المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد المؤرخون القدامى: القرن الأول والثانى الهجري ظل التاريخ الإِسلامى -دون غيره- - الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي

[محمد مظهر صديقي]

الفصل: ‌ ‌تمهيد المؤرخون القدامى: القرن الأول والثانى الهجري ظل التاريخ الإِسلامى -دون غيره-

‌تمهيد

المؤرخون القدامى: القرن الأول والثانى الهجري

ظل التاريخ الإِسلامى -دون غيره- هدفًا لهجمات مغرضة من بين تواريخ دول العالم، ولا يزال حتى الآن هدفًا لهذه الهجمات المتنوعة التى أخذت أشكالاً مختلفة وفى مقدمتها: العصبيات القبلية، ومصالح الشعوب والجماعات المختلفة ومسلك كل منها، والاختلافات السياسية.

وقد مثلت هذه الأمور بداية تلك الهجمات، ذلك لأن مصادر التاريخ الإِسلامى التى كتبت فى الأمصار العراقية، وبخاصة فى الكوفة والبصرة وبغداد، لم تنج من تعصب المؤلفين ورواة الأخبار الذين لم يبتعد أكثرهم عن العصبية بكافة أنواعها.

ومع أن هناك مؤلفين ورواة أوائل كتبوا فى السيرة، والمغازي وتوافرت الثقة فيهم من أمثال: أبان بن عثمان (المتوفى 101 - 105 هـ/ 719 - 724 م)، وعروة بن الزبير (المتوفى 94 هـ/ 712 م)، وعبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم (المتوفى 130 هـ/ 747 م)، وعاصم بن عمر ابن قتادة (المتوفى سنة 119 هـ/ 736 م)، وابن شهاب الزهري (المتوفى سنة 124 هـ/ 741 م)، وموسى بن عقبة (المتوفى 141 هـ/ 759 م)، ومعمر بن راشد (المتوفى 154 هـ/ 762 م)، وغيرهم من الثقات الذين يعتد بمؤلفاتهم، لكن هناك أيضًا من هم من أمثال شرحبيل بن سعد (المتوفى 133 هـ/ 740 م)، ووهب بن منبه (المتوفى 110 هـ/ 728 م)، ومحمد بن

ص: 9

إسحاق (المتوفى 150 هـ لم 768 م) وأبي معشر السندي (المتوفى 170 هـ/ 788 م)، ومحمد بن عمر الواقدي (التوفى 207 هـ/ 823 م)، وهشام بن محمد بن سائب الكلبي (المتوفى 204 هـ/ 820 م)، ومحمد بن سعد (المتوفى 230 هـ، 844 م)، وغيرهم ممن يوجه لهم النقد نظرًا لما اتصفت به كتاباتهم من إفراط وتفريط. ومع أنه قد ظهر من بينهم من لم يثبت ضده أي نقد موجه من أهل الجرح والتعديل، فى ضوء الأبحاث الجديدة، إلا أنه من الصحيح أيضًا أنه صدرت عنهم روايات ضعيفة بل موضوعة.

ويعتبر أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي (المتوفى 157 هـ/ 774 م) من رواة ومؤلفى الحوليات، وهو بالإِضافة إلى تدوينه وتحقيقه بل وتعصبه لتاريخ قبيلته " أزد " كان أيضًا معبرًا عن وجهات نظر الشيعة كما كان مخالفًا للروايات الشامية. وها هو سيف بن عمر التميمي (المتوفى 180 هـ/ 796 م) يكتب عن أعمال ومآثر قبيلته تميم بمبالغة شديدة، ويخلط كتاباته بعناصر رومانية، بينما يتهم عوائد بن حكم الكلبي (المتوفى 147 هـ/ 764 م) بتلفيق روايات مكذوبة لصالح الأمويين والشاميين.

وسواء كان الاتهام الموجه إليه صحيحًا أم غير صحيح، إلا أن هناك بالضرورة ما يدل على ميوله الأموية فى رواياته. ويفهم من خلال الدراسة التحليلية أن جميع رواة ومؤلفي الحوليات تقريبًا يدخل فى عملهم عُنصر العصبية القبلية بصورة واضحة تمامًا، كما أنهم من الناحية السياسية كانوا يعبرون عن وجهات نظر قبائلهم. ويتحدثون بلسان هذه القبائل.

ومع أن جميع المؤرخين وكتاب السير يتفقون بصورة عامة على أن روايات على بن محمد المدائني (المتوفى 225 هـ/ 840 م) كانت معتبرة وموثوقًا بها، وأنها قائمة على منهج تاريخي صحيح وتتفق تمامًا مع العقل والقياس، إلا أن بعض رواياته ضعيفة ولا تخلو من ميول مذهبية، وفكرية. وهذه حقيقة

ص: 10

تاريخية سلم بها المؤرخون والمحدثون بصفة عامة، وهي أن جميع الروايات التاريخية التي جمعت في الأمصار العراقية: الكوفة والبصرة خاضعة للعصبية.

[وجميع رواة الحوليات ينتمون في معظمهم لهاتين المدينتين]، وكذلك الشأن في الكتب التي كتبت عن موضوعات التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية فيما بعد -وبخاصة بعد تعمير بغداد وتطويرها كعاصمة للخلافة العباسية- فهذه الكتب كانت تضم أحكامًا وأفكارًا ضد الأمويين، وكانت هناك أسباب عدة لهذا الأمر:

أولها: أن عصر خلفاء بني أمية بدأ فورًا بعد عصر الخلافة الرشيدة، مما جعل المقارنة بين حكام العصرين أمرًا طبيعيًا، وهي مقارنة كان وضع الأمويين فيها ضعيفًا دائمًا

بالنسبة للخلفاء الراشدين قمة الحضارة الإِسلامية بعد الرسول.

وثانيها: أن نتيجة بعض أعمال خلفاء بني أمية أدت إلى بدء حركة تمثلت في الطعن فيهم، وهو طعن لم ينج منه الصحابة الكرام الذين ينتمون إلى البيت الأموي!!

وثالثها: الحسد أو التنافس السياسي الذي ظل قائمًا بين العراق والشام منذ البداية؛ إذْ كانت الشام مركزًا للخلافة الأموية بينما كان العراق المعارض السياسي والمعارض " المذهبي " للشام.

ورابعها: أن الخلافة العباسية قامت على أساس معارضة الأمويين، وبالتالي أصبحت الروايات والكتب التاريخية في العالم يسودها طابع العداء للأمويين.

المؤرخون العالميون:

يُعَدُّ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) العصر الذهبي لتدوين التاريخ الإِسلامي حين ظهرت على الملأ المآثر العلمية للمؤرخين والمؤلفين الكبار.

ص: 11

فها هو كتاب " السيرة النبوية " الذي كتبه عبد الملك بن هشام (المتوفى 218 هـ/ 833 م) والموسوعة التي تعد طبقًا لأبحاث زماننا أكمل وأول مؤلف عن السيرة وصلنا حتى اليوم.

ومع أن هناك ثقة يدعمها الاطمئنان بما لدى ابن هشام من قدرة منهجية، إلا أن العديد من الروايات عنده -رغم احتياطه الكامل- لا يمكن أن توضع على محك عِلْمَي الرواية والدراية، هذا بالإضافة إلى أننا نلاحظ ميله إلى القبائل الجنوبية وبعض الأفراد، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على تأثير عامل العصبية القبلية لديه.

أما إمام علم التاريخ في هذا القرن فهو محمد بن جرير الطبري (المتوفى 310 هـ/ 923) ورغم الإجماع على إمامته التاريخية إلا أن من المعروف أنه جمع في كتابه العظيم " تاريخ الرسل والملوك " الروايات المسندة إسنادًا صحيحًا وغيرها من الروايات غير الصحيحة، وقد جمع الروايات الصحيحة والروايات الضعيفة والموضوعة في سياق واحد!! ولم يدرسها أو يحللها أو يكشف ضعفها، وكان من نتيجة ذلك أن أصبح من الصعب على القارىء العادي أن يميز الصحيح من الخطأ فيها.

وقد شاع قول النقاد والمحدثين فيه: " بأنه جامع للروايات أكثر منه مؤرخًا " وهو رأي صحيح إلى حد ما، وربما أدرك هو نفسه ذلك وشعر به!!!

أما كتب أحمد بن يحيى البلاذري (المتوفي 279 هـ/ 892 م) فتعد من أهم المصادر فيما يتعلق بتدوين تاريخ القرون الأولى، لأنه وضع الروايات العراقية جنبًا إلى جنب مع الروايات الشامية، لكنه لا يعرض التاريخ بصورة مترابطة ومسلسلة، وهو في بعض الأوقات يقبل الروايات الضعيفة.

ص: 12

أما أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي (المتوفى سنه 292 هـ/ 903 م) فهو مؤرخ شيعي بصورة أساسية، ورغم ذلك تقلّ عنده عناصر المبالغة والأسلوب الخرافي الأسطوري، إذا ما قورن بالآخرين. وعلى العكس منه أبو حنيفة الدينوري (المتوفى 282 هـ/ 895 م) والذي لجأ إلى الأسلوب الأسطوري الخالص، رغم أن موضوع بحثه كان واسعًا، ويتضمن أمم العالم المختلفة.

هذا بينما يعدّ مواطنه ابن قتيبة الدينوري (المتوفى 276 هـ/ 889 م) مؤرخًا حقيقيًا ومعترفًا به بصورة عامة على أنه ثقة، مع أن تاريخه من ناحية أخرى يفتقد طابع التسلسل التاريخي في كتاباته!!

وكان معظم مؤلفي القرن الرابع حتى السادس الهجري (العاشر حتى الثاني عشر الميلادي) يتمتعون بإحساس ناضج بالتاريخ، إلا أن توجههم الأساسي كان لعصرهم دون غيره من العصور، واكتفوا بالأخذ عن شيوخهم الكبار السابقين ما يحتاجون إليه من أخبار قرون التاريخ الإِسلامي الأولى.

ويعد على بن حسين المسعودي (المتوفى 345 هـ/ 956 م) ومعه حمزة الأصفهاني (المتوفى 360 هـ/ 970 م) من أهم المؤرخين ويفهم من تعليقات ابن خلدون (المتوفى 808 هـ/ 1406 م) وتلامذته أن المسعودي لم يكن موفقًا تمامًا رغم كونه مؤرخًا يمتاز بالحسّ التاريخي، فهو لم ينج من السير على طريقة العصبية، ومن قبول الكتابات المزورة، والروايات الملفقة.

ولم يكن مؤرخو هذين القرنين والقرون التالية لهما مؤرخين إسلاميين بمعنى الكلمة، فلم يبرأوا من العصبيات الاجتماعية، والمحاباة القبلية، والميول السياسية، والخلافات الفقهية، والنزاعات المذهبية. وقد صدر هذا عن بعضهم نتيجة لنقص في المعرفة إلا أن عددًا كبيرًا منهم قد ترك جروحًا وبثورًا وبصمات سيئين عن عمد وعن قصد على صفحات التاريخ الإِسلامي؛ نتيجة

ص: 13

لتدوينه لما يعجبه ومالا يعجبه ونتيجة لعصبيته، وهكذا قام معارضو الإسلام بالاستفادة من الكتابات الضعيفة لدى هؤلاء الكبار العظام وجعلوها عونًا لهم أثناء هجماتهم الفكرية ومؤامراتهم المغرضة على تاريخنا العظيم.

المستشرقون:

لا شك أن المستشرقين هم أكثر من شوهوا التاريخ الإِسلامي. وطبقًا لتصريحات العلماء والباحثين فقد بدأ الاستشراق أساسًا لطعن الإِسلام وتشويه صورته، وقد امتلأت قلوب المعارضين للإسلام، وبخاصة من أهالي البلاد المفتوحة بالعداوة للإِسلام، وهي عداوة امتزجت بالحقد والكراهية، وبعدها انتقل هذا الشعور المعادي للإسلام من جيل إلى جيل لقرون في شكل روايات راجت بين الروم والبيزنطيين والآراميين والمسيحيين واليهود. وهي روايات اعتمدت في معظمها -إن لم تكن كلها- على الشائعات واتسمت بالجهل بالحقائق والعداء الصارخ للإِسلام.

وهكذا طوت هذه الروايات رحلتها عبر الزمان على " مطية " الإِشاعات، كما عبرتها أحيانًا على صفحات كتابات ومؤلفات تاريخية، وعلى كتب الرحلات والأسفار. وقد أشعلت هذه العداوة للإِسلام العصبيات القومية والنعرات الحضارية والشعوبية، إلا أن المسلمين قد نجحوا -مع ذلك- إلى أن يصلوا بالحضارة إلى مدارج عالية وإلى أن يرقوا رقيًا سياسيًا كبيرًا وتتسع فتوحاتهم وتصل عندها العداوة للإِسلام إلى حد إعلان الحروب الصليبية.

وحين فشلت قوة سيوف ومدافع العالم الغربي والنصراني في إطفاء نور الإِسلام، بدأ هذا العالم الغربي والنصراني في استخدام خداع حركة الاستشراق، وبدأت هذه الحركة تبدو منظمة ومنسقة في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، وبدأ جربر دي أرالياك ( Gerber de araliac) وقسطنطين

ص: 14

الأفريقي Castantian African، وأدلرد باغ ( Adelardy Bagh) وروجر بيكن ( Roger Bacon) وجون الدمشقي، بدأوا بحملاتهم المغرضة على التاريخ الإِسلامي والسيرة النبوية.

وبعد قرون بدأ كل من فولتير ( Voltaire) واليكسندر روس Alexander) (Ross وهيلبيرت ( Hildebirt) ودانتي ( Dante) وغوليوم بوستل ( Guillaume Postel) وجوزف اسكالييه ( Joseph Scaliger) في طبع أبحاث علمية معادية للإسلام.

ومنذ القرن السادس عشر الميلادي بدأت حركة الاستشراق عملها طبقًا لخطة عملية محكمة، وصلت إلى ذروتها في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين؛ إذْ قام المستشرقون المشهورون من أمثال وليم بيدويل William) (Bedwell وب فاتيه ( P. vattier) وهاتينجر بتشويه السيرة النبوية تشويها ذريا، وكانت دوافعهم من وراء كل هذا دوافع دينية بحتة. وإذا ما استثنينا المستشرق هنري سُتبّه ( Henry Stubbe) الذي كان إلى حدٍ ما يتصف بالعدل والإِحساس والشعور والضمير، فإن جميع المؤرخين الغربيين حملوا على قلوبهم علامات تدل على عداوتهم للإسلام ورغم أن كلا من سيمون أوكلاي Simon) (ockley وإيدوارد بوكاك Edward Pocake وجورج سيل ( George Sale) ، وإيدوارد جيبون ( Eduard Gibbon) وفولتير ( Voltaire) قد التزموا بالموضوعية أحيانًا إلا أنهم استهدفوا في معظم الأحيان وضع السم بين صفحات التاريخ الإِسلامي. وخلال القرن التاسع عشر حتى الربع الأول من القرن العشرين، وصلت حركة الاستشراق إلى قمتها، وفي هذه الفترة قام عدد من المستشرقين بالبحث عن جوانب التاريخ الإِسلامي المختلفة والبحث في أزمنته المختلفة، وألقوا الضوء على نواياهم واتجاهاتهم من وراء أبحاثهم تلك.

ومن بين هؤلاء جان جاك سيديلّو، وديفرجيه ( Desvergers) وبيرون

ص: 15

Perron، وجوزف وايت ( Joseph White) و ى. هـ بالمر E. H. Palmer ودي غوييه ( De Goeje) ووستنفيلد ( Wustenfeld) وبيريزين ( Beresine) وسخاو ( Sochau) وفان كريمر ( Van Kremer) ووليم ميور ( William Muir) وليبون ( Lebon) وجولد تزيهر ( Goldziher) وولهاوزن ( Wellhausen) وغيرهم.

وأيضًا قام مستشرقو العصر الحديث بالكتابة عن الإِسلام والتاريخ الإِسلامي من وجهة نظرهم الاستشراقية الخالصة، ونذكر من بينهم مونته ( Montent) و، ج ديمومبيونه ( G. Demombynes) و ت. أرنولد ( T. Arnold) إس لين بول ( S. Lan-Poole) ونكلسون ( Nicholson) ونولدكه ( Noldeke) وهرجرنيه ( Hergrenje) وجوزيف هوروتس ( Joseph Herotitz) ، وبروكلمان ( Broekolman) وبارتهولد ( Bartthold) وهـ. ج. ويلز ( H. G. Wells) وهـ. جب ( H. Gibb) وسميث ( W. C. Smith) وجوزف شاخت ( Joseph Schacht) وبرنارد لويس ( Bernard Leuis) وتور اندريه ( Tor Andre) وفرانسسكو جبرائيلي ( Francisco Gebraeli) ومونتجمري وات ( Montgemry Watt) .

لقد قامت حركة الاستشراق في بدايتها بالتركيز على الهجوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى التاريخ الإسلامي. وكان هذا قائمًا على الجهل من ناحية، والعداوة من ناحية أخرى، جهل بالإِسلام وعداوة للإِسلام. ثم كانت المرحلة التالية، فانطبع اتجاه مؤرخي تلك الفترة بعدم العلمية، وساده الجهل الكامل، إلا أن هذا الاتجاه بدأ يتجه تدريجيًا في التغير، نظرًا للتعرف على المصادر الإسلامية، ونظرًا لرقي الثقافة والحضارة، وقد بدأ أسلوب الكتابة يسوده الاتزان، ويتصف بالمعرفة ويرتكز على البحث والتحقيق، إلا أنه من وراء كل هذا استمرت المؤامرة القديمة والخطة المسمومة البالية.

ص: 16

وفي الفترة الأخيرة بدأ الهجوم على التاريخ الإسلامي متخفيًا داخل رداء أسلوب الفكر العلمي القائم على البحث وأسس التحليل والنقد. ومع أن هؤلاء المستشرقين ومن يساندهم قد ادّعوا أنهم طالعوا التاريخ الإسلامي والعلوم والفنون الإسلامية، مطالعة قائمة على الحيادية والإنصاف بإخلاص وأمانة، إلا أن الحق أنهم لم ينصفوا حتى الآن التاريخ الإسلامي. فالمستشرقون أساسًا قاموا بمطالعة الإسلام وقراءته. وفي أذهانهم وعقولهم خلفيات قائمة على الخلْط بين الإسلام والمسيحية، والإسلام واليهودية والمشرق والمغرب، وقد قاموا أولاً بالهجوم الواضح الفاضح الذي يدل فقط على كراهيتهم الشديدة للإسلام، ولا شىء غير ذلك، ثم تدرج المنهج مع تطور العقل، فترك المستشرقون أسلوب الكراهية الواضحة والعداء الواضح واتجهوا للتستر وراء الطريقة العلمية، وطريقة العرض التي تحمل بين طياتها إثارة الشبهات والشكوك في التاريخ الإسلامي بطريقة خبيثة، فأدّوا بذلك مهمتهم على أحسن وجه، ونجحوا فى خداع البسطاء ممن انطوت عليهم حيل المستشرقين الخبيثة!!

ص: 17