الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فردّ طلبه وَثقله إِلَى حلب وَتوجه على البريّه إِلَى حمص فِي عشرَة مماليك ثمَّ ركب مِنْهَا هُوَ ونائبها الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن بهادر أص فِي ثَلَاثَة مماليك وَدخل إِلَى دمشق يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة سَابِع عشْرين الجحّة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة فَجهز نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين ايتمش إِلَيْهِ الْحَاجِب وَابْن أُخْته الْأَمِير سيف الدّين قرا بغا بقباء أَبيض فوقاني بطرز زركش ومركوب وَدخل إِلَيْهِ وَأقَام عِنْده بدار السَّعَادَة إِلَى بكرَة السبت ثَانِي يَوْم وجهزه إِلَى بَاب السُّلْطَان صُحْبَة قرابغا الْمَذْكُور والأمير سيف الدّين ألدمر السُّلَيْمَانِي الْحَاجِب وَكتب على يدهما مطالعة بالشفاعة فِيهِ ولّما وصل إِلَى لدّ تَلقاهُ الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار الناصري وَمَعَهُ لَهُ أَمَان شرِيف وَمِثَال شرِيف مضمونه أنّه مَا كتبنَا فِي حَقك لأحد وَلَا لنا نيّة فِي أذاك وَإِن اشْتهيت تستمر فِي حلب نَائِبا وَإِن اشْتهيت غَيرهَا وَإِن أردْت أَن تحضر إِلَيْنَا كَيْفَمَا أردْت فعلنَا مَعَك فَعَاد مَعَه الدوادار وَوصل بِهِ يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث الْمحرم وَالسُّلْطَان فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَأقبل السّلطان عَلَيْهِ وشكا من الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أزدمر النوري أحد أُمَرَاء حلب فرسم السُّلْطَان بِأخذ سيف ابْن ازدمر وتقييده وتجهيزه فِي الْبَرِيد محترزاً عَلَيْهِ صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ البشيري الْمصْرِيّ وَتوجه البريديّ الْمَذْكُور بِهِ مُقَيّدا فَلَمَّا وصل إِلَى قطيا وجد بريدياً قد وصل وَمَعَهُ مشافهة من الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار)
يَقُول البريديّ يعود بِابْن أزدمر إِلَى دمشق فردّ بِهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَحَد خَامِس صفر وصل إِلَى دمشق الْأَمِير سيف الدّين أرغون الكاملي وصحبته الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار وَأصْبح يَوْم الأثنين جلس فِي الْخدمَة إِلَى جَانب قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الشَّافِعِي فَكَانَ بَين
النائب
ين القَاضِي الشَّافِعِي وَظهر نَائِب حلب إِلَى القَاضِي الْحَنَفِيّ وَقَامَ من الْخدمَة وَتوجه إِلَى الْجَامِع الْأمَوِي والمهندار وَسيف الدّين قرابغا ودوادار السُّلْطَان فِي خدمته وصلّى بالجامع وَاجْتمعَ بالقضاة وَدخل إِلَى خانقاه السميساطي ولّما كَانَ عصر الْخدمَة حضر أَيْضا وودّع نَائِب الشَّام وخلع عَلَيْهِ قبَاء بطراز زركش وَأَعْطَاهُ فرسا بسرجه ولجامه وكنفوش ذهب وَتوجه بكرَة الثُّلَاثَاء إِلَى حب وصحبته ابْن أزدمر مُقَيّدا وَلما وصل إِلَى حلب تلقّاه النَّاس بالشمع إِلَى قنسرين وَإِلَى أَكثر مِنْهَا وَدخل دُخُولا عَظِيما ووقف فِي سوق الْخَيل وعرّى زكري البريديّ وَأَرَادَ توسيطه ونادى عَلَيْهِ هَذَا جَزَاء من يدْخل بَين الْمُلُوك فِيمَا لَا يعنيه فَنزل طشبغا الدوادار وشفع فِيهِ فَأَطْلقهُ وأحضر ابْن أزدمر وَقَالَ لَهُ رسم لي أَن اسمّرك وأقطع لسَانك وَكن مَا أؤاخذك وأطلعه إِلَى قلعة حلب وَأقَام على ذَلِك إِلَى أَن عزل الْأَمِير سيف الدّين أيتمش من نِيَابَة الشَّام فِي أول دولة الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين صَالح فرسم لَهُ بنيابته الشَّام فَدخل إِلَى دمشق بِطَلَبِهِ فِي نَهَار الِاثْنَيْنِ حادي عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين سَبْعمِائة بكرَة النَّهَار وَكَانَ قد حضر من مصر لإحضاره الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر المحمدي
3 -
(النَّائِب)
أرغون الْأَمِير سيف الدّين الناصري نَائِب الممالك الإسلامية اشْتَرَاهُ
الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون لوَلَده الْملك النَّاصِر فربي مَعَه وَألف بِهِ وولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر النِّيَابَة بِمصْر وَكَانَ رَئِيسا كَبِيرا فِي بَيت أستاذه يخضع لَهُ الْكِبَار وَيَقُولُونَ بمقالته وَكَانَ حزبه مِنْهُم كثيرين مثل قجليس والجمالي ومنكلي بغا وطشتمر وقطلوبغا وطرجي وَتَوَلَّى النِّيَابَة بعد الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الدوادار وَكَانَ بيبرس قد تولاها بعد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الجوكندار الْكَبِير لّما قبض عَلَيْهِ وَكَانَ تركياً فصيحاً مليح الشكل أنبل الناصرية وأميزهم تفقه لأبي حنيفَة أذنوا لَهُ بالإفتاء قَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس كَانَ يعرف مَذْهَب أبي حنيفَة ودقائقه وَيقصر فهمه فِي الْحساب إِلَى الْغَايَة وَسمع البُخَارِيّ من ابْن الشّحْنَة بِقِرَاءَة فتح)
الدّين وَكتبه بخطّه فِي مجلدة وَاحِدَة فِي اللَّيْل على ضوء الْقنْدِيل واقتنى الْكتب الْكَثِيرَة وغوي بهَا وحصّل مِنْهَا جملَة كَبِيرَة إِلَى الْغَايَة حُكيَ لي أنّه لما كَانَ فِي حلب وَسمع بِمَوْت قجليس الناصري جهّز إِلَى مصر فِي الْبَرِيد مبلغ ألفي دِينَار لمشترى كتبٍ من تركته وجهزّ إِلَى بغداذ استنسخ فَتَاوَى ابْن قَاضِي خَان وَعلم النَّاس رغبته فِيهَا فجبيت إِلَيْهِ ثمراتها من كل فج وَلما حضر إِلَى دمشق مُتَوَجها إِلَى حلب صلى خلف الشَّيْخ نجم الدّين القحفيزي إِمَام جَامع الْأَمِير سيف الدّين تنكز رحمه الله وَهُوَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب أنكر عَلَيْهِ تقدمه فِي الْمِحْرَاب وَخُرُوجه عَن الصَّفّ لأنّه خلاف الْمَذْهَب وَحكي أنّه بحث مَعَه يَوْمًا لمّا كَانَ السُّلْطَان بِدِمَشْق وَلم يكن إِذْ ذَاك نَائِبا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ نجم الدّين أَنْت مَا تبحث إِلَّا بالصّر حَتَّى يَجِيء صدر الدّين وأبحث مَعَك لِأَن أرغون كَانَ يحب صدر الدّين ابْن الْوَكِيل ويؤثره وَكَانَ لَهُ حنوّ زَائِد على الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وعَلى الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وخلّص لَهُم الْمدَارِس وَكَانَ فهما يقظاً نَاب فِي المملكة بِمصْر زَمَانا فِي سنة إِحْدَى عشرَة تَقْرِيبًا إِلَى سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَتوجه إِلَى الْحجاز سنة سِتّ وَعشْرين فَلَمَّا غَابَ عمل عَلَيْهِ القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش لأنّه كَانَ يكرههُ فَمَا حضر إِلَّا وَقد تغير عَلَيْهِ السُّلْطَان ولّما أَرَادَ الدُّخُول إِلَيْهِ خرج بكتمر الساقي وَتَركه عِنْده فِي الْبَيْت ثَلَاثَة أَيَّام وَقد أَخذ سَيْفه ثمَّ إنّه أخرجه مَعَ الْأَمِير سيف الدّين أيتمش إِلَى حلب وأحضر نائبها الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا فَاجْتمعُوا كلهم بِدِمَشْق عِنْد الْأَمِير سيف الدّين تنكز وصلّوا بهَا الْجُمُعَة وَقيل إِن السُّلْطَان أمره بإمساك شخص من بِلَاد التتار كَانَ قد عزم تِلْكَ السّنة على الْحَج يُقَال إِنَّه بعث إِلَيْهِ بعض مماليكه الَّذين أطلعهم على بَاطِن الْأَمر فَجهز إِلَى الْغَرِيم وَقَالَ لَهُ لَا تحج هَذِه السّنة فشقّ ذَلِك على السُّلْطَان فَأَقَامَ بحلب نَائِبا مُدَّة إنّه أحضرهُ السُّلْطَان إِلَى مصر فَأَقَامَ عِنْده أَيَّامًا ولّما رَآهُ بكيا طَويلا ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى مَحل نيابته وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ بحلب فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِي ربيع الأول وَمُدَّة نيابته بهَا لم يسفك بهَا دَمًا وَلَا قطع