الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما وقع من الحوادث سنة 820]
السنة السادسة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة عشرين وثمانمائة.
فيها تجرّد السلطان الملك المؤيد المذكور إلى البلاد الشامية، وفتح عدّة قلاع ببلاد الروم مثل كختا وكركر وبهسنا وغيرها، وهى تجريدته الثالثة، وأيضا آخر سفراته إلى الشام.
وفيها توفّى الأمير زين الدين فرج ابن السلطان الملك الناصر فرج ابن السلطان الملك الظاهر برقوق ابن الأمير آنص الجاركسىّ بسجن الإسكندرية فى ليلة الجمعة سادس عشرين [شهر]«1» ربيع الأوّل، ودفن بالإسكندرية، ثم نقلت جثته إلى القاهرة، ودفنت بتربة والده التى بناها الملك الناصر على قبر أبيه الملك الظاهر [برقوق]«2»
بالصحراء خارج القاهرة، ومات ولم يبلغ الحلم، وهو أكبر أولاد الملك الناصر فرج من الذكور، وبموته خمدت نفوس الظاهرية.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقبردى بن عبد الله المؤيدى المنقار، أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، فى ليلة الخميس سابع عشرين صفر بدمشق، وكان توجه إليها صحبة أستاذه الملك المؤيد، وهو أحد أعيان مماليك [الملك]«3» المؤيد شيخ، اشتراه أيام إمرته وقاسى معه تلك الحروب والفتن والتشتت فى البلاد، فلما تسلطن أمّره عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناه، وجعله رأس نوبة ثانيا، وهو أول من حكم ممّن ولى هذه الوظيفة، وقعدت النّقباء على بابه، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، ثم ولى نيابة إسكندرية مدّة، ثم عزله وأقرّه على إقطاعه، وأخذه صحبته إلى التجريدة وهو مريض فى محفّة فمات بالبلاد الشاميّة، وكان شجاعا مقداما كريما، مع جهل
وظلم وجبروت، وخلق سيّئ، وبطش وحدّة مزاج، وقبح منظر. قلت: وعلى كل حال مساوئه أكثر من محاسنه.
وتوفّى القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله بن حسن الفوى الحنفى «1» .
أخو الصاحب بدر الدين بن نصر الله، كان وكيل بيت المال، وناظر الكسوة، وأحد نواب الحكم الحنفيّة، وهو والد صاحبنا القاضى تقي الدين بن نصر الله، فى ليلة السبت ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة، وكان مولده فى سنة ستين وسبعمائة، ومات فى حياة والده، وكان من أعيان الديار المصرية ورؤسائها.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم الزاهد الورع شرف الدين موسى بن على المناوىّ «2» المالكى الفقيه العابد، بمكة المشرفة فى ثانى شهر رمضان، وكان من الأبدال، جاور بمكة والمدينة سنين، وكان أوّلا بالقاهرة فى طلب العلم، وحفظ الموطّأ حفظا جيّدا، وبرع فى الفقه والعربيّة، وشارك فى فنون، ثم تزهد فى الدنيا، وترك ما كان بيده من الوظائف من غير عوض يعوّضه فى ذلك، وانفرد بالصحراء مدّة، ثم خرج إلى مكّة فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وأقبل على العبادة متخلّيا من كلّ شىء من أمور الدّنيا، معرضا عن جميع الناس حتى صار أكثر إقامته بمكّة فى الجبال، لا يدخلها إلّا فى يوم الجمعة، أو فى النّادر، وكان يقصد للزّيارة والتّبرّك به، وكان ممّن لا يريد الشّهرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقباى «3» بن عبد الله المؤيّدى نائب الشّام بها فى قلعة
دمشق [فى ذى القعدة]«1» ، وقد مرّ من ذكره ما فيه كفاية عن ذكره ثانيا عند خروجه من قلعة دمشق والقبض عليه، كلّ ذلك فى ترجمة أستاذه الملك المؤيد [شيخ]«2» وهو أحد أعيان مماليك المؤيد، وأحد الأربعة المعدودة بالشّهامة والشجاعة.
وهم: الأمير جانى بك المؤيدى الدّوادار، والأمير آقباى الخازندار ثم الدّوادار هذا، والأمير يشبك اليوسفىّ المؤيدى المشدّ ثم نائب حلب الآتى ذكره، والأمير آقبردى المؤيّدى المنقار المقدم ذكره فى هذه السنة، فهؤلاء الأربعة كانوا من الشجعان «3» [ضاهوا أعيان مماليك الملك الظاهر برقوق، بل بالغ بعض خشداشيّتهم بأنّهم أعظم وأشهم، وفى ذلك نظر]«4» .
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن على بن جعفر البلالى «5» الشافعى، شيخ خانقاه سعيد السعداء «6» بها، فى يوم الجمعة رابع عشر شهر رمضان، وكان فقيها فاضلا معتقدا، وله شهرة كبيرة، وكان الوالد يحبّه، ويبرّه بالأموال والغلال، وغير ذلك.
وتوفّى الأمير ناصر الدين محمد السّلاخورىّ، نائب دمياط، قتيلا فى رابع عشر ذى الحجّة، بعد ما ولى عدّة وظائف بالبذل والسّعى.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة تسعة عشر ذراعا وثمانية أصابع.