الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبْوَابُ سُجُود السَّهْو
بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ نُقْصَانٍ
1326-
عَنْ ابْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَخَرَجْت السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: قُصِرَتْ الصَّلَاةُ؟ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِسيتَ أَمْ قُصِرَتْ الصَّلَاةُ؟ فَقَالَ: «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ» . فَقَالَ: «أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ» ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَيَقُولُ: أُنْبِئْت أَنَّ عِمْرَانَ ابْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ وَلَا التَّشْبِيكُ.
1327-
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ.
1328-
وَفِي رِوَايَةٍ - مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا - لَمَّا قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ قَالَ: بَلَى قَدْ نَسِيتُ.
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ تَكَلَّمَ بَعْدمَا عَلِمَ عَدَمَ النَّسْخ كَلَامًا لَيْسَ بِجَوَابِ سُؤَالٍ.
1329-
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. وَفِي لَفْظٍ: فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ: الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدِهِ طُولٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَر لَهُ صَنِيعَهُ، فَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إلَى النَّاسِ فَقَالَ:«أَصَدَقَ هَذَا» ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
1330-
وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَنَهَضَ لِيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ فَسَبَّحَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالَ: فَصَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، قَالَ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا أَمَاطَ عَنْ سُنَّةِ
…
نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَصَلَّى مَا تَرَكَ) فِيهِ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْمُصَلِّي قَبْلَ تَمَامهَا نَاسِيًا، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلامَ السَّاهِيَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا كَلَامُ مَنْ ظَنَّ التَّمَامَ. وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا أَوْ مَعَ ظَنِّ التَّمَامِ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ) . فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلُّهُ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ.
الثَّانِي: أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ.
الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، فَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَلِلنَّقْصِ قَبْلَهُ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ حَدِيثٍ كَمَا وَرَدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. إِلِى أَنْ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِلزِّيَادَةِ أَوْ