الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
بيان عقوبة المكذبين لرسل الله وما نزل بهم من العذاب في الدنيا قبل اللآخرة.
2-
بيان أن قوة الإنسان مهما كانت أمام قوة الله تعالى هي لا شيء ولا ترد عذاب الله بحال.
3-
بيان تسهيل الله تعالى كتابه للناس ليحفظوه ويذكروا به، ويعملوا بما جاء فيه ليكملوا ويسعدوا في الحياتين.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ
(23)
فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
شرح الكلمات:
كذبت ثمود بالنذر: أي كذبت قبيلة ثمود وهم قوم صالح بالحجر من الحجاز بالرسل لأن النذر جمع نذير وهو الرسول كما هو هنا.
فقالوا أبشر منا واحداً نتبعه: أي كيف نتبع بشراً واحداً منا إنكاراً منهم للإيمان بصالح عليه السلام.
إناإذاً لفي ضلال وسعر: أي إنا إذا اتبعناه فيما جاء به لفي ذهاب عن الصواب وجنون.
أألقى عليه الذكر من بيننا: أي لم يوح إليه من بيننا أبداً وإنما هو كذاب أشر.
بل هو كذاب أشر: أي فيما ادعى أنه ألقى إليه من الوحي أشر بمعنى متكبر.
ستعلمون غدا: أي في الآخرة.
من الكذاب الأشر: وهو هم المعذبون يوم القيامة بكفرهم وتكذيبهم.
إنا مرسلو الناقة فتنة لهم: أي إنا مخرجو الناقة من الصخر ومرسلوها لهم محنة.
فارتقب واصطبر: أي انتظر وراقب ماذا يصنعون وما يصنع بهم، واصبر على أذاهم.
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم: أي ماء بئرهم مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لها ويوم لهم.
كل شرب محتضر: أي كل نصيب من الماء يحضره قومه المختصون به الناقة أو ثمود.
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر: أي فملوا ذلك الشرب وسئموا منه فنادوا صاحبهم وهو قدار بن سالف ليقتلها فتعاطى السيف وتناوله فعقر الناقة أي قتلها.
إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة: هي صيحة جبريل صباح السبت فهلكوا.
فكانوا كهشيم المحتظر: أي صاروا بعد هلاكهم وتمزق أجسادهم كهشيم المحتظر وهو الرجل يجعل في حظيرة غنمه العشب اليابس والعيدان الرقيقة يحظر بها لغنمه يحفظها من البرد والذئاب.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} هذا القصص الموجز الثالث وهو قصص ثمود قوم صالح فقال تعالى في بيانه {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} أي التي أنذرها نبيها صالح وهي ألوان العذاب كما كذبته فيما جاء به من الرسالة فقالوا في تكذيبهم له عليه السلام: {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ1} أي كيف يتم ذلك منا ويقع؟ عجبٌ هذا إنا إذاً لفي ضلال وسعر إنا إذا اتبعناه وهو واحد لا غير ومنا أيضا فهو كغيره من أفراد القبيلة لفي بعد عن الصواب وذهاب عن كل رشد، وسعر2 أي وجنون أيضا،
1 أي: أنتبع فردا ونترك جماعة؟ قرأ الجمهور: (بشراً) منصوباً على الاشتغال، ورفعه بعضهم على الابتداء، وواحد: نعت يتبع المنعوت في النصب والرفع.
2 السعر: الجنون، والمسعور: المجنون قال الشاعر:
تخال بها سعراً إذا السفر هزها
ذميل وايقاع من السير متعب
يصف ناقته بالسعر لشدة نشاطها.
وقالوا مستنكرين متعجبين {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} أي متكبر.
قال تعالى رداً عليهم سيعلمون غدا يوم ينزل بهم العذاب ويوم القيامة أيضا من الكذاب الأشر أصالح أم هم، لن يكونوا إلا هم فهم الذين أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
وقوله تعالى: {إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي كما طلبوا إذ قالوا لصالح إن كنت رسول الله حقا فسله يخرج لنا من هذه الصخرة في هذا الجبل ناقة فقام يصلي ويدعو وما زال يصلي ويدعو حتى تمخض1 الجبل وخرجت منه ناقة عشراء آية في القوة والجمال، وقال لهم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم أليم. ومعنى فتنة لهم أي امتحاناً واختباراً لهم هل يؤمنون أو يكفرون، ولذا قال تعالى لصالح فارتقبهم واصطبر2 أي انظر إليهم وراقبهم من بعد واصطبر على أذاهم. ونبئهم أي أخبرهم بأمرنا أن الماء ماء بئرهم الذي يشربون منه قسمة بينهم3 أي مقسوم بينهم للناقة يوم وللقبيلة يوم، وقوله كل شرب4 محتضر أي كل نصيب خاص بصاحبه يحضره دون غيره. وما تشربه الناقة من الماء نحيله إلى لبن خالص وتقف عند كل باب من أبواب المدينة ليحلبوا من لبنها وطالت المدة وملوا اللبن والسعادة فنادوا صاحبهم غدار بن سالف عاقر الناقة فتعاطى5 السيف وتناوله وعقرها بضرب رجليها بالسيف ثم ذبحها. وقوله تعالى {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي} الذي أنزلته بهم بعد عقر الناقة كيف كان إنذاري لهم أما العذاب فقد كان أليماً وأما الإنذار فقد كان صادقاً، والويل للمكذبين. وهذا بيانه قال تعالى {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} هي صيحة جبريل عليه السلام فانخلعت لها قلوبهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} 6 أي ممزقين محطمين مبعثرين هنا وهنا كحطب وخشب وعشب الحظائر التي تجعل للأغنام.
1 قال القرطبي: روي أن صالحاً صلى ركعتين ودعا فانصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها، فخرجت ناقة عشراء وبراء.
(واصطبر) أصل الكلمة واصتبر قلبت التاء طاءً موافقة للصاد في الإطباق.
3 روي عن جابر قال: لما نزل الحجر في مغزى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك قال: "أيها الناس لا تسألوا في هذه الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله لهم ناقة فبعث الله عز وجل إليهم الناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوما وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غبها".
4 الشرب بكسر الشين: الحظ من الماء، ومعنى محتضر: أي يحضره من هو له دون غيره إذ هو من الحضور خلاف الغياب.
(فتعاطى) مضارع عاطاه معاطاة وهو مشتق من عطا يعطو: إذا تناول ما يطلبه من شيء كأنهم كانوا مترددين في عقرها كل واحد يريد إعطاء غيره آلة العقر حتى أخذها غدار وعقرها.
6 المحتظر: اسم فاعل: الرجل الذي يتخذ الحظائر لغنمه من الحطب والعيدان وأغصان الشجر.