الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَاتَ ابْن قرصة بعد طول تعرضٍ
…
للْمَوْت ميتَة شرَّ كلبٍ نابح)
(مَا زَالَ يشحذ مدية الهجو الَّتِي
…
طلعت عَلَيْهِ طُلُوع سعد الذَّابِح)
(حَتَّى فرى ودجيه عبد صَالح
…
عقر النطيحة عقر نَاقَة صَالح)
(فليحي قَاتله وَلَا شلّت يَد
…
كفت المؤونة كفَّ كلّ جرائحي)
وَقلت أَنا أذكر فقره المدقع
(دع الهجو واقنع بِمَا نلته
…
من الرزق لَو كَانَ دون الطفيف)
(فقرض ابْن قرصة عمَّ الورى
…
وراع الَّدنَّي بهجو الشريف)
(وَمَات ابْن قرصة من جوعه
…
وشهوته عضَّةٌ فِي رغيف)
3 -
(النَّاصِر ابْن النَّاصِر)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن قلاون السُّلْطَان الْملك النَّاصِر شهَاب الدّين أَحْمد ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور كَانَ أحسن الْإِخْوَة شكلاً ووجهاً وأكمل خلقا صَاحب بأسٍ وَقُوَّة مفرطة أخرجه وَالِده إِلَى الكرك وَهُوَ صَغِير لَعَلَّه يكون عمره لم يبلغ عشر سِنِين وَكَانَ نَائِب الكرك الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر السرجواني ثمَّ جهّز إِلَيْهِ أَخَوَيْهِ إِبْرَاهِيم وَأَبا بكر الْمَنْصُور وَقد تقدم ذكر إِبْرَاهِيم وسوف يَأْتِي ذكر أبي بكر فِي حرف الْبَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأقاموا هُنَالك إِلَى أَن ترعرعوا ثمَّ طَلَبهمْ والدهم إِلَى الْقَاهِرَة فَرَآهُمْ وَأعَاد النَّاصِر أَحْمد وَترك إِبْرَاهِيم وَأَبا بكر عِنْده بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ إِنَّه طلبه من الكرك وزوّجه بابنة الْأَمِير سيف الدّين طاير)
بغّا من أقَارِب السُّلْطَان وَأقَام قَلِيلا وَأَعَادَهُ إِلَى الكرك وَمَعَهُ أَهله ثمَّ إِنَّه وَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر السرجواني تنافس اتَّصل بالسلطان فأحضرهما وَغَضب عَلَيْهِ وَالِده وَتَركه قَلِيلا ثمَّ جهزه إِلَى الكرك وَحده بِلَا نَائِب فَلم يزل بهَا مُقيما مُنْفَردا إِلَى أَن توفّي وَالِده على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وَلم يسند أَمر الْملك إِلَيْهِ على مَا سَوف يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَغلب الْأَمِير سيف الدّين قوصون الْآتِي ذكره فِي مَكَانَهُ على رَأْي بشتاك وَجلسَ الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر على كرسيّ الْملك ولّما خلع بعد مُضِيّ شَهْرَيْن على مَا يَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة أبي بكر أَخِيه وَأقَام قوصون أَخَاهُ الْملك الْأَشْرَف كجك وَكَانَ قوصون هُوَ النَّائِب سيّر إِلَى أَحْمد هَذَا يَطْلُبهُ إِلَى الْقَاهِرَة فَلم يُوَافق وَكتب فِي الْبَاطِن إِلَى نواب الشَّام وَإِلَى أكَابِر الْأُمَرَاء مقدّمي الألوف يستجير بهم ويستعفي من الرواح إِلَى الْقَاهِرَة وَأظْهر لَهُم المسكنة الوائدة فرقّوا لَهُ فِي الْبَاطِن وحملوا الْكتب الَّتِي جَاءَت مِنْهُ إِلَى قوصون خلا الْأَمِير سيف الدّين طشتمر حمّص أَخْضَر الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الطَّاء فَإِنَّهُ تظاهر بِالْخرُوجِ على قوصون وبالتعصب لِأَحْمَد وَقَامَ قيَاما عَظِيما كَمَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته وَأما قوصون فَلَمَّا كتبه إِلَى النواب جردَّ لَهُ قطلو بغا الفخري وَمَعَهُ ألفا فَارس
من مصر وَأمرهمْ بمحاصرة الكرك فَتوجه الفخري إِلَى الكرك بالعساكر وحصره أيامأً ثمَّ إِنَّه رقَّ لَهُ وَلما بلغه توجه الْأَمِير عَلَاء الدّين الطًّنبغا نَائِب دمشق إِلَى حلب لإمساك طشتمر جَاءَ الفخري بِمن مَعَه من الْعَسْكَر وَملك دمشق وانحرف عَن قوصون ودعا النَّاس إِلَى طَاعَة النَّاصِر أَحْمد وَجرى ماجرى على مايأتي فِي تَرْجَمَة الفخري والطنبغا وَلما ملك الفخري دمشق وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَانْهَزَمَ الطنبغا وَمن مَعَه وَلَحِقُوا بقوصون جهز الْفَخر إِلَى الكرك الْأَمِير سُلَيْمَان بن مُهنا والأمير سيف الدّين قماري وَغَيرهمَا من الْأُمَرَاء الْكِبَار وَسَأَلَ من النَّاصِر الْحُضُور إِلَى دمشق وَقَالَ لَهُ قد حلّفت لَك العساكر فَلم يحضر وتعلل بِحُضُور طشتمر من الْبِلَاد الرومية وَكتب كتبا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر نَائِب حماة وَإِلَى الْأَمِير بهاء الدّين أصلم نَائِب صفد وَإِلَى الْأُمَرَاء مقدمي الألوف بِدِمَشْق يَقُول إِن الفخري هُوَ نائبي وَهُوَ يولّي من يُرِيد فِي النيابات الْكِبَار بِالشَّام وَلم يزل يعد الفخري ويمنَيه بالحضور إِلَى أَن جَاءَ طشتمر من الْبِلَاد الرومية وَجرى مَا جرى من خُرُوج الْأُمَرَاء بِالْقَاهِرَةِ على قوصون وإمساكه وتجهيزه إِلَى إسكندرية واعتقاله فَأخذ أَحْمد النَّاصِر يمّني طشتمر والفخري بالحضور إِلَى)
دمشق بعد رَمَضَان وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل رَمَضَان وَتوجه إِلَيْهِ من أُمَرَاء الألوف المصريين الْأَمِير بدر الدّين جنكلي ابْن البابا وَأَمْثَاله وَمن الْأُمَرَاء الخاصكية أَزوَاج أخواته جمَاعَة وسألوه على التَّوَجُّه مَعَهم إِلَى مصر فَلم يُوَافق وعادوا خائبين وَترك النَّاس من الشاميين والمصريين فِي حيرة بَعْدَمَا حلف الْمُسلمُونَ جَمِيعهم لَهُ ثمّ إنّه توجه وَحده إِلَى الْقَاهِرَة وَلم يشعروا بِهِ إلاّ وَقد جَاءَ المصريين بِخَبَرِهِ بوصوله فطلع إِلَى الْقصر الأبلق بِالْقَاهِرَةِ فَلَمَّا بلغ الفخري ذَلِك توجه هُوَ وطشتمر بعساكر الشَّام والدولة والقضاة الْأَرْبَعَة مَعَهم وَكَانَت سنة كَثِيرَة الأمطار والثلوج وقاسى الرعايا شدّة وجبيت الْأَمْوَال من النَّاس كَبِيرهمْ وصغيرهم لنفقات العساكر ولعمل شعار الْملك وأبهة السلطنة فَهَلَك النَّاس ولّما وصل الفخري وطشتمر بالعساكر إِلَى الْقَاهِرَة جلس النَّاصِر أَحْمد على كرْسِي الْملك وَإِلَى جَانِبه أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحَاكِم بِأَمْر الله أَبُو الْقَاسِم أَحْمد ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الرّبيع سُلَيْمَان وَحضر قُضَاة الْقُضَاة الثَّمَانِية من المصريين والشاميين وعهد الْخَلِيفَة إِلَيْهِ بِحُضُور الْعَالم وَحلف المصريون والشاميون وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما وَلم يتَّفق مثل هَذِه الْبيعَة لأحد مُلُوك الأتراك بِالشَّام ومصر لِاجْتِمَاع أهل الإقليمين فِي يَوْم وَاحِد بِحُضُور الْخَلِيفَة والحكام ثمَّ إِن النَّاصِر أَحْمد ولّي نِيَابَة مصر للأمير سيف الدّين طشتمر وولّي نِيَابَة دمشق لقطلو بغا الفخري وَأخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين ايدغمش أَمِير آخور إِلَى نِيَابَة حلب وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْر قوصون وَجرى مَا جرى فِي قلب الدولة على قوصون لأجل النَّاصِر أَحْمد وَأخرج الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي إِلَى نِيَابَة صفد وَأخرج الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج الْملك إِلَى نِيَابَة حماة وَأخرج الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر الناصري إِلَى نِيَابَة غَزَّة فَلَمَّا فعل ذَلِك بالأكابر خافه النَّاس وأعظموه وهابوه وَجعلُوا أَيْديهم على رؤوسهم مِنْهُ
ثمَّ إِنَّه بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا أمسك نَائِب مصر الْأَمِير سيف الدّين طشتمر وَأَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى الكرك وَبعث إِلَى ايدغمش أَن يمسك الفخري فأمسكه وجهّزه إِلَيْهِ إِلَى مصر مَعَ ابْنه فوصل إِلَيْهِ فِي الرمل من تسلّمه مِنْهُ وَأَعَادَهُ إِلَى أَبِيه وَتوجه بالفخري وبطشتمر إِلَى الكرك وَأخذ الْخُيُول المثمنّة الجيدة من الاسطبلات وَأخذ جَمِيع الْبَقر وَالْغنم الَّتِي بالقلعة وَأخذ الْجَوَاهِر وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم وَجَمِيع مَا فِي الخزائن وَتوجه بِالْجَمِيعِ إِلَى الكرك وَأقَام الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاّري فِي نِيَابَة مصر وَأخذ النَّاصِر مَعَه القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن فضل الله كَاتب السّر وَالْقَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة نَاظر الْخَاص والجيش وجعلهما مقيمين عِنْده فِي الكرك واستغرق فِي)
لهوه ولعبه واحتجب عَن النَّاس وسيّر من يمسك الأحمدي من صفد فَلَمَّا أحس بذلك هرب وَجَاء إِلَى دمشق جرى مَا جرى لَهُ على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته ثمَّ إِنَّه أحضر الفخري وطشتمر يَوْمًا وَضرب عنقيهما صبرا فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ واستوحش النَّاس مِنْهُ وَلم يعد يحضر كتاب وَلَا توقيع بخطّ كَاتب السّر وَلَا كتّاب الْإِنْشَاء وَإِنَّمَا بِخَط نصرانّي يعرف بالرضي وَإِذا حضر أحد إِلَى الكرك لَا يرى السُّلْطَان وَإِنَّمَا وَاحِد يعرف بِابْن البصّارة من أهل الكرك هُوَ الَّذِي يدبر الْأُمُور فماج النَّاس فِي الشَّام ومصر وجهز المصريون الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي ليرى وَجه السُّلْطَان فلّما بلغه خَبره جعله مُقيما بالصافية وَلم يَدعه يطلع إِلَى الكرك وَلَا اجْتمع بِهِ فردّ إِلَى مصر فأجمع النَّاس أَمرهم على خلعه وَإِقَامَة أَخِيه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فَأَجْلَسُوهُ وجهزوا الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي إِلَى دمشق يحلّف الْأُمَرَاء وَكَانَ خلع النَّاصِر احْمَد يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشْرين الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَكَانَ مُدَّة ملكه بِالْقَاهِرَةِ والكرك دون الْأَرْبَعَة أشهر
وَلما اسْتَقَرَّتْ الْأَحْوَال وَثَبت ملك الْملك الصَّالح أَمر بتجهيز العساكر من مصر وَالشَّام إِلَى الكرك ومحاصرتها فَكَانَ يحضر من مصر وَمن دمشق العساكر ويحاصرونه كلّما جَاءَت فرقة إِلَيْهِ تَوَجَّهت الأولى فَيقْتل من هَؤُلَاءِ وَمن هَؤُلَاءِ ويجرح من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَهلك النَّاس مَعَه وراحت أَمْوَالهم وأرواحهم وأديانهم وَهلك الرعايا من التجاريد والفلاحون من السّخر وَحمل الأتبان وجرّ الماجنيق وآلات الْحصار من الدبّابات وَغَيرهَا وَطَالَ الْأَمر وَلم يبْق بِمصْر أَمِير وَلَا بِالشَّام حَتَّى تجرد إِلَيْهِ مرّة ومرتين وَأمْسك بِسَبَبِهِ جمَاعَة من أُمَرَاء الشَّام ومصر ثمّ أمسك نَائِب مصر الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر وَجَمَاعَة مَعَه ووسطّ الْأَمِير سيف الدّين بكا الخضري وَمَعَهُ جمَاعَة من مماليك السُّلْطَان وَأمْسك أَخُوهُ يُوسُف وَقضى الله أمره فيهم وَأخذ أَمر النصار يتلاشى وَهلك من عِنْده من الْجُوع وَضرب الذَّهَب وخلط فِيهِ الْفضة والنحاس ونفق ذَلِك فِي النَّاس فَكَانَ الدِّينَار خَمْسَة دَرَاهِم وهرب النَّاس من عِنْده وهرب من عِنْده شخص يعرف ببالغ وتوجّه إِلَى مصر فَأعْطِي إمرة مائَة وَعَاد إِلَى حصاره مَعَ الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي وجدّوا فِي الْحصار ورموا القلعة