الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
بيان ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقومونه من الليل تهجدا.
2-
نسخ واجب قيام الليل وبقاء استحبابه وندبه1.
3-
وجوب إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
4-
الترغيب في التطوع من سائر العبادات.
5-
وجوب الاستغفار عند الذنب وندبه واستحبابه في سائر الأوقات لما يحصل من التقصير.
1 ورد في فضل قيام الليل أحاديث صحاح كثيرة منها قول عبد الله بن عمرو قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" وحديث عبد الله بن عمر وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".
سورة
المدثر
مكية وآياتها ست وخمسون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا
1
الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)
شرح الكلمات:
يا أيها المدثر: أي يا أيها المدثر أي المتلفف في ثيابه وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
قم فأنذر: أي خوف أهل مكة النار إن لم يؤمنوا ويوحدوا.
وربك فكبر: أي عظم ربك من إشراك المشركين.
وثيابك فطهر: أي طهر ثيابك من النجاسات.
والرجز فاهجر: أي أدم هجرانك للأوثان.
1 في هذا النداء ملاطفة في الخطاب من الكريم إلى الحبيب إذ ناداه بحاله، وعبر عنه بصفته، ولم يقل يا محمد أو يا فلان ليستشعر اللين والعطف من ربه.
ولا تمنن تستكثر: أي لا تمنن على ربك ما تقوم به من أعمال لأجله طاعة له.
فإذا نقر في الناقور: أي نفخ في الصور النفخة الثانية.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ1} أي المتلفف في ثيابه والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم روى الزهري2 قال فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة فحزن حزناً فجعل يعدو شواهق رؤوس الجبال ليتردى منها فكلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام فيقول إنك نبي الله فيسكن جأشه وتسكن نفسه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك فقال بينما أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت إلى خديجة فقلت زملوني فزملناه أي فدثرناه فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر قال الزهري فأول شيء أنزل عليه أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. وعليه فهذا النداء الإلهي كان بعد فترة الوحي الأولى ناداه ملقبا له بهذا اللقب الجميل تكريما وتلطفا معه ليقوم بأعباء الدعوة وما أشد ثقلها، ومن يقدر عليها إنها أعباء ثقيلة اللهم لقد أعنت عليها رسولك فأعني على قدر ما أقوم به منها، وإن كان ما أقوم به منها لا يساوي جمرة من لظى ولا قطرة من ماء السماء. يا أيها المدثر في ثيابه يا محمد رسولنا قم فأنذر لم يبق لك مجال للنوم والراحة فأنذر قومك في مكة وكل الثقلين من وراء مكة أنذرهم عذاب النار المترتب على الكفر والشرك بالواحد القهار وربك فكبر أي وربك فعظمه تعظيماً يليق بجلاله وكماله فإنه الأكبر الذي لا أكبر منه والعظيم الذي لا أعظم منه فأعلن عن ذلك بلسانك قائلا الله أكبر وبحالك فلا تذل إلا له ولا ترغب إلا فيه وكبره بأعمالك فلا تأت منها إلا ما أذن لك فيه أو أمرك به {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي طهر ثيابك من النجاسات مخالفاً بذلك ما عليه قومك؛ إذ يجرون ثيابهم ولا يتنزهون من أبوالهم {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} أي والأصنام التي يعبدها قومك فاهجرها فلا تقربها ودم على هجرانها على دعوتك أجرا، ولا تمنن عطاء أعطيته لغيرك تستكثر به ما عندك إن ذاك مناف لأجمل الأخلاق وكريم السجايا وسامي الآداب. واربك وحده سواه فاصبر على كل ما تلقاه في سبيل إبلاغ رسالتك ونشر دعوتك دعوة الخير والكمال هذا الذي أدب به الله رسول الله في فاتحة دعوته. ثم نزل بعد فإذا نقر في الناقور والناقور البوق الذي ينفخ فيه اسرافيل والنقر يحدث صوتا
1 هذا يسمى بهدية الثواب وهي جائزة للأئمة محرمة عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية. ولا تمنن تستكثر.
2 روى أحمد عن ابن عباس في قوله تعالى {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ، فقال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا.
والصوت هو صوت البوق والمراد به النفخة الثانية نفخة البعث والجزاء فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير صعب شديد لا يحتمل ولا يطاق على الكافرين غير يسير1 فذكر به من تدعوهم فإن التذكير به نافع إن شاء الله، ولذا كان من أعظم أركان العقيدة التي إن تمكنت من النفس تهيأ صاحبها لحمل كل ثقيل ولإنفاق كل غال ورخيص ولفراق الأهل والدار الإيمان بالله واليوم الآخر إذ هما محور العقيدة وعليهما مدار الإصلاح والهداية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
الجد طابع المسلم، فلا كسل ولا خمول ولا لهو ولا لعب ومن فارق هذه فليتهم نفسه في إسلامه.
2-
وجوب تعظيم أسمائه وصفاته وتعظيم كلامه وكتابه، وتعظيم شعائره تعظيم ما عظم.
3-
وجوب الطهارة للمؤمن بدناً وثوبا ومسجداً. أكلاً وشرباً وفراشاً ونفساً وروحا.
4-
حرمة العجب فلا يعجب المؤمن بعمله ولا يزكي به نفسه ولو صام الدهر، وأنفق الصخرة وجاهد الدهر.
5-
وجب الصبر على الطاعات فعلا وعلى المعاصي تركاً وعلى البلاء تسليما ورضا.
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)
1 في الآية دليل على أن حال المؤمنين في عرصات يوم القيامة غير حال الكافرين في الشدة والبلاء.
شرح الكلمات:
ذرني ومن خلقت وحيدا: أي اتركني ومن خلقته وحيداً منفرداً بلا مال ولا ولد فأنا أكفيكه.
وبنين شهودا: أي يشهدون المحافل وتسمع شهاداتهم وأغلب الوقت حاضرون ولا يغيبون.
ومهدت له تمهيدا: أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه حتى كان يلقب بريحانة قريش.
عنيدا: أي معانداً وهو الوليد بن المغيرة المخزومي.
سأرهقه صعودا: أي سأكلفه يوم القيامة صعود جبل من نار كلما صعد فيه هوى في النار أبداً.
إنه فكر وقدر: أي فيما يقول في القرآن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقدر في نفسه ذلك.
ثم نظر ثم عبس وبسر: أي تروًى في ذلك ثم عبس أي قبض ما بين عينيه ثم بسر أي كلح وجهه.
ثم أدبر واستكبر: أي عن الإيمان واستكبر عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
سحر يؤثر: أي ينقل من السحرة كمسيلمة وغيره.
سأصليه سقر: سأدخله جهنم وسقر اسم لها يدخله فيها لإحراقه بنارها.
لا تبقي ولا تذر: أي لا تترك شيئا من اللحم ولا العصب إلا أهلكته ثم يعود كما كان لإدامة العذاب.
لواحة للبشر: أي محرقة مسودة لظاهر جلد الإنسان وهو بشرته والجمع بشر.
عليها تسعة عشر: أي ملكاً وهم خزنتها.
معنى الآيات:
لقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبء الدعوة وأمر بالصبر وشرع صلى الله عليه وسلم في إنذار قومه المعركة كأحر وأشد ما تكون إذ أعلم قومه وهم من هم أنه لا إله إلا الله وأنه هو رسول الله فتصدى له طاغية من أعظم الطغاة ساد الوادي مالاً وولداً وجاهاً عريضا حتى لقب بريحانة قريش هذا هو الوليد بن المغيرة صاحب عشرة رجال من صلبه وآلاف الدنانير من الذهب فلما أرهب رسول الله وأخافه قال له ربه تبارك وتعالى {ذَرْنِي} أي دعني والذي خلقته {وَحِيداً1} فريداً بلا مال ولا ولد،
1 عن ابن عباس: كان الوليد يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير.
{وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً} واسعا تمده به الزراعة والتجارة فصلا بعد فصل ويوما بعد يوم، {وَبَنِينَ شُهُوداً} لا يغيبون كما يغيب الذين يطلبون العيش كما أنهم لمكانتهم يستشهدون فيشهدون فهم شهود على غيرهم. ويشهدون المحافل وغيرها. {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً1} أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه العريض في ديار قومه، {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} أي أن أزيده من المذكور في الآيات {كُلّاً} أي لن أزيده بعد اليوم، وعلل تعالى لمنعه الزيادة بقوله:{إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا} "القرآنيه"{عَنِيداً} أي 2 معانداً يحاول إبطالها بعد رفضه لها. {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} أي سأكلفه عذابا شاقا لا قبل له به وذلك جبل3 من نار في جهنم يكلف صعوده كلما صعد سقط وذلك أبداً. وعلل أيضا لهذا العذاب الذي أعده له وأوعده به فقال تعالى {إِنَّهُ فَكَّرَ} أي فيما يقول في القرآن لما طلبت منه قريش أن يقول فيه ما يراه من صلاح أو فساد. {وَقَدَّرَ} في نفسه {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} أي لعن كيف قدر ذلك التقدير الذي هو قوله {فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} . {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} فلعنه الله لعنتين تلازمانه واحدة في الدنيا والأخرى في الآخرة وقوله تعالى عنه {ثُمَّ نَظَرَ} أي تروى {ثُمَّ عَبَسَ} أي قطب فقبض مابين عينيه {وَبَسَرَ} أي كلح وجهه فاسود. فقال اللعين نتيجة تفكير وتقدير ونظر {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} أي ما هذا القرآن إلا سحر ينقل عن السحرة في اليمن ونجد والحجاز {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} أي ما هذا الذي يتلوه محمد صلى الله عليه وسلم إلا قول البشر قال4 تعالى موعداً إياه على قولته الكافرة الفاجرة {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} أي سأدخله نار سقر يصطلي بنارها، ثم عظم تعالى من شأن سقر فقال 5 {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} أي أي شيء يدريك ما هي وما شأنها فإنها عظيمة {لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ} أي لا تبقي لحما ولا تذر عصبا بل تأتي على الكل لواحة6 للبشر أي تحرق الجلود وتسودها. والبشر جمع بشرة الجلدة ومن ذلك سمي الآدميون بشرا لأن بشرتهم مكشوفة ليست مستورة بوبر ولا صوف ولا سعر ولا ريش. وقوله تعالى {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} أي على سقر ملائكة يقال لهم الخزنة عدتهم تسعة عشر ملكاً لقد كان لنزول هذه الآية سبب معروف وهو أن قريش اتهمت الوليد بأنه صبا مال إلى دين محمد فسمع ذلك منهم فأنكر وحلف لهم فطلبوا إليه إن كان صادقا أن
1 قال القرطبي: التمهيد عند العرب التوطئة والتهيئة: ومنه مهد الصبي.
2 يقال عند يعند كضرب يضرب أي خالف ورد الحق وهو يعرفه فهو عنيد وعاند.
3 رواه الترمذي. وقال فيه غريب.
4 قال السدي يعنون أنه من قول سيار عبد لبني الحضرمي كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك.
5 ما استفهامية أي أي شيء يدريك وما سقر ما استفهامية مبتدأ وسقر خبره.
6 البشر جمع بشرة ومعنى لواحة مغيرة للون البشر بالسواد يقال لاحه الحر أو البرد أو المرض إذا غيره قال الشاعر:
تقول ما لاحك يا مسافر
يابنة عمي لا حنى الهواجر