المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خاتمة المطاف يتضح من البحث المفصل السابق نوعية الهجمات المغرضة للمستشرقين - الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي

[محمد مظهر صديقي]

الفصل: ‌ ‌خاتمة المطاف يتضح من البحث المفصل السابق نوعية الهجمات المغرضة للمستشرقين

‌خاتمة المطاف

يتضح من البحث المفصل السابق نوعية الهجمات المغرضة للمستشرقين والمؤرخين المغرضين على أهم فترات وأحداث التاريخ الإسلامي، وقد ألقينا بنظرة في هذا الصدد على كتابات المؤرخين المسلمين الأوائل وكتابات المستشرقين والمؤلفين المحدثين التي بنيت على تحليل وتفسير الروايات التاريخية بطريقة خاطئة. وكان ذلك نتيجة للميول الفكرية لهؤلاء المؤرخين، ونتيجة لتأثير عامل العقائد الدينية، ولهذا يجب علينا أن نقف من كتاباتهم في يقظة، وألا نقبل آراءهم في سهولة، وأن نلاحظ الأمور التالية:

الأمر الأول: أن نلاحظ دائمًا في الروايات والمصادر الإسلامية القديمة أن الراوى كثيرًا ما يتأثر بميوله الذاتية، فلا يحتاط في قبول أو رفض الروايات، كما أنه قد يتأثر بعاطفته القبلية، ومع هذا فإن أكثر ما كتبوه طبقًا لإيمانهم وطبقًا لعقيدتهم كان صحيحًا من وجهة نظرهم، فليست كل رواية من رواياتهم مشكوكًا ومشتبهًا فيها، وأكثر الروايات صحيحة، ولو علم القارىء الاتجاه الفكري لكل راوٍ ومؤلف فسوف يفهم جيدًا وجهة نظره ومدى الصدق في رواياته.

الأمر الثاني: يجب الانتباه فيما يتعلق بالمؤرخين المسلمين الكبار إلى ما يذكر عن الرواة الأوائل لأنهم كانوا ينتمون إلى مناطق مختلفة، ولأنهم كانوا عراقيين، وقد يلاحظ موقفهم ضد الشاميين والأمويين على الخصوص، وقد يميلون إلى العباسيين ويعارضون الأمويين.

الأمر الثالث: أن مؤرخي القرن الثالث الهجري وما بعده كانوا جامعي روايات، فإذا ما وجدت في كتاباتهم تأييدًا أو معارضة لطبقة ما أو فرد ما،

ص: 141

فيجب أن ينتبه القارئ، فقد يكون الأمر على عكس ذلك، لأنهم يعتبرون جمع الروايات من كل نوع، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة واجبًا عليهم، ولا يرون من الضرورة أو من واجبهم نقدها أو التعليق عليها، ولا يرون ذلك من واجبات عملهم، بل يتركون عملية النقد للقراء، ولهذا لا يجب أن تقبل رواياتهم على علاّتها دون أن توضع دائمًا على محك النقد.

الأمر الرابع: يسود هذه الروايات طابع المبالغة والغلو، ولهذا وجب ملاحظة هذه الأمور عند قراءتها، كما لا يجب أن تقبل المعجزات والكرامات والخوارق والتنبؤات دون نقد أو تحليل، لأنه كثيرًا ما تكون مملوءة بالمبالغة، بالإضافة إلى أن تكون موضوعة أو مختلقة.

الأمر الخامس: يجب الاحتياط دائمًا فيما يتعلق بمشاجرات الصحابة، فهم ليسوا بمعصومين، فصدور الأخطاء أو ارتكابها من جانبهم ليس بالمستحيل، بل هو ضرورة من ضرورات البشر، ولكن لا يوجد لديهم، وخاصة أكابر الصحابة سوء النية أو سواد الباطن، لهذا فما قاموا به، قاموا به بكل إيمان، فلو تذكرنا الأهداف والمقاصد فيما يتعلق باختلافاتهم فإننا حينها يجب أن نفهم تعليقات الرواة وكتاب الأخبار، ولا يجب أن نقبلها طالما لا توجد لها شواهد تاريخية مؤكدة.

الأمر السادس: لا يجب أن نقبل بعيون مغلقة ما يذكره أصحاب الأخبار أو النقلة، أو بيانات المفسرين أو علماء الجرح والتعديل؛ لأنهم عادة ما يذكرون آراءهم الذاتية المبنية على معلوماتهم، وكثيرًا ما تكون معلوماتهم عن شخص ما أو طبقة ما أو إدارة ما ناقصة، وهكذا يكون تعليقهم بالضرورة غير مكتمل وغير واقعي.

الأمر السابع: يجب أن ننظر إلى كتابات المستشرقين بالشك دائمًا، ويجب أن نشك فيما يكتبون حتى نتيقن بأنفسنا من صحته، فمعظم المستشرقين

ص: 142

لهم موقف متعصب ضد التاريخ الإسلامي والإسلام، ومعظمهم لم يطالع التاريخ الإسلامي جيدًا. كما أنهم لا يعرفون اللغة العربية جيدًا. كما أن معرفتهم بالهيئات الإسلامية غير دقيقة. ولهذا فكتاباتهم في معظمها تفتقد إلى التوازن والصواب.

الأمر الثامن: معظم المؤرخين المحدثين إما تأثروا بالرواة القدامى أو تأثروا بكتابات المستشرقين، ولهذا يجب على القارىء أن يضع في ذهنه عنصر التأثير هذا حتى لا ينخدع بأسلوبهم وشرحهم للأحداث.

الأمر التاسع: لا يجب قبول أية كتابات مهما كانت دون نقد أو تحليل.

يجب أن يكون عقلنا واعيًا وقلبنا مدركًا، فنحن يمكن أن نشاهد جيدًا من خلال وجهات نظرنا نحن التضارب والتضاد في بيانات المؤرخين وميولهم الفكرية والعقدية، وأهدافهم وأغراضهم. وعليها يجب أن نقرأ التاريخ الإِسلامي بتناظره الصحيح.

ص: 143