الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(أَبُو الْعَبَّاس ولاّد النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن مُحَمَّد يعرف بولاّد من أهل بَيت علم وكنيته أَبُو الْعَبَّاس توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة وَكَانَ بَصيرًا بالنحو أستاذاً فِيهِ رَحل إِلَى بغداذ من وَطنه مصر وَلَقي إِبْرَاهِيم الزّجاج وَغَيره وَكَانَ الزّجاج يقدمهُ ويفضله على أبي جَعْفَر النّحاس وَكَانَا تلميذيه وَكَانَ الزّجاج لَا يزَال يثني عَلَيْهِ عِنْد كل من يقدم بغداذ من مصر وَيَقُول لَهُم لي عنْدكُمْ تلميذ من حَاله وَصفته فَيُقَال لَهُ أَبُو جَعْفَر فَيَقُول بل أَبُو الْعَبَّاس ابْن ولاّد قَالَ وَجمع بعض مُلُوك مصر بَين ابْن ولاّد والنحاس وَأَمرهمَا بالمناظرة فَقَالَ النّحاس لِابْنِ ولاّد كَيفَ تبني مِثَال افعلوت من رميت فَقَالَ ابْن ولاّد أَقُول ارمييت فخطّأه أَبُو جَعْفَر وَقَالَ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب افعلوت وَلَا افعليت فَقَالَ ابْن ولاّد إِنَّمَا سَأَلتنِي أَن أمثل لَك بِنَاء فَفعلت قَالَ الزبيدِيّ وَلَقَد أحسن فِي قِيَاسه حِين قلب الْوَاو يَاء وَقد كَانَ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش يَبْنِي من الْأَمْثِلَة مَا لَا مِثَال لَهُ فِي كَلَام الْعَرَب وَله الْمَقْصُور والممدود والانتصار لسيبوسه فِيمَا ذكره المبّرد وَقد تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين
3 -
(ابْن الحلاوي الْموصِلِي)
أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْوَفَاء ابْن الْخطاب مُحَمَّد بن الهزبر الأديب الْكَبِير شرف الدّين أَبُو الطّيب ابْن الحلاوي الرّبعي الشَّاعِر الْموصِلِي الجندي ولد سنة ثَلَاث وسِتمِائَة وَقَالَ الشّعْر الْجيد الْفَائِق ومدح الْخُلَفَاء والملوك وَكَانَ فِي خدمَة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل روى عَنهُ الدّمياطي وَغَيره وَكَانَ من ملاح الْموصل وَفِيه لطف وظرف وَحسن عشرَة وخفة روح وَله القصائد الطنانة الَّتِي رَوَاهَا الدّمياطي عَنهُ فِي مُعْجَمه توفّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
وَمِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه لَهُ)
(حَكَاهُ من الْغُصْن الرطيب وريقه
…
وَمَا الْخمر إلاّ وجنتاه وريقه)
(هِلَال وَلَكِن أفق قلبِي مَحَله
…
غزال وَلَكِن سفح عَيْني عقيقه)
(وأسمر يَحْكِي الأسمر اللّدن قدّه
…
غَدا راشقاً قلب المحبّ رشيقه)
(على خدّه جمر من الْحسن مضرم
…
يشب وَلَكِن فِي فُؤَادِي حريقه)
(أقرّ لَهُ من كلّ حسنٍ جليله
…
وَوَافَقَهُ من كلّ معنّى دقيقه)
(بديع التثني رَاح قلبِي أسيره
…
على أنَّ دمعي فِي الغرام طليقه)
(على سالفيه للعذار جديده
…
وَفِي شَفَتَيْه للسلاف عتيقه)
(يهدّد مِنْهُ الطّرف من لَيْسَ خَصمه
…
ويسكر مِنْهُ الرِّيق من لَا يذوقه)
(على مثله يستحسن الصبُّ هتكه
…
وَفِي حبّه يجفو الصّديق صديقه)
(من التّرك لَا يصبيه وجد إِلَى الْحمى
…
وَلَا ذكر بانات الغوير يشوقه)
(وَلَا حلّ فِي حيٍّ تلوح قبابه
…
وَلَا سَار فِي ركبٍ يساق وسيقه)
(وَلَا بَات صبّاً بالفريق وَأَهله
…
وَلَكِن إِلَى خاقَان يعزى فريقه)
(لَهُ مبسم ينسي المدام بريقه
…
ويخجل نوّار الأقاحي بريقه)
(تداويت من حرّ الغرام بِبرْدِهِ
…
فأضرم من حرّ الْحَرِيق رحيقه)
(إِذا خَفق الرّقّ اليمانيّ موهناً
…
تذكرّته فاعتاد قلبِي خفوقه)
(حكى وَجهه بدر السَّمَاء فَلَو بدا
…
مَعَ الْبَدْر قَالَ النَّاس هَذَا شقيقه)
(رَآنِي خيالاً حِين وافى خياله
…
فَأَطْرَقَ من فرط الْحيَاء طروقه)
(فَأَشْبَهت مِنْهُ الخصر سقماً فقد غَدا
…
يحمّلني كالخصر مَا لَا أُطِيقهُ)
(فَمَا بَال قلبِي كلّ حبٍّ يهيجه
…
وحتّام طرفِي كلّ حسنٍ يروقه)
(فَهَذَا ليَوْم الْبَين لم تطف ناره
…
وَهَذَا فَبعد الْبعد ماجفّ موقه)
(وَللَّه قلبِي مَا أشدَّ عفافه
…
وَإِن كَانَ طرفِي مستمراً فسوقه)
(أرى النَّاس أضحوا جاهليّة ودَّه
…
فَمَا باله عَن كلّ صبٍّ يعوقه)
(فَمَا فَازَ إلاّ من يبيت صبوحه
…
شراب ثناياه وَمِنْهَا غبوقه)
وَقَالَ
(أألقى من خدودك فِي جحيم
…
وثغرك كالسّراط الْمُسْتَقيم)
)
(وأسهدني لديك رقيم خدٍّ
…
فواعجبا أأسهر بالرَّقيم)
مِنْهَا
(وحتّام الْبكاء بكلّ رسمٍ
…
كأنَّ علّي رسماً للرّسوم)
واجتمعوا فِي بعض الْأَيَّام عِنْد شخص يلقب بالشمس فَقَالُوا أطعمنَا شَيْئا فَامْتنعَ فَقَالَ أحدهم الطّامع فِي منال قرص الشَّمْس فَقَالَ ابْن الحلاوي كالطّامع فِي منال قرص الشَّمْس وأنشده بعض الأفاضل لغزاً فِي شبابه
(وناطقةٍ خرساء بادٍ شحوبها
…
تكنّفها عشر وعنهنَّ تخبر)
(يلذَّ إِلَى الأسماع رَجَعَ حَدِيثهَا
…
إِذا جاش مِنْهَا منخر سدَّ منخر)
فَأجَاب عَن ذَلِك فِي الْوَقْت
(نهاني النهى والشيب عَن وصل مثلهَا
…
وَكم مثلهَا فارقتها وَهِي تصفر)
قلت هَذَا من البديه المخرع والبديع المعجز لِأَنَّهُ أجَاب التَّضْمِين بتضمين من بَقِيَّة الْقطعَة وَهِي من أَبْيَات الحماسة وَسُئِلَ أَن ينظم أبياتاً تكْتب على مشطٍ للْملك الْعَزِيز مُحَمَّد صَاحب حلب فَقَالَ
(حللت من الْملك الْعَزِيز براحةٍ
…
غَدا لثمها عِنْدِي أجلَّ الْفَرَائِض)
(وأصبحت مفترَّ الثنايا لأنني
…
حللت بكفٍّ بحرها غير غائض)
(وَقبلت سامي كفّه بعد خدّه
…
فَلم أخل فِي الْحَالين من لثم عَارض)
وَقَالَ وَهُوَ مَشْهُور عَنهُ
(جَاءَ غلامي فَشَكا
…
أَمر كميتي وَبكى)
(وَقَالَ لي لاشكّ بر
…
ذونك قد تشبّكا)
(قد سقته الْيَوْم فَمَا
…
مَشى وَلَا تحرَّكا)
(فَقلت من غيظي لَهُ
…
مجاوباً لما حكى)
(تُرِيدُ أَن تخدعني
…
وَأَنت أصل المشتكى)
(ابْن الحلاويَّ أَنا
…
خلَّ الرَّياء والبكا)
)
(وَلَا تخادعني ودع
…
حَدِيثك المعلَّكا)
(لَو انّه مسيَّر
…
لما غذا مشبكا)
فمذ رأى حلاوة الْأَلْفَاظ منّي ضحكا وَكتب إِلَى القَاضِي محيي الدّين ابْن الزكّي يصف خطّه
(كتبت فلولا أنَّ هَذَا محرم
…
وَهَذَا حَلَال قست خطّك بِالسحرِ)
(فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَزْهَر خميلةٍ
…
بطرسك أم درُّ يلوح على نحر)
(فَإِن كَانَ زهراً فَهُوَ صنع سحابةٍ
…
وَإِن كَانَ درّاً فَهُوَ من لجّة الْبَحْر)
وَقَالَ من قصيدة يمدح الْملك النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك رَحمَه الله تَعَالَى
(أَحْيَا بموعده قَتِيل وعيده
…
رشأ يشوب وصاله بصدوده)
(قمر يفوق على الغزالة وَجهه
…
وعَلى الغزال بمقلتيه وجيده)
(يَا ليته يعد الْهلَال فَإِنَّهُ
…
مَا زَالَ ذَا لهجٍ بخلف وَعوده)
مِنْهَا
(قمر أطَاع الْحسن سنّة وَجهه
…
حَتَّى كَأَن الْحسن بعض عبيده)
(أَنا فِي الغرام شهيده مَا ضرَّه
…
لَو أنَّ جنّة وَصله لشهيده)
(يَا يُوسُف الْحسن الَّذِي أَنا فِي الْهوى
…
يعقوبه بثّي إِلَى داوده)
وَلما توجه بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل إِلَى الْعَجم للاجتماع بهولاكو كَانَ ابْن الحلاوي مَعَه فَمَرض فِي تبريز وَتُوفِّي فِيمَا قبل سلماس وَهُوَ فِي حُدُود السِّتين من عمره وَمن شعر ابْن الحلاوي
(لحاظ عَيْنَيْك فاتنات
…
جفونها الوطف فاترات)
(فرّق بيني وَبَين صبري
…
مِنْك ثنايا مفرّقات)
(يَا حسنا صدّه قَبِيح
…
فَجمع شملي بِهِ شتات)
(قد كنت لي واصلاً وَلَكِن
…
عداك عَن وَصلي العداة)
(إِن لم يكن مِنْك لي وَفَاء
…
دنت بهجرانك الْوَفَاة)
(حيّات صدغيك قاتلات
…
فَمَا لملسوعها حَيَاة)
(والثغّر كالثغر فِي امْتنَاع
…
تحميه من لحظك الرّماة)
)
(يابدر تمّ لَهُ عذار
…
بحسنه تمّت الصِّفَات)
(منمنم الوشي فِي هَوَاهُ
…
يَا طالما نمّت الوشاة)
(نَبَات صدغٍ حلاّك حسنا
…
والحلو فِي السكّر النَّبَات)
وَمن شعره من قصيدة
(فِي حدَّها رَوْضَة إِذا رعيت
…
باللحظ راحت بطرفها تحمى)
(بقامةٍ تلتوي وناظرها
…
يدمي البرايا ووجنةٍ تدمى)
(كَأَنَّمَا الرَّدف خلفهَا أجأ
…
كَيفَ استقلّت بِحمْلِهِ سلمى)
قلت أجأ وسلمى جبلان معروفان من جبال طَيء وَكَانَ السُّلْطَان بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل فِي أول الْحَال لَا ينادمه وَلَا يحضرهُ مَجْلِسه وَإِنَّمَا كَانَ ينشده أَيَّام المواسم والأعياد المدائح الَّتِي يعملها فِيهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام رَآهُ فِي الصَّحرَاء وَهُوَ فِي رَوْضَة معشبة وَبَين يَدَيْهِ برذون لَهُ مَرِيض يرْعَى فجَاء إِلَيْهِ ووقف
عِنْده وَقَالَ مَالِي أرى هَذَا البرذون ضَعِيفا فَقَامَ وقبّل الأَرْض وَقَالَ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان حَاله مثل حَالي وَمَا تخلّفت عَنهُ فِي شَيْء يَدي بِيَدِهِ فِي كل رزق يرزقنا الله فَقَالَ لَهُ هَل عملت فِي برذونك هَذَا شَيْئا قَالَ نعم وأنشده بديهاً أصبح برذوني المرقع باللمصقات فِي حسرةٍ يكابدها
(رأى حمير الشّعير عابرةً
…
عَلَيْهِ يَوْمًا فظلّ ينشدها)
(قفا قَلِيلا بهَا علّي فَلَا
…
أقلَّ من نظرةٍ أزودَّها)
فأعجب السُّلْطَان بديهته وَأمر لَهُ دِينَارا وَخمسين مكوكاً من الشّعير وَقَالَ لَهُ هَذِه الدَّنَانِير لَك وَالشعِير لبرذونك ثمَّ أمره بملازمة مَجْلِسه كَسَائِر الندماء وَلم يزل يترقّي عِنْده إِلَى أَن صَار لَا يصبر عَنهُ وَمن شعر ابْن الحلاوي
(أرثَّ صرف الزَّمَان حَالي
…
فَمَا لدهري ترى وَمَا لي)
(حَتَّى كَأَنِّي لَهُ عدوٌّ
…
يرشقني مِنْهُ بالنبال)
(وطالما كنت وَهُوَ عنّي
…
وَعَن أخلاي فِي اشْتِغَال)
(وَلَو أَتَانِي لصلت فِيهِ
…
أمرا ونهياً وَلَا أُبَالِي)
(أَيْن زماني الَّذِي تقضّى
…
وَأَيْنَ جاهي وَأَيْنَ مَالِي)
)
(وَأَيْنَ خفّي وطيلساني
…
وَأَيْنَ قيلي وَأَيْنَ قالي)
(وَأَيْنَ عيشي وَأَيْنَ طيشي
…
وَأَيْنَ حسني وَحسن حَالي)
(وَنحن فِي فتيةٍ كرامٍ
…
نجارهم فِي الفخار عَال)
(قد جعلُوا اللَّهْو رَأس مالٍ
…
فدته نَفسِي من رَأس مَال)
(قد درسوا الْفسق من قديمٍ
…
فكم لَهُم فِيهِ من جِدَال)
من أَرغب النَّاس فِي الفقاح اللذيذة المنيك الثّقال
(مخنّث عِنْدهم لنيكٍ
…
أحسن من زينةٍ وَمَال)
(فَمَا لَهُم قطّ من حَدِيث
…
فِيهِ سوى النّيك والبدال)
(فَقَائِل ناكني فلَان
…
ونكته لَا لَهُ وَلَا لي)
(وَقَائِل حِين طاح سكرا
…
وَرَاح يحبو إِلَى البزال)
(شواربي فقحتي سبالي
…
مقعدتي قمّتي تعالي)
(وَنحن فِي مجلسٍ بديعٍ
…
جلّ عَن الْوَصْف والمثال)
(جمَّع فِيهِ من كلّ شيءٍ
…
فتمَّ فِي غَايَة الْكَمَال)