الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يأتي من بعدهما اسمه أحمد، والعديد من الآيات القرآنية تخبرنا بوضوح تام بأنه صلى الله عليه وسلم مرسل إلى البشرية جمعاء، وهناك شهادات لا حصر لها يمكن استخراجها من الحديث والتاريخ على عالمية رسالته وإنسانية نبوته. والنتيجة المنطقية والشهادة المنطقية هي أن هذه الجماعة الضخمة من البشر قد اعترفت به رسولاً لله مرسلاً للناس كافة، ولما كانت نبوته ورسالته للناس كافة فإن النتيجة اللازمة والمنطقية هي أنه خاتم النبيين وخاتم المرسلين، بالإضافة إلى هذا فإن الحفاظ على القرآن الكريم وتعليمات الإسلام حتى يوم القيامة هو شهادة منطقية على ختم نبوته عليه السلام. هذا بالإضافة إلى الشهادات العديدة التي لا تقبل الرفض والتي تتخلل جميع مصادر التاريخ الإسلامي ومراجعه، ومع ذلك يلاحظ إصرار المستشرقين وعنادهم وتغاضيهم عن جميع تلك الحقائق والشواهد.
أما الشطر الثاني من دعواهم فتتضح حقيقته في السطور التالية:
تبليغ الدين ونشر الإسلام:
قام المستشرقون وأعداء الإسلام بالهجوم هجومًا خطرًا على أهم أبواب التاريخ الإسلامي ألا وهو تبليغ الرسالة -وهي الفريضة الأساسية- قائلين بأن نشر الإِسلام في العهد النبوي قد تم على نطاق محدود جدًّا.
وطبقًا لتفكيرهم فهم يعتبرون أن الحياة النبوية في مكة [13 سنة] كانت محدودة التوفيق والنجاح، وفي خارج مكة أسلم عدد قليل جدًا من الأشخاص، وفي حياته بالمدينة [10 سنوات] لم يستطع أن يعطي لفريضة التبليغ حقها؛ لأنه اضطر في معظم الأوقات أن يواجه قريشًا وبقية القبائل العربية، وأن يخوض معها قتالاً مسلحًا. وعام الوفود (9 هـ/ 630 - 631 م) الذى يشهد بأن الجزيرة العربية بأكملها قد قبلت الإسلام. هو أيضًا غير مقبول لدى المستشرقين، لأنه طبقًا لتفكيرهم فإن معظم القبائل العربية قد
قبلت الرفعة السياسية للدولة الإسلامية ولم تقبل الإسلام.
وقد ذهب بعض المستشرقين اليهود والنصارى إلى حد أنهم قسموا حياة الرسول الطيبة إلى قسمين منفصلين، فجعلوه رسولاً مكيًّا مرة، ورسولاً مدنيًا مرة أخرى، ففي رأيهم أنه في مكة المكرمة يبدو وكأنه رسول بينما هو في المدينة جعل من نفسه قيصر العرب وحاكمًا سياسيًا؛ لأنه طبقًا لتفكيرهم الباطل هذا فإن الرسول في المدينة أنهى الرسالة وأبطل تبليغ الدين. وطبقًا لدعواهم هذه فقد قضى معظم وقته في هذه الفترة في الحرب وفي إقامة التنظيم السياسي، وفي تكوين وتشكيل الحكومة والدولة، ولا شك أن بعض المؤرخين من ذوي الحس والشعور يقدمون هذا العذر قائلين: ولابد أنه قام بمحاولات من أجل تبليغ الدين غير أنها انحصرت في المشاكل السياسية وطبقًا لاعتقادهم فالإسلام قد انحصر داخل القبائل المتركزة بالقرب من المدينة ومكة، أما قبائل مثل هوازن وغطفان فقد قبلت الإسلام فقط لتنال الرفعة السياسية، ولم تقبله لتنال رفعة دينية أو رفعة بالإسلام، أما القبائل اليهودية والمسيحية فقد قبلت بالحاكمية السياسية فقط، وأنكرت ورفضت تمامًا فكرة تغيير الدين، بينما لم يصل الإسلام إلى المناطق العربية الجنوبية والمناطق الشرقية ولا إلى قبائل المنطقة الشمالية الشرقية وإلى المناطق الشمالية، وطبقًا لدعواهم تلك فإن جميع هذه المناطق إذا كانت قد سلمت برفعة المدينة وحكمها إلا أن هذا الأمر اقتصر فقط على المعاملات السياسية، ولم تكن له أي علاقة بالدين. وعلى المسلمين أن يحللوا تاريخيًا هذه الدعوى الطائشة التي يدعيها المستشرقون.
ورغم أننا حتى الآن لم نحلل تحليلاً كاملاً قضية تبليغ الإسلام ونشره في العهد النبوي مرحلة تلو مرحلة إلا أننا عرضنا عرضًا سريعًا لبعض المطالعات فقط، ويفهم من مطالعة مصادر التاريخ الإسلامي ومراجعه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حالفه التوفيق الكامل في تبليغ ونشر الدين في مكة المكرمة، فقد وجد