الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ) . قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ. وَاسْتِحْبَابُ قَضَاءِ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ؛ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صِفَةَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ كَصِفَةِ أَدَائِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُجْهَرُ فِي الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَهْرِ فِي قَضَاءِ الْفَجْرِ نَهَارًا.
قَوْلُهُ: (سَرَيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) . الْحَدِيث. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ يُسَنُّ لَهَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْجَمَاعَةُ، وَأَنَّ النِّدَاءَيْنِ مَشْرُوعَانِ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ تُقْضَى.
بَابُ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ
615-
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَاَللَّهَ مَا صَلَّيْتُهَا» . فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
616-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبَ بِهَوِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُومِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ. قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ عز وجل فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ
…
{فَإِنَّ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَغْرِبَ.
قَوْلُهُ: مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ
…
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَاَللَّهَ مَا صَلَّيْتُهَا» . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ لِعُذْرِ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ، وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي سَبَبِ تَرْكِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ لِهَذِهِ الصَّلَاةَ، فَقِيلَ: تَرَكُوهَا نِسْيَانًا، وَقِيلَ: شُغِلُوا فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَوَائِتِ الْمَقْضِيَّةِ وَالْمُؤَدَّاةِ. قَالَ: وَحَدِيثُ أبِي سَعِيد يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ لِعُذْرِ الِاشْتِغَالِ بِحَرْبِ الْكُفَّارِ وَنَحْوِهِمْ، لَكِنْ إنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ شَرْعِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، وَالْوَاجِبُ بَعْدَ شَرْعِيَّتِهَا عَلَى مَنْ حُبِسَ بِحَرْبِ الْعَدُوِّ أَنْ يَفْعَلَهَا، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ. قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي الْجَمَاعَةِ وَخَالَفَ فِيهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقَامَةِ لِلْفَوَائِتِ وَعَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ - وَإِنْ قُضِيَتْ لَيْلًا - لَا يُجْهَرُ فِيهَا. وَعَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نُسِخَ بِشَرْعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ.