الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 805]
السنة الخامسة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق- الأولى على مصر وهى سنة خمس وثمانمائة:
فيها كانت وقعة تيمور لنك مع أبى يزيد بن عثمان متملّك بلاد الروم، وقد مرّ ذكر ذلك، وأسره تيمور ومات فى أسره.
وفيها توفّى قاضى القضاة تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميرىّ المالكىّ، فى يوم الاثنين سابع جمادى الآخرة، عن سبعين سنة، وقد انتهت إليه رئاسة السّادة المالكية فى زمانه.
وتوفّى شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح «1» - وصالح أول من سكن بلقينة «2» - بن شهاب بن عبد الخالق بن مسافر بن محمد البلقينىّ الكنانىّ الشافعى، فى يوم الجمعة، عاشر ذى القعدة، وصلى عليه بجامع الحاكم «3» ، ثم دفن بمدرسته التى أنشأها تجاه داره بحارة بهاء الدين قراقوش من القاهرة، ومولده ببلقينة، فى ليلة الجمعة ثانى عشر شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة.
وأجاز له من دمشق الحافظ أبو الحجاج «4» المزّى، والحافظ الذهبى «5» ، والمسند أحمد
ابن الجزرىّ «1» - فى آخرين- ثم حفظ المحرّر فى الفقه، والكافية لابن مالك فى النحو، ومختصر ابن الحاجب فى الأصول والشّاطبيّة فى القراءات، وأقدمه أبوه إلى القاهرة، وله اثنتا عشرة سنة، وطلب العلم واشتغل على علماء عصره، مثل: أثير الدين أبى حيّان «2» ، وأبى الثّناء «3» محمود الأصبهانىّ، وتفقّه بجماعة كثيرة، وبرع فى الفقه وأصوله، والعربية والتفسير، وغير ذلك، وأفتى ودرّس سنين، وانفرد فى أواخر عمره برئاسة مذهبه، وولى إفتاء دار العدل، ودرّس بزاوية الشافعى المعروفة بالخشّابيّة «4» من جامع عمرو بن العاص، وولى قضاء دمشق فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة عوضا عن تاج الدين عبد الوهاب السّبكىّ، فباشر مدة يسيرة، ثم تركه وعاد إلى مصر، واستمر بمصر يقرئ ويشتغل ويفتى بقية عمره، وانتفع به عامة الطلبة إلى أن مات، وقد استوعبنا ترجمته فى المنهل الصافى بأوسع من هذا- فلينظر هناك.
وتوفّى شيخ الشيوخ بدر الدين حسن بن على بن الآمدى خارج القاهرة، فى أول شعبان وكان يعتقد فيه الخير، ويقصد للزيارة.
وتوفّى السيد الشريف عنان بن مغامس بن رميثة «5» المكىّ الحسنىّ بالقاهرة، فى أول شهر ربيع الأول.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقباى بن عبد الله الكركىّ «1» الظاهرى، الخازندار، وأحد مقدمى الألوف، المعروف بالطّاز، فى ليلة السبت رابع عشر جمادى الأولى بعد مرض طويل، ودفن بالحوش «2» الظاهرى بالصحراء، وهو أحد المماليك الصغار الأربعة الذين توجهوا صحبة الملك الظاهر برقوق إلى سجن الكرك، ولذلك سمى بالكركىّ، وكان من الأشرار، كثير الفتن، وقد مرّ من ذكره نبذة كبيرة فى ترجمة الملك الناصر فرج، هذا وكان بينه وبين سودون طاز الأمير آخور الكبير عداوة، فكان يقول له: أنت طاز وأناطاز ما تسعنا مصر، فأراح الله الناس منهما فى مدة يسيرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين يلبغا [بن عبد الله]«3» السّودونىّ حاجب حجّاب دمشق، وتولى الحجوبيّة من بعده الأمير جركس المعروف بوالد تنم الحسنى، نقل إليها من حجوبيّة طرابلس.
وتوفى الأمير سيف الدين قرقماس الإينالى الرّمّاح «4» - قتيلا بدمشق- فى أواخر شهر رمضان، بأمر السلطان، وكان أصله من مماليك الأتابك إينال اليوسفى، وصار من بعده أميرا بديار مصر من جملة الطّبلخانات، وكان رأسا فى لعب الرّمح، ووقع له أمور بديار مصر حتى أخرجه السلطان الملك الناصر منها إلى دمشق، على إقطاع الأمير صرق، فثار بدمشق أيضا وهرب منها، فقبض عليه عند مدينة بعلبكّ فقتل بها فى عدة مماليك أخر.
وتوفّى خوند كار أبو يزيد بن مراد بك بن أورخان بن عثمان «5» ملك الروم.
وصاحب برصا «1» ، فى أسر تيمور- بعد أن واقعه- ومات فى ذى القعدة، وكان من أجلّ ملوك بنى عثمان حزما وعزما وجلالة وشجاعة وإقداما، وقد تقدم ذكر واقعته مع تيمور فى ضمن ترجمة الملك الناصر، هذا وكان أبو يزيد هذا يعرف بيلدرم بايزيد، [ويلدرم]«2» هو باللغة التركية اسم للبرق، وهو بكسر الياء آخر الحروف، وسكون اللام، وكسر الدال المهملة، والراء المهملة، وسكون الميم- انتهى.
وتوفّى قاضى قضاة المالكيّة- بدمشق- علم الدين محمد القفصى «3» المالكى، فى حادى عشر المحرم، وكان من فضلاء المالكية.
وتوفّى السلطان محمود خان، وكان يعرف بصر غتمش، الذي كان تيمور لنك يدبّر مملكته، وليس له من الأمر مع تيمور إلا مجرد الاسم فقط، وهو من ذرّية جنكز خان، ولهذا كان سلطنه تمر وصار مدبّر مملكته؛ لكون القاعدة عند التتار لا يتسلطن إلا من يكون من ذرية الملوك.
وتوفّى الأمير شهاب الدين أحمد ابن الوزير ناصر الدين محمد بن رجب أحد أمراء العشرات «4» بديار مصر.
وتوفى سيف الدين سودون بن عبد الله بن على بك الظّاهرى، الأمير آخور الكبير، المعروف بسودون طاز «5» ، أحد أعيان المماليك الذين مر ذكرهم فى عدة مواضع، لا سيما واقعته مع يشبك، ففيها ذكرنا أحواله مفصّلا، قتل فى سجن المرقب
بالبلاد الشامية بعد ما نقل إليها من سجن الإسكندرية، وكان سودون طاز رأسا فى لعب الرّمح، يضرب بقوّة طعنه، وشدة ثباته على فرسه المثل. وأما سرعة حركته، وحسن تسريحه لفرسه فى ميادين اللّعب بالرمح فإليه المنتهى فى ذلك، وكان أحد الأشرار الذين يثيرون الفتن والوقائع، وقد مرّ من ذكره ما فيه كفاية عن ذكره هنا ثانيا.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ذراعان وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا سواء.