الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
وجوب التوكل على الله تعالى وهو فعل المأمور وترك المنهي وتفويض الأمر لله بعد ذلك. ولن يكون إلا خيراً بإذن الله تعالى.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(14)
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
شرح الكلمات:
إن من أزواجكم وأولادكم عدوا: أي من بعض أزواجكم وبعض أولادكم عدواً أي يشغلونكم عن طاعة الله أو
لكم ينازعونكم في أمر الدين أو الدنيا.
فاحذروهم: أي أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير كترك الهجرة أو الجهاد أو صلاة الجماعة أو التصدق على ذوي الحاجة.
وإن تعفوا: أي عمن ثبطكم عن الخير من زوجة وولد.
وتصفحوا وتغفروا: أي وتعرضوا عنهم وتغفروا لهم ما عملوه معكم من تأخيركم عن الهجرة أو الجهاد أو الإنفاق في سبيل الله.
فإن الله غفور رحيم: أي يغفر لمن يغفر ويرحم من يرحم.
إنما أموالكم وأولادكم فتنة: أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته.
والله عنده أجر عظيم: أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد.
فاتقوا الله ما استطعتم: أي افعلوا ما تقدرون عليه من أوامره، واجتنبوا نواهيه كلها.
ومن يوق شح نفسه: أي ومن يقه الله شح نفسه فيعافيه من البخل والحرص على المال.
يضاعفه لكم: أي الدرهم بسبعمائة.
والله شكور حليم: أي يجازي على الطاعة ولا يعاجل بالعقوبة.
معنى الآيات:
هذه الآيات الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلى قوله {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} نزلت في1 أناس كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة والجهاد فترة من الوقت فلما تغلبوا عليهم وهاجروا ووجدوا الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين فتأسفوا عن تخلفهم فهموا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة فترة طويلة أن يعاقبوهم بنوع من العقاب من تجويع أو ضرب أو تثريب وعتاب فأنزل الله تعالى هذه الآيات يا أيها الذين آمنوا أي يا أيها المؤمنون إن من2 أزواجكم3 وأولادكم أي من بعضهم لا كلهم إذ منهم من يساعد على طاعة الله ويكون عوناً عليها عدواً لكم يصرفكم عن طاعة الله والتزود للدار الآخرة، وقد ينازعونكم في دينكم ودنياكم إذاً فاحذروهم أي كونوا منهم على حذر أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير من هجرة وجهاد وغيرهما وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا أي عمن شغلوكم عن طاعة الله فعاقوكم عن الهجرة والجهاد فلم تضربوهم ولم تجوعوهم ولم تثربوا عليهم ولم تعاتبوهم بل تطلبون العذر لما قاموا به نحوكم يكافئكم الله تعالى بمثله فيعفو عنكم ويصفح ويغفر لكم كما عفوتم وصفحتم وغفرتم لأزواجكم وأولادكم الذين أخروا هجرتكم وعطلوكم عن الجهاد في سبيل الله.
1 قال القرطبي: قال ابن عباس: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي بالمدينة النبوية شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده، وعن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة التغابن كلها جملة إلا هؤلاء الآيات (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم..) الخ.
2 الآية عامة في الرجال والنساء فكما يكون للرجل من امرأته وولده عدو يكون كذلك للمرأة من زوجها وولدها عدو، ووجب الحذر على المؤمنين، ويكون الحذر بوجهين: إما لضرر في البدن وإما لضرر في الدين، وضرر البدن يتعلق بالدنيا وضرر الدين يتعلق بالآخرة فحذر الله تعالى العبد من ذلك وأنذره به.
(من) للتبعيض إذ ما كل من له زوجة وولد كانوا له عدواً.
وقوله تعالى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ1 وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أي إنما أموالكم وأولادكم أي كل أموالكم وأولادكم فتنة واختبار من الله لكم هل تحسنون التصرف فيهم فلا تعصوا الله لأجلهم لا بترك واجب ولا بفعل ممنوع، أو تسيئون التصرف فيحملكم حبهم على التفريط في طاعة الله أو التقصير في بعضها بترك واجب أو فعل حرام والله عنده أجر عظيم فآثروا ما عند الله على ما عندكم من مال وولد، إن ما عند الله باق، وما عندكم فانٍ، فآثروا الباقي على الفاني.
وقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ2} هذا من إحسان الله تعالى إلى عباده المؤمنين إنه لما علمهم أن أموالهم وأولادهم فتنة وحذرهم أن يؤثروهم على طاعة الله ورسوله علم أن بعض المؤمنين سوف يزهدون في المال والولد، وأن بعضاً سوف يعانون أتعاباً ومشقة شديدة في التوفيق بين خدمة المصلحتين فأمرهم أن يتقوه في حدود ما يطيقون فقط وخير الأمور الوسط فلا يفرط في ولده وماله، ولا يفرط في علة وجوده وسبب نجاته وسعادته وهي عبادة الله تعالى التي خلق لأجلها وعليها مدار نجاته من النار ودخوله الجنة.
وقوله تعالى واسمعوا3 ما يدعوكم الله ورسوله إليه {وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا} في طاعة الله من أموالكم4 خيراً لأنفسكم من عدم الإنفاق فإنه شر لكم وليس بخير.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أعلمهم أن عدم الإنفاق ناتج عن شح النفس، وشح النفس لا يقي منه إلا الله، فعليكم باللجوء إلى الله تعالى ليحفظكم من شح نفوسكم فادعوه وتوسلوا إليه بالإنفاق قليلاً قليلاً حتى يحصل الشفاء من مرض الشح الذي هو البخل مع الحرص الشديد على جمع المال والحفاظ عليه ومن شفي من مرض الشح أفلح وأصبح في عداد المفلحين الفائزين بالجنة بعد النجاة من النار وقوله {إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ5 وَيَغْفِرْ لَكُمْ} هذا الترغيب عظيم من الله تعالى للمؤمنين للنفقة في سبيله
(فتنة) أي: بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرم ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوهم في معصية الله تعالى، روي عن ابن مسعود أنه كان يقول: لا تقولوا: اللهم اعصمني من الفتنة فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ولكن ليقل اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.
2 هل هذه الآية مخصصة لآية آل عمران: (فاتقوا الله حق تقاته) هذا هو الطاهر إذ من غير الممكن أن يتقى الله حق تقاته أي: تقواه الحقة فلو أن العبد ذاب ذوباناً من خشية الله تعالى ما اتقى الله حق تقاته.
3 قال القرطبي: اسمعوا ما توعظون به وأطيعوا فيما تؤمرون به وتنهون عنه، والآية أصل في السمع والطاعة في بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ولأولى الأمر.
4 يصح في نصبه ثلاثة أوجه الأول أن يكون الخير بمعنى المال ويكون خيراً مفعولاً به، والثاني: أن يكون (خيراً) نعتاً لمصدر محذوف أي أنفقوا إنفاقاً خيراً، والثالث أن يكون منصوباً بفعل مضمر دل عليه أنفقوا أي ايتوا في الإنفاق خيراً لأنفسكم.
5 المضاعفة: هي إعطاء الضعف، والشكور: فعول بمعنى فاعل أي: مبالغة في الشكر.
إذ سماها قرضاً والقرض مردود وواعد بمضاعفتها وزيادة أخرى أن يغفر لهم بذلك ذنوبهم، واشتراط الحسن للقرض اشتراط معقول وهو أن يكون المال الذي أقرض الله حلالاً لا حراماً، وأن تكون النفس طيبة به لا كارهة له، وهذا من باب النصح للمؤمنين ليحصلوا على الأجر مضاعفاً. وقوله تعالى {وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} ترغيب أيضا لهم في الإنفاق لأن الشكور معناه يعطي القليل فيكافيء بالكثير، والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة. ومثله يقرض القرض الحسن.
وقوله {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} ترغيب أيضاً في الإنفاق إذا أعلمهم أنه لا يغيب عنه من أمورهم شيء يعلم الخفي منها والعلنى، وما غاب عنهم فلم يروه وما ظهر لهم فشهدوه فذو العلم بهذه المثابة معاملته مضمونة لا يخاف ضياعها ولا نسيانها. وقوله {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي العزيز الانتقام من أعدائه الحكيم في إجراء أحكامه وتدبير شؤون عباده.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
بيان أن من بعض الزوجات والأولاد عدواً فعلى المؤمن أن يحذر ذلك ليسلم من شرهم.
2-
الترغيب في العفو والصفح والمغفرة على من أساء أو ظلم.
3-
التحذير من فتنة المال والولد ووجوب التيقظ حتى لا يهلك المرء بولده وماله.
4-
وجوب تقوى الله بفعل الواجبات وترك المنهيات في حدود الطاقة البشرية.
5-
الترغيب في الإنفاق في سبيل الله تعالى والتحذير من الشح فإنه داء خطير.
سورة الطلاق
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ