الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
1858-
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ مَاتَتْ ابْنَةٌ لَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَدْعُو، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي الْجِنَازَةِ هَكَذَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ مَخْصُوصٌ مِنْ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُحْسِنًا أَوْ مُسِيئًا، فَإِنَّ مُلَابِسَ الْمَعَاصِي أَحْوَجُ النَّاسِ إلَى دُعَاءِ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَأَفْقَرُهُمْ إلَى شَفَاعَتِهِمْ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ) الْحَدِيثُ، قَوْلُهُ:(فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ» ) . قَالَ
الشَّارِحُ: جَمِيعَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ بِالدُّعَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِسْرَارِ بِالدُّعَاءِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ جَهْرَهُ صلى الله عليه وسلم بِالدُّعَاءِ لِقَصْدِ تَعْلِيمِهِمْ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَهْرَ وَالْإِسْرَارَ بِالدُّعَاءِ جَائِزَانِ.
قَوْلُهُ: (فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ قَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَدْرَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ) . قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْآخِرَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَفِيهِ خِلَافٌ، وَالرَّاجِحُ الِاسْتِحْبَابُ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
بَابُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ
وَكَيْفَ يَصْنَعُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَنْوَاعٌ
1859-
عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ وَسْطَهَا. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
1860-
وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ الْحَنَّاطِ قَالَ: شَهِدْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَلَمَّا رُفِعَتْ أُتِيَ بِجِنَازَةِ امْرَأَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهَا فَقَامَ وَسْطَهَا، وَفِينَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَلَوِيُّ؛ فَلَمَّا رَأَى اخْتِلَافَ قِيَامِهِ
عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ الرَّجُلِ حَيْثُ قُمْتَ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قُمْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ.
1861-
وَأَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظِهِ: فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ كَصَلَاتِكَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
1862-
وَعَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: حَضَرْتُ جِنَازَةَ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ، فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مِمَّا يَلِي الْقَوْمَ، وَوُضِعَتْ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبُو قَتَادَة وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: السُّنَّةُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَمَّارٍ أَيْضًا أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ وَابْنَهَا زَيْدَ بْنَ عُمَرَ أُخْرِجَتْ جِنَازَتَاهُمَا، فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ الْمَرْأَةَ بَيْنَ يَدَيْ الرَّجُلِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَثَمَّ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ وَابْنَهَا زَيْدَ بْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَا جَمِيعًا فَأُخْرِجَتْ جِنَازَتَاهُمَا فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمَا وَأَرْجُلِهِمَا حِينَ صَلَّى عَلَيْهِمَا. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (وَسْطَهَا) بِسُكُونِ السِّينِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ يَسْتَقْبِلُ وَسْطَهَا. وَأَمَّا الرَّجُلُ فَالْمَشْرُوعُ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ حِذَاءَ رَأْسِهِ.
قَوْلُهُ: (الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَلَوِيُّ) الَّذِي فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَجَامِعِ الْأُصُولِ وَالْكَاشِفِ وَغَيْرِهِمَا الْعَدَوِيِّ وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ: (حَضَرْتُ جِنَازَةَ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ) . إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَلَاةً وَحَمْزَةَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ صَلَاةً وَأَخْرَجَ