الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يشاركُهُ فيه المعنى الآخرُ، وليس الماءُ الدافقُ بمعنى المدفوق، بل هو فاعلٌ على بابه، كما يقال:"مَاءٌ جَارٍ" فـ"دافقٌ " كـ"جارٍ " فما الموجب للتكلُّف البارد؟! وأما "عيشة راضية"، فهي عند سيبويه على النسب، كـ" تامِرٍ ولابِنٍ" أي: ذات رضى، وعند غيره كـ "نهارٍ صَائِمٍ وليْلٍ قَائِمٍ" على المبالغة.
والقول الثاني: إنَّ: "مَنْ رَحِمَ" فاعلٌ لا مفعول، والمعنى: "لا يَعْصِمُ اليومَ مِنْ أمْرِ الله إلا الراحمُ، فهو
(1)
استثناءُ فاعل من فاعل، وهذا وإن كان أقلَّ تكلُّفًا، فهو أيضًا ضعيف جدًّا، وجزالة الكلام وبلاغتُه تأباه بأوّل نظر.
والقول الثالث: إن في الكلام مضافًا محذوفًا قام المضافُ إليه مقامَهُ، والتقدير:"لا معصومَ عاصمٍ اليومَ مِنْ أمر الله إلا مَنْ رحمه الله" وهذا من أنكر الأقوال وأشدِّها منافاة للفصاحة والبلاغة
(2)
، ولو صرّح به لكان مستغثًّا!.
المثال الرابع:
قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] فهذا من الاستثناء السَّابق زمان المستثنى فيه زمان المستثنى منه، فهو غيرُ داخل فيه، فمن لم يشترطِ الدُّخولَ فلا يقدِّر شيئًا، ومن قال: لابُدَّ من دخوله قَدَّر دخولَهُ في مضمون الجملة الطَّلَبيَّة بالنَّهي، لأن مضمونَ قوله:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] الإثم والمؤاخذة، أي أنَّ الناكِحَ ما نكحَ أبُوهُ آثِمٌ مُؤَاخَذٌ، إلا ما قد سَلَفَ قبلَ النَّهيِ وإقامَةِ الحُجَّة، فإنه لا
(1)
(ق وظ): "فهذا".
(2)
(ظ): "مناقضة للفصحاء والبلغاء".