الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يَصرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شيئًا"، فنفى لحوقَ ضَررِ كيدِهم بهم، مع أنهم لا يَسْلَمون من أذىً يلحقُهم بكيدهم، ولو أنه بالإرهاب والكلام وإلجائهم إلى محاربَتِهم وما ينالُهم بها من الأذى والتعب، ولكن ليس ذلك بضارٍّ لهم، ففرَّق بين الأذى والضَرَر.
المثال الرابع عشر:
قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] المشهور "ظُلِمَ" مبني للمفعول، وعلى هذا ففي الاستثناء قولان:
أحدهما: أنه منقطعٌ، أي:"لكنْ مَنْ ظُلِمَ "، فإنه إذا شكا ظالمه وجهر بظلمه له لم يكنْ آثمًا، وتقدير الدُّخول في الأول على هذا القول ظاهر، فإنَّ مضمونَ "لا يُحِبُّ كذا" أنه يُبْغِضُهُ ويُبْغِضُ فاعلهُ، إلا من ظُلِمَ فإن جَهْرَهُ وشكايتهُ لظالمه حلالٌ له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعُقوبتهُ"
(1)
.
فعِرْضُهُ: شِكَايَةُ صاحب الحق له، وقولُه: ظَلَمَني ومَطلنِي ومَنعَني حقِّي، وعقوبته: ضَرْبُ الإمامِ له حتى يؤدِّيَ ما عليه في أصحِّ القولين في مذهب أحمد، وهو مذهبُ
(2)
مالك، وقيل: هو حبسه.
وقيل: هو استثناءٌ مُتَصِل، والجهرُ بالسوء هو جهره بالدُّعاء، أن يكشفَ اللهُ عنه ويأخذ له حَقَّهُ، أو يشكو ذلك إلى الإمام ليأخذ له بحقِّه.
(1)
أخرجه أحمد: (29/ 465 رقم 19746)، وأبو داود رقم (3628)، والنسائي:(7/ 316)، وابن ماجه رقم (2427)، وابن حبان "الإحسان":(11/ 486)، والحاكم:(4/ 102) وغيرهم من حديث الشريد بن سويد - رضى الله عنه -.
والحديث صححه ابن حبان والحاكم، وحسَّنه الحافظ في "الفتح ":(5/ 76).
(2)
"أحمد، وهو مذهب" سقطت من (ق).