الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة
المطففين
مدنية الأوائل مكية الأواخر وآياتها ست وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
(1)
الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
شرح الكلمات:
ويل: كلمة عذاب، وواد في جهنم.
للمطففين: المنقصين في كيل أو وزن الباخسين فيهما.
إذا اكتالوا على الناس: أي من الناس.
يستوفون: الكيل.
وإذا كالوهم: أي كالوا لهم.
أو وزنوهم: أوزنوا لهم.
يخسرون: أي ينقصون الكيل أو الوزن.
ألا: استفهام توبيخي انكاري.
يظن: أي يتيقن.
ليوم عظيم: أي يوم القيامة لما فيه من أهوال وعظائم الأمور.
يوم يقوم الناس: أي من قبورهم.
لرب العالمين: أي يقومون خاشعين ذليلين ينظرون حكم الله فيهم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ويل للمطففين1} هذه الآيات الأولى من سورة المطففين قال أحد الأنصار رضي الله عنه كنا أسوأ الناس كيلا2، حتى إنه ليكون لأحدنا مكيالان مكيال يشتري به وآخر يبيع به، وما إن
1 روى النسائي عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى: (ويل للمطففين) فأحسنوا الكيل بعد ذلك، قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا.
2 أيام نزول هذه السورة كان أهل المدينة يكيلون وأهل مكة يزنون ثم شاع الكيل والوزن في كلا البلدين معاً.
نزلت فينا ويل للمطففين حتى أصبحنا أحسن كيلا ووزنا. وصدق هذا الصاحب الجليل فوالله لقد نزلت المدينة مهاجرا عام ثلاثة وسبعين وثلاثمائة وألف فوجدتهم على ما كانوا عليه ولقد كنت أشفق عليهم إذا كالوا لي أو وزنوا لي. فقوله تعالى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} 1 يتوعد سبحانه وتعالى بواد في جهنم بسيل صديد أهل النار الذين يبخسون الناس الكيل والميزان أي ينقصوهم ويبينهم تعالى بقوله {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} أي اشتروا منهم يأخذون كيلهم وافياً وكذا إذا وزنوا وإذا وزنوا وإذا كالوهم أي كالوا لهم2 أو وزنوا لهم يخسرون أي ينقصون. قال تعالى وبخاً لهم منكراً {ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ} المطففون3 {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} من قبورهم {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} هو يوم الدين والجزاء والحساب {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} خاشعين ذليلين ينتظرون حكمه فيهم، ويطول بهم الموقف المائة سنة وأكثر وإن أحدهم ليلجمه العرق إلجاماً ومنهم من يصل العرق إلى نصف أذنيه والروايات في هذا كثيرة وصحيحة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
حرمة4 التطفيف في الكيل والوزن وهو أن يأخذ زائداً ولو قل أو ينقص عامداً شيئاً ولو قل.
2-
التذكير بالبعث والجزاء وتقريرهما.
3-
عظم يوم القامة يوم يقوم الناس لرب العالمين ليحكم بينهم ويجزي كلا بعمله خيرا أو شرا.
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)
1 يروي بعضهم أن التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة وأسوأ الناس سرقة من يسرق في صلاته وروي عن سالم بن أبي الجعد: قال الصلاة بمكيال فمن أوفى أُوفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله عز وجل.
2 شاهده قول الشاعر:
ولقد جنيتك اكمؤا وعساقلا
ونهيتك عن بنات الأوبر
والشاهد في قوله جنيتك أي جنيت لك.
3 المطفف مأخوذ من الطفيف وهو القليل، والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصان عن الحق في كيل أو وزن والتطفيف هو النقص من حق المقدار في الموزون والمكيال، وهو مصدر طفف إذا بلغ الطفاف، والطفاف ما قصر عن ملء الإناء من شراب أو طعام، ويطلق الطف على ما تجاوز عرض المكيال فهي زيادة طفيفة أو نقصان طفيف وهما محل النهي وفاء أو نقصان.
4 روى مالك والباز عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشى فيهم الفقر، وما ظهرت الفاحشة فيهم إلا ظهر فيهم الطاعون، وما طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس الله عنهم المطر".
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)
شرح الكلمات:
كلا: أي حقا وأن الأمر ليس كما يظن المطففون.
لفي سجين: سجين علم على كتاب ديوان الشر دون فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة وهو أيضا موضع في أسفل الأرض السابعة فيه سجين الذي هو ديوان الكتب وبه أرواح الأشقياء عامة.
كتاب مرقوم: أي مسطور بين الكتابة فيه أعمالهم.
يوم الدين: أي يوم القيامة الذي هو يوم الحساب والجزاء.
كل معتد: أي ظالم مضيع حقوق ربه تعالى وحقوق غيره.
أثيم: منغمس في الآثام مكثر منها.
أساطير الأولين: أي ما سطره الأولون من القصص والأخبار التي لا تصح.
معنى الآيات:
ما زال السياق في التحذير من الظلم والفسق عن أوامر الرب تبارك وتعالى وقوله تعالى {كَلَّا1} أي ليس الأمر كما يظن المطففون والباخسون للحقوق أنه لا دقة في الحساب والجزاء أو أن مثل هذا لا يكتب ولا يحاسب عليه ولا يجزى به حقاً {إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} أي الظلمة الفاجرين عن الشرع وحدوده {لَفِي سِجِّينٍ} موضع في أسفل الخلق به أرواح الكافرين والظالمين وكتب أعمالهم، وقوله {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ2} أي وما أعلمك يا رسولنا ما سجين تفخيم لشأنه. وقوله {كِتَابٌ3 مَرْقُومٌ} بيان لكتاب الفجار أي أنه مكتوب مسطور أي بين الكتابة، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي العذاب الأليم بوادي الويل يوم القيامة للمكذبين بالله وآياته ولقائه المكذبين بيوم الجزاء والحساب وقوله تعالى:{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ4} يريد ومل يكذب بقيوم الجزاء والحساب إلا كل معتد ظالم متجاوز للحد أثيم مرتكب للذنوب والآثام بفسقه عن أوامر ربه وخروجه عن طاعة الله بغشيانه
1 كلا كلمة ردع وزجر لأولئك الذين يطففون ألا فالينزجوا ويتركوا التطفيف والبخس في الكيل والوزن.
2 الاستفهام للتهويل من شأن سجين.
3 كتاب خبر محذوف المبتدأ والتقدير هو أي كتاب الفجار كتاب مرقوم.
4 الأثيم مبالغة في الإثم أي كثير الإثم والإثم كل اعتقاد أو قول أو عمل ضار قبيح أو فاسد.