المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٥

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ الدخان

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(17)

- ‌(25)

- ‌(34)

- ‌(43)

- ‌(51)

- ‌ الجاثية

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(33)

- ‌ الأحقاف

- ‌1

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(29)

- ‌ محمد

- ‌1

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌ الفتح

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(27)

- ‌ 1

- ‌ ق

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(23)

- ‌(31)

- ‌ الذاريات

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(31)

- ‌(52)

- ‌ الطور

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(44)

- ‌(1

- ‌النجم

- ‌(19)

- ‌(33)

- ‌(55)

- ‌ القمر:

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(23)

- ‌(33)

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌الرحمن:

- ‌(14)

- ‌(26)

- ‌(37)

- ‌(46)

- ‌(62)

- ‌(1

- ‌ الواقعة:

- ‌(13)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌1

- ‌الحديد

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(29)

- ‌ المجادلة

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌ الْحَشْرِ

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(11)

- ‌4

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌ الجمعة

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ المنافقون

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ التغابن

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(1)

- ‌ الطلاق

- ‌(3)

- ‌4

- ‌6

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ الملك

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(28)

- ‌القلم

- ‌1

- ‌(8)

- ‌(17)

- ‌الحاقة

- ‌1:

- ‌(19)

- ‌(38)

- ‌(1

- ‌ المعارج:

- ‌ نوح

- ‌(1)

- ‌5)

- ‌(25)

- ‌(1)

- ‌الْجِنُّ

- ‌(16)

- ‌ المزمل

- ‌1

- ‌(20)

- ‌ المدثر

- ‌1

- ‌(31)

- ‌ الْقِيَامَةِ

- ‌(1

- ‌(16)

- ‌(26)

- ‌ الإنسان

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(23)

- ‌(1

- ‌المرسلات

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌(41)

- ‌ النبأ

- ‌(1)

- ‌(31)

- ‌ النازعات

- ‌(1)

- ‌ عبس

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(33)

- ‌ التكوير

- ‌(1)

- ‌(1

- ‌(13)

- ‌ المطففين

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(29)

- ‌ الانشقاق

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌ البروج:

- ‌1}

- ‌(12)

- ‌ الطارق

- ‌ الأعلى

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌الغاشية:

- ‌1

- ‌(17)

- ‌ الفجر

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(1

- ‌ البلد:

- ‌(1

- ‌ الشمس

- ‌ الليل

- ‌1

- ‌ الضحى

- ‌ التين

- ‌ العلق

- ‌(1)

- ‌6

- ‌ القدر

- ‌ البينة

- ‌1

- ‌(6)

- ‌ الزلزلة

- ‌ العاديات

- ‌ القارعة

- ‌ التكاثر

- ‌ العصر

- ‌ الهمزة

- ‌ الفيل

- ‌ قريش

- ‌ الماعون

- ‌ الكوثر

- ‌ الكافرون

- ‌ النصر

- ‌ المسد

- ‌ الإخلاص

- ‌ الفلق

- ‌ الناس

- ‌ خاتمة الطبعة الأولى والثانية

- ‌خاتمة الطبعة الثالثة

الفصل: خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً

خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)

شرح الكلمات:

لم تحرم ما أحل الله لك: أي لم تحرم جاريتك مارية التي أحلها لك.

تبتغي مرضات أزواجك: أي بتحريمها.

قد فرض لكم تحلة أيمانكم: أي شرع لكم تحليلها بالكفارة المذكورة في سورة المائدة.

وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه: هي حفصة بنت عمر رضي الله عنهما.

حديثا: هو تحريم مارية وقوله لها لا تفشيه.

فلما نبأت به: أي نبأت حفصة عائشة أي أختبرها به ظناً منها أنه لا حرج في ذلك باجتهادٍ.

وأظهره الله عليه: أي اطلعه عليه أي على المنبأ به.

عرف بعضه: أي لحفصة.

وأعرض عن بعض: أي تكرما منه صلى الله عليه وسلم.

إن تتوبا إلى الله: أي حفصة وعائشة رضي الله عنهما تقبل توبتكما.

فقد صغت قلوبكما: أي مالت إلى تحريم مارية أي سركما ذلك.

وإن تظاهرا عليه: أي تتعاونا أي على النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكرهه.

فإن الله هو مولاه: أي ناصره.

وصالح المؤمنين: أي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

والملائكة بعد ذلك ظهير: أي ظهراء وأعوان له.

قانتات: أي عابدات.

سائحات: أي صائمات أو مهاجرات.

معنى الآيات:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ‌

‌1

اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ

1 روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، قالت فتواطأت أنا وحفصة إن أيتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير: أكلت مغافير: فدخل على إحداهما فقالت له ذلك فقال بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له. فنزل {لم تحرم ما أحل الله لك} إلى {إن تتوبا} ، المغافير جمع مغفور بقلة من البقول.

ص: 384

رَحِيمٌ} في هذا عتاب من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إذ حرم جاريته مارية ترضية1 وذلك أنه صلى الله عليه وسلم خلا بها في بيت إحدى نسائه فاطلعت عليه فقالت يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها أي مارية عليه حراماً ترضية لصاحبة الحجرة والفراش. فأنزل الله تعالى هذه الآيات مشتملة على هذه القصة فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} يعني جاريته مارية القبطية أم إبراهيم. {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} أي تطلب رضاهن {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} بك فلا لوم عليك بعد هذا ولا عتاب فجاريتك لا تحرم عليك وكفر عن يمينك. إذ قال لها هي علي 2حرام ووالله لا أطؤها.

وقوله تعالى {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ3 تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي ما تحللون به من أيمانكم إذا حلفتم وهي ما جاء في سورة المائدة من قوله تعالى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} وقوله تعالى والله مولاكم أي متولي أمركم وناصركم. وهو العليم بأحوال عباده الحكيم في قضائه وتدبيره لخلقه.

وقوله تعالى {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} أي أذكر إذ أسر النبي لبعض أزواجه حديثا وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنها إذ قال لها لقد حرمت فلانة ووالله لا أطأها وطلب منها أن لا تفشي هذا السر. فحدثت به عائشة وكانت متصافية معها توادها.

فأطلع الله رسوله على ذلك. فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه لحفصة وأعرض عن بعض تكرماً منه صلى الله عليه وسلم. قالت أي حفصة من أنبأك هذا؟ قال نبأني العليم الخبير. وقوله: إن تتوبا إلى الله أي حفصة وعائشة فقد صغت قلوبكما أي مالت إلى تحريم مارية أي سركما كذلك. وجواب الشرط تقديره تقبل توبتكما. وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} أي تتعاونا عليه صلى الله عليه وسلم فيما يكرهه، فإن تعاونكما يا حفصة وعائشة رضي الله عنكما لن يضره شيئاً فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين أبو بكر وعمر، والملائكة بعد ذلك ظهير له أي ظهراء وأعوان له عن كل من يؤذيه أو يريده بسوء.

1 ترضية لبعض أزواجه أي طلباً لرضاها وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنهما.

2 اختلف أهل العلم فيمن حرم شيئاً فإن كان غير الزوجة فالجمهور على أنه لا يحرم ولا كفارة عليه، وبعض يقول عليه كفارة يمين: أما الزوجة فقد بلغت الأقوال فيها ثمانية عشر قولاً أعدلها أن من حرم زوجته بلفظ أنت حرام أو بالحرام إن نوى طلاقها فعليه طلقة، وإن لم ينو طلاقها فإن عليه كفارة يمين كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.

3 تحلة اليمين كفارتها أي من حلف على شيء وأراد أن يعود إليه فليكفر عن يمينه وليأت ما حلف عليه.

ص: 385

وقوله تعالى {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ} ، وفي هذا تخويف شديد لأمهات المؤمنين وتأديب رباني كبير لهن إذ وعد رسوله أنه لو طلقهن لأبدله خيراً منهن {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} أي1 صائمات أو مهاجرات، {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً} أي بعضهن ثيبات وبعضهن أبكاراً إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلقهن والله تعالى لم يبدله فهن زوجاته في الدنيا زوجاته في الآخرة هذا وأنبه إلى أن خلافاً كبيراً بين أهل التفسير في الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه وعاتبه ربه عليه. وأحله الله له هل هو شراب كان يحبه، أو هو جاريته مارية ومن2 الجائز أن يكون غير ما ذكر؛ لأن الله تعالى لم يذكر نوع ما حرم رسوله على نفسه، وإنما قال لم تحرم ما أحل الله لك. والجمهور على أن المحرم مارية، وفي البخاري أنه العسل والله أعلم فلذا استغفر الله تعالى أن أكون قد قلت عليه أو على رسوله ما لا يرضيهما أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله إن ربي غفور رحيم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

تقرير نبوته صلى الله عليه وسلم وبشريته الكاملة.

2-

أخذ الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى من هذه الآية أن من قال لزوجته أنت حرام أو حرمتك وهو لم ينو طلاقها أن عليه كفارة يمين لا غير، وذكر القرطبي في هذه المسألة ثمانية عشر قولاً للفقهاء أشدها البتة وأرفقها أن فيها كفارة يمين كما هو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى.

3-

كرامة الرسول صلى الله عليه وسلم على ربه.

4-

فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا

1 قيل سمي الصائم سائحاً لأن السائح لا زاد معه فكذلك الصائم لا زاد معه.

2 نعم من الجائز أن يكون غير ما ذكر ولكن بتتبع لروايات وأقوال العلماء سلفاً وخلفاً ثبت أن الأمر يدور بين أن ما حرمه صلى الله عليه وسلم على نفسه ترضية هو جاريته مارية، أو العسل لا غيرهما.

ص: 386

الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)

شرح الكلمات:

قوا أنفسكم وأهليكم: أي اجعلوا لها وقاية بطاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم.

ناراً وقودها الناس والحجارة: أي توقد بالكفار والأصنام التي تعبد من دون الله، لا بالحطب ونحوه.

لا تعتذروا اليوم: أي لأنه لا ينفعكم اعتذار، يقال لهم هذا عند دخولهم النار.

توبة نصوحا: أي توبة صادقة بأن لا يعاد إلى الذنب ولا يراد العود إليه.

يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا: أي بإدخالهم النار.

يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم: أي أمامهم ومن كل جهاتهم على قدر أعمالهم.

ربنا أتمم لنا نورنا: أي إلى الجنة، لأن المنافقين ينطفيء نورهم.

معنى الآيات:

قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ1 وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} هذا نداء الله إلى عباده المؤمنين يعظهم وينصح لهم فيه أن يقوا أنفسهم وأهليهم2 من زوجة وولد، ناراً عظيمة، وقودها

1 قال علي رضي الله عنه ومجاهد وقتادة: قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم. قال ابن العربي هذا هو الصحيح لما يعطيه العطف الذي يقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في معنى الفعل كقول الشاعر:

علفتها تبناً وماء بارداً

أي وسقيتها ماءً بارداً

2إن الوقاية لا تتم إلا بالإيمان وصالح الأعمال بعد اجتناب الشرك والمعاصي، وهذا يتطلب العلم بذلك وتوطين النفس على العمل بما يعلم من ذلك فعلا لما يفعل وتركاً لما يترك فليأخذ العبد نفسه وأهله بهذا نصحاً له ولهم حتى يقي نفسه ويقي أهله.

ص: 387

أي ما توقد به الناس من المشركين والحجارة التي هي أصنامهم التي كانوا يعبدونها يقون أنفسهم بطاعة الله ورسوله تلك الطاعة التي تزكي أنفسهم وتؤهلهم لدخول الجنة بعد النجاة من النار.

وقوله تعالى {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أي على النار قائمون عليها وهم الخزنة التسعة عشرة غلاظ القلوب1 والطباع شداد البطش إذا بطشوا ولا يعصون الله أي لا يخالفون أمره، وينتهون إلى ما يأمرهم به وهو معنى ويفعلون ما يأمرون. وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ2} هذا يقال لأهل النار ينادون ليقال لهم: لا تعتذروا اليوم حيث لا ينفع الاعتذار. وإنما تجزون ما كنتم تعملون الحسنة بالحسنة والسيئة بالسيئة.

وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} هذا هو النداء الثاني الذي ينادي فيه الله تعالى عباده المؤمنين يأمرهم فيه بالتوبة العاجلة النصوح التي لا يعود صاحبها إلى الذنب كما لا يعود البن إلى3 الضرع، ويعدهم ويبشرهم يعدهم بتكفير سيئاتهم، ويبشرهم بالجنة دار النعيم المقيم فيقول {عَسَى4 رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ} أي بعد ذلك {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي بإدخالهم الجنة. وقوله تعالى {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} أي وهم مجتازون الصراط يسألون ربهم أن يبقي5 لهم نورهم لا يقطعه عنهم حتى يجتازوا الصراط وينجوا الصراط وينجوا من السقوط في جهنم كما يسألونه أن يغفر لهم ذنوبهم التي قد يردون بها إلى النار بعد اجتياز الصراط.

وقولهم: إنك على كل شيء قدير هذا توسل منهم لقبول دعائهم حيث توسلوا بصفة القوة والقدرة لله تعالى فقالوا إنك على كل شيء قدير فأتمم لنا نورنا واغفر لنا.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

وجوب العناية بالزوجة والأولاد وتربيتهم وأمرهم بطاعة الله ورسوله ونهيهم عن ترك ذلك.

2-

وجوب التوبة الفورية على كل من أذنب من المؤمنين والمؤمنات وهي الإقلاع من الذنب فوراً

1 قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة، وروى مرفوعاً ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب.

2 لأن عذرهم لا ينفعهم. والقصد من هذا النهي هو تحقيق اليأس منهم.

3 قال القرطبي اختلف في تحديد التوبة النصوح على ثلاث وعشرين قولاُ وقدم ما في التفسير على تلك الأقوال.

4 عسى من الله تعالى واجبة، ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

5 قال ابن عباس ومجاهد: هذا دعاء المؤمنين حين أطفأ الله نور المنافقين.

ص: 388