الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 803]
السنة الثالثة من سلطنة الملك الناصر فرج ابن الظاهر برقوق- الأولى على مصر وهى سنة ثلاث وثمانمائة:
فيها كان ورود تيمور لنك إلى البلاد الشّاميّة، ومات بسيفه ولقدومه خلائق لا يعلمها إلا الله تعالى كثرة، حسبما ذكرناه مفصّلا.
وفيها تجرّد «1» السّلطان الملك النّاصر فرج إلى البلاد الشّامية بسبب تيمورلنك- وقد مرّ ذلك أيضا- وهى تجريدته الثانية إلى البلاد الشّامية.
وفيها قتل الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الظاهرىّ، قريب الملك الظّاهر برقوق، المعروف بسيّدى سودون، نائب الشّام، فى أسر تيمور بظاهر دمشق، ودفن بقيوده من غير أن يتولّاه «2» ، واختلفت الأقوال فى موتته، فمن الناس من قال: ذبحا، ومنهم من قال: ألقاه تيمور إلى فيل كان معه فداسه برجله حتى مات، وكان ذلك فى أواخر شهر رجب، وتولّى نيابة دمشق بعده الوالد؛ وهى نيابته الأولى على دمشق، وكان سودون المذكور قدم من بلاد الجركس «3» صغيرا مع جدّته لأمّه أخت الملك الظاهر برقوق، ومع خالة أمّه أمّ الأتابك بيبرس، والجميع صحبة الأمير أنص والد الملك الظّاهر برقوق، فربّاه الظّاهر ورقّاه إلى أن جعله أمير آخور كبيرا بعد القبض على الأمير نوروز الحافظىّ، ثمّ وقع له
أمور، وقبض عليه بعد موت الملك الظّاهر برقوق، وسجن بالإسكندريّة إلى أن أخرج بعد واقعة الأتابك أيتمش، ثمّ ولى نيابة دمشق بعد مسك الأمير تنم الحسنىّ نائب الشّام، ودام بدمشق إلى أن ورد عليه قاصد تيمورلنك فوسّطه فكان ذلك أكبر الأسباب فى قتله، فإن تيمور لم يقتل أحدا من نوّاب البلاد الشّاميّة سواه.
وتوفّى قاضى القضاة موفّق الدين أحمد ابن قاضى القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد ابن محمد بن أبى الفتح العسقلانىّ الحنبلىّ، فى ثامن عشر شهر رمضان، وكان مشكور السيرة، ولم تطل مدّته فى القضاء، فإنه ولى القضاء بعد أخيه برهان الدين إبراهيم فى السنة الماضية.
وتوفّى قاضى القضاة تقىّ الدين عبد الله بن يوسف [بن الحسين بن سليمان ابن فزارة بن بدر بن محمد بن يوسف]«1» الكفرىّ- بفتح الكاف- الحنفىّ الدمشقىّ، قاضى قضاة دمشق، فى العشرين من ذى القعدة فى أسر تيمور.
وتوفّى قاضى القضاة شهاب الدين أحمد [بن عبد الله]«2» النّحريرىّ المالكىّ، قاضى قضاة الديار المصريّة، وهو معزول فى ثانى شهر رجب.
وتوفّى الأمير شهاب الدين أحمد بن عمر بن الزّين «3» ، والى القاهرة فى ثانى عشر شهر ربيع الأوّل، بعد أن ولى شدّ الدّواوين، وولاية القاهرة غير مرّة، وكان من الظّلمة.
وتوفّى الأمير سيف الدين أسنبغا بن عبد الله العلائىّ الدّوادار الظاهرىّ، فى سادس عشر جمادى الأولى، وكان من جملة الدّواداريّة الصّغار فى دولة الملك الظّاهر برقوق.
وتوفّى الأمير زين الدّين فرج الحلبىّ «1» نائب الإسكندريّة بها، فى آخر شهر ربيع الأوّل، وقد ولى شدّ الدّواوين «2» بالقاهرة، ثمّ صار من جملة الحجاب، ثمّ ولى أستادارية «3» الذخيرة والأملاك، ثم ولى نيابة الإسكندريّة، فدام بها إلى أن مات.
وتوفّى الأمير زين الدين [وقيل سيف الدّين] »
أبو بكر بن سنقر ابن أخى بهادر الجمالى، فى ثالث عشر جمادى الآخرة، وكان ولى الحجوبية الثانية بالدّيار المصرية بتقدمة ألف، وتوجّه أمير حاجّ المحمل، وتنقّل فى عدّة وظائف، وطالت أيامه فى السعادة، وهو من بيت رئاسة وإمرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين بجاس بن عبد الله النّوروزىّ [العثمانى اليلبغاوىّ]«5» أحد مقدّمى الألوف بالدّيار المصرية بها- بطّالا- بعد ما كبرت سنّه، فى ثانى عشر شهر رجب، وكان لمّا استعفى من الإمرة بعد موت الملك الظاهر برقوق، أنعم بإقطاعه على الأمير شيخ المحمودىّ: أعنى الملك المؤيد، فرعاه أستاداره جمال الدّين يوسف البيرى البجاسىّ، فعرف له ذلك الملك المؤيد شيخ لمّا تسلطن، وأحسن لذرّيته.
وتوفّى الوزير كريم الدّين عبد الكريم بن عبد الرزّاق بن إبراهيم بن مكانس «6» القبطى المصرى، أخو الشّاعر فخر الدين، فى خامس عشر جمادى الآخرة، وهو معزول عن الوزر، وقد ولى الوزر بالديار المصرية، ونكب وصودر غير مرّة، وجمع فى
بعض الأحيان بين وظيفتى الوزر ونظر الخاص معا، وكان سيّىء السيرة، كثير الظلم والرّمايات، وولّى مشيرا «1» فى سلطنة الملك الظاهر برقوق، ثمّ نكب هو وإخوته، ومات- بعد خطوب قاساها- يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة، وكان من أعاجيب الزّمان من الخفّة، والطيش، وسرعة الحركة، يقال إنه قال لبعض حواشيه- وهو نازل فى موكبه بخلعة الوزارة، لمّا أعيد إليها، والناس بين يديه: يا فلان ما هذه الركبة غالية بعلقة مقارع.
وتوفّى قاضى قضاة الدّيار المصرية نور الدين على بن يوسف بن مكى الدميرى «2» المالكىّ المعروف بابن الجلال، باللجون «3» من طريق دمشق فى جمادى الأولى، وهو مجرّد صحبة السلطان.
وتوفّى الشيخ الإمام الفقيه سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الحنفى، فى نصف جمادى الأولى، وكان فقيها فاضلا مستحضرا لمذهبه، معدودا من فقهاء الحنفية.
وتوفّى قاضى القضاة بدر الدين محمد بن أبى البقاء الشافعى قاضى قضاة الدّيار المصرية، وهو معزول عن القضاء، فى سابع عشرين شهر ربيع الآخر.
وتوفّى قاضى القضاة شرف الدّين محمد بن محمد الدّمامينى المالكى الإسكندرى، قاضى الإسكندرية، ثم ناظر الجيش والخاص بالدّيار المصرية، فى سابع عشرين المحرم، كان رئيسا فاضلا، ولى قضاء الإسكندرية، ثم وكالة بيت المال «4» ، ونظر الكسوة «5» ،
ثم نظر ديوان المفرد «1» ، ثم نظر الأسواق «2» ، وولى حسبة «3» القاهرة غير مرة، ثمّ ولى نظر «4» الجيش بالدّيار المصرية بعد موت القاضى جمال الدين محمود العجمى- مضافا إلى وكالة بيت المال فى سنة تسع وتسعين إلى أن صرف بسعد الدين إبراهيم بن غراب واستمر على وكالة بيت المال- ثم أعيد إلى نظر الجيش والخاصّ معا، فلم تطل مدته فيهما، وعزل وأعيد إليهما ابن غراب، وتولى قضاء الإسكندرية، فدام بها إلى أن مات فى التاريخ المذكور.
وتوفّى قاضى القضاة جمال الدين يوسف بن موسى بن محمد الملطىّ الحنفى «5» ، قاضى قضاة الدّيار المصرية- وهو قاض- فى تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وكان بارعا فى الفقه والأصول، والعربيّة، وعلمى المعانى والبيان، وكان تفقّه فى مبادئ أمره على العلّامة الشيخ قوام الدين الأترارىّ الحنفىّ شارح الهداية «6» ، ثم على العلامة أرشد الدين
السرائى «1» ، وغيرهما بالدّيار المصرية، ثم انتقل إلى حلب، واشتغل بها أيضا إلى أن برع وأفتى ودرّس، وتفقّه به جماعة كبيرة من العلماء إلى أن طلب إلى قضاء الديار المصرية بعد وفاة القاضى شمس الدين الطرابلسى سنة ثمانمائة، فدام قاضيا إلى أن مات، وقد ناهز الثمانين سنة.
وتوفّى قاضى قضاة الحنابلة- بدمشق- تقي الدين إبراهيم ابن العلامة شمس الدين محمد بن مفلح «2» ، الحنبلىّ الدّمشقى بها، فى شعبان.
وتوفّى قاضى القضاة صدر الدين أبو المعالى محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم ابن عبد الرحمن السلمى المناوى «3» الشافعى، قاضى قضاة الديار المصرية، وهو فى أسر تيمور غريقا بنهر «4» الزّاب، بعد ما مرّت به محن وشدائد، بعد أن ولى قضاء الدّيار المصرية غير مرّة.
وتوفّى قاضى القضاه الحنفية- بدمشق- بدر الدين محمد بن محمد بن مقلد «5» القدسىّ الحنفىّ، بمدينة غزّة، فى شهر ربيع الأوّل، فارّا من تيمورلنك إلى الديار المصرية، وكان فاضلا بارعا، أفتى ودرّس وناب فى الحكم، ثمّ استقلّ بالقضاء مدّة.
وتوفّى السلطان الملك الأشرف إسماعيل ابن الملك الأفضل عباس ابن الملك المجاهد علىّ ابن الملك المؤيّد داود ابن الملك المظفّر يوسف ابن الملك المنصور عمر بن علىّ ابن رسول «6» ، صاحب اليمن، فى ليلة السبت ثامن عشر شهر ربيع الأول، بمدينة
تعز «1» من بلاد اليمن، عن سبع وثلاثين سنة، وكان ولى سلطنة اليمن بعد موت أبيه فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، فدام فى الملك إلى أن مات فى التاريخ المذكور فى هذه السنة، وكان ملكا جليلا سخيّا، مقبلا على أهل العلم، وصنّف تاريخا حسنا، وجمع كتبا كثيرة، وتولى مملكة اليمن من بعده ابنه الملك الناصر أحمد.
وتوفّى السّلطان الأعظم ملك دلّى «2» من بلاد الهند فيروز شاه بن نصرة شاه، وكان من أجلّ الملوك، ومملكته متّسعة جدا، ذكر عنها القاضى شهاب الدين أحمد بن فضل الله أشياء عظيمة فى كتابه مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار، من ذلك أن له ألف مغنّ، وألف نديم، وذكر عن سماطه أشياء خارجة عن الحد، وأظنّ أن فيروز شاه هو حفيد الملك الذي ترجمه القاضى شهاب الدين أحمد بن فضل الله، قلت ولما سمع تيمور لنك بموت فيروز شاه بادر وتوجه إلى الهند، واستولى على ممالكه حسبما تقدم ذكره فى ترجمة الملك الناصر فرج هذا، وقام بممالك الهند بعده ابنه محمد شاه، وجميع مملكته حنفيّة، بل غالب ممالك الهند.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع سواء، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا واثنا عشر إصبعا، وهى سنة تحويل «3» .