المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عتق الأب جارية ابنه - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌المسلك الأول:

- ‌المسلك الثاني:

- ‌المسلك الثالث:

- ‌المسلك الرابع:

- ‌المسلك الخامس:

- ‌المسلك السادس:

- ‌المسلك الثامن:

- ‌المسلك التاسع:

- ‌المسلك العاشر:

- ‌المسلك الحادي عشر:

- ‌المسلك الثاني عشر:

- ‌فصل(1)قولهم: "ظروفُ الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث"(2)ليس على إطلاقه

- ‌المثال الأول:

- ‌المثال الثاني:

- ‌المثال الثالث:

- ‌المثال الرابع:

- ‌المثال الخامس:

- ‌المثال السادس:

- ‌المثال السابع:

- ‌المثال الثامن:

- ‌المثال التاسع:

- ‌المثال العاشر:

- ‌المثال الحادي عشر:

- ‌المثال الثانى عشر:

- ‌المثال الثالث عشر:

- ‌المثال الرابع عشر:

- ‌المثال الخامس عشر:

- ‌المثال السادس عشر:

- ‌ في صفة وضع اليد على اليد

- ‌اختلف قوله في الصلاة بغير الفاتحة

- ‌ومن خط القاضي مما قال: انتقيتُه من "كتاب الصيام" لأبي حفص

- ‌ومن خط القاضي أيضًا مما ذَكَر أنه انتقاه من كتاب "حكم الوالدين في مال ولدهما" جَمْع أبى حفص البرمكي

- ‌ عِتْق الأب جاريةَ ابِنهِ

- ‌ إذا وهب لابنه جاريةً فأراد أن يشترِيَها

- ‌ومما انتقاه من خط أبي حفص البرمكي

- ‌ومن خط القاضي أيضًا

- ‌ومن خطه أيضًا من تعاليقه

- ‌ عذاب القبر

- ‌ومن خط القاضي من جزء فيه تفسير آيات من القرآن عن الإمام أحمد

- ‌فوائد شتى من كلام ابن عقيل وفتاويه

- ‌ذِكْر مناظرةٍ بين فقيهين في طهارة المنيِّ ونجاستِهِ

- ‌فائدةإذا علق الطلاق بأمر يعلمُ العقلُ استحالَتَهُ عادةً

- ‌فائدةإذا جَبَّ عبدَه ليزيدَ ثمنُه

- ‌فائدة(2)الخلافُ في كون عائشة أفضلَ من فاطمة

- ‌مسائل في المخنّث واللوطي وشارب الخمر في رمضان

- ‌فائدةالدليلُ على حَشْرْ الوحوش

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة(2)قولهم: الأعمُ لا يستلزمُ الأخصَّ عينًا

- ‌فائدةارتفاع الواقع شرعًا مُحال

- ‌فائدة(2)الأسبابُ الفعلية أقوى من الأسباب القولية

- ‌قاعدةالحائض إذا انقطع دمُها فهي كالجُنُب

- ‌من مسائل إسحاق بن منصور الكوسج لأحمد

الفصل: ‌ عتق الأب جارية ابنه

غدًا عندَه من رمضان في يوم الشَّكِّ، ثم بان أنه مِنْ رمضان أجزأه. قال: وهذا موافقٌ لما قال أبو عبد الله في الغَيْم.

قال عبدُ الله

(1)

: قلت لأبي: إذا صام شعبانَ كُلَّه؟ قال: لا بأس أن (ق/ 244 أ) يصومَ اليومَ الذي يشُكُّ فيه إذا لم يَنْوِ أنه من رمضانَ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَصِلُ شعبانَ برمضان

(2)

، فقد دخل ذلك اليومُ في صومِهِ.

قال أبو حفص: مرادُ أبي عبد الله في هذه المسألة: إذا كان الشَّكُّ في الصَّحو، لما تقدَّمَ من مذهبه في الغَيْم.

* * *

‌ومن خط القاضي أيضًا مما ذَكَر أنه انتقاه من كتاب "حكم الوالدين في مال ولدهما" جَمْع أبى حفص البرمكي

(3)

قال: اختلف قولُ أبي عبد الله في‌

‌ عِتْق الأب جاريةَ ابِنهِ

قبلَ قبضِها، فروى عنه بكر بن محمد

(4)

أنه قال: ويعتقُ الأبُ في ملكِ الابنِ؟ هو في ملك الابنِ حتى يعتق الأبُ، أو يأخذُ فيكون للأبِ ما أَخَذَ.

وعنه المرُّوْذيُّ: ولو أن لابنه جاريةً فأعتقها كان جائزًا، وعنه بكر بن محمد: إذا كانت للابنِ

(5)

جاريةٌ فأراد عِتْقَها قبضَها ثم أعتقَها، ولا

(1)

"المسائل" رقم (843) إلى قوله: "من رمضان".

(2)

أخرجه أحمد: (6/ 300)، وأبو داود رقم (2336)، وابن ماجه رقم (1648) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.

(3)

هذا العنوان بياض في (ق).

(4)

هو: بكر بن محمد النسائي أبو أحمد، له عن أبي عبد الله مسائل كثيرة. "طبقات الحنابلة":(1/ 318).

(5)

(ع وق): "للأب" والمثبت (ظ).

ص: 994

يعتقُ من مال ابنه إلا أن يقبِضَها، وكذا روى عنه عبد الله وغيره

(1)

.

قلت: الروايتانِ مأخذُهُما أن مَن مَلَكَ أن يملكَ فتصرَّفَ قبل تَمَلُّكه هل يَنْفُذ تَصَرُّفُهُ؛ فيه قولان، وعلى هذا يُخَرَّجُ تَصَرُّفُ الزَّوج في نصفِ الصَّدَاق، إذا طلَّق بعدَ الإقباض وقبلَ الدخول، وتصرُّف الموصى له، إذا تصرَّف بعد الموتِ، وقبلَ القبولِ، على أن الذي تقتضيه قواعدُ أحمد وأصولُه صحَّةُ التَّصَرُّفِ، ويجعلُ هذا قَبولاً واسترجاعًا للصَّداق قد قارن التّصرُّف. ومن منع صحَّتَهُ قال: إن غايةَ هذا التَّصَرُّف أن يكونَ دالاًّ على الرُّجوع والقَبول الذي هو سببُ الملك، ولم يتقدَّم على التَّصَرُّفِ، والملكُ لابدَّ أن يكونَ سابقًا للتَّصَرُّف، فكما لا يتأخرُ عنه لا يقارِنُهُ.

ولمن نَصَرَ الأوَّلَ أن يجيبَ عن هذا بأن المحذورَ أن يرد العقدُ على ما لا يملكُه ولا يكون مأذونًا له في التَّصرُّفِ فيه، فإذا قارن العقدَ سببُ التَّمَلُّك لم يردَّ العقد إلا على مملوك، وقولكم: لابدَّ أن يتقدَّمَ المُلْكُ العقدَ، دعوى محل

(2)

النِّزاع، فمنازعوكم يجَوِّزونَ مقارنةَ العقدِ لسبب التَّملك.

وهذه المسألةُ تشبهُ مسألةَ حصول الرَّجعة بالوِطء، فإنه بشروعِه في الوطء تحصلُ الرَّجعة، وإن لم يتقدَّمْ على الوِطء، فما وَطِئَ إلا مَنِ ارتجعها، وإن كانت رجعتُه مقارنَةً لوِطئها، فتأمَّلْهُ فإنه من أسرار الفقه.

ونظيرُ هذه المسألة مسألةُ الجارية الموهوبة للولد سواء، قال

(1)

انظر "مسائل عبد الله" رقم (1640)، و"مسائل ابن هانئ":(2/ 11).

(2)

(ق): "على".

ص: 995

أحمد في رواية أبي طالب: إذا (ظ/ 174 ب) وهبَ لابنه جاريةً وقبضها الابنُ لم يَجُزْ للأب عِتْقُها حتى يرجعَ فيها ويَرُدَّها إليه.

قال (ق/ 244 ب) أبو حفص البرمكي: ويخرَّجُ في هذه المسألة روايةٌ أخرى بصحَّة العِتْقِ

(1)

، والأصح الأوَّل.

قال إسحاق بن إبراهيم

(2)

: سألتُ أبا عبد الله عن جارية وَهَبَها رجلٌ لابنه، ثم قبضَها الابنُ من الأب، فأعتقها الأبُ بعدما قبضَها الابنُ؟ قال: الجاريةُ للابن، وأعتق الأبُ ما ليسَ له.

قلت: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أنْتَ ومَالكَ لأَبيكَ"

(3)

؛ قال: مَنْ قال: إِن عِتْقَ الأب جائز يذهبُ إلى هذا، فأما الحسن وابن أبي ليلى فإنهما يقولان: عِتْقُهُ عليه جائزٌ، ولا أذهبُ إليه.

قلتُ: أيْشٍ الحُجَّةُ في هذا؟ قال: لا يجوزُ عتقُه على ما وَهَبَهُ الابْنَ وحازه

(4)

.

* اختلف في قبض الأب صداقَ ابنِتِه؛ فروى عنه مهنَّأ: لا يُبَرَّأُ الزوجُ بذلك، وروى: عنه المرُّوْذيُّ وأبو طالب: أنه يبرأ، وأصلُ

(1)

(ع): "العقد".

(2)

"مسائل ابن هانئ": (2/ 12).

(3)

جاء هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة، منهم عبد الله بن عَمْرو، أخرجه أحمد:(11/ 261 رقم 6678) والبيهقي: (7/ 480) وسنده حسن، وهو صحيح بطرقه وشواهده الكثيرة.

(4)

(ق وظ والمسائل): "وأجازه" والمثبت من (ع) وهو المناسب بدليل بقية جواب الإمام في المسائل وهو: "وله أن يأخذ من مال ولده ما شاء، وليس لولده أن يمنعه إذا أراد أن يأخذ، إلا أن يكون يُسرف، فله أن يعطيه القوت، ولا أرى أن يعتق على الابن إذا حاز الجارية" اهـ.

ص: 996

الروايتين عند بعض أصحابنا: إبراءُ الأب عن الصَّداق، فإن فيه روايتين، فإن قلنا: يصح إبراؤُه صحَّ قبضُه وَإلَاّ فلا كالأجنبي.

قلت: وعندي أن الروايتين في القبض غيرُ مبنيتين على روايتي

(1)

الإبراء، بل لما مَلَك الأبُ الولايةَ على ابنته في هذا العقد مَلَكَ قَبْضَ عِوَضِهِ، فلما مَلَك تزويجَها، وهو كإقباضِ البُضْع

(2)

وتمكين الزوج منه، مَلَكَ قبضَ الصَّداق، وهذه هى العادةُ بين الناس.

والرواية الأخرى: لا يقبض لها إلا بإذنها، فلا يبرأُ الزوجُ بإقباضِهِ، كما لا يتصرَّفُ في مالها إلا بإذنِها، والله أعلم.

* روى المرُّوْذي عنه في الرجل يستقرض من مال أولاده، ثم يوصي بما أخد من ذلك، قال: ذلك إليه فإن فعل فلا بأس.

وهذه الرواية تدلُّ على أن الدَّيْنَ يثبتُ في ذِمَّته، وإن لم يملكِ الابنُ المطالبة به؛ إذ لولا ثبوتُهُ في الذِّمَّة لم يملكِ الوصيةَ به، وكانت وصيَّتُه لوارث.

وقد روى عنه أبو الحارث في رجلٍ له على أبيه دَيْن، فمات الأبُ، قال: يَبْطُلُ دَيْنُ الابنِ.

قلت: وهذه الرواية عندي تحتملُ أمرينِ:

أحدهما: بطلانُه وسقوطُه جملةً، وهو الظاهرُ.

والثاني: بطلانُ المطالبةِ به، فلا يختصُّ به من التَّرِكة، ثم يقسما

(3)

الباقي، فلو

(1)

(ق وظ): "رواية".

(2)

ليست في (ع).

(3)

(ظ): "يقسم".

ص: 997

أوصى له به من غير مطالبة، فله أخذُه يقدم به من التَّرِكة. موافقًا لنَصِّه الآخر في رواية المرُّوْذي، والله أعلم.

فإن قيل: لو اشتغلت الذِّمَّةُ به لوجبت الوصِيَّةُ به كسائر الديون.

قلت: لما كان للأب من الاختصاص في مال ولده ما ليس لغيره، فيملكُ أن يتملَّكَ عليه عَيْنَ ماله، فلذلك يملك أن يُسْقِطَهُ من ذِمَّة

(1)

نفسِهِ، وأن يُوَفِّيَهُ إيَّاه، (ق/ 245 أ) فتأمَّلْهُ.

* اختلفتِ الروايةُ عن أحمد فيما أخذه الأبُ من مال الولد ومات ووجده الابنُ بعيِنهِ، هل يكون له أخذُه؛ على روايتين نقلهما أبو طالب في "مسائِلِهِ" واحتجَّ بجواز الأخذ بقول عمر.

قال أبو حفص: ولأنّا قد بينَّا أن الحقَّ في ذمَّته، ولا يمتنعُ أن يسقطَ الرجوعُ إذا كان ديْنًا ويملكُ إذا كان عَيْنًا كالمفلس بثمن المبيع، ووجه الأخرى: أن الأبَ قد حازه، فسقط الرجوعُ كما لو أتلفه.

روى عنه أبو الحارث: كلما أحرزه الأبُ من مال ولده فهو له رضِيَ أو كَرِهَ، يأخذُ ما شاء من قليل وكثير، والأمُّ لا تأخذُ إنما قال:"أنْتَ ومالُكَ لأَبِيكَ"

(2)

ولم يقل: لأمِّك.

* وروى عنه إسحاق بن إبراهيم

(3)

: لا يَحِلُّ لها، يعني الأم أن تَتَصَدَّق بشيء من غير: علمِهِ.

قال أحمد: أما الذي سمعنا أن المرأة تتصدَّق من بيت زوجها

(1)

(ق وظ): "ذمته".

(2)

تقدم 3/ 996.

(3)

"المسائل": (2/ 11).

ص: 998

ما كان من رطب والشيءَ الذي تَطْعَمُه، فأما الرجل فلا أحبُّ له أن يتصدق بشيءٍ إلا بإذنها.

* وروى عنه حنبل في الرجل يقعُ على جارية أبيه أو ابنه أو أمِّه

(1)

: لا أراهُ يلزقُ به الولدُ؛ لأنه عاهر، إلا أن يُحِلَّها له.

قال أبو حفص: يحتملُ أن يريدُ يقوله: "يُحِلُّها له"، أي: بالهِبة، ويحتملُ أن يريدُ حِلَّ فرجِها؛ لأنه إذا أحلَّ فَرْجها فوَطِئَها لَحِقِةُ الولدُ لأجل الشُّبْهة، ألا ترى أنَّا ندرأُ عن المحصَنِ الرَّجْمَ في هذا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال في رواية بكر بن محمد في رجلٍ له جاريةٌ يطؤُها، فوثبَ عليها ابنُه فوطِئها، فحمَلَتْ منه، وولدَتْ: هي أَمَةٌ تُبَاعُ؛ لأنه بمنزلة الغريب، وهو أشدُّ عقوبةً من الغريب، لا يثبتُ له نَسَبٌ، ولكن لو أعتقه الأبُ. قولُه:"وهو أشدُّ عقوبة" لوجهين:

أحدهما: وطؤه موطوءةَ أبيه، والثاني: أنها محرَّمةٌ عليه على التأبيد، وإنما اختارَ

(2)

عتقَهُ؛ لأنه من ماء ولده مخلوق، ولم يوجِبْه لعدم ثبوت النَّسَبِ.

* عبد الله ابنه

(3)

: إذا دَفَع إلى (ظ/ 175 أ) ابنه مالاً يعملُ به، فذهب الابنُ فاشترى جاريةً وأعتقها وتزوَّجِ بها: مضى عتقُها، وله أن يرجعَ على ابنه بالمُلْكِ

(4)

، ويلحقَ به الوَلَدَ، وليس له الرُّجوعُ في الجارية.

(1)

"أو ابنة" من (ع)، و"أو أمه" من (ق وظ).

(2)

(ق): "أجاز".

(3)

"المسائل" رقم (1648).

(4)

يعني: بالمال الذي دفعه أولاً. وهو كذلك في (ق والمسائل).

ص: 999