المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ما وقع من الحوادث سنة 816] - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ١٤

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 815]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 816]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 817]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 818]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 819]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 820]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 821]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 822]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 823]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 824]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 815]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 816]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 817]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 818]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 819]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 820]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 821]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 822]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 823]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 824]

- ‌ذكر سلطنة الملك الظاهر ططر على مصر

- ‌ذكر سلطنة الملك الصالح محمد بن ططر

- ‌السنة التى حكم فيها أربعة سلاطين

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 825]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 826]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 827]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 828]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 829]

- ‌ذكر غزوة قبرس على حدتها

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 830]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 831]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 832]

- ‌ذكر قتلة الخواجا نور الدين على التبريزى العجمى المتوجه برسالة الحطى ملك الحبشة إلى ملوك الفرنج

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 833]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 834]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 835]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 836]

- ‌فهرس

- ‌فهرس الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر من سنة 815- 836

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الأمم والقبائل والبطون والعشائر والأرهاط والطوائف والجماعات

- ‌فهرس البلاد والأماكن والأنهار والجبال وغير ذلك

- ‌فهرس الألفاظ الاصطلاحية وأسماء الوظائف والرتب والألقاب التى كانت مستعملة فى عصر المؤلف

- ‌فهرس وفاء النيل من سنة 815- 824

- ‌فهرس أسماء الكتب الواردة بالمتن والهوامش

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[ما وقع من الحوادث سنة 816]

يشبك بن أزدمر نائب حلب، والأمير طوخ نائب طرابلس، والأمير قمش نائب حماة، وابن دلغادر، وتغرى بردى ابن أخى دمرداش «1» المدعو سيّدى الصّغير، فخرج الأمير نوروز إلى ملاقاتهم، والتقاهم وأكرمهم، وعاد بهم إلى دمشق، وجمع القضاة والأعيان، واستفتاهم فى سلطنة الملك المؤيّد وحبسه للخليفة وما أشبه ذلك، فلم يتكلّم أحد بشىء، وانفضّ المجلس بغير طائل.

وأنعم نوروز على النّوّاب المذكورين فى يوم واحد بأربعين ألف دينار، ثم رسم لهم بالتوجّه إلى محل ولاياتهم إلى أن يبعث يطلبهم.

وقدم عليه ابن التّبّاتى فمنعه من الاجتماع مع الناس، واحتفظ به بعد أن كلّمه فلم يؤثّر فيه الكلام، وأخذ الأمير نوروز فى تقوية أموره واستعداده لقتال الملك المؤيّد شيخ، وطلب التّركمان، وأكثر من استخدام المماليك وما أشبه ذلك.

وبلغ الملك المؤيّد شيخا ذلك فخلع فى ثالث ذى الحجة من السنة على الأمير قرقماس ابن أخى دمرداش المدعو سيّدى الكبير «2» باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن الأمير نوروز الحافظىّ، وعند خروجه قدم الخبر بمفارقة أخيه الأمير تغرى بردى سيّدى الصغير لنوروز وقدومه إلى صفد «3» داخلا فى طاعة الملك المؤيّد شيخ، وكانت صفد فى حكم الملك المؤيّد، فدقّت البشائر بالديار المصريّة لذلك.

وبينما الملك المؤيّد فى الاستعداد لقتال نوروز ثار عليه مرض المفاصل حتى لزم الفراش منه عدّة أيام وتعطّل فيها عن المواكب السلطانية.

[ما وقع من الحوادث سنة 816]

وأما قرقماس سيّدى الكبير فإنه وصل إلى غزّة وسار منها فى تاسع صفر وتوجّه

ص: 6

إلى صفد واجتمع بأخيه تغرى بردى سيّدى الصغير، وخرج فى أثرهما الأمير ألطنبغا العثمانى نائب غزّة، والجميع متوجّهون لقتال الأمير نوروز- وقد خرج نوروز إلى جهة حلب- ليأخذوا دمشق فى غيبة الأمير نوروز، فبلغهم عود نوروز من حلب إلى دمشق، فأقاموا بالرّملة «1» .

ثمّ قدم على السلطان آقبغا بجواب الأمير دمرداش المحمدى ونوّاب القلاع بطاعتهم أجمعين للسلطان الملك المؤيّد، وصحبته أيضا قاصد الأمير عثمان بن طرعلى المعروف بقرايلك، فخلع السلطان عليهما، وكتب جوابهما بالشكر والثناء.

ثم فى أوّل شهر ربيع الآخر قبض السلطان على الأمير قصروه من تمراز الظاهرىّ، وقيّده وأرسله إلى سجن الإسكندرية، وشرع الأمير نوروز كلما أرسل إلى الملك المؤيّد كتابا يخاطبه فيه بمولانا، ويفتتحه بالإمامى المستعين، فيعظم ذلك على الملك المؤيّد إلى الغاية.

ولما بلغ نوروز قدوم قرقماس بمن معه إلى الرّملة سار لحربه، وخرج من دمشق بعساكره، فلما بلغ قرقماس وأخاه ذلك عادا بمن معهما إلى جهة الدّيار المصرية عجزا عن مقاومته حتى نزلا بالصالحية «2» .

وأما الملك المؤيّد فإنه لما كان رابع جمادى الأولى أوفى النيل ستة عشر ذراعا فركب الملك المؤيّد من قلعة الجبل، ونزل فى موكب عظيم حتى عدّى النيل وخلّق المقياس على العادة، وركب الحرّاقة «3» لفتح خليج السّد، فأنشده شاعره وأحد ندمائه الشيخ تقي الدين أبو بكر بن حجّة الحموى الحنفى يخاطبه:[الطويل]

ص: 7

أيا ملكا بالله أضحى مؤيّدا

ومنتصبا فى ملكه نصب تمييز

كسرت بمسرى سدّ مصر وتنقضى

- وحقّك- يوم الكسر أيّام نوروز «1»

فحسن ذلك ببال السلطان الملك المؤيّد إلى الغاية، ثم ركب الملك المؤيّد وعاد إلى القلعة، وأصبح أمسك الوزير ابن البشيرى، وناظر الخاص «2» ابن أبى شاكر، وخلع على الصاحب تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم باستقراره وزيرا عوضا عن [ابن]«3» البشيرى، فعاد تاج الدين إلى لبس الكتّاب، فإنه كان تزيّا بزىّ الجند لمّا استقرّ أستادارا «4» بعد مسك جمال الدين فى الدولة الناصرية، وتسلّم ابن البشيرىّ، وخلع على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الجيش باستقراره فى نظر الخاص عوضا عن ابن أبى شاكر، وخلع على علم الدين داود بن الكويز باستقراره ناظر الجيش «5» عوضا عن ابن نصر الله المذكور، ثم خلع السلطان على الأمير سودون الأشقر رأس نوبة النّوب باستقراره أمير مجلس، وكانت شاغرة عن الأمير يلبغا الناصرى، وخلع على الأمير جانى بك الصّوفىّ باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن سودون الأشقر، وكان جانى بك الصّوفى قدم هو والأمير ألطنبغا العثمانى نائب

ص: 8

غزّة، وتغرى بردى سيّدى الصغير، وأخوه قرقماس سيدى الكبير المتولّى نيابة دمشق، فأقام الأخوان- أعنى قرقماس وتغرى بردى- على قطيا «1» ، ودخل جانى بك الصّوفى و [ألطنبغا]«2» العثمانى إلى القاهرة.

ثم فى سادس عشر جمادى الأولى المذكور أشيع «3» بالقاهرة ركوب الأمير طوغان الحسنى الدوادار على السّلطان ومعه عدّة من الأمراء والمماليك السّلطانيّة، وكان طوغان قد اتّفق مع جماعة على ذلك، ولمّا كان اللّيل انتظر طوغان أن أحدا يأتيه ممّن اتّفق معه فلم يأته أحد حتى قرب الفجر وقد لبس السّلاح وألبس مماليكه، فعند ذلك قام وتسحّب فى مملوكين واختفى، وأصبح الناس يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى والأسواق مغلقة والناس تترقّب وقوع فتنة، فنادى السلطان بالأمان، وأنّ من أحضر طوغان المذكور فله ما عليه مع خبز «4» فى الحلقة، ودام ذلك إلى ليلة الجمعة عشرينه فوجد «5» طوغان بمدينه مصر فأخذ وحمل إلى القلعة، وقيّد وأرسل إلى الإسكندرية صحبة الأمير طوغان أمير آخور الملك المؤيد.

ثم أصبح السلطان من الغد أمسك الأمير سودون الأشقر أمير مجلس والأمير كمشبغا العيساوىّ أمير شكار «6» ، وأحد مقدّمى الألوف، وقيّدا وحملا إلى

ص: 9

الإسكندرية صحبة الأمير برسباى الدّقماقى، أعنى الملك الأشرف الآتى ذكره فى محله إن شاء الله تعالى.

ثم بعد يومين وسّط «1» السلطان أربعة، أحدهم الأمير مغلباى نائب القدس من جهة الأمير نوروز، وكان قرقماس سيّدى الكبير قد قبض عليه وأرسله مع اثنين أخر إلى السلطان، فوسّط السلطان الثلاثة وآخر من جهة طوغان الدّوادار.

ثم فى يوم الاثنين ثامن عشرينه أنعم السلطان بإقطاع «2» طوغان على الأمير إينال الصّصلانى، وأنعم بإقطاع سودون الأشقر على الأمير تنبك البجاسىّ نائب الكرك «3» - كان- ثم خلع على الصّصلانى باستقراره أمير مجلس عوضا عن سودون الأشقر أيضا وخلع على الأمير قجق أيضا باستقراره حاجب الحجّاب عوضا عن الصّصلانى، وخلع على شاهين الأفرم أمير سلاح خلعة الرّضى؛ لأنه كان اتّهم بممالأة طوغان، ثم خلع السلطان على مملوكه الأمير جانى بك الدّوادار الثانى وأحد أمراء الطّبلخانات باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن طوغان الحسنى، وخلع على الأمير جرباش كبّاشة باستقراره أمير جاندار «4» .

ثم فى يوم الاثنين سلخ جمادى الأولى خلع السلطان على فخر الدين عبد الغنى ابن الوزير تاج الدين عبد الرزاق بن أبى الفرج كاشف «5» الشرقية والغربية باستقراره أستادارا

ص: 10

عوضا عن بدر الدين بن محب الدين، وخلع على بدر الدين المذكور باستقراره مشير الدولة «1» .

ثم فى يوم الأربعاء سادس شهر رجب قدم الأمير جار قطلو أتابك دمشق إلى الديار المصريّة»

فارّا من نوروز وداخلا فى طاعة الملك المؤيّد، فخلع عليه السلطان وأكرمه.

وفى ثامن شهر رجب كان مهمّ «3» الأمير صارم الدين إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد على بنت السلطان الملك الناصر فرج، وهى التى كان تزوّجها بكتمر جلّق فى حياة والدها.

ثم قدم الأمير ألطنبغا القرمشىّ الظاهرى نائب صفد إلى القاهرة فى ثامن عشر شهر رجب باستدعاء، وقد استقرّ عوضه فى نيابة صفد الأمير قرقماس «4» ابن أخى دمرداش، وعزل عن نيابة الشّام؛ كونه لم يتمكن من دحول دمشق لأجل الأمير نوروز الحافظىّ، وكان قرقماس المذكور من يوم ولى نيابة دمشق، وخرج من القاهرة ليتوجّه إلى الشام، صار يتردّد بين غزّة والرّملة، فلما طال عليه الأمر ولّاه الملك المؤيّد نيابة صفد، واستقرّ أخوه تغرى بردى سيدى الصغير فى نيابة غزّة عوضا عن ألطنبغا العثمانى، وعند ما دخل قرقماس إلى صفد قصده الأمير نوروز، فأراد قرقماس أن يطلع إلى قلعة صفد مع أخيه تغرى بردى فلم يتمكن منها هو ولا أخوه، فعاد إلى الرّملة، ولا زال قرقماس بالرّملة إلى أن طال عليه الأمر قصد القاهرة حتى دخلها فى يوم ثامن عشر شعبان، فأكرمه السلطان وأنعم عليه، وأقام أخوه

ص: 11

تغرى بردى على قطيا، وهذا كان دأبهم أنهم الثلاثة لا تجتمع عند ملك: أعنى دمرداش وأولاد أخيه قرقماس وتغرى بردى، فدام قرقماس بديار مصر وهو آمن على نفسه كون عمه الأمير دمرداش المحمدى فى البلاد الحلبيّة.

وأما أمر دمرداش المذكور فإنه لما أخذ حلب قصده الأمير نوروز فى أوّل صفر وسار من دمشق بعساكره حتى نزل حماة فى تاسع صفر، فلما بلغ دمرداش ذلك خرج من حلب فى حادى عشر صفر ومعه الأمير بردبك أتابك حلب والأمير شاهين الأيد كارى حاجب حجّاب حلب، والأمير أردبغا الرشيدى، والأمير جربغا، وغيرهم من عساكر حلب، ونزل دمرداش بهم على العمق «1» ، فحضر إليه الأمير كردى بن كندر «2» وأخوه عمر وأولاد أوزر، ودخل الأمير نوروز إلى حلب فى ثالث عشر صفر بعد ما تلقّاه الأمير آقبغا چركس نائب القلعة بالمفاتيح.

فولّى نوروز الأمير طوخا نيابة حلب عوضا عن يشبك بن أزدمر برغبة يشبك عنها لأمر اقتضى ذلك، وولّى الأمير يشبك الساقى الأعرج نيابة قلعة حلب، وولّى عمر بن الهيدبانى حجوبيّة حلب، وولّى الأمير قمش «3» نيابة طرابلس.

ثم خرج نوروز من حلب فى تاسع عشر صفر عائدا إلى نحو دمشق، ومعه الأمير يشبك بن أزدمر، فقدم دمشق فى سادس عشرين صفر المذكور، وبعد خروج نوروز من حلب قصدها الأمير دمرداش المقدم ذكره حتى نزل على بانقوسا «4» فى يوم سادس عشرين صفر أيضا، فخرج إليه

ص: 12

طوخ بمن معه من أصحاب نوروز وقاتلوه قتالا شديدا إلى ليلة ثامن عشرين صفر قدم عليه الخبر بأن الأمير عجل بن نعير قد أقبل لمحاربته نصرة للأمير نوروز فلم يثبت دمرداش لعجزه عن مقاومته، ورحل بمن معه من ليلته إلى العمق، ثم سار إلى أعزاز «1» فأقام بها.

فلما كان عاشر شهر ربيع الأوّل بعث طوخ نائب حلب عسكرا إلى سرمين «2» وبها آقبلاط دوادار دمرداش المذكور فكبسوه، فثار عليهم هو وشاهين الأيد كارى ومن معهما من التّراكمين وقاتلوهم وأسروا منهم جماعة كثيرة وبعثوا بهم إلى الأمير دمرداش، فسجن دمرداش أعيانهم فى قلعة بغراس «3» وجدع أنا فى أكثرهم، وأطلقهم عراة، وقتل بعضهم.

فلما بلغ طوخ الخبر ركب من حلب ومعه الأمير قمش نائب طرابلس وسار إلى تلّ باشر «4» وقد نزل عليه العجل بن نعير «5» ، فسأله طوخ أن يسير معهما لحرب دمرداش، فأنعم «6» بذلك ثم تأخر عنهما قليلا، فبلغهما أنّه اتّفق مع دمرداش على مسكهما، فاستعدّا له وترقّباه حتى ركب إليهما فى نفر قليل ونزل عندهما ودعاهما إلى ضيافته وألحّ عليهما فى ذلك، فثارا به ومعهم جماعة من أصحابهما فقتلوه بسيوفهم فى رابع عشرين شهر ربيع الأول، ودخلا من فورهما عائدين إلى حلب، وكتبا بالخبر

ص: 13

إلى «1» نوروز وطلبا منه نجدة؛ فإن حسين بن «2» نعير قد جمع العرب ونزل على دمرداش فسار به دمرداش إلى حلب وحصرها، وصعد طوخ وقمش إلى قلعة حلب واشتدّ القتال بينهم إلى أن انهزم دمرداش وعاد إلى جهة العمق، وشاور أصحابه فيما يفعل وتحيّر فى أمره بين أن ينتمى إلى نوروز ويصير معه على رأيه- وكان قد بعث إليه بألف دينار ودعاه إليه- وبين أن يقدم على السلطان الملك المؤيّد شيخ، فأشار عليه جلّ أصحابه بالانتماء إلى نوروز إلا آق بلاط دواداره فإنه أشار عليه بالقدوم على السلطان، فسأله دمرداش عن ابن أخيه قرقماس وعن تغرى بردى فقال: قرقماس فى صفد وتغرى بردى فى غزّة، وكان ذلك بدسيسة دسّها الملك المؤيد لآق بلاط المذكور، فمال عند ذلك دمرداش إلى كلامه، وركب البحر حتى خرج من الطينة «3» وقدم إلى القاهرة «4» فى أوّل شهر رمضان، فأكرمه السلطان وخلع عليه.

ولما قدم دمرداش إلى القاهرة وجد قرقماس بها وتغرى بردى بالصّالحية، فندم على قدومه وقال لابن أخيه قرقماس: ما هذه العملة؟ أنت تقول إنك بصفد فألقاك بمصر، فقال قرقماس: ومن أيش تتخوف ياعم؟ هذا يمكنه القبض علينا ومثل نوروز يخاصمه؟! إذا أمسكنا بمن يلقى نوروز ويقاتله؟ والله ما أظنك إلّا قد كبرت ولم يبق فيك بقيّة إلّا لتعبئة العساكر لاغير، فقال له دمرداش: سوف ننظر، واستمرّ دمرداش وقرقماس بالقاهرة إلى يوم سابع شهر رمضان المذكور عيّن السلطان جماعة من الأمراء لكبس عربان الشّرقيّة، وهم: سودون القاضى، وقجقار القردمىّ، وآقبردى المنقار المؤيّدى رأس نوبة، ويشبك المؤيّدى شادّ الشّراب خاناه «5» ، وأسرّ إليهم

ص: 14

السلطان فى الباطن بالتوجّه إلى تغرى بردى المدعو سيّدى الصغير ابن أخى دمرداش، والقبض عليه، وحمله مقيّدا إلى القاهرة، وكان تغرى بردى المذكور نازلا بالصّالحية، فساروا فى ليلة السبت ثامنه، وأصبح السلطان فى آخر يوم السبت المذكور استدعى الأمراء للفطر عنده، ومدّ لهم سماطا عظيما، فأكلوا منه وتباسطوا، فلمّا رفع السّماط قام السلطان من مجلسه إلى داخل، وأمر بالقبض على دمرداش المحمدى وعلى ابن أخيه قرقماس وقيّدهما «1» وبعثهما من ليلته إلى الإسكندرية فسجنا بها، وبعد يوم حضر الأمراء ومعهم تغرى بردى سيّدى الصغير مقيّدا «2» ، وكان الملك يكرهه؛ فإنه لم يزل فى أيام عصيانه مباينا له، فحبسه بالبرج بقلعة الجبل، ثم سجد المؤيد لله شكرا الذي ظفّره بهؤلاء الثلاثة الذين كان الملك الناصر [فرج «3» ] عجز عنهم، ثم قال: الآن بقيت سلطانا.

وبقى تغرى بردى المذكور مسجونا بالبرج إلى أن قتل ذبحا فى ليلة عيد الفطر، وقطعت رأسه وعلّقت على الميدان.

ثم خلع السلطان على الأمير قانى باى المحمدى الأمير آخور باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن نوروز الحافظىّ، وخلع على الأمير ألطنبغا القرمشىّ المعزول عن نيابة صفد باستقراره أمير آخور كبيرا عوضا عن قانى باى المذكور، وخلع على الأمير إينال الصّصلانى أمير مجلس باستقراره فى نيابة حلب، وخلع على الأمير سودون قراصقل باستقراره فى نيابة غزّة عوضا عن تغرى بردى سيّدى الصغير.

ثم خلع السلطان على قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفى بعوده إلى قضاء القضاة بالديار المصريّة بعد موت قاضى القضاة صدر الدين على بن الأدمىّ الدّمشقى.

ص: 15

ثم فى ثامن شوال خلع السلطان على بدر الدين بن محب الدين المشير باستقراره فى نيابة الإسكندرية بعد عزل خليل التّبريزىّ «1» الدّشارىّ.

ثم عدّى السلطان- فى يوم الخميس ثالث ذى القعدة- إلى برّ الجيزة إلى وسيم «2» حيث مربط خيوله، وأقام به إلى يوم الاثنين حادى عشرينه، وطلع إلى القلعة ونصب جاليش «3» السفر «4» على الطّبلخاناه السلطانية؛ ليتوجّه السلطان لقتال نوروز، وأخذ السلطان فى الاستعداد هو وأمراؤه وعساكره حتى خرج فى آخر ذى القعدة الأمير إينال الصّصلانى نائب حلب وسودون قراصقل «5» نائب غزّة إلى الرّيدانيّة «6» خارج القاهرة، ثم خرج الأمير قانى باى المحمدى نائب الشام فى يوم الخميس سادس عشر ذى الحجّة ونزل أيضا بالرّيدانيّة.

وفى يوم الخميس المذكور خلع المستعين بالله العباس من الخلافة واستقرّ فيها أخوه المعتضد داود، وقد تقدّم ذكر ذلك فى ترجمة المستعين المذكور «7» .

ثم شرع السلطان فى النّفقة على المماليك السلطانية لكل واحد مائة دينار ناصرية «8» ، ثم رحل قانى باى نائب الشام من الرّيدانيّة.

ص: 16