المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أي أنجز لهم هذا لأنه وعد صدق وعدهم فأنجزه لهم، - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٥

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ الدخان

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(17)

- ‌(25)

- ‌(34)

- ‌(43)

- ‌(51)

- ‌ الجاثية

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(33)

- ‌ الأحقاف

- ‌1

- ‌(7)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(29)

- ‌ محمد

- ‌1

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌ الفتح

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌(27)

- ‌ 1

- ‌ ق

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(23)

- ‌(31)

- ‌ الذاريات

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(31)

- ‌(52)

- ‌ الطور

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(44)

- ‌(1

- ‌النجم

- ‌(19)

- ‌(33)

- ‌(55)

- ‌ القمر:

- ‌(9)

- ‌(17)

- ‌(23)

- ‌(33)

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌الرحمن:

- ‌(14)

- ‌(26)

- ‌(37)

- ‌(46)

- ‌(62)

- ‌(1

- ‌ الواقعة:

- ‌(13)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌1

- ‌الحديد

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(29)

- ‌ المجادلة

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(14)

- ‌(20)

- ‌ الْحَشْرِ

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(11)

- ‌4

- ‌(7)

- ‌(12)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌ الجمعة

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ المنافقون

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌ التغابن

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(11)

- ‌(14)

- ‌(1)

- ‌ الطلاق

- ‌(3)

- ‌4

- ‌6

- ‌1

- ‌(9)

- ‌ الملك

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(28)

- ‌القلم

- ‌1

- ‌(8)

- ‌(17)

- ‌الحاقة

- ‌1:

- ‌(19)

- ‌(38)

- ‌(1

- ‌ المعارج:

- ‌ نوح

- ‌(1)

- ‌5)

- ‌(25)

- ‌(1)

- ‌الْجِنُّ

- ‌(16)

- ‌ المزمل

- ‌1

- ‌(20)

- ‌ المدثر

- ‌1

- ‌(31)

- ‌ الْقِيَامَةِ

- ‌(1

- ‌(16)

- ‌(26)

- ‌ الإنسان

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(23)

- ‌(1

- ‌المرسلات

- ‌(16)

- ‌(29)

- ‌(41)

- ‌ النبأ

- ‌(1)

- ‌(31)

- ‌ النازعات

- ‌(1)

- ‌ عبس

- ‌(1)

- ‌(17)

- ‌(33)

- ‌ التكوير

- ‌(1)

- ‌(1

- ‌(13)

- ‌ المطففين

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(29)

- ‌ الانشقاق

- ‌(1)

- ‌(16)

- ‌ البروج:

- ‌1}

- ‌(12)

- ‌ الطارق

- ‌ الأعلى

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌الغاشية:

- ‌1

- ‌(17)

- ‌ الفجر

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(21)

- ‌(1

- ‌ البلد:

- ‌(1

- ‌ الشمس

- ‌ الليل

- ‌1

- ‌ الضحى

- ‌ التين

- ‌ العلق

- ‌(1)

- ‌6

- ‌ القدر

- ‌ البينة

- ‌1

- ‌(6)

- ‌ الزلزلة

- ‌ العاديات

- ‌ القارعة

- ‌ التكاثر

- ‌ العصر

- ‌ الهمزة

- ‌ الفيل

- ‌ قريش

- ‌ الماعون

- ‌ الكوثر

- ‌ الكافرون

- ‌ النصر

- ‌ المسد

- ‌ الإخلاص

- ‌ الفلق

- ‌ الناس

- ‌ خاتمة الطبعة الأولى والثانية

- ‌خاتمة الطبعة الثالثة

الفصل: أي أنجز لهم هذا لأنه وعد صدق وعدهم فأنجزه لهم،

أي أنجز لهم هذا لأنه وعد صدق وعدهم فأنجزه لهم، وقوله {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} أي في الكتاب مثل قوله تعالى {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} الآية.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

وجوب البر بالوالدين بطاعتهما في المعروف والإحسان بهما بعد كف الأذى عنهما.

2-

الإشارة إلى أن مدة الحمل قد تكون ستة أشهر فأكثر، وأن الرضاع قد يكون حولين فأقل.

3-

جواز التوسل بالتوبة إلى الله والانقياد له بالطاعة.

4-

فضيلة آل أبي بكر الصديق على غيرهم من سائر الصحابة ما عدا آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

5-

بشارة الصديق وأسرته بالجنة، إذ آمنوا كلهم وأسلموا أجمعين وماتوا على ذلك.

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ‌

(17)

أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)

شرح الكلمات:

والذي قال لوالديه: الذي اسم موصول استعمل استعمال الجنس فدل على متعدد بدليل الخبر عنه وهو أولئك الذين حق عليهم القول.

ص: 55

أفٍ لكما: أي نتناً وقبحاً لكما.

أن اخرج: أي من القبر حيا بعد موتي.

وقد خلت القرون: أي مضت الأمم قبلي ولم يخرج منها أحد من قبره.

وهما يستغيثان الله: أي يطلبان الغوث برجوع ولدهما إلى الإيمان بعد الإلحاد والكفر.

ويلك آمن: أي يقولان له إن لم ترجع ويلك أي هلاكك أي هلكت آمن بالبعث.

إن وعد الله حق: وقد وعد العباد بالرجوع إليه ومحاسبتهم على أعمالهم ومجازاتهم بها.

فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين: أي ما القول بوجود بعث للناس أحياء بعد الموت إلا أكاذيب الأولين.

أولئك الذين حق عليهم القول: أي وجب عليهم القول بالعذاب يوم القيامة.

في أمم قد خلت من قبلهم: أي في جملة أمم قد مضت من قبلهم من الجن والإنس.

ولكل درجات مما عملوا: أي ولكل من المؤمنين البارين، والكافرين الفاجرين درجات مما عملوا درجات المؤمنين في الجنة ودرجات الكفار في النار.

أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا: أي يقال لهم أذهبتم طيباتكم باشتغالكم بملذاتكم في الدنيا.

واستمتعتم بها: أي تمتعتم بها في الحياة الدنيا.

فاليوم تجزون عذاب الهون: أي جزاؤكم عذاب الهوان.

بما كنتم تستكبرون في الأرض: أي تتكبرون في الأرض.

بغير الحق: أي إذ لا حق لكم في الكبر والكبرياء لله، ولم يأذن لكم فيه.

وبما كنتم تفسقون: أي تخرجون عن طاعة الله ورسوله.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى الرجل المؤمن وأعماله الصالحة ومواقفه المشرفة ذكر هنا الرجل الكافر وأعماله الباطلة ومواقفه السيئة وذلك من باب الدعوة إليه تعالى للترغيب والترهيب فقال تعالى {وَالَّذِي1

1 قيل: إن هذه الآية نزلت في أحد ابني أبي بكر الصديق عبد الرحمن أو عبد الله وأنكرت عائشة رضي الله عنها ذلك، ومن قال به رد اسم الإشارة (أولئك الذين حق عليهم القول..) إلى من طالب الولد بإحيائهم ممن ماتوا على الشرك لأن كلا من عبد الله وعبد الرحمن قد أسلم وحسن إسلامه استجابة الله دعوة أبي بكر.

ص: 56

قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي1 أَنْ أُخْرَجَ2 وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} يخبر الله تعالى عن أخبث إنسان هو ذاك الملحد العاق لوالديه المنكر للبعث والجزاء إذ قال لوالديه أمه وأبيه أف لكما أي نتناً وقبحا لكما أتعدانني بأن أخرج من قبري حياً بعد ما مت، وقد مضت أمم وشعوب قبلي، وما خرج منها أحد من قبره فكيف تعدانني أنتما ذلك إن هذا لتخلف عقلي وتأخر حضاري وقوله تعالى {وَهُمَا 3يَسْتَغِيثَانِ اللهَ} أي ووالداه يستغيثان الله ويستصرخانه طلبا إغاثتهما بهداية ولدهما الملحد الشيوعي، ويقولان للولد ويلك أي هلاكك حضر يا ولد هلكت آمن بالبعث والجزاء وصل وصم واترك الزنا والخمر ويلك إن وعد الله حق أي إن ما وعد الله به عباده من إحيائهم للحشر والحساب والجزاء حق فلا يتخلف أبدا فيرد عليهما الولد الملحد الدهري ابما أخبر تعالى به عنه في قوله فيقول {مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ4} أي أكاذيبهم التي كانوا يعيشون عليها ويقصونها في مجالسهم، وبما أن الذي قال لوالديه لفظه مفرد ولكنه دال على جنس كان الخبر جمعا فقال تعالى في الإخبار عنهم {أُولَئِكَ الَّذِينَ5 حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي القول بالعذاب الدال عليه قوله تعالى {لأمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ، وفي قوله {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} أي في جملة أمم سبقتهم في الإلحاد والكفر من العالمين عالم الجن وعالم الإنس وقوله {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ6} وأي خسران أعظم من عبد يخسر نفسه وأهله ويعش في جهنم خالدا فيها أبدا. وقوله تعالى {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ7 مِمَّا عَمِلُوا} أي ولكل من المؤمنين البارين والكافرين العاقين درجات مما عملوا من خير أو شر إلا أن درجات المؤمنين في الجنة تذهب في علو متزايد ودرجات الكافرين في النار تذهب في سفل متزايد إلى أسفل سافلين. وقوله تعالى {وَلِيُوَفِّيَهُمْ8 أَعْمَالَهُمْ} كاملة غير منقوصة الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها وهم لا يظلمون بنقص حسنة ولا بزايدة سيئة. وقوله تعالى {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ} أي اذكر يا رسولنا لهؤلاء المشركين يوم يعرضون على النار ويقال لهم في توبيخ وتقريع {أَذْهَبْتُمْ

(أتعدانني) الاستفهام للإنكار والتعجب.

(أن أخرج) أي: من قبري حياً بعد موتي وفنائي، إنكاراً منه للبعث الآخر.

3 وقد أجاب الله دعاء أبي بكر وزوجه أم الرمان حيث أسلم ابنهما رضي الله عنهم أجمعين.

(أساطير الأولين) أي: أحاديثهم وما سطروه مما لا أصل له.

5 الإشارة هنا إلى أولئك الذين ذكرهم ابن أبي بكر كعبد الله بن جدعان وعثمان بن عمرو ومشايخ قريش فقال أين فلان وأين فلان إنكاراً منه للحياة بعد الموت.

6 خسروا أعمالهم حيث ضاع سعيهم في الحياة الدنيا وخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.

(ولكل) التنوين عوض أي: لكل من الفريقين المؤمنين والكافرين الأبرار والفجار درجات مما عملوا، وهي مراتبهم التي لهم في الجنة أو في النار.

8 قرأ الجمهور (ولنوفيهم) بالنون وقرأ حفص (وليوفيهم) بالياء.

ص: 57

طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} أي بإقبالكم على الشهوات والملاذ ناسين الدار الآخرة فاستمتعتم بكل الطيبات ولم تبقوا للآخرة شيئا {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} أي الهوان {بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} إذ لاحق لكم في الكبر لضعفكم وعجزكم إنما الكبرياء لله الملك الحق أما أنتم فقد ظلمتم باستكباركم عن الإيمان بربكم ولقائه

وعن طاعته {وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} أي وبفسقكم عن طاعة ربكم وطاعة رسوله. إذاً فادخلوا جهنم داخرين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

حرمة عقوق الوالدين وأنها من الكبائر.

2-

بيان حنان الوالدين وحبهما لولدهما وبذل كل ما يقدران عليه من أجل إسعاده وهدايته.

3-

التحذير من الانغماس في الملاذ والشهوات والاستمتاع.

4-

التحذير من الكبر والفسق وأن الكبر من أعمال القلوب والفسق من أعمال الجوارح.

5-

مدى فهم السلف الصالح لهذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} .

1) قرأ يزيد حتى بلغ {وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} ثم قال تعلمون والله إن أقواما يسترطون حسناتهم استبقى رجل طيباته إن استطاع ولا قوة إلا بالله.

2) روي أن عمر بن الخطاب كان يقول لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وألينكم لباسا، ولكن استبقي طيباتي.

وذكر أنه لما قدم الشام صنع له طعام لم ير قبله مثله، قال هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال له خالد بن الوليد لهم الجنة، فاغرورقت عينا عمر رضي الله عنه وقال لئن كان حظنا الحطام وذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا.

وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (23)

ص: 58

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)

شرح الكلمات:

واذكر أخا عاد: أي نبي الله هودا عليه السلام.

إذ أنذر قومه بالأحقاف: أي خوف قومه عذاب الله بوادي الأحقاف.

وقد خلت النذر: أي مضت الرسل.

من بين يديه ومن خلفه: أي من قبله ومن بعده إلى أممهم.

ألا تعبدوا إلا الله: أي أنذروهم بأن لا يعبدوا إلا الله.

إني أخاف عليكم: أي إن عبدتم غير الله.

عذاب يوم عظيم: أي هائل بسبب شرككم بالله وكفركم برسالتي.

أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا: أي لتصرفنا عن عبادتها.

فأتنا بما تعدنا: أي من العذاب على عبادتها.

إن كنتم من الصادقين: أي في أنه يأتينا قطعا كما تقول.

قل إنما العلم عند الله: أي علم مجيء العذاب ليس لي وإنما هو لله وحده.

وأبلغكم ما أرسلت به إليكم: أي وإنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلني به ربي إليكم.

ولكني أراكم قوما تجهلون: أي حظوظ أنفسكم وما ينبغي لها من الإسعاد والكمال وإلا كيف تستعجلون العذاب مطالبين به.

فلما رأوه عارضا: أي رأوا العذاب سحابا يعرض في الأفق.

مستقبل أوديتهم: أي متجها نحو أوديتهم التي فيها مزارعهم.

قالوا هذا عارض ممطرنا: أي قالوا مشيرين إلى السحاب هذا عارض ممطرنا.

بل هو ما استعجلتم به: أي ليس هو بالعارض الممطر بل العذاب الذي استعجلتموه.

ريح تدمر كل شيء: أي ريح عاتية تهلك كل شيء تمر به.

بأمر ربها: أي بإذن ربها تعالى.

ص: 59

فأصبحوا لا يرى إلا مساكتهم: أي أهلكتهم عن آخرهم فلم يبق إلا مساكنهم.

كذلك نجزي القوم المجرمين: أي كذلك الجزاء الذي جازينا به عاداً قوم هود وهو الهلاك الشامل نجزي المجرمين من سائر الأمم.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى {وَاذْكُرْ} أي لقومك للعبرة والاتعاظ {أَخَا عَادٍ} وهو هود عليه السلام والأخوة هنا أخوة نسب لا دين. إذ كره {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} إذ خوفهم عذاب الله إن لم يتوبوا إلى الله ويوحدوه، والأحقاف وادي القوم1 الذي به مزارعهم ومنازلهم وهو ما بين حضرموت ومهرة وعُمان جنوب الجزيرة العربية. وقوله {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ2 مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِه} أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده في أممهم. أي لم يكن هود أول نذير، ولا أمته أول أمة أنذرت العذاب وقوله {لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ} أي كل رسول أنذر أمته عاقبة الشرك فأمرهم أن لا يعبدوا إلا الله، وهو بمعنى لا إله إلا الله التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وسلم أمته فهي أمر بعبادة الله وترك الشرك فيها، وقوله {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يوم هائل عظيم وهو يوم القيامة، فكان رد القوم ما أخبر تعالى به في قوله {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا3} أي تصرفنا عن عبادة آلهتنا. {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} أي من العذاب {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فيما4 توعدنا به وتهددنا، فأجابهم هود عليه السلام بما أخبر تعالى به عنه بقوله {قَالَ} أي هود {إِنَّمَا 5الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ} أي علم مجيء العذاب وتحديد وقته هذا ليس لي وإنما هو لله منزله، فمهمتي أن أنذركم العذاب قبل حلوله بكم وأبلغكم ما أرسلت به إليكم من الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والمعاصي، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ6} أي بما يضركم وما ينفعكم في الدنيا والآخرة وإلا كيف تستعجلون العذاب وتطالبون به إذ المفروض أن تطلبوا الرحمة والسعادة لا العذاب والشقاء قوله تعالى7 {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} أي فلما رأى قوم هود العذاب متجها

1 الأحقاف: جمع حقف بكسر وسكون: الرمل العظيم المستطيل.

2 جائز أن تكون (النذر) جمع نذارة، وكونها الرسل هو الذي عليه المفسرون.

3 الاستفهام إنكاري والإفك، بفتح الهمزة الصرف، وبالكسر الكذب أو أسوأه.

4 جواب الشرط محذوف دل عليه ما تقدمه وهو: (فأتنا بما تعدن) ولفظ الصادقين، أبلغ في الوصف مما لو قالوا، إن كنت صادقاً.

(ال) في (العلم) للاستغراق العرفي أي: علم كل شيء، ومنه علم وقت مجيء العذاب.

6 أي: تجهلون صفات الله تعالى وحكمة إرسال الرسل، وتجهلون حتى ما ينفعكم وما يضركم وإلا فكيف تطالبون بالعذاب، كما في التفسير.

7 الفاء هنا: للتفريع فما ذكر بعدها متفرع عما تقدمها من قصة هود مع قومه.

ص: 60

نحو أوديتهم التي بها مزارعهم ومنازلهم {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ1 مُمْطِرُنَا} أي هذا سحاب يعرض في السماء ذاهباً صوب وادينا ليسقينا، وهو معنى قوله {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} أي ممطر أراضينا المصابة بالجفاف الشديد. قال تعالى {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي ليس بالسحاب الممطر بل هو العذاب الذي طالبتم به لجهلكم وخفة أحلامكم، وبينه بقوله {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي تحمل في ثناياها العذاب الموجع، تدمر كل شيء تمر به فتهلكه {بِأَمْرِ رَبِّهَا} أي بإذنه وقد أتت عليهم عن آخرهم ولم ينج إلا هود والذين آمنوا معه برحمة من الله خاصة، {فَأَصْبَحُوا لا2 يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} أي لا يرى الرائي إذا نظر إليهم إلا مساكنهم خالية ما بها أحد. قال تعالى {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ3} أي كهذا الجزاء بالدمار والهلاك نجزي المجرمين أي المفسدين أنفسهم بالشرك والمعاصي.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

بيان سنة الله في الأمم في إرسال الرسل إليهم.

2-

وبيان مهمة الرسل وهي النذارة والبلاغ.

3-

بيان سفه وجهل الأمم التي تطالب بالعذاب وتستعجل به.

4-

بيان أن عاداً أهلكت بالريح الدبور، وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نصر بريح الصبا كما في الحديث الصحيح.

5-

بيان سنة الله تعالى في إهلاك المجرمين وهم الذين يصرون على الشرك والمعاصي.

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) وَلَقَدْ

1 العارض: السحاب الذي يعترض جو السماء، والاستقبال التوجه نحو الشيء ليكون قبالته.

2 قرأ الجمهور ومنهم نافع: (لا ترى) بالتاء المفتوحة، وقرأ حفص وغيره (لا يرى) بالياء والبناء للمجهول، والمراد بالمساكن: آثارها وبعض الجدران الشاخصة منها.

3 في الآية دليل على إفساد الإجرام وأنه سبب كل هلاك، وحقيقته: أنه إفساد الروح بالشرك والمعاصي فعلا وتركاً.

ص: 61

أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)

شرح الكلمات:

ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه: أي ولقد مكنا قوم عاد من القوة التي لم نمكنكم أنتم من مثلها.

وجعلنا لهم سمعا وأبصاراً: وجعلنا لهم أسماعاً وأبصاراً.

فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء: أي من الإغناء

إذ كانوا يجحدون بآيات الله: أي لعلة هي أنهم كانوا يجحدون بآيات الله وهي حججه البينة.

وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون: أي نزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به.

ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى: أي من أهل القرى كعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.

وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون: أي كررنا الحجج وضربنا الأمثال ونوعنا الأساليب لعلهم يرجعون إلى الحق فيؤمنون ويوحدون.

فلولا نصر الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة: أي فهلا نصرهم بدفع العذاب عنهم الذين اتخذوهم من دون الله آلهة يتقربون بهم إلى الله في زعمهم.

بل ضلوا عنهم: أي غابوا عنهم عند نزول العذاب.

وذلك إفكهم وما كانوا يفترون: أي خذلان آلهتهم لهم وعدم نصرتهم لهم بل غيابهم عنهم هو إفكهم وافتراؤهم الذي كانوا يفترونه.

معنى الآيات:

ما زال السياق في مطلب هداية قريش أنه لما قص تعالى عليهم قصة عاد وتجلت فيها عظات كثيرة وعبرة كبيرة قال لهم {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ1} أي قوم عاد مكناهم في الأرض فأعطيناهم من مظاهر

1 الجملة في محل نصب على الحال من واو الجماعة في قوله: (قالوا أجئتنا) والكلام مستعمل من عدم انتفاعه بما مواهب عقولهم.

ص: 62

القوة المادية {فِيمَا إِنْ1 مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ2} أنتم يا معشر كفار قريش وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة أي قلوباً فيما أغنى عنهم سمعهم أي أسماعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء من الإغناء إذ كانوا يجحدون بآيات الله أي بحججه وبيناته الدالة على وجوب توحيده وحاق أي نزل بهم العذاب الذي كانوا إذا خوفوا به وأنذروا استهزأوا وسخروا وقوله تعالى {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى} كعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين وقوله {وَصَرَّفْنَا الْآياتِ} أي وكررنا الحجج وضربنا الأمثال ونوعنا العظات والعبر لعلهم يرجعون إلى الحق الذي انصرفوا عنه وهو التوحيد والاستقامة فأبوا إلا الإصرار على الشرك والباطل فأهلكناهم.3 فلولا أي فهلا نصرهم الذين4 اتخذوهم من دون الله قرباناً آلهة يتقربون بها إلى الله في زعمهم والجواب ما نصروهم بل ضلوا عنهم أي غابوا فلم يعثروا عليهم بالكلية. قال تعالى {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ5 وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي ذلك الذي تم لهم من الخذلان والعذاب هو إفكهم أي كذبهم وافتراؤهم الذي كانوا يعيشون عليه قبل هلاكهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1-

بيان أن الإعراض عن دين الله والإصرار على الفسق عن أمر الله، والاستمرار على الخروج على طاعته إذا استوجب صاحبه العذاب ونزل به لم يغن عنه ذكاؤه ولا دهاؤه ولا علمه وحضارته ولا علوه وتطاوله.

2-

بيان أن الآيات والحجج وضرب الأمثال وسوق العبر والعظات لا تنفع في هداية العبد، إذا لم يرد الله هدايته {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ} ويحيق به العذاب ويهلكه جزاء تكذيبه وكفره وإعراضه وفسقه.

1 {فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} (ما) موصولة و (إن) نافية عدولا عن النفي بما حتى لا تجتمع ميمان، الموصولة والنافية ارتقاء في الأسلوب.

2 التمكين: إعطاء المكنة: بفتح الميم وكسر الكاف وهي: القدرة والقوة، يقال: مكن من كذا وتمكن إذا قدر عليه، وكنه أقدره عليه.

3 أصل لولا إذا دخلت على الجملة الفعلية كانت للتحضيض على تحصيل ذلك الفعل فإذا كان الفاعل غير المخاطب بالكلام كانت للتوبيخ، إذ لا طائل في تحضيض المخاطب على فعل غيره، والإتيان بالموصول لما في الصلة من التنبيه على الخطأ والغلط في عبادة الأصنام التي لم تغن عنهم شيئاً كقول الشاعر:

إن الذين ترونهم إخوانكم

يشقي غليل صدورهم أن تصرعوا

4الكلام تضمن التوبيخ للأمم الهالكة على شركهم وعنادهم لرسلهم تعريضاً بقريش المصرة على الخطأ نفسه الذي هلكت به الأمم المجاورة لها لعلهم يتذكرون فيتوبون.

(وذلك إفكهم) هذه فذلكة قوله تعالى: {فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا} الخ والإشارة إلى ما تضمنه قوله: اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة والافتراء نوع من الكذب كابتكار الأخبار الكاذبة، ويرادف الاختلاق.

ص: 63