المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه - الهداية في تخريج أحاديث البداية - جـ ٥

[أحمد بن الصديق الغماري]

فهرس الكتاب

- ‌8 - كتاب الزكاة

- ‌الجملة الأولى: على من تجب

- ‌الجملة الثانية: ما تجب فيه الزكاة من الأموال

- ‌الجملة الثالثة: معرفة النصاب والواجب من ذلك

- ‌الفصل الأول: في الذهب والفضة

- ‌الفصل الثاني: في نصاب الإبل والواجب فيه

- ‌الفصل الثالث: في نصاب البقر وقدر الواجب في ذلك

- ‌الفصل الرابع: في نصاب الغنم وقدر الواجب في ذلك

- ‌الفصل الخامس: في نصاب الحبوب والثمار والقدر الواجب في ذلك

- ‌الفصل السادس: في نصاب العروض

- ‌الجملة الرابعة: في وقت الزكاة

- ‌الجملة الخامسة: فيمن تجب له الصدقة

- ‌الفصل الأول: في عدد الأصناف الذين تجب لهم الزكاة

- ‌الفصل الثاني: في الصفة التي تقتضي صرفها لهم

- ‌الفصل الثالث: كم يجب لهم

- ‌9 - كتاب زكاة الفطر

- ‌الفصل الأول: في معرفة حكمها

- ‌الفصل الثاني: فيمن تجب عليه وعمن تجب

- ‌الفصل الثالث: كم تجب عليه ومماذا تجب

- ‌الفصل الرابع: متى تجب زكاة الفطر

- ‌الفصل الخامس: من تجوز له

- ‌10 - كتاب الصيام

- ‌كتاب الصيام الأول وهو في الصوم الواجب

- ‌القسم الأول: في الصوم وفيه جملتان:

- ‌الجملة الأولى: معرفة أنواع الصيام الواجب

- ‌الجملة الثانية: معرفة أركان الصيام الواجب

- ‌القسم الثاني: في الفطر وأحكامه:

- ‌أولا: أحكام من يجوز له الفطر

- ‌يتعلق بصيام وإفطار المريض أو المسافر

- ‌يتعلق بقضاء المسافر والمريض

- ‌الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما

- ‌الشيخ الكبير والعجوز إذا أفطرا ماذا عليهما

- ‌ثانيا: أحكام من لا يجوز له الفطر

- ‌حكم من أفطر بجماع متعمد في رمضان

- ‌كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه

- ‌11 - كتاب الإعتكاف

- ‌العمل الذي يخص الإعتكاف

- ‌المواضع التي فيها يكون الإعتكاف

- ‌زمان الإعتكاف

- ‌شروط الإعتكاف ثلاثة

- ‌النية

- ‌الصيام

- ‌ترك مباشرة النساء

- ‌مطلق النذر بالإعتكاف هل من شرطه التتابع أم لا

- ‌موانع الإعتكاف

- ‌12 - كتاب الحج

- ‌الجنس الأول

- ‌الجنس الثاني

- ‌الجنس الثالث

الفصل: ‌كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه

‌كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه

ص: 203

كتاب الصيام الثاني

825 -

قوله: (أمّا صيام عَاشُوراء فَلأنهُ ثَبَتَ أن النبي صلى الله عليه وسلم صَامَة وأمَرَ بِصِيَامِهِ).

متفق عليه من حديث عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه، ومن شاء تركه.

826 -

حديث: "مَنْ كَانَ أصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتمَّ صوْمَهُ وَمَنْ كَانَ أصبحَ مفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيةَ يَوْمِهِ".

ص: 204

أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وغيرهم، من حديث سلمة بن الأكوع، قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من أسلم أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم فإِن اليوم يوم عاشوراء.

827 -

حديث ابن عباس قال: "إذَا رأيتَ هِلَالَ المحرم فاعددْ وأصبح يوم التاسع صائمًا، قلت: هكذا كان محمَّد صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: نعم"، قال المصنف: خرَّجه مسلم.

قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي، وجماعة من

ص: 205

حديث الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء فقال: إذا رأيت هلال المحرم وذكره.

828 -

حديث: "ورُوي أنه حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسُول اللهِ إنهُ يومٌ تُعَظِّمهُ اليهودُ والنَّصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإِذا كانَ العامُ المقْبِلُ إن شاء الله صُمْنَا اليومَ التاسِعَ، قال: فَلَمْ يأت العام المقْبِل حتى تُوُفيَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم".

مسلم، وأبو داود، والبيهقي، من حديث أبي غطفان بن طريق المري قال: سمعت ابن عباس يقول حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه فذكره.

ص: 206

829 -

قوله: (فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر يوم عرفة).

مالك، والطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم؛ وأبو داود، والبيهقي، من حديث أم الفضل أنهم شكوا في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة.

830 -

حديث: "صيامُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفر السنةَ الماضيَة والآتية".

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه

ص: 207

والطحاوي، والبيهقي من حديث قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل قال فيه: وسئل يعني النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وفي لفظ: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله.

831 -

حديث: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن صِيَامِ يَوْم عَرَفَهَ بَعَرَفة" قال المصنف: خرَّجه أبو داود.

هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط البخاري.

ص: 208

832 -

حديث: "مَنْ صامَ رَمَضَانَ ثُمّ أتْبَعهُ سِتًا من شَوال كان كَصِيَامِ الدَّهْرِ".

ورد من حديث أبي أيوب، وثوبان وجابر، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وغنام، والبراء بن عازب، وشداد بن أوس، وأوس بن أوس، وأنس.

فحديث أبي أيوب: رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم؛ وأبو داود، والترمذي وابن ماجه، والذهلي في جزئه، والطحاوي في مشكل الآثار، والطبراني في الصغير، وأبو نعيم في الأمالي، وابن مردك في فوائده، والبيهقي في السنن، والخطب في التاريخ، وابن النقور في فوائده وغيرهم، وفي

ص: 209

سنده اختلاف يطول ذكره، وقد أفرده الحافظ شرف الدين الدمياطي بجزء.

وحديث ثوبان: رواه أحمد، والدارمي، وابن ماجه، والطحاوي في المشكل، والبيهقي وأبو موسى المديني في نزهة الحفاظ، والديلمي، في مسند الفردوس.

وحديث جابر: رواه أحمد، والطحاوي في المشكل، وأبو نعيم في الأمالي، والبيهقي، وابن النقور ..

وحديث أبي هريرة: ذكره ابن أبي حاتم في العلل، من جهة عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمَّد، عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة به ونقل عن أبيه أنه قال: المصريون يروون هذا الحديث عن زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة.

قلت: وله طرق أخرى منها ما رواه أبو نعيم في الأمالي، من طريق رواد بن الجراح، ثنا أبو النعمان الأنصاري، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، به وقال أيضًا: حدثنا أبو القاسم نذير بن جناح القاضي المحارب، ثنا إسحاق بن محمَّد بن مسروق، ثنا أبي ثنا حفص أبو مخارق عن خلاد الصفار، عن أبيه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان

ص: 210

وستة أيام بعده لا يفصل بينهن كأنما صام السنة ثم قال: غريب بهذا اللفظ لم نكتبه إلا من حديث خلاد الصفار وهو خلاد بن مسلم كوفي غريب الحديث، ورواه عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن أبي هريرة، عن أبيه؛ ورواه إسماعيل بن رافع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن سعيد المازني قاضي شيراز ضعفه ابن عدي.

وحديث ابن عمر: رواه الطبراني فيه أيضًا وفيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف.

وحديث غنام: رواه الطبراني في الكبير، وابن منده؛ وأبو نعيم في الصحابة من جهة حاتم بن إسماعيل، عن إسماعيل المؤذن مولى عبد الرحمن بن غنام عن عبد الرحمن بن غنام عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.

وحديث البراء بن عازب: عزاه الحافظ في التلخيص للدارقطني، وأطلق فاقتضى أنه في السنن ولم أره فيه فكأنه في الإفراد أو العلل.

وحديث شداد بن أوس: رواه ابن أبي حاتم في العلل من طريق مروان الطاطري عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم به لكنه نقل عن أبيه أن الصحيح رواية يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.

ص: 211

وحديث أوس بن أوس: ذكره ابن أبي حاتم أيضًا قال: سألت أبي عن حديث رواه مروان الطاطري، عن يحيى بن حمزة، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، فقال أبو حاتم: الناس يروونه عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال: جميعًا صحيحان.

وحديث أنس: رواه ابن حبان في الضعفاء.

833 -

قوله: (وَكذَلِكَ كَرِهَ مالك تَحَرِّي صِيامَ الغرر مع ما جاء فيه من الأثر).

أبو داود الطيالسي، وأحمد، في مسنديهما، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث أبي ذر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وفي لفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إذا صمت شيئًا من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وقال

ص: 212

الترمذي حديث حسن. وروى النَّسائي بسند صحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وروى أحمد، وأبو داود، والنَّسائي والبيهقي، من حديث ابن ملحان القسي، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة وقال هو كهيأة الدهر؛ وروى الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر بسند صحيح: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام فقال: عليك بالبيض ثلاثة أيام من كل شهر، وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر. ورواه أيضًا الأربعة، والبيهقي.

ص: 213

834 -

قوله: (وَثَبَتَ أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ مِن كُل شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيامٍ غَير معيَّنةٍ).

مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث معاذة العدوية "أنها سألت عائشة رضي الله عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. قلت: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم".

835 -

حديث: "أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص لمَّا أكثر الصيام: أما يَكْفِيكَ

ص: 214

مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيام؟ فقلت: يا رسُولَ الله، إني أطيقُ أكْثَر من ذلِكَ،، قال: خمسًا".

الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وله ألفاظ.

836 -

حديث: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس" قال المصنف: خرَّجه أبو داود.

قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أبو داود والطيالسي؛ وأحمد، والنَّسائي،

ص: 215

والبيهقي، وابن خزيمة في صحيحه، من أوجه عن أسامة بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس وسئل عن ذلك فقال إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس لفظ أبي داود، وزاد النسائي وغيره، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم.

وفي الباب عن جماعة

837 -

قوله: (وَثَبَتَ أنه لم يَسْتتِم قط شهرًا بالصِّيام غيرَ رمضان وأن أكثَر صيامِهِ كان في شعبان).

متفق عليه من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان.

ص: 216

838 -

قوله: (لثبوت النهي عن صيامهما يعني يومَ الفطر والأضحى).

سيأتي بعد حديث، ذكر الحديث الوارد بالنهي عن صيامهما.

839 -

حديث: "إنها أيَّامُ أكْل وشُربٍ".

يعني أيام التشريق، ورد من حديث كعب بن مالك، ونبيشة الهذلي، وعبد الله بن حذافة السهمي، وأبي هريرة، وابن عباس، وخلدة أم عمر، وزيد بن خالد الجهني، وعقبة بن عامر، وعلي بن أبي طالب، وأم مسعود بن الحكم، وبشر بن سحيم الغفاري وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وبديل بن ورقاء، ومعمر بن عبد الله العدوي، وعمر بن الخطاب، وأسامة الهذلي، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وعائشة، وأم الفضل بنت الحارث.

ص: 217

فحديث كعب بن مالك: رواه أحمد، ومسلم، من رواية أبي الزبير، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أنه حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب.

وحديث نبيشه الهذلي: رواه أحمد، ومسلم، والطحاوي، من رواية أبي المليح عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله.

وحديث عبد الله بن حذافة: رواه أحمد، والطحاوي، كلاهما من رواية سليمان بن يسار عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق، أنها أيام أكل وشرب، ورواه مالك في الموطأ، عن الزهريّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف يقول: إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله.

ورواه الدارقطني من طريق الواقدي، ثنا ربيعة بن عثمان، عن محمَّد بن

ص: 218

المنكدر، سمع مسعود بن الحكم الزرقي يقول: حدثني عبد الله بن حذافة السهمي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته أيام منى أنادي: أيها الناس إنها أيام أكل وشرب وبعال أي نكاح، والواقدي ضعيف، لكن هذه الزيادة وهي ذكر البعال وردت من حديث أربعة من الصحابة هم المذكورون بعده على الولاء.

وحديث أبي هريرة: رواه الدارقطني أواخر السنن في الذبائح، من حديث محمَّد بن سليمان بن الحارث الواسطي، ثنا سعيد بن سلام العطار، ثنا عبد الله بن بديل الخزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ألا ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال، سعيد بن سالم العطار كذاب، وقد رواه أحمد، والطحاوي، والعطار الدوري في جزئه من حديث الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، ورواه أحمد، وابن ماجه، والطحاوي من حديث أبي سلمة، ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث الزهريّ، عن ابن المسيب، وأبي سلمة معًا، كلاهما عن أبي هريرة بدون ذكر البعال ولا ذكر

ص: 219

الزكاة، ورواه الديلمي من حديث المقبري، عن أبي هريرة بسياق آخر ولفظه مرفوعًا: ستة أيام من الدهر يكره صيامهن آخر يوم من شعبان أن يوصل برمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق فإِنها أيام أكل وشرب؛ ورواه البزار، والبيهقي، من هذا الوجه بسياق آخر قال فيه: نهى عن صيام ستة أيام من السنة يوم الأضحى ويوم الفطر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف.

وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في الكبير من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أيام منى صائحًا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب وبعال، والبعال وقاع النساء. ابن أبي حبيبة مختلف فيه وثقه جماعة وضعفه آخرون، وكان عابدًا صالحًا، ولهذا حسن بعض الحفاظ هذا الحديث، وقد رواه أبو نعيم في التاريخ، وابن عدي في الكامل، من وجه آخر من جهة مفضل بن صالح، عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء فنادى في أيام التشريق: لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب، المفضل بن صالح فيه مقال.

ص: 220

وحديث خلده: رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى في مسنديهما، والطبراني في الكبير، كلهم من طريق وكيع بن الجراح، ورواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن خلف القاضي وكيع في أخبار القضاة، كلاهما من طريق زيد بن الحباب، والطحاوي في معاني الآثار من طريق روح، ثلاثتهم قالوا حدثنا موسى بن عبيدة، عن منذر بن جهم، عن عمر بن خلدة، عن أمه قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ينادي أيام منى: إنها أيام أكل وشرب وبعال، ووقع عند وكيع في أخبار القضاة عمر بن خلدة الأنصاري، عن أبيه بدل أمه وهو تحريف وكذلك وقع عند الطحاوي عمر ابن خلدة بزيادة ألف والمشهور عمر بن خلدة وهو قاض معروف، وموسى بن عبيدة ضعيف.

وحديث زيد بن خالد الجهني: رواه أبو يعلى في مسنده، من طريق موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا فنادى أيام التشريق: ألا إن هذه الأيام أيام أكل وشرب ونكاح، وهذا سند لا بأس به.

ص: 221

وحديث عقبة بن عامر: رواه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والطحاوي في معاني الآثار، وفي مشكل الآثار أيضًا، والحاكم، والبيهقي، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإِسلام وهن أيام أكل وشرب وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

وحديث علي: رواه الشافعي، وأحمد، والطحاوي، والحاكم، وصححه على شرط مسلم أيضًا، وابن سعد في الطبقات من أوجه يأتي بعضها.

وحديث أم مسعود بن الحكم: رواه مسعود بن الحكم واختلف عليه فيه على أقوال.

الأول: عنه، عن أمه، رواه ابن سعد في الطبقات والطحاوي، في معاني

ص: 222

الآثار، كلاهما من طريق ابن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزرقي قال: حدثتني أمي قالت: لكأني أنظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء حتى قام إلى شعب الأنصار وهو يقول: يا معشر المسلمين إنها ليست بأيام صوم إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، ورواه الطحاوي أيضًا من طريق بكر بن نصر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن سليمان بن يسار، عن مسعود بن الحكم، عن أمه نحوه ويؤيد هذا القول أن البخاري في التاريخ، والطحاوي في معاني الآثار، والبيهقي في السنن رووه من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن جدته قالت: مر بنا راكب ونحن بمنى مع النبي صلى الله عليه وسلم فنادى: ألا لا يصومَنَّ من هذا اليوم أحد إنها أيام أكل وشرب، قلت: من هذا؟ قالوا: علي بن أبي طالب، فجدة يوسف هي أم أبيه مسعود بن الحكم.

القول الثاني: عنه عن أبيه، رواه الطحاوي، من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ميمون بن يحيى، حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه قال: سمعت سليمان بن يسار يزعم أنه سمع ابن الحكم الزرقي يقول: حدثنا أبي أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فذكره.

القول الثالث: عنه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث عبد الله بن حذافة

ص: 223

رواه أحمد، والطحاوي، والدارقطني، كلهم من طريق الزهريّ، عن مسعود بن الحكم الأنصاري عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح في الناس: ألا لا يصومن أحد فإِنها أيام أكل وشرب.

وحديث بشر بن سحيم: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، وابن ماجة، والطحاوي، ويحيى بن صالح الوحاظي في نسخته، والبيهقي.

وحديث سعد بن أبي وقاص: رواه أحمد، والحارث بن أبي أسامة في

ص: 224

مسنديهما، والطحاوي.

وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب: رواه أحمد، من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن أبي الشعثاء، عنه وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها أيام طعم وذكر.

وحديث بديل بن ورقاء: رواه أحمد، وابن سعد في الطبقات، والحاكم في التفسير من المستدرك وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، والطوسي في أماليه من أوجه عنه.

وحديث معمر بن عبد الله العدوي: رواه الطحاوي من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير، عن معمر بن عبد الله العدوي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أؤذن في أيام التشريق، بمنى لا يصومن أحد فإِنها أيام أكل وشرب.

وحديث عمر: رواه أبو نعيم في الحلية، وفي التاريخ معًا، من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وحديث أسامة الهذلي: رواه الطبراني في الأوسط، من جهة عبيد الله بن أبي

ص: 225

حميد، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه به، وعبيد الله متروك منكر الحديث.

وحديث حمزة بن عمرو الأسلمي: رواه أحمد، والدارقطني، كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه رأى رجلًا على جمل يتبع رحال الناس بمنى ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاهد والرجل يقول: لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب، قال قتادة: فذكر لنا أن ذلك المنادي كان بلالًا. قال الدارقطني: قتادة لم يسمع من سليمان بن يسار.

وحديث عائشة: رواه الطحاوي من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل.

وحديث أم الفضل بنت الحارث: رواه الطحاوي، من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، أنه سمع سليمان بن يسار، وقبيصة بن ذؤيب يحدثنا عن أم الفضل امرأة عباس بن عبد المطلب قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أيام التشريق فسمعت مناديًا يقول: إن هذه الأيام أيام طعم وشرب وذكر الله فأرسلت رسولًا من الرجل؟ ومن أمره؟ فجاءني الرسول فحدثني أنه رجل يقال له حذافة يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا وقع في الحديث حذافة، وإنما هو عبد الله بن حذافة.

ص: 226

840 -

حديث أبي سعيد الخدري: "لا يصحُّ الصيامُ في يَوْمَيْنِ يَوْمِ الفِطْرِ في رمضان ويَوْم النحر".

أحمد، والبخاري، ومسلم، وغيرهم واللفظ لمسلم إلا أنه قال: لا يصح الصيام في يومين يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان، ولفظهم جميعًا نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر.

841 -

حديث ابن مسعود: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُوم ثَلَاثَةَ أيامٍ من كُل شَهْرٍ، قال: وما رأيتُهُ يُفْطِر يومَ الجُمُعَةِ" قال المصنف: وهو حديث صحيح.

قلت: وفي ذلك نظر فقد اقتصر الترمذي على قوله: حسن غريب وحكى

ص: 227

الخلاف في رفعه ووقفه وهو الأقرب إلى الصواب؛ والحديث خرَّجه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي؛ والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، إلا أن أبا داود لم يذكر الجمعة، والصحيح أن ذلك موقوف من فعل ابن مسعود.

842 -

حديث جابر: "أن سَائِلًا سَألَ جابرًا أسَمَعْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُفرد يَومُ الجمُعَةِ بَصْوم؟ قال: نعم ورب هذا البَيْتِ" قال ابن رشد: خرجه مسلم.

قلت: بل هو متفق عليه، وكذا رواه أحمد، والدارمي، والنسائي في الكبرى، والبيهقي من حديث محمَّد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابر بن عبد

ص: 228

الله وهو يطوف بالبيت: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ قال: نعم وربِّ هذا البيت، قال البخاري: زاد غير أبي عاصم يعني أن ينفرد بصومه.

843 -

حديث أبي هريرة: "لَا يَصُمْ أحدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ إلَّا أن يَصُومَ قَبْلَهُ أوْ يَصُومَ بَعْدَهُ"، قال ابن رشد: خرَّجه مسلم.

قلت: بل هو متفق عليه أيضًا، وأخرجه أيضًا أحمد والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي.

ص: 229

844 -

قوله: (لظواهر الأحاديث التي يوجب مفهومها تعلَّق الصوم بالرؤية أو بإكمال العدد).

تقدمت أول الباب.

845 -

حديث عمار: "مَن صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أبَا القَاسِم صلى الله عليه وسلم"

الدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،

ص: 230

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وجماعة، وعلقه البخاري في صحيحه، عن صلة بن زفر، عن عمار وصححه الترمذي، والحاكم بل لأنه ذكره بصيغة الجزم.

846 -

حديث "أنَّه صلى الله عليه وسلم صَامَ شَعْبَان كُلَّهُ".

متفق عليه، واللفظ لمسلم من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلًا، وعند أحمد والأربعة، من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصل به رمضان.

ص: 231

847 -

حديث لَا تَقَدَّموا رَمَضَان بَيْومٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إلَّا أن يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أحدُكم فَلْيَصُمْهُ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن ابن عباس وغيره.

ص: 232

848 -

حديث: "لا تصوموا يومَ السبتِ إلا فيما افتُرِضَ عليكم" قال المصنف خرجه أبو داود.

قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد والدارمي والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد

ص: 233

أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه". قال الترمذي: حديث حسن وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ. وفي بعض نسخ السنن زيادة النقل عن مالك أنه قال: هذا حديث كذب. وأسند الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عنه ثم من حديث الليث بن سعد قال: "كان ابن شهاب إذا ذكر له أنه نهى عن صيام يوم السبت قال: هذا حديث حمصي، يشير إلى توهينه. وأسند البيهقي عن الأوزاعي قال: ما زلت له كاتمًا ثم رأيته انتشر وقال النسائي: هذا حديث مضطرب، لأنه روي عن عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عبد الله بن بسر عن أبيه بسر عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن حديث الصماء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إن الصماء أخت عبد الله بن بسر وقيل إنها عمته.

849 -

حديث جويرية بنت الحارث "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخلَ عليها يومَ الجمعة وهي صائمة فقال: صمت أمس؟ فقالت لا. فقال: تريدين أن تصومي غدًا؟ قالت لا. قال فأفطري".

ص: 234

أحمد والبخاري وأبو داود والطحاوي من حديث جويرية. ورواه الطحاوي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية. الحديث.

850 -

قوله: (وأما صيام الدَّهر فإِنه قد ثبتَ النَّهي عن ذلك).

متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "لا صام من صام الأبد" مرتين. وورد هذا اللفظ من حديث عبد الله بن الشخير عند أبي

ص: 235

داود الطيالسي وأحمد وأبي نعيم في الحلية. ومن حديث عمران بن حصين عند أحمد ومن حديث أبي قتادة عند أحمد ومسلم وغيرهما في حديثه الطويل وفيه "لا صام ولا أفطر" ومن حديث أسماء بنت يزيد عند أحمد ومن حديث ابن عباس وعبد الله بن سفيان كلاهما عند الطبراني في الكبير. وروى أبو داود الطيالسي وأحمد والبزار والطبراني في الكبير والبيهقي من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا، وقبض كفه" لفظ أحمد، وقال الباقون: وعقد تسعين. بل قوله: وقبض كفه. وسنده صحيح، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وذاك لا يضر.

ص: 236

851 -

حديث: "لا صوم بعد النِّصفِ من شَعْبَان حتى رمضان". قال ابن رشد: خرّجه الطحاوي.

قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا الدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان" وقال الترمذي حسن صحيح.

852 -

حديث أم سلمة قالت: "ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صامَ شهرين مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شعبانَ ورمضان". قال ابن رشد: خرّجه الطحاوي.

ص: 237

قلت: وقد تقدم قبل خمسة أحاديث في حديث أنه صلى الله عليه وسلم صام شعبان كله، عزوه لأحمد والأربعة مع لفظهم فيه.

853 -

حديث ابن عمر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن شعبان برمضان". قال المصنف: خرّجه الطحاوي.

قلت: هو كذلك وهو عنده من طريق ابن وهب عن فضيل بن عياض عن ليث عن نافع عن ابن عمر. وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال وإِن خرج له مسلم.

وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وأبي هريرة وأبي أمامة وأبي ثعلبة كلهم قالوا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان" فأما حديث عائشة وأم سلمة فتقدما وأما أحاديث الباقين فأخرج جميعها الطبراني في الكبير بأسانيد حسان، إلا حديث أبي

ص: 238

هريرة فعنده في الأوسط من رواية يوسف بن عطية وهو متروك.

854 -

حديث: "أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا يومًا مكانه" قال ابن رشد: خرّجه مالك ثم قال بعد ذلك: وهو غير مسند.

قلت: وهو كذلك، فقد رواه مالك عن ابن شهاب "أن عائشة وحفصة زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي إليهما طعام فأفطرتا عليه فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة: فقالت حفصة وبدرتني بالكلام وكانت بنت أبيها: يا رسول الله إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدي إلينا طعام فأفطرنا عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا مكانه يومًا آخر" قال ابن عبد البر لا يصح عن مالك إلا مرسلًا.

قلت: وكذا عن الزهريّ وإِن رواه جماعة عنه عن عروة عن عائشة موصولًا واتفق الحفاظ على ضعفه موصولًا. والحكم بالخطأ على كل من وصله. أما مالك فوصله عنه عبد العزيز بن يحيى المدني أحد رواة الموطأ وهو كذاب كذبه إبراهيم بن المنذر وأبو مصعب وقال أبو زرعة: ليس بثقة. وقال البخاري: يضع الحديث. وأما الزهريّ فوصله

ص: 239

عنه جماعة الأول جعفر بن برقان. أخرجه الترمذي والنسائي في الكبرى والبيهقي. وجعفر ثقة إلا أنه ضعيف في الزهريّ. قال أحمد: إذا حدث عن غير الزهريّ فلا بأس به وفي حديث الزهريّ يخطئ. وقال ابن معين: ثقة ويضعف في روايته عن الزهريّ. وقال ابن نمير: ثقة وأحاديثه عن الزهريّ مضطربة. وهكذا قال النسائي وابن عدي والدارقطني والعقيلي.

الثاني عبد الله بن عمر العمري رواه الطحاوي في معاني الآثار وعبد الله العمري ضعيف.

الثالث صالح بن أبي الأخضر رواه النسائي في الكبرى والبيهقي وصالح ضعيف، ويأتي تصريح ابن عيينة بوهمه في هذا الحديث.

الرابع والخامس والسادس والسابع إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وصالح بن كيسان ويحيى بن سعيد وسفيان بن حسين رواها النسائي في الكبرى وقال إنها خطأ وسفيان بن حسين ليس بقوي في الزهريّ وكذا نقل ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه وأبي زرعة وإِن وقع له أولهما خطأ من جهة أخرى.

الثامن حجاج بن أرطأة رواه ابن عبد البر في التمهيد، وحجاج معروف بالضعف

ص: 240

وسوء الحفظ وخالفهم الثقات كعبيد الله بن عمر ومعمر ويونس بن يزيد وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد في الرواية الصحيحة عنه وزياد بن سعد وابن جريج ومحمد بن الوليد الزبيدي وبكر بن وائل فوافقوا كلهم مالكًا على روايته عن الزهريّ مرسلًا عن عائشة دون ذكر عروة. ذكرهم الترمذي والنسائي والبيهقي والقاطع في تصحيح قول هؤلاء ورد قول الأولين ما رواه الترمذي والطحاوي والبيهقي كلهم من رواية روح بن عبادة عن ابن جريج قال: قلت لابن شهاب: أحدثك عروة عن عائشة بهذا الحديث؟ فقال: لم أسمع من عروة في هذا شيئًا ولكن حدثني ناس في خلافة سليمان بن عبد الملك عن بعض من كان يدخل على عائشة أنها قالت فذكره. قال البيهقي. وكذا رواه عبد الرزاق ابن همام ومسلم بن خالد عن ابن جريج. ورواه الطحاوي عن ابن أبي داود ثنا نعيم قال: سمعت ابن عيينة يقول: سئل الزهريّ عن حديث عائشة أصبحت أنا وحفصة صائمتين فقيل له: أحدثك عروة؟ قال: لا. ورواه البيهقي من طريق محمَّد بن منصور الجواز عن سفيان قال: "سمعناه من صالح بن أبي الأخضر عن الزهريّ عن عروة عن عائشة. قال سفيان: فسألوا الزهريّ وأنا شاهد. فقالوا أهو عن عروة قال: لا" ثم رواه البيهقي من طريق أبي بكر الحميدي عن سفيان

ص: 241

نحوه. وزاد: قال سفيان: فظننت أن صالحًا أتى من قبل العرض قال أبو بكر الحميدي: أخبرني غير واحد عن معمر أنه قال في هذا الحديث: لو كان من حديث عروة ما نسيته. قال البيهقي: فهذان ابن جريج وابن عيينة شهدا على الزهريّ وهما شاهدا عدل بأنه لم يسمعه من عروة فكيف يصح وصل من وصله؟ قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمَّد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: لا يصح حديث الزهريّ عن عروة عن عائشة. وكذا قال محمَّد بن يحيى الذهلي واحتج بحكاية ابن جريج وسفيان بن عيينة وبإِرسال من أرسل الحديث من الأئمة. قلت: وقد ورد من وجه آخر عن عروة عن عائشة أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى والبيهقي من طريق يزيد بن الهاد عن زميل مولى عروة عن عروة عن عائشة. قال أبو سعيد بن الأعرابي: هذا الحديث لا يثبت. وقال النسائي: زميل ليس بالمشهور. وأسند البيهقي عن ابن عدي قال: زميل بن عباس عن عروة وعنه ابن الهاد لا يعرف لزميل سماع من عروة ولا لابن الهاد من زميل ولا تقوم به الحجة، سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري. قال البيهقي: وروي من أوجه أخرى عن عائشة لا يصح شيء منها قد بينت ضعفها في الخلافيات. قلت: منها ما رواه النسائي في الكبرى والطحاوي في معاني الآثار من حديث جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وقال النسائي: هذا خطأ وقال البيهقي وجرير بن حازم وإِن كان من الثقات فهو واهم فيه، وقد خطأه فيه أحمد ابن حنبل وعلي بن المديني، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن عائشة مرسلًا. ثم أسند عن أبي بكر الأثرم أنه قال لأحمد بن حنبل: تحفظه عن يحيى عن عمرة عن عائشة؟ فأنكره وقال: من رواه؟ قلت: جرير بن حازم. قال: جرير كان يحدث

ص: 242

بالتوهم ثم أسند البيهقي عن أحمد بن منصور الرمادي قال: قلت لعلي بن المديني يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فقال لي: من روى هذا؟ قلت: ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك وقال: مثلك يقول مثل هذا! حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهريّ أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين. وقال الطحاوي: احتج قوم في إفساد هذا الحديث أيضًا بأن حماد بن زيد قد رواه عن يحيى بن سعيد موقوفًا ليس فيه عمرة حدثنا بذلك ابن أبي عمران ثنا أبو بكر الرمادي ثنا علي بن المديني ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد بذلك يعني ولم يذكر عمرة كذا قال الطحاوي. والصواب ما سبق عند البيهقي. ومنها ما رواه ابن أبي شيبة: ثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير أن عائشة وحفصة. الحديث. وخصيف ضعيف مضطرب الحديث. وقد رواه مرة أخرى فقال: عن عكرمة عن ابن عباس أن عائشة وحفصة .. أخرجه الطبراني في الكبير ورواه مرة أخرى فقال: عن مقسم عن عائشة ذكره أبو حاتم في العلل. ومنها ما رواه حماد بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين الحديث، أخرجه البزار والطبراني في الأوسط، وقالا: تفرد به حماد بن الوليد. زاد البزار: وحمّاد لين الحديث. قلت: بل قال ابن حبان: يسرق الحديث ويلزق بالثقات ما ليس

ص: 243

من حديثهم. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط والعقيلي في الضعفاء كلاهما من حديث محمَّد بن أبي سلمة المكي عن محمَّد بن عمرو عن ابن سلمة عن أبي هريرة قال: "أهديت لعائشة وحفصة هدية وهما صائمتان" الحديث. وقال العقيلي لا يتابع محمَّد بن أبي سلمة على هذا الحديث وقال أبو حاتم: إنه مجهول.

855 -

حديث أم هانئ يوم فتح مكة وقولها للنبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أفطرتُ وكنت صائمةً فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم كنتِ تقضينَ شيئًا؟ قالت: لا. قال: فلا يَضُرّك إن كان تطوعًا".

الطيالسي وأحمد وأبو داود واللفظ المذكور في الأصل له والترمذي

ص: 244

والنسائي في الكبرى والطحاوي والدارقطني والبيهقي والحاكم وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه وعند أكثرهم "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإِن شاء أفطر" وفي إسناده اضطراب إلا أن سند أبي داود سالم من ذلك. والحديث صحيح كما قال الحاكم والذهبي وبيان ذلك يطول.

856 -

حديث عائشة قالت: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنا خبأنا لك حَيْسًا فقال: أما إني كنت أريد الصَّومَ ولكن قربيه".

ص: 245

مسلم وأبو داود والطحاوي والدارقطني والبيهقي بألفاظ منها عند مسلم عنها قالت: "دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإِني إذًا صائم. ثم أتانا يوم آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل" وفي لفظ له أيضًا قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئًا قال: ما هو؟ قلت حيس. قال هاتيه، فجئت به فأكل ثم قال: قد كنت أصبحت صائمًا".

ص: 246