الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً
(16)
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللهِ أَحَداً (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً 23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (24)
شرح الكلمات:
على الطريقة: أي الإسلام.
ماء غدقا: أي مالا كثيرا وخيرات كبيرة.
لنفتنهم فيه: أي نختبرهم أيشكرون أم يكفرون.
عن ذكر ربه: أي القرآن وشرائعه وأحكامه.
عذابا صعدا: أي شاقا.
فلا تدعوا: أي فيها مع الله أحدا.
عبد لله يدعوه: أي محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله ببطن نخلة.
عليه لبدا: أي في ركوب بعضهم بعضا تزاحما لأجل أن يسمعوا قراءته.
ضرا ولا رشدا: أي غيا ولا خيرا.
ملتحدا: أي ملتجأ ألجأ إليه فأحفظ نفسي.
إلا بلاغا: أي لا أملك إلا البلاغ إليكم.
وأقل عددا: أي أعوانا المسلمون أم الكافرون.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} أي وأوحى إلي أن لو استقام هؤلاء المشركون من كفار قريش استقاموا على الإيمان والتوحيد والطاعة لله ولرسوله –وهم يشكون القحط- {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً1} فتكثر أموالهم وتتسع أرزاقهم، {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنخبرهم في ذلك الخير الكثير أيشكرون أم يكفرون؟ ثم إن شكروا زادهم، وإن كفروا سلبهم وعذبهم. وقوله تعالى {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} أي القرآن وما يدعوا إليه من الإيمان وصالح الأعمال ولم يتخل عن الشرك وسوء الأفعال {يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً2} أي ندخله في عذاب شاق في الدنيا بالذل والمهانة والفقر والرذيلة والنذالة. وفي الآخرة في جهنم حيث السموم والحميم، والضريع والزقوم. وقوله {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ3 لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللهِ أَحَداً} أي ومما أوحي إلي أن المساجد لله فإذا دخلتموها للعبادة فلا تدعوا فيها مع الله أحدا إذ كيف البيت له وأنت فيه وتدعوا معه غيره زيادة على أن الشرك محرم وصاحبه في النار فإنه من غير الأدب أن يكون المرء في بيت كريم ويدعو معه غيره من فقراء الخلق أو أغنيائهم وقوله {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أي وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه في الصلاة ببطن نخلة كاد الجن أن يكونوا عليه لبدا أي4 كالشيء المتلبد بعضه فوق بعض. وقوله {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} هذا إجابة لقريش عندما قالوا له صلى الله عليه وسلم لقد جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك أي نحفظك فأمر أن يقول لهم إنما أدعوا ربي أي أعبده إلهاًَ واحداً ولا أشرك به أحدا. وأن يقول أيضا إني لا أملك لكم يا معشر قريش الكافرين ضرا ولا رشدا أي ضلالا ولا هداية إنما ذلك لله وحده يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأمر أن يقول لهم أيضا إني لن يجيرني من الله أحد أن أنا عصيته وأطعتكم، ولن أجد من دونه أي من غيره ملتحدا5 أي ملتجأ التجأ إليه. وقوله إلا بلاغاً من الله ورسالاته أي لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغا من الله
1 غدقاً أي واسعاً كبيراً، يقال غدقت العين تغدق فهي غدقة إذا كثر ماؤها. وهذا الوعد الإلهي المشروط هو عام في الناس أجمعين وفي كل زمان ومكان وهو كقوله. ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولما استقام السلف الصالح حصل لهم هذا الموعود كاملا.
2 روى عن ابن عباس أن العذاب الصعد جبل في جهنم يكلفون صعوده وكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت. وهو ضرب من أنواع العذاب في دار الشقاء.
3 جائز أن يكون المراد بالمساجد أعضاء السجود السبعة لحديث إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب أي أعضاء ويقوى هذا الجواز قول عطاء: مساجدك أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها فلا تذللها لغير خالقها. وما في التفسير أولى بالآية.
4 اللبد جمع لبدة بكسر اللام وسكون الباء كقربة وقرب وهي ما تلبد بعضه على بعض ومنه لبدة الأسد وهي الشعر المتراكم في رقبته.
5 شاهده قول الشاعر:
يالهف نفسي ولهفي غير مجدية
عني وما من قضاء الله ملتحد
ورسالته فإني أبلغكم عنه ما أمرني به وأرشدكم إلى ما أرسلني به من الهدى والخير والفوز وقوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} أي يخبر تعالى موعداً أن من يعصي الله بالشرك به وبرسوله بتكذيبه وعدم اتباعه فيما جاء به فإن له جزاء شركه وعصيانه نار جهنم خالدين فيها أبدا. وقوله {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} أي فإن استمروا على شركهم وتكذيبهم حتى إذا رأوا ما يوعدون من عذاب يوم القيامة فسيعلمون عندئذ من أضعف ناصراً أي من ناصره ضعيف أو قوي، ومن أقل عدداً من أعوانه المؤمنون محمد وأصحابه أم هم المشركون المكذبون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
الاستقامة على منهج الله تعالى القائم على الإيمان والطاعة لله ورسوله يفضي بسالكه إلى الخير الكثير والسعادة الكاملة في الدنيا والآخرة.
2-
المال فتنة وقل من ينجح فيها قال عمر رضي الله عنه أينما يكون الماء يكون المال وأينما يكون المال تكون الفتنة.
3-
حرمة دعاء غير الله في المساجد وفي غيرها إلا أنها في المساجد أشد قبحا.
4-
الخير والغير والهدى والضلال لا يملكها إلا الله فليطلب ذلك منه لا من غيره.
5-
معصية الله والرسول موجبة لعذاب الدنيا والآخرة.
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28)
شرح الكلمات:
قل إن أدري: أي قل ما أدري.
ما توعدون: أي من العذاب.
أمدا: أي غاية وأجلا لا يعلمه إلا هو.
فلا يظهر: أي لا يطلع.
من ارتضى من رسول: أي فإنه يطلعه.
رصدا: أي ملائكة يحفظونه حتى يبلغه مع الوحي الذي يبلغه لكافة الناس.
ليعلم: أي الله علم ظهور أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم.
أحصى كل شيء عددا: أي أحصى عدد كل شيء.
معنى الآيات:
قوله تعالى {قُلْ إِنْ أَدْرِي} أمر تعالى رسوله أن يقول للمشركين المطالبين بالعذاب استخفافا وعناداً أو تكذيباً أمره أن يقول لهم ما أدري أقريب ما وعدكم ربكم به من العذاب بحيث يحل بكم عاجلا أم يجعل له ربي1 أمدا أي غاية وأجلا بعيدا يعلمه هو ولا يعلمه غيره. عالم الغيب2 إذ هو عالم الغيب3 وحده فلا يظهر على غيبه أي لا يطلع على غيبه أحدا من عباده إلا من ارتضى من رسول أي رضيه أن يبلغ عنه فإنه يطلعه مع الاحتياط الكافي حتى لا يتسرب الخبر الغيب إلى الناس {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ4 مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} الرسول المرتضى ومن خلفه رصداً من الملائكة ثم يطلعه ضمن الوحي الذي يوحي إليه. وذلك ليعلم الرسول5 صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد بلغت رسالات ربها لما أحاطها تعالى به من العناية حتى انه إذا جاءه الوحي كان معه أربعة ملائكة يحمونه من الشياطين حتى لا يسمعوا خبر السماء فيبلغوه أولياءهم من الإنس، فتكون فتنة في الناس وقوله {وَأَحَاطَ}
1 قرأ نافع ربي بفتح الياء، وقرأ حفص ربي بإسكان الباء ممدودة.
2 عالم نعت لربي. والغيب: ما غاب عن العبادة، ومعنى عالم الغيب أي العليم بكل ما هو غائب عن أعين الناس كالملائكة والجن وما سيحدث من أحداث في الكون.
3 قالت العلماء لما تمدح الله تعالى بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوئتهم وليس المنجم ومن ضاهاه ممن يضرب بالحصى وينظر في الكتب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول يطلعه على ما يشاء من غيبه بل هو كافر بالله مفتر عليه لحدسه وتخمينه وكذبه.
4 فإنه يسلك الخ يعني ملائكة يحفظونه من أن يقرب منه شيطان في صورة الملك فيحفظ الوحي من استراق الشيطان والإلقاء إلى الكهنة.
5 معنى الآية: ليعلم أي محمد صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما أبلغ هو الرسالة. وفي الكلام حذف تقديره أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ.