الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة الخامسة: فيمن تجب له الصدقة
وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي كلهم من طريق إسماعيل بن زكريا عن الحجّاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي "أن العبّاس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل الصدقة قبل أن تحلّ فرخص له في ذلك". وقال البيهقي: هذا حديث مختلف فيه عن الحكم عن عتيبة، فرواه إسماعيل بن زكريا عن حجاج عن الحكم هذا، وخالفه إسرائيل عن حجاج فقال: عن الحكم عن حجر العدوي عن علي وخالفه في لفظه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "إنّا قد أخذنا من العباس زكاة عام الأول". ورواه محمَّد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس في قصة عمر والعباس، ورواه الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة، ورواه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا أنه قال لعمر رضي الله عنه في هذه القصّة:"إنا كُنا قد تعجلنا صدقة مال العباس لعامنا هذا عام أوّل". وهذا هو الأصح من هذه الروايات.
قلت: لكن رواية إسرائيل عن حجاج ليس عن الحكم بن عتيبة بل عن الحكم بن جَحْل، ورواه حفص بن غياث عن الحكم مرسلًا ورواه يزيد بن هارون عن
حجاج بن أرطاة عن الحكم مرسلًا أيضًا، وكذلك رواه أبو إسرائيل عن الحكم.
فأمّا رواية إسرائيل فخرّجها الترمذي والدارقطني كلاهما من طريق إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن جَحْل عن حجر العدوي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال لعمر: "إنّا قد أخذنا من العبّاس زكاة العام عام الأول. وقال الترمذي: حديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندي أصحّ من حديث إسرائيل عن الحجاج.
وأمّا رواية محمَّد بن عبيد الله فخرّجها الدارقطني من رواية النُّعمان بن عبد السلام عنه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر ساعيًا فأتى العبّاسَ يطلبُ صدَقَة ماله فأغلظ له العباس فخرج إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبّاس قد أسلفنا زكاة ماله العام والعام المقبل". ومحمد بن عبيد الله العرزمي ضعيف. وقد وقع للحافظ في التلخيص في الكلام على هذا الحديث وهم غريب فقال: "ورواه الدارقطني من حديث العرزمي، ومندل بن علي عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس في هذه القصة وهما ضعيفان". فأفاد أنّ مندل بن علي تابع محمَّد بن عبيد الله على روايته عن الحكم، وليس كذلك؛ فإنّ الدارقطني رواه من طريق أبي خراسان محمَّد بن أحمد بن السكن ثنا موسى بن داود ثنا مندل بن علي عن عبيد الله بن عمر عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصّدقة فرجع وهو يشكو العباس فقال: إنّه منعني صدقته. فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه؟ إنّ العباس أسلفنا صدقة عامين في عام". قال الدارقطني: كذا قال عبيد الله بن عمر، وإنما أراد محمَّد بن عبيد الله. والله أعلم. فإن كان كما قال الدارقطني فلا متابعة لأن مندل بن علي رواه عن العرزمي، وإن كان هناك راو اسمه عبيد الله بن عمر فمندل لم يروه عن الحكم بل عنه عن الحكم.
وأمّا رواية الحسن بن عمارة فأخرجها البزار وأبو يعلى والدارقطني كلّهم من روايته عن الحكم عن موسى بن طلحة أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يا عمر أما علمتَ أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه؟ إنّا كنّا احتجنا إلى مال فتعجّلنا من العبّاس صدقة ماله لسنتين". لفظ الدارقطني. والحسن بن عمارة متروك.
وأمّا رواية هشيم فقال أبو عبيد في الأموال عقب رواية حجاج بن أرطاة عن الحكم المرسلة الآتية: كان هشيم يزيد في إسناد هذا الحديث: عن منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم حدثت بذلك عنه ولا أحفظه منه. وقال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث هشيم أصحّ. وقال الدارقطني: اختلفوا عن الحكم في إسناد هذا الحديث وِالصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل. وهكذا ذكره البيهقي أيضًا كما سبق، ولم يسنده واحد منهم.
وأمَا رواية الحكم المرسلة فقال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ساعيًا على الصدقة فأتى العباس يستسلفه فقال له العبّاس: إنّي أسلفت صدقة مالي سنتين فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدق عمّي". وقال أبو عبيد في الأموال وابن سعد في الطبقات كلاهما: ثنا يزيد بن هارون عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فأتى العباس يسأله صدقة ماله فقال: قد عجّلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةَ سنتين فرفعه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدق عمي قد تعجلنا منه صدقة سنتين". وقال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين ثنا أبو إسرائيل عن الحكم به نحوه، بل مثله. وقد روي الحديث عن علي من وجه آخر أخرجه البيهقي من طريق الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي بالقصة ثمّ قال: وفي هذا إرسال بين أبي البختري وعليّ رضي الله عنه. وقال الحافظ رجاله ثقات إلَّا أنَّ فيه انقطاعًا وفي الباب عن أبي رافع وابن مسعود ويزيد أبي خالد مرسلًا.
فحديث أبي رافع رواه الدارقطني والطبراني في الأوسط من رواية إسماعيل المكي عن سليمان الأحول عن أبي رافع بالقصّة وفيه: "إن العباس أسلفنا صدقة العام عام الأول". وإِسماعيل المكيّ فيه مقال.
وحديث ابن مسعود رواه البزّار والطبراني في الأوسط والكبير من رواية محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجل من العبّاس صدقة عامين. ومحمد بن ذكوان فيه مقال أيضًا. وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني يزيد أبو خالد قال: "قال عمر للعباس: أدِّ زكاة مالك. فقال العباس: قد أديتُها قبل ذلك. فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق". فهذه الطرق المتعددة تثبت أن للحديث أصلًا مهما كان فيها من علّة أو إرسال أو انقطاع.