الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 812]
السنة الخامسة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة.
فيها تجرّد الملك النّاصر إلى البلاد الشامية تجريدته الخامسة التى حصر فيها الأمير شيخا ورفقته بصرخد.
وفيها كانت قتلة جمال الدين يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن قاسم البيرىّ البجاسىّ «1» الأستادار، فى ليلة الثلاثاء حادى عشر جمادى الآخرة، بعدما أخذ منه نيّف على ألف ألف دينار فى أيّام مصادرته، وهو تحت العقوبة على نقذات «2» متفرّقة. وقد تقدم ذكر مسكه فى ترجمة الملك الناصر فرج عند قدومه من الشّام بمدينة بلبيس، وكان ظالما جبّارا سفّاكا الدّماء مقداما، وكان أعور قصيرا دميما كره المنظر. وكان أوّلا يتزيّا بزىّ الفقهاء، ثمّ تزيّا بزىّ الجند، وخدم بلاصيّا [عند الشيخ على كاشف، ثمّ عند غيره]«3» ولا زال يترقّى حتى كان من أمره ما كان، وهو أحد من كان سببا لخراب البلاد؛ من كثرة ما قتل من مشايخ العربان وأرباب الأدراك، واستولى على أموالهم، وأمّا من قتله من الكتّاب والأعيان فلا يحصى ذلك كثرة، وحسابه على الله تعالى.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم العلّامة نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر الشّشترى
البغدادىّ «1» الحنبلىّ مدرس المدرسة الظاهرية- برقوق- بالقاهرة فى حادى عشرين صفر.
وكان إماما عالما فقيها محدّثا، أفتى ودرّس سنين ببغداد، ثمّ بالقاهرة، وهو والد قاضى القضاة عالم زماننا محبّ الدين أحمد بن نصر الله الآتى ذكره فى محله إن شاء الله تعالى.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقباى بن عبد الله الطّرنطائىّ الظاهرى رأس نوبة الأمراء، المعروف بآقباى الحاجب- لطول مكثه فى الحجوبيّة- فى ليلة الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة.
ونزل السّلطان الملك النّاصر إلى داره، ثمّ تقدّم راكبا إلى مصلّاة المؤمنىّ فصلّى عليه، ثمّ شهد دفنه، وترك آقباى مالا كثيرا، أخذ الملك النّاصر غالبه، وكان آقباى المذكور عاقلا، سيوسا عفيفا عن المنكرات إلّا أنّه كان بخيلا شرها فى جمع المال.
وتوفّى الأمير سيف الدين طوخ بن عبد الله [الظاهرى]«2» الخازندار، وهو أمير مجلس، فى آخر جمادى الآخرة بالقاهرة، والعامّة تسمّى طوخ هذا «طوق الخازندار» وكان من أعيان الأمراء، وله الكلمة فى الدّولة.
وتوفّى الأمير سيف الدين بلاط بن عبد الله، أحد مقدّمى الألوف بالدّيار المصريّة- مقتولا بالإسكندرية- لم أقف له على ترجمة ولم أعرف من حاله شيئا غير ما ذكرت.
وتوفّى السّيّد الشّريف جمّاز بن هبة الله بن جمّاز بن منصور الحسينىّ أمير المدينة النّبويّة- مقتولا- فى جمادى الآخرة بالفلاة، وهو فى عشر السّتين، وكان ولى إمرة المدينة ثلاث مرار، آخرها فى سنة خمس وثمانمائة.
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله بن أبى بكر القليوبىّ الشّافعىّ شيخ شيوخ خانقاة سرياقوس- بها- فى يوم الخميس ثانى عشرين جمادى الأولى، وكان فقيها فاضلا، وله مشاركة فى فنون.
وتوفّى السيّد الشّريف أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمىّ الحسنىّ المكّىّ بمكة فى المحرم.
وكان الشريف عنان بن مغامس فى ولايته الأولى على مكة أشركه معه، ثمّ وقع له أمور حتى مات وهو مكحول، وكان ابن أخته الشريف محمد بن عجلان، وكبيش بن عجلان قد خافا منه فأكحلاه، وقتل ابن أخته المذكور بعد ثلاثة أشهر، وكبيش المذكور بعد ستة أشهر.
وتوفّى أمير زة محمد بن أمير زة عمر شيخ ابن الطاغية تيمور لنك فى المحرّم- مقتولا- على يد بعض وزرائه، وكان مشكور السّيرة، وقام من بعده بمملكة جغتاى أخوه أمير زة إسكندر شاه بن عمر شيخ بن تيمور لنك.
ومن غريب الاتّفاق أنّ إسكندر شاه المذكور، لمّا ملك بعد قتل أخيه محمد المقدّم ذكره أحضر من كان عمل على قتله، ووبخه فى الملأ، فأجابه الرجل بأن قال: وما عملت معك إلّا خيرا، لولا قتلته ما نابك الملك، فأسرع إسكندر شاه بقتله خوفا من أن يتّهمه أحد بقتل أخيه المذكور فى الباطن.
أمر النّيل فى هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة عشرون ذراعا سواء.