المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الثمار من فواكه وغيرها. ومع ذلك مغفرة من ربهم لسائر - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٥

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ الدخان

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(17)

- ‌(25)

- ‌(34)

- ‌(43)

- ‌(51)

- ‌ الجاثية

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(33)

- ‌ الأحقاف

- ‌1

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(29)

- ‌ محمد

- ‌1

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌ الفتح

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(27)

- ‌ 1

- ‌ ق

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(23)

- ‌(31)

- ‌ الذاريات

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(31)

- ‌(52)

- ‌ الطور

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(44)

- ‌(1

- ‌النجم

- ‌(19)

- ‌(33)

- ‌(55)

- ‌ القمر:

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(23)

- ‌(33)

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌الرحمن:

- ‌(14)

- ‌(26)

- ‌(37)

- ‌(46)

- ‌(62)

- ‌(1

- ‌ الواقعة:

- ‌(13)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌1

- ‌الحديد

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(29)

- ‌ المجادلة

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌ الْحَشْرِ

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(11)

- ‌4

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌ الجمعة

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ المنافقون

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ التغابن

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(1)

- ‌ الطلاق

- ‌(3)

- ‌4

- ‌6

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ الملك

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(28)

- ‌القلم

- ‌1

- ‌(8)

- ‌(17)

- ‌الحاقة

- ‌1:

- ‌(19)

- ‌(38)

- ‌(1

- ‌ المعارج:

- ‌ نوح

- ‌(1)

- ‌5)

- ‌(25)

- ‌(1)

- ‌الْجِنُّ

- ‌(16)

- ‌ المزمل

- ‌1

- ‌(20)

- ‌ المدثر

- ‌1

- ‌(31)

- ‌ الْقِيَامَةِ

- ‌(1

- ‌(16)

- ‌(26)

- ‌ الإنسان

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(23)

- ‌(1

- ‌المرسلات

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌(41)

- ‌ النبأ

- ‌(1)

- ‌(31)

- ‌ النازعات

- ‌(1)

- ‌ عبس

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(33)

- ‌ التكوير

- ‌(1)

- ‌(1

- ‌(13)

- ‌ المطففين

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(29)

- ‌ الانشقاق

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌ البروج:

- ‌1}

- ‌(12)

- ‌ الطارق

- ‌ الأعلى

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌الغاشية:

- ‌1

- ‌(17)

- ‌ الفجر

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(1

- ‌ البلد:

- ‌(1

- ‌ الشمس

- ‌ الليل

- ‌1

- ‌ الضحى

- ‌ التين

- ‌ العلق

- ‌(1)

- ‌6

- ‌ القدر

- ‌ البينة

- ‌1

- ‌(6)

- ‌ الزلزلة

- ‌ العاديات

- ‌ القارعة

- ‌ التكاثر

- ‌ العصر

- ‌ الهمزة

- ‌ الفيل

- ‌ قريش

- ‌ الماعون

- ‌ الكوثر

- ‌ الكافرون

- ‌ النصر

- ‌ المسد

- ‌ الإخلاص

- ‌ الفلق

- ‌ الناس

- ‌ خاتمة الطبعة الأولى والثانية

- ‌خاتمة الطبعة الثالثة

الفصل: الثمار من فواكه وغيرها. ومع ذلك مغفرة من ربهم لسائر

الثمار من فواكه وغيرها. ومع ذلك مغفرة من ربهم لسائر ذنوبهم فهل يستوي من هذه حالهم بحال من هو خالد في النار لا يخرج منها وسقوا ماء حميما حارا شديد الحرارة فلما سقوه وشربوه قطع أمعاءهم1 أي مصارينهم فخرجت من أدبارهم والعياذ بالله من النار وحال أهل النار اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

التقوى هي السبب المورث للجنة هكذا جعلها الله عز وجل، والتقوى هي بعد الإيمان فعل المأمورات وترك المنهيات من سائر أنواع الشرك والمعاصي.

2-

بيان بعض نعيم الجنة من الشراب والفواكه.

3-

بيان بعض عذاب النار وهو الخلود فيها وشرب الحميم.

4-

تقرير عقيدة البعث والجزاء، وأن لا مماثلة بين أهل السعادة وأهل الشقاء.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ‌

(16)

وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)

شرح الكلمات:

ومنهم من يستمع إليك: أي ومن الكفار المنافقين من يستمع إليك في خطبة الجمعة.

ماذا قال آنفا: أي الساعة أي استهزاء منهم وسخرية يعنون أنه شيء لا يرجع إليه ولا يعتد به لعدم فائدته.

1 الأمعاء: جمع معي بكسر الميم وقد تفتح وهو ما ينتقل إليه الطعام بعد نزوله من المعدة، ويسمى عفج بوزن كتف.

ص: 79

طبع الله على قلوبهم: أي بالكفر فلذا هم لا يعون.

واتبعوا أهواءهم: أي في الكفر والنفاق.

والذين اهتدوا: أي المؤمنون.

زادهم هدى: أي زادهم الله هدى.

وآتاهم تقواهم: أي ألهمهم ما يتقون به عذاب الله تعالى.

فهل ينظرون إلا الساعة: أي ما ينتظر أهل مكة إلا الساعة.

أن تأتيهم بغتة: أي فجأة.

فقد جاء أشراطها: أي علاماتها كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر والدخان.

فأنى لهم إذ جاءتهم ذكراهم: أي أنى لهم إذا جاءتهم التذكر الذي ينفعهم إذ قد أغلق باب التوبة.

فاعلم أنه لا إله إلا الله: أي فبناء على ما تقدم لك يا نبينا فاعلم أنه لا يستحق العبودية إلا الله فاعبده وتوكل عليه.

واستغفر لذنبك: أي قل استغفر الله أو اللهم اغفر لي.

وللمؤمنين والمؤمنات: أي واستغفر للمؤمنين والمؤمنات.

والله يعلم متقلبكم: أي متصرفكم في النهار وأنتم تتصرفون في أمور دنياكم.

ومثواكم: أي مكان ثواكم وإقامتكم ونومك بالليل.

معنى الآيات:

قوله تعالى {ومنهم من يستمع} إلي هذه الآية (16) والآية التي بعدها مدنيتان لا شك لأنهما نزلت في شأن النافقين قال تعالى مخبراً رسوله عن بعض المنافقين {وَمِنْهُمْ} أي ومن بعض المنافقين {مَنْ يَسْتَمِعُ1 إِلَيْكَ} أي إلى حديثك يوم الجمعة وأنت تخطب الناس على المنبر {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} أي من المسجد {قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} 2 من أصاحبك كعبد الله بن مسعود {مَاذَا قَالَ آنِفاً} 3، وقولهم هذا ظاهر عليه الخبث إذا لو كانوا مؤمنين محبين لقالوا

1 روي عن مقاتل أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن التابوت والحارث بن عمرو وزيد بن الصلت، ومالك بن الدخشم من المنافقين بالمدينة إلا أن مالك بن الدخشم قد أسلم وحسن إسلامه والاستماع السماع ولكن بعناية واهتمام يتظاهرون بذلك نفاقا لا غير.

2 هم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عبد الله بن مسعود، وأبوا الدرداء وابن عباس وإن كان يومها صغيراً فإنه لا مانع أن يسأل ويجيب لما هو مؤهل له من طلب العلم والكمال فيه.

(آنفاً) : أي الآن وهو أقرب الأوقات، وسؤالهم هذا سؤال استهزاء، وآنفاً لم يسمع إلا ظرفاً هكذا، وقيل هو مشتق من الأنف لأنه أول ما يظهر من البعير فأطلق على أقرب الوقت، ومنه أمر أنف، ورقة أنف لم ترع بعد قال الشاعر:

ويحرم سر جارتهم عليهم

ويأكل جارهم أنف القصاع

ص: 80

ماذا قال رسول الله آنفا، ولكن قالوا ماذا قال آنفا، وهم يعنون أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بشيء مفيد يرجع إليه. قال تعالى {أُولَئِكَ} أي البعداء في الشر والنفاق الذين طبع الله على قلوبهم أي بالكفر والنفاق وذلك لكثرة تلوثهم بأوضار الكفر والنفاق حتى ران على قلوبهم ذلك فكان ختما وطابعا على قلوبهم، واتبعوا أهواءهم فهما علتان الأولى الطبع المانع من طلب الهداية والثانية اتباع الهوى وهو يعمي ويصم، فلذا هم لا يهتدون، وقوله تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} إلى الإيمان الصحيح والعمل الصالح زادهم الله هدى حسب سنته في نماء الأشياء وزكاتها وزيادتها، وآتاهم تقواهم1 أي ألهمهم ما يتقون وأعانهم على ذلك فهم يتقون مساخط الله تعالى ومن أعظمها الشرك والمعاصي. وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق (18) فهل ينظرون أي كفار قريش2 من زعماء الكفر في مكة إلا الساعة أي ما ينظرون إلا الساعة أي القيامة أن تأتيهم بغتة أي فجأة إن كانوا ما ينظرون بإيمانهم إلا الساعة فالساعة قد جاء أشراطها وأول أشراطها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وثانيها الدخان، وثالثها انشقاق القمر. وقوله تعالى {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ3} أي أنى لهم التذكر الذي ينفعهم إذا جاءت الساعة بل شروطها أي بظهور علاماتها الكبرى4 لا تقبل التوبة من أحد لم يكن مؤمناً لقوله تعالى من سورة الأنعام {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} . على كل حال فالآية تستبطئ إيمان كفار مكة وتنكر عليهم تأخر إيمانهم الذي لا داعي له مع ظهور أدلة العقل والنقل ووضوح الحجج والبراهين الدالة على توحيد الله ووجوب عبادته وحده دون سواه ولذا قال تعالى فاعلم5 أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين6 والمؤمنات أي فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي له العبادة وتصلح له إلا الله الذي هو خالق كل شيء ومالكه واستغفر أي اطلب من ربك المغفرة لك وللمؤمنين والمؤمنات، وهذا الكلام وإن وجه للرسول صلى الله عليه وسلم فالمراد منه على الحقيقة أو بالأصالة غيره صلى الله عليه وسلم فكأنما قالب تعالى يا عباد الله أيها الناس والرسول على

1 مما ذكر في هذه الزيادة أنه آتاهم تقواهم في الآخرة وأنه بين لهم ما يتقون وأنه وفقهم للأخذ بالعزائم وترك الرخص وما في التفسير أشمل وأوضح.

2 يبدو أنه ما هناك حاجة إلى تخصيص كفار قريش بهذا الخطب وإن كانوا داخلين فيه لأن السورة مدنية.

3 أي: من أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة.

4 في صحيح مسلم عن حذيفة والبراء قالا: كنا نتذاكر الساعة إذا أشرف علينا رسول الله صلى عليه وسلم فقال: "بما تتذاكرون؟ قلنا نتذاكر الساعة. قال: إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات،: الدخان ودابة الأرض وخسفاً بالمشرق وخسفاً بالمغرب وخسفاً بجزيرة العرب، والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى وناراً تخرج من عدن".

5 هذه الآية من أدلة وجوب العلم قبل القول والعمل، وهو ما بوب به البخاري رحمه الله تعالى.

6 لا ذنب للرسول صلى الله عليه وسلم لعصمته، وإنما هو من باب قوله صلى الله عليه وسلم " إنه ليغان على قلبي وإني استغفر الله في اليوم مائة مرة".

ص: 81

رأسكم اعلموا أنه لا إله إلا الله واستغفروا لذنوبكم مؤمنين ومؤمنات والله يعلم متقلبكم أي تصرفكم في النهار في مصالح معاشكم ومعادكم ويعلم مثواكم1 في فرشكم نائمين فهو يعلمكم على ما أنتم عليه في كل ساعة من ليل أو نهار فاخشوه واتقوه حتى تفوزوا برضاه في جنات النعيم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

من الجائز أن تكون السورة مكية وبها آية أو أكثر مدنية.

2-

التحذير من اتباع الهوى فإنه يعمي ويصم والعياذ بالله.

3-

بيان أن لقيام الساعة أشراطاً أي2 علامات تظهر قبلها فتدل على قربها.

4-

وجوب العلم بأنه لا إله إلا الله، وذلك يتم على الطريقة التالية:

الاعتراف بأن الإنسان مخلوق كسائر المخلوقات حوله، وكل مخلوق لابد له من خالق فمن خالق الإنسان والكون إذاً؟ والجواب قطعا: الله. فما دام الله هو الخالق فمن عداه مخلوق مفتقر إلى الله خالقه في حفظ حياته، ومن يؤله ويعبد إذاً الخالق أم المخلوق؟ والجواب: الخالق. إذا تعين أنه لا معبود إلا الله وهو بمعنى لا إله إلا الله ولما كانت العبادة لا تعرف إلا بالوحي وجب الإيمان برسول الله فكان لابد من زيادة محمد رسول الله فنقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)

1 المثوى: المآل والمرجع.

2 روى مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بعثة أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى".

ص: 82

شرح الكلمات:

لولا نزلت سورة: أي هلا نزلت سورة يقول هذا المؤمنون طلباً للجهاد.

سورة محكمة: أي لم ينسخ منها شيء من أوامرها ونواهيها.

وذكر فيها القتال: أي طلب القتال بالدعوة إليه والترغيب فيه.

في قلوبهم مرض: أي شك وهم المنافقون.

نظر المغشي عليه من الموت: أي خوفا من القتال وكراهية لهم فتراهم ينظرون إلى الرسول مثل نظر المغشي عليه من سكرات الموت.

فأولى لهم طاعة وقول معروف: أي فأجدر بهم طاعة لرسول الله وقول معروف حسن له.

فإذا عزم الأمر: أي فرض القتال وجد أمر الخروج إليه.

فلوا صدقوا الله: أي وفوا له ما تعهدوا به من أنهم يقاتلون.

لكان خيرا لهم: أي الوفاء بما تعهدوا به خيرا في دنياهم وآخرتهم.

فهل عسيتم أن توليتم: أي أعرضتم عن الإيمان الصوري الذي أنتم عليه وأعلنتم عن كفركم.

أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم: أي تفسدوا في الأرض بالشرك والمعاصي ولا تصلوا أرحامكم.

فأصمهم وأعمى أبصارهم: أي فعل تعالى ذلك بهم فلذا هم لا يسمعون الحق ولا يبصرون الخير والمعروف.

معنى الآيات:

قوله تعالى ويقول الذين آمنوا إلى آخر السورة ظاهرهُ أنه مدني وليس بمكي وهو كذلك فأغلب آي السورة مدني إذاً، ولا حرج: لأن القتال لم يفرض إلا بعد الهجرة النبوية والنفاق لم يظهر إلا بعد الهجرة كذلك السياق الآن في علاج النفاق وأمور الجهاد قال تعالى ويقول الذين آمنوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متمنين الجهاد لولا نزلت1 سورة أي هلا أنزل الله سورة قرآنية تأمر بالجهاد قال تعالى فإذا أنزلت سورة محكمة ليس فيها نسخ وذكر فيها القتال أي الأمر به والترغيب فيه. رأيت يا محمد الذين في قلوبهم مرض أي مرض الشك والنفاق ينظرون إليك يا رسولنا2 نظر أي مثل نظر المغشي أي المغمي عليه من الموت أي من سياقات الموت وسكراته. قال تعالى

1 شوقاً إلى الجهاد وما أعد الله من ثواب لأهله، كما هو اشتياق للوحي ونزوله.

2 نظر مغمومين مغتاظين بتحديد وتحديق كمن يشخص بصره عند الموت.

ص: 83

{فأوْلَى لَهُمْ} هذا اللفظ صالح لأن يكون دعاء عليهم بالهلاك1 أي هلاك لهم لجبنهم ونفاقهم وصالح أن يكون بمعنى الأجدار بمثلهم طاعة لله ورسوله وقول معروف أي حسن لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى فإذا عزم أي جد الأمر للجهاد فلو صدقوا الله ما عاهدوا عليه من أنهم يقاتلون مع رسوله لكان خيراً لهم في الدنيا والآخرة. ثم قال لهم مخاطباً إياهم توبيخاً وتقريعاً فهل عسيتم بكسر السين2 وفتحها قراءتان إن توليتم أي عن الإيمان الصوري إلى الكفر الظاهر فأعلنتم عن ردتكم أن تفسدوا في الأرض بفعل الشرك وارتكاب المعاصي وتقطعوا أرحامكم بإعلان الحرب على أقربائكم المؤمنين الصادقين. هذا إذا كان التولي بمعنى الرجوع إلى الكفر العلني وإن كان بمعنى الحكم فالأمر كذلك إذا حكموا ليفعلون ما هو أعظم من الشرك والفساد في الأرض وتقطيع الأرحام، وأخيراً سجلت الآية (22) لعنة الله فقال تعالى أولئك أي البعداء في الخسة والحطة الذين لعنهم الله فأبعدهم من رحمته فأصمهم عن سماع الحق وأعمى أبصارهم عن رؤية الهدى والطريق المستقيم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

جواز تمني الخير والأولى أن يسأل الله تعالى ولا يتمنى بلفظ ليت كذا.

2-

في القرآن محكم ومنسوخ من الآيات وكله كلام الله يتلى ويتقرب به إلى الله تعالى ويعمل بالمحكم دون المنسوخ وهو قليل جداً.

3-

ذم الجبن والخور والهزيمة الروحية.

4-

شر الخلق من إذا تولى أفسد في الأرض بالشرك والمعاصي.

أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ

1 أولى: قال الأصمعي معناه قاربه ما يهلكه.

2 قرأ نافع وحده بكسر السين وفتحها ما عداه حفص وغيره.

ص: 84

(26)

فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)

شرح الكلمات:

أفلا يتدبرون القرآن: أي يتفكرون فيه فيعرفون الحق من الباطل.

أم على قلوب أقفالها: أي بل على قلوب لهم أقفالها فهم لا يفهمون إن تدبروا.

إن الذين ارتدوا على أدبارهم: أي رجعوا كافرين بنفاقهم.

من بعد ما تبين لهم الهدى: أو من بعد ما تبين له صدق الرسول وصحة دينه بالحجج والبراهين.

الشيطان سول لهم وأملي لهم: أي زين لهم الشيطان نفاقهم وأملى لهم أي واعدهم بطول العمر ومناهم.

ذلك بأنهم قالوا الذين كرهوا ما أنزل الله: أي ذلك الإضلال بسبب قولهم للذين كرهوا ما أنزل الله وهم المشركون.

سنطيعكم في بعض الأمر: أي بأن نتعاون معكم على عداوة الرسول وبتثبيط المؤمنين عن الجهاد وكان ذلك سرا منهم لا جهرة فأظهره الله لرسوله.

يضربون وجوههم وأدبارهم: أي بمقامع من حديد يضربون وجوههم وظهورهم.

ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله: أي التوفي على الحالة المذكورة من الضرب على الوجوه والظهور بسبب إتباعهم ما أسقط الله من الشرك والمعاصي.

وكرهوا رضوانه: أي ما يرضيه تعالى من التوحيد والعمل الصالح.

فأحبط أعمالهم: أي أبطلها فلم يحصلوا منها على ثواب حسن.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تأديب المنافقين بعيبهم والإنكار عليهم وتهديدهم لعلهم يرجعون إذ حالهم كحال المشركين في مكة فقال تعالى {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ1 الْقُرْآنَ} أي مالهم؟ أغفلوا فلم يتدبروا

1 الاستفهام للتعجب من سوء عملهم بالقرآن وإعراضهم عن سماعه و (بل) للإضراب الانتقالي أي: بل على قلوبهم أقفال، والتدبر: التفهم مشتق من دبر الشيء أي: خلقه.

ص: 85

القرآن أي يتفكروا فيه فيعرفوا الحق من الباطل والهدى من1 الضلال لأن القرآن نزل لبيان ذلك. أم على قلوب أقفالها أي بل على قلوب2 لهم أقفالها أي اقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر والحجج والأدلة والبراهين حتى يكون الله هو الذي يفتح تلك الأقفال، والله تعالى يقفل ويفتح حسب سنن له في ذلك وقد ذكرنا هذا المعنى مرات في بيان الهداية والإضلال، وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ3 ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} أي رجعوا إلى الكفر بقلوبهم دون ألسنتهم وهم المنافقون من بعد ما تبين لهم الهدى أي صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحة دينه الإسلام هؤلاء المرتدون الشيطان سول لهم أي زين له ذلك الارتداد وأملى لهم أي واعدهم ممنياً لهم بطول العمر والبقاء الطويل في الحياة والعيش الطيب الواسع فيها وقوله تعالى ذلك أي الإضلال الذي حصل لهم بسبب أنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله من القرآن والشرائع وإبطال الشرك والشر والفساد وهم المشركون قالوا لهم سرا وخفية سنطيعكم في بعض الأمر، وذلك كعدم قتالكم وتثبيط الناس عن القتال إلى غير ذلك مما أسروه لإخوانهم المشركين. وقوله تعالى والله يعلم إسرارهم4 يخبر تعالى انهم لما كانوا يسرون كلمات الكفر للمشركين كان تعالى مطلعا عليهم فهو يعلم إسرارهم وأسرارهم وها هو ذا قد أطلع عليهم رسوله والمؤمنين. وقوله تعالى فكيف أي حالهم إذا توفتهم الملائكة ملك الموت وأعوانه من ملائكة العذاب وهم يضربون بمقامع من حديد وجوههم وأدبارهم أي ظهورهم. وقوله تعالى ذلك أي العذاب النازل بهم بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط الله من الكفر به وبرسوله. وكرهوا رضوانه أي ما يرضيه عنهم وهو الجهاد في سبيله فأحبط الله أعمالهم أي أبطلها فلم يثبهم عليها لأنهم مشركون كافرون وعمل المشرك والكافر باطل وهو خاسر.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

وجوب تدبر القرآن الكريم عند تلاوته أو سماعه وهو تفهم معانيه في حدود قدرة المسلم على الفهم.

1 ويعرفوا كذلك ما أعد الله للذين لم يتولوا عن الإسلام من عزة ونصر في الدنيا، ومن نعيم مقيم في الآخرة.

2 لم يقل على قلوبهم فنكر القلوب وقال: (على قلوب) لتدخل قلوب غيرهم فلا يكون خاصا بهم، والقفل: حديده يغلق بها الباب.

3 اختلف في هؤلاء المرتدين فقال قتادة هم كفار أهل الكتاب وقال ابن عباس وغيره: هم المنافقون، وكونهم المنافقين أعم إذ من اليهود منافقون.

4 قرأ نافع والجمهور (أسرارهم) بفتح الهمزة، وقرأ حفص (إسرارهم) بكسرها فالإسرار بالكسر: مصدر أسر إسرارا وبالفتح جمع سر.

ص: 86