، واعتقلهما بقلعة دمشق، وكان الأمير جركس القاسمىّ المصارع الأمير آخور قد تأخّر فى هذا اليوم عن الخدمة السلطانية بداره، فلما بلغه الخبر فرّ من وقته، فلم يدرك، وهرب جماعة كبيرة من الشّيخيّة واليشبكيّة.
ثمّ فى سادس عشرين صفر خلع السلطان على الأمير بيغوت باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن شيخ المحمودىّ، بحكم حبسه بقلعة دمشق، وخلع على الأمير فارس دوادار تنم باستقراره حاجب حجّاب دمشق، وخلع على الأمير عمر الهيدبانىّ بنيابة حماة، وعلى صدر الدّين علىّ بن الأدمىّ باستقراره قاضى قصاة الحنفيّة بدمشق، ودام يشبك وشيخ بقلعة دمشق إلى أن استمالا نائب قلعتها الأمير منطوقا، حتى أفرج عنهما فى ليلة الاثنين ثالث شهر ربيع الأوّل من سنة عشرة وثمانمائة، وهو أن منطوقا تحيّل على من عنده من المماليك بأنّ السّلطان رسم له بأن ينقل الأميرين شيخا ويشبك، من حبس إلى آخر فصدّقوه، فأخرجهما على أنه ينقلهما، وفرّ بهما، ونزل من القلعة، فلم يبلغ السلطان الخبر حتى ذهبوا حيث شاءوا، وأصبح السلطان يوم الاثنين ندب الأمير بيغوت لطلبهم، فركب بيغوت من وقته بمماليكه، وسار فى طلبهم- غارة- وقد اختفى الأمير شيخ بدمشق ولم يخرج منها، وتوجّه يشبك فلم يدرك بيغوت سوى منطوق نائب قلعة دمشق الذي أطلقهما؛ لثقل جثّته؛ فإنه كان فى غاية من السّمن، ففرّ يشبك، وقاتل منطوق
بيغوت ساعة ثمّ انهزم، وقبض عليه [بيغوت]«1» وقطع رأسه، وحملها إلى الملك الناصر، ورفعت على رمح وطيف بها دمشق، ثمّ علّقت على سور دمشق، ثمّ قدم الخبر باجتماع الأتابك يشبك وشيخ وجركس، وأنّهم فى دون الألف فارس، وهم على حمص، وأنّهم اشتدّوا على النّاس فى طلب المال، فكتب السّلطان فى الحال للأمير نوروز الحافظىّ وهو بمدينة حلب، عند تمربغا المشطوب يستدعيه لمحاربة يشبك وشيخ، وأنه ولّاه نيابة الشّام وأمره أن يحمل إليه جماعة من الأمراء، ويبعث السلطان إليه التّقليد والتّشريف مع الأمير سلامش، ثم جهّز السلطان سلامش إلى نوروز، وعلى يده خلعته بنيابة دمشق، فلبس نوروز الخلعة، وقبّل الأرض وامتثل ما أمره السّلطان به من قتال الأمراء وغيره، وكتب يعتذر من عدم الحضور بما عنده من الحياء من السّلطان، والخوف لما وقع منه قبل تاريخه، وأنّه إذا سار السّلطان من دمشق نحو الدّيار المصرية قدمها وكفاه أمر هؤلاء.
ثمّ أرسل نوروز بعد ذلك بأنّه قبض على جماعة من الأمراء الذين فرّوا من السلطان من دمشق، وهم: الأمير علّان، والأمير جانم من حسن شاه، والأمير إينال الجلالىّ المفقار، والأمير جقمق العلائى أخو جركس المصارع: أعنى الملك الظاهر جقمق، والأمير أسنباى التّركمانى، أحد أمراء الألوف بدمشق، والأمير اسنباى أمير آخور، والأمير جمق، نائب الكرك- كان- وبعث بهم الجميع ما خلا جانم، ثم أرسل إلى الدّيار المصريّة بالقبض على الأمير تمراز النّاصرىّ نائب السّلطنة بالدّيار المصريّة. ثمّ نائب الغيبة، فأذعن تمراز وسلّم نفسه، فمسك وقيّد وحبس بالبرج «2» من
قلعة الجبل، وسكن سودون الطيّار عوضه بباب السّلسلة من الإسطبل السّلطانى.
ثمّ ركب السّلطان الملك الناصر فى يوم الأربعاء رابع شهر ربيع الآخر من دار سعادة دمشق، وتوجّه إلى الرّبوة «1» فتنزّه بها ثم عاد إلى دار السّعادة، ثمّ أصبح لعب الكرة بالميدان، وقدم عليه الأمير بكتمر جلّق بالأمراء الذين قبض عليهم الأمير نوروز، وهم المقدّم ذكرهم، فرسم السلطان بحبسهم، ثمّ فى اليوم المذكور خرج حريم السّلطان من دمشق إلى جهة الدّيار المصرية.
ثمّ خرج السّلطان من دمشق فى يوم السّبت سابع شهر ربيع الآخر يريد الدّيار المصرية ومعه الأمراء المقبوض عليهم، وفيهم: الأمير سودون الحمزاوىّ وقد أحضر من سجن صفد، والأمير آقبردى رأس نوبة أحد أمراء الطبلخانات، وسودون الشّمسىّ أمير عشرة، وسودون البجاسىّ أمير عشرة، وسار السّلطان إلى مصر، وجعل بكتمر جلّق نائب الغيبة بدمشق حتى يحضر إليها نائبها الأمير نوروز، وكان بكتمر جلّق المذكور قد خلع عليه السّلطان باستقراره فى نيابة طرابلس قبل تاريخه، وأصبح شيخ لمّا بلغه خروج السّلطان من دمشق طرقها ومعه يشبك وجركس، وأخذها من بكتمر، وملكها بعد أن فرّ بكتمر منها، وقبض شيخ على جماعة من أمراء دمشق، وولّى وعزل، وأخذ خيول الناس، وصادر جماعة.
ثم ورد الخبر على يشبك وشيخ بنزول بكتمر جلّق على بعلبك بأناس قليلة فخرج إليه يشبك الشّعبانىّ وجركس فى عسكر، ومضى بكتمر جلّق إلى حمص، وسار يشبك وجركس حتى وصلا إلى بعلبك، فوافاهما الأمير نوروز بعساكره
على كروم بعلبك، فبرز إليه يشبك وجركس بمن معهما، فقاتلهم نوروز حتى هزمهم، وقتل الأتابك يشبك الشّعبانىّ، وجركس القاسمى المصارع فى ليلة الجمعة ثالث عشر شهر ربيع المذكور، وقتل جماعة أخر، وقبض نوروز على جماعة، وفرّ من بقى، فلما بلغ ذلك شيخا خرج من وقته من دمشق على طريق جرود «1» ، ودخل الأمير نوروز فى يوم رابع عشره إلى دمشق وملكها من غير قتال، وبعث نوروز بهذا الخبر إلى السلطان، فوافاه المخبر بذلك على العريش، فسرّ السلطان بذلك سرورا كبيرا، وهان عليه أمر شيخ بعد ذلك.
ثمّ سار السلطان الملك الناصر مجدّا حتى دخل إلى الديار المصرية ضحى نهار الثلاثاء، رابع عشرين شهر ربيع الآخر، وبين يديه ثمانية عشر أميرا فى الحديد، ورمّة الأمير إينال باى بن قجماس، وقد حملها الملك الناصر من غزة لأنه كان خصّيصا عند الملك الناصر، وقتل بغزّة فى واقعة شيخ بغير اختيار السلطان، وطلع السلطان إلى قلعة الجبل، وحبس الأمراء المذكورين بالبرج من قلعة الجبل إلى أن كان يوم سادس عشرينه، فاستدعى السلطان القضاة إلى بين يديه، وأثبت عندهم إراقة دم الأمير سودون الحمزاوىّ لقتله إنسانا ظلما، فحكموا بقتله، فقتل، وقتل معة تمربغا دواداره، والأمير آقبردى، وجمق، وأسنباى التركمانى، وأسنباى أمير آخور، وتأخر الأمير إينال المنقار، وسودون الشّمسىّ، وجقمق العلائى، وجماعة أخر، وسودون البجاسى فى البرج من قلعة الجبل.
ثمّ فى يوم سابع عشرين شهر ربيع الآخر، أنعم السلطان على الوالد بإقطاع الأتابك يشبك الشّعبانىّ، وأنعم بإقطاع الوالد على الأمير قردم الخازندار، وأنعم على الأمير قراجا بإقطاع تمراز الناصرىّ المقبوض عليه فى غيبة السلطان بالقاهرة، واستقرّ قراجا المذكور شادّ الشّراب خاناة، وأنعم بإقطاع قراجا على الأمير أرغون من بشبغا، وأنعم بإقطاع أرغون المذكور على الأمير شاهين قصقا، وأنعم بإقطاع شاهين على الأمير طوغان الحسنىّ.
ثم فى يوم الخميس ثالث جمادى الأولى خلع السلطان على الوالد باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصرية عوضا عن يشبك الشّعبانىّ، وخلع على الأمير كمشبغا المزوّق الفيسىّ باستقراره أمير آخور كبيرا، عوضا عن جركس القاسمىّ المصارع.
وفى اليوم المذكور قدم إلى القاهرة قاصد الأمير نوروز الحافظىّ برأس الأتابك يشبك، ورأس جركس المصارع، ورأس الأمير فارس التّنمىّ حاجب حجّاب دمشق.
وفيه شاور جمال الدين الأستادار السّلطان أنه يعمّر للسلطان مدرسة بخط رحبة باب العيد «1» ، فأذن له السلطان فى ذلك، فشقّ جمال الدين أساسها فى هذا اليوم، وبدأ بعمارتها.
ثم أرسل السلطان إينال المنقار، وعلّان، وبلبغا الناصرىّ إلى سجن الإسكندرية.
ثم ركب الملك الناصر متخفّفا بثياب جلوسه ونزل إلى عيادة الأمير قراجا، فعاده، ثم سار إلى بيت جمال الدين الأستادار وأخذ تقدمته، ثم ركب وسار حتى نزل بالمدرسة الظاهرية ببين القصرين، وزار أمه وجده لأبيه الأمير أنص، وجعل ناحية منبابة «2» بالجيزة وقفا عليها.
ثم ركب منها إلى دار الأمير بشباى- رأس نوبة النّوب- ونزل عنده، ثم ركب من عنده، وتوجّه إلى بيت الأمير كزل العجمىّ حاجب الحجّاب، ثم سار من عنده إلى قلعة الجبل.
قال المقريزى: ولم نعهد ملكا من ملوك مصر ركب من القلعة بقماش جلوسه غيره، قلت: لعل المقريزى أراد بقماش جلوسه عدم لبس السّلطان الكلفتاة، وقماش الخدمة، وهذا كان مقصوده- والله أعلم.
ثم فى تاسع عشر جمادى الأولى المذكور، خلع السلطان على الأمير طوخ الخازندار باستقراره أمير مجلس عوضا عن يلبغا النّاصرى بحكم القبض عليه، والعامة تسمّى طوخ هذا طوق الخازندار، والصواب ما قلناه. وخلع على الأمير قردم باستقراره خازندارا عوضا عن طوخ المذكور.
ثم فى سادس عشر جمادى الآخرة قبض السّلطان على الأمير سودون من زادة، وقيّده وحمله إلى الإسكندريّة، فسجن بها مع من بها من الأمراء.
وأمّا الأمير نوروز الحافظىّ فإنّه منذ دخل دمشق كانت مكاتبات الأمير شيخ ترد عليه بطلب الصّلح، ويترقّق شيخ لنوروز، ويتخضّع إليه إلى أن أجاب نوروز إلى ذلك، وخرج من دمشق فى سادس عشرين شهر رجب، إلى جهة حلب، ليصالح الأمير شيحا، فتقدّم الأمير شيخ إليه والتقاه واصطلحا، ومسك نوروز بكتمر جلّق، بعد ما كان أعزّ أصحاب نوروز؛ مراعاة لخاطر شيخ.
وحكى لى من أثق به من أعيان المماليك الظّاهريّة ممّن كان فى صحبتهم يوم ذاك قال: لمّا أراد شيخ الصّلح مع نوروز، طلب منه القبض على بكتمر، فبلغ بكتمر ذلك، فلم يصدّق أنّ نوروزا يقع فى مثل هذا لما كان بينهما من تأكّد الصّحبة، فلمّا اجتمع شيخ مع نوروز وأراد نوروز القبض على بكتمر، قال بلسان الجركسىّ: وبط «1» . قال بكتمر: يا جنس النّحس بلغنى ذلك من مدّة، ولكنّنى ما ظننت أنّها تخرج من فمك فى حقّى أبدا، ومسك بكتمر جلّق، وسجن بقلعة دمشق، ثمّ دخل الأمير شيخ ونوروز إلى دمشق، وقد استقرّت طرابلس للأمير شيخ، ودمشق للأمير نوروز، فأقام شيخ بدمشق عشرة أيّام، ثم خرج منها وسار إلى طرابلس، وكثرت المصادرات بدمشق وغيرها فى أيام هذه الفتن، وأخرجت الأوقاف عن أربابها، وخربت
بلاد كثيرة بمصر والشّام؛ لكثرة التّجاريد، وسرعة انتقال الأمراء من إقطاع إلى إقطاع.
ولمّا بلغ الملك الناصر ذلك، وما وقع من نوروز فى حقّ شيخ من الإكرام شقّ عليه ذلك؛ لأن شيخا كان قد تلاشى أمره، ونفر عنه مماليكه وأصحابه؛ من كثرة الأسفار والانتقال من بلد إلى بلد، وافتقر وصار لا يجد بلدا يأوى إليه، حتّى صالحه نوروز، وأعطاه طرابلس، فعاد إليه مماليكه، ودار فيه الرّمق- انتهى.
ثمّ فى حادى عشر شعبان أفرج السّلطان عن الأمير تمراز النّاصرىّ نائب السّلطنة- كان- من حبسه بالبرج من قلعة الجبل، ونزل إلى داره، ثمّ ورد الخبر على الملك النّاصر بأن بكتمر جلّق فرّ من سجن قلعة دمشق فى ليلة الأربعاء عاشر شهر رمضان من سنة عشر وثمانمائة، وأنّه توجّه إلى صفد، ثمّ نزل غزّة.
ثمّ ورد على السّلطان كتاب الأمير شيخ يسأل السلطان الملك الناصر الرّضى عنه، وعن جماعته، فلم يقبل السّلطان ذلك، فلم تزل مكاتبات شيخ ترد على السّلطان فى ذلك حتّى رضى عنه. وكتب له بنيابة الشّام على عادته، وحمل إليه التّقليد الأمير ألطنبغا بشلاق صحبة مملوك شيخ ألطنبغا شقل، وقاضى القضاة نجم الدين عمر بن حجّىّ، وقاضى القضاة صدر الدين بن الأدمى، وقد تولّى كلّ منهما قاضيا بدمشق على مذهبه، وكانا هما وألطنبغا شقل قدموا فى إصلاح أمر شيخ مع أستاذه الملك النّاصر فرج.
ثمّ كتب السّلطان باستقرار بكتمر جلّق فى نيابة طرابلس على عادته، وكتب السّلطان أيضا باستقرار يشبك بن أزدمر فى نيابة حماة، ووصلت رسل السّلطان إلى الأمير شيخ وغيره من الأمراء المذكورين من البحر المالح من عكّا، وساروا حتّى لقوا شيخا على المرقب، وقد تغيّر